تَدْعُون لإنهاء الانقسام وأنتم تعمقون الإنقسام
*بقلم / عبد الناصر فروانة
28-3-2011
" الشعب يريد إنهاء الانقسام " ، الشعب يريد إنهاء الاحتلال " .. شعار أطلقته حناجر الشباب الفلسطيني في الخامس من مارس / آذار الجاري ، ورددته ألسن قيادات وكوادر وعناصر فصائل الشعب وقواه المختلفة ... لكن يبدو أن الطريق إلى إنهاء الاحتلال باتت أقصر من الطريق إلى إنهاء " الانقسام " .
أمر غريب حال شعبنا ، وواقع لم نكن نتوقع شذوذه حتى في المنام ، وهذه ليست نظرة تشاؤمية ، أو رغبة شخصية بإستمرار الإنقسام وديمومته ، وإنما هي انعكاس لواقع مرير يعيشه الشعب الفلسطيني ، واقع ترسخ رسمياً منذ الخامس عشر من يونيو/ حزيران عام 2007 ، فأحدث انقساماً سياسياً ، جغرافيا و اجتماعيا .
وفي أكثر من مناسبة قلت بأن " الانقسام " لم يقتصر على تقسيم الوطن والشعب وإنما مزَّق النسيج الإجتماعي الفلسطيني ، وامتد ومزقَّ وحدة الأسرى ، و أتاح لإدارة السجون الفرصة للفصل فيما بينهم وفقاً للسكن والانتماء الحزبي ، أوالتهمة أحياناً ،وأحدث شروخات كبيرة بين صفوف ذويهم ، ووحدة من يقف خلفهم ، وأدى لبروز مشاهد مؤلمة خلال بعض الفعاليات والأنشطة التي تحمل عنوان الأسرى.
ومخطئ من يعتقد غير ذلك ، فالأسرى هم جزء من الشعب الفلسطيني يتَأثرون ويُؤثرون ، ومن يظن بأن الأسرى وذويهم يغردون على أنغام الوحدة الوطنية خارج سرب الإنقسام والمُنقَسِمون ، فهو لم يستمع لأخبار الأسرى منذ أربع سنوات ، ولم يشارك في الإعتصام الإسبوعي بمقر الصليب الأحمر بغزة منذ زمن أبعد من ذلك .
ومن يشعر بأنني أبالغ في الوصف والتقديرات ، عليه أن يسأل عما جرى اليوم خلال الإعتصام الأسبوعي لأهالي الأسرى أمام مقر الصليب الأحمر بمدينة غزة ، وسيجد مشهداً مؤلماً ، لخصته احدى أمهات الأسرى بقولها ( تدعون لإنهاء الانقسام وأنتم تعمقون الإنقسام ).
" المشهد " يعكس حجم المأساة وتأثيرات الإنقسام ، و لم يكن بالمناسبة حدثا عابراً ، أو للمرة الأولى يحدث في غزة ، وإنما هو مشهد متكرر الحدوث بتجليات مختلفة .
تخيلوا .. مجموعة من أهالي الأسرى وممثلي المؤسسات وبعض الشخصيات الفاعلة والناشطة في مجال الأسرى ذات ألوان سياسية معينة تتجمع داخل ساحة مقر الصليب الأحمر بمدينة غزة وتهتف لأجل الأسرى ، و مجموعة ثانية بألوان سياسية أخرى تتجمع خارج سور مقر الصليب الأحمر وتهتف هي الأخرى لأجل الأسرى ، فالهدف موحد ما بين المجموعة الأولى والثانية وان اختلفت أمكنة التجمع ، وهو نصرة الأسرى والتضامن معهم ، والكل يحظى باحترامنا وتقديرنا ، وكلنا آذان صاغية لسماع كلمات الجميع على اختلاف انتماءاتهم الحزبية ، فيما الإختلاف له علاقة بالإنقسام وتداعياته ، وعلى ضوء ذلك أصبح الاعتصام " اعتصامين " .
ربما البعض يرى بأن ضيق مساحة الساحة الداخلية لمقر الصليب الأحمر تدفع الحشود والمعتصمين للخروج والإعتصام أمام بوابة المبني ، وهذا صحيح ، ويكون مقبولاً إذا تم على هذه القاعدة وبتوافق وطني من قبل لجنة الأسرى للقوى الوطنية والإسلامية ، ولكنه مرفوض وسيبقى مرفوضاً اذا حدث على أساس فئوي وحزبي وعلى قاعدة " الإنقسام " كما حصل اليوم .
مشهد وضعنا في موقف ( لا ) نُحسد عليه ، ووضع بعض مراسلي الصحف والفضائيات والإذاعات الذين تواجدوا لتغطية الحدث في حيرة من أمرهم .. فتارة يصوروا من الداخل وتارة أخرى من الخارج .
وكنت أتمنى لو بقيت في بيتي أتابع شؤون أسرتي ، ولم أرَ هذا المشهد الذي آلمني كثيراً ، كما آلمتني مشاهد مشابهة وكثيرة من قبل ...
مشهد .. مؤلم ومحزن .. يدفعنا لنصرخ بملء حناجرنا اليوم بصوت أعلى من الأمس " الشعب يريد انهاء الإنقسام " " الأسرى يريدون انهاء الإنقسام " ، وآمل أن لا يتكرر مشهد اليوم ، ولِنُبعد الأسرى عن خلافاتنا السياسية ولِنُجنبهم تداعيات الإنقسام ولنجعل من قضيتهم مدخلاً وعنواناً للوحدة الوطنية الفلسطينية .
- موضوع آخر / فروانة : الأسرى هم أكثر فئات الشعب تضررا من الانقسام وهم يريدون إنهاء الانقسام 14/3