فلسطين خلف القضبان

www.palestinebehindbars.org

 

 

   

السبت : 26 سبتمبر 2009

فروانة : انشاء محاكم خاصة بالأطفال محاولة لتجميل صورة الإحتلال

ويعني اقراره ضمنياً بأخطائه في تعامله معهم

 

غزة – 26-9-2009 – اعتبر الأسير السابق ، الباحث المختص بشؤون الأسرى ، عبد الناصر فروانة ، بأن قرار سلطات الاحتلال الإسرائيلي القاضي بانشاء محاكم خاصة بالأطفال الفلسطينيين الذين يجري اعتقالهم ،  بأنه قرار شكلي دون تغيير جوهري على طبيعة واجرءات المحاكم ، وهو محاولة من قبل الاحتلال لتجميل صورته أمام الرأي العام العالمي ، و يعني ضمنياً إقراره بأخطائه في التعامل معهم ، ويضع المجتمع الدولي أمام مسؤولياته الأخلاقية والإنسانية تجاه أطفال فلسطين الذين تعرضوا للاعتقال والمحاكمات الجائرة على مدار سني الاحتلال ، و البحث الجدي في كيفية إنصافهم وتعويضهم بما يتناسب وحجم الضرر النفسي والجسدي والاجتماعي الذي لحق بهم جراء اعتقالهم الغير قانوني ، ومحاكماتهم في محاكم لم تراعِ طفولتهم ، وبذات الوقت العمل الضاغط لوضع حد للإنتهاكات المتواصلة لحقوقهم الأساسية .

جاءت تصريحات فروانة هذه في تقرير تناقلته اليوم السبت وسائل الإعلام ، أصدره في أعقاب أنباء نشرت في الصحافة العبرية تفيد باقتراب العمل في المحاكم الخاصة بالأطفال الفلسطينيين الذين يجري اعتقالهم خلافاً لما كان متبعا طوال سني الاحتلال الـ 42 ، والتي أعلن عن إنشائها بتاريخ 23 آب / أغسطس الماضي ، وفقاً للأمر العسكري رقم ( 1644 ) الذي وقع عليه اللواء غادي شماني القائد العسكري المنطقة.

وقال فروانة : بأن قرار إنشاء محاكم خاصة بالأطفال هو قرار متأخر جداً ، وكان من المفترض أن تتخذه سلطات الاحتلال منذ بدء احتلالها لفلسطين ، يرافقه إجراءات قانونية وقضائية تراعي حقوق الأطفال وتحترم احتياجاتهم الخاصة استناداً للمواثيق والأعراف الدولية ، وأن الشروع بالعمل اليوم وفقاً لهذا القرار لا معنى ولا قيمة فعلية له ، ما لم يرافق تلك " المحاكم " خطوات ملموسة وإجراءات فعلية تُلازم سير المحاكمة وتحترم حقوق الأطفال منذ لحظة اعتقالهم .

مضيفاً بأن إقدام " الاحتلال " على اتخاذ هكذا قرار يعني ضمنياً إقراره بأخطائه الجسيمة على مدار العقود الماضية في تعامله مع الأطفال الفلسطينيين المعتقلين ، ومحاكماتهم أمام محاكم عسكرية عامة واصدار أحكاماً بحقهم بالسجن الفعلي لسنوات طويلة وصلت في كثير من الأحيان للسجن المؤبد لمرة أو لمرات عديدة ، وبالتالي على المجتمع الدولي تحمل مسؤولياته الأخلاقية والإنسانية ،.

المحكمة المقصودة لا تختلف عن سابقاتها

وفي السياق ذاته أكد فروانة أن المحكمة العسكرية الخاصة بالأطفال والتي أعلن عن انشائها ، لم تغير تعريف القاصر الفلسطيني، حيث أنه و حسب القضاء العسكري الإسرائيلي فإن السن الأدنى لتقديم الأطفال لمحاكمتهم في محاكم عسكرية هو ( 12 سنة ) بعدما خُفض في آب 1999 ، فيما كان قبل هذا التاريخ ( 14 عاماً ) وكثير من الأطفال حوكموا بهذا السن وصدر بحقهم أحكاماً عالية ، فيما لا تزال  سلطات الاحتلال تعتبر أن الفلسطيني الراشد هو من أتم 16 سنة من العمر ، وأن اعتقال الأطفال هو الملاذ الأول ولأطول فترة ممكنة ، بخلاف القانون الدولي الذي يعتبر أن الإنسان راشداً ابتداء من سن  18 عاماً ، وأن اعتقال الطفل يعتبر الملاذ الأخير ولأقصر فترة ممكنة .

مضيفاً بأن المحكمة المذكورة أيضاً لا تختلف في جوهرها ومضمونها وطبيعتها ، عن المحاكم العسكرية القائمة والتي كان يحاكم فيها الأطفال بجانب البالغين أمام القضاء العسكريين ، ما لم يُعلن عن اتخاذ اجراءات قانونية وقضائية تترجم فعلياً وتحترم حقوق الأطفال وتراعي احتياجاتهم الأساسية وفقاً للإتفاقيات والمواثيق الدولية .

وأوضح فروانة بأن المحاكم الخاصة بالأطفال ووفقاً لكافة المعطيات ، فهي وان اختلفت أسمائها ، فلن تختلف عن سابقاتها من حيث المضمون ، وأنها ستكون جزء من نظام قضائي غير نزيه وغير مستقل ، يستند في محاكماته للفلسطينيين على أحكام قانون الطوارئ البريطاني للعام 1945، يخضع لإدارة الجهات السياسية ، وعقلية ومزاجية جهاز المخابرات " الشاباك " ، ولتدخل النيابة العسكرية العامة ، وتعتمد على قوانين عسكرية ، وفي كثير من الأحيان يحتكم في إصدار الأحكام ومدتها إلى عوامل عدة منها طبيعة الأجواء السياسية والأمنية العامة والتنظيم الذي ينتمي إليه الأسير و مكان سكناه وإقامته ...الخ دون مراعاة العمر أو الجنس .

مشيراً إلى أن الفلسطينيين لا يقرون  بشرعية تلك المحاكم ولا يعترفون بها ، باعتبارها محاكمات جائرة وتفتقر لأدنى إجراءات المحاكمة العادلة ، والأطفال شأنهم شأن الكبار كانوا ولا يزالوا ضحايا لتلك المحاكم .  

خطوة لتجميل صورة الاحتلال

وقال فروانة بأن إقدام " إسرائيل " على تشكيل تلك المحاكم الخاصة بالأطفال ، إنما هي محاولة لتغيير صورتها البشعة في تعاملها مع الأطفال ، وتجنب الإنتقادات الدولية وتجميل موقفها أمام الرأي العام العالمي والمؤسسات الدولية وتقديم نفسها على أنها دولة تحترم الطفولة وتراعي ظروفهم واحتياجاتهم وتحاكمهم في محاكم خُصصت لهم ، محاكم غير موجودة في كثير من البلدان الأوروبية والعربية .

مضيفاً : بأنها محاولة أيضاً لغض النظر عما تمارسه أجهزتها الأمنية المختلفة من جرائم بحق الأطفال ، من حيث أشكال ودوافع اعتقالهم الغير قانونية ، وما يصاحبها من اجراءات تعسفية ، ومن ثم تقديمهم لمحاكمات عسكرية تستند إلى اعترافات أنتزعت منهم بالقوة ، وتفتقر لأبسط إجراءات المحاكمة العادلة ،  و احتجازهم مع الكبار في ظروف تفتقر للحياة الآدمية ، يحرمون فيها من أبسط حقوقهم الإنسانية وتدُاس فيها طفولتهم .

 

لا تغيير على الموقف الإسرائيلي في تعامله مع لأطفال

وأشار فروانة بأن لا شيئاً جديداً طرأ أو يمكن أن يطرأ على الموقف الإسرائيلي عقب إنشاء تلك المحكمة ، فيما يتعلق بتعامله مع الأطفال الفلسطينيين الذين اعتقلهم أو من سيعتقلهم لاحقاً ، وأن تعامل الاحتلال مع الأطفال لن يتغير ، طالما هدفه سلب طفولتهم وتحطيمها والقضاء عليها وتشويه مستقبلهم ،وطالما أن المجتمع الدولي ومؤسساته المختلفة صامتة وغير مبالية بما يجري بحق الأطفال الفلسطينيين .

 

الأطفال بحاجة لمن يحترم طفولتهم ويمنحهم حقوقهم

وأكد فروانة بأن الأطفال الفلسطينيين ليسوا بحاجة إلى إنشاء محاكم شكلية تبت في قضاياهم واتهاماتهم الباطلة ، بل هم بحاجة إلى تغييرات جوهرية في التعامل معهم على أساس الاتفاقيات والمواثيق الدولية لاسيما " إعلان حقوق الطفل " و" اتفاقية حقوق الطفل " ، وأن تتوقف سلطات الاحتلال عن ارتكاب جرائمها بحقهم  ، وأن تَكف عن انتهاكاتها الفظة في التعامل معهم ، بدءً من دوافع وأشكال اعتقالهم ، وتعريضهم لصنوف مختلفة من التعذيب الجسدي والنفسي دون مراعاة لسنهم ، وانتزاع الاعترافات منهم بالقوة وتحت التهديد والإرهاب والتخويف والابتزاز ، و شكل وطبيعة المحاكمات العسكرية وسقف الأحكام التي تصدر بحقهم وظروف ومكان الاحتجاز والمعاملة والرعاية ..الخ .

معايير المحاكمة العادلة للكبار والقاصرين

يذكر أن المجتمع الدولي وضع مجموعة بالغة التنوُّع من المعايير لضمان المحاكمة العادلة بهدف حماية حقوق الأشخاص منذ لحظة القبض عليهم، وأثناء احتجازهم ، وعند محاكمتهم، وحتى آخر مراحل الاستئناف ، واعتبر أن انتهاك تلك المعايير تمثل انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان .

ومن تلك المعايير عدم التعرض للاعتقال التعسفي ، الحق في عدم التعرض للتعذيب ، عدم الاستشهاد بالأقوال المنتزعة تحت وطأة التعذيب ، الحق في الإلتقاء بالمحامي بحرية ، الحق في أوضاع احتجاز إنسانية ، استقلال السلطة القضائية ، ..الخ .

وأشار فروانة بأن كافة الشواهد والمعطيات تؤكد بما لا يدع مجالاً للشك بأن " إسرائيل " انتهك ولا زالت تنتهك مجمل معايير المحاكمة العادلة التي حددها المجتمع الدولي في كافة المحاكم العسكرية القائمة ، وأن الأمر لن يختلف في المحاكم التي شكلت حديثاً وخصصت للأطفال .

 ( 326 ) طفلاً في سجون ومعتقلات الاحتلال

وكشف فروانة إلى أن سلطات الاحتلال الإسرائيلي اعتقلت منذ العام 1967 ولغاية اليوم عشرات آلاف الأطفال ، منهم قرابة ( 7800 طفلاً ) اعتقلتهم منذ بدء انتفاضة الأقصى في 28 سبتمبر 2000 ، و لا تزال تحتجز منهم في سجونها ومعتقلاتها ( 326 طفلاً ) وغالبيتهم (157 ) طفلاً في معتقل عوفر ، و( 92 طفلاً ) في مجدو ، و( 63 طفلاً ) في ريمونيم ، و( 3 ) قاصرات ضمن الأسيرات ، والباقي موزعين على سجون أخرى ، فيما مئات آخرين تجاوزوا سن الطفولة وهم داخل السجن ، وهؤلاء جميعاً حوكموا في محاكم عسكرية إسوة بالكبار وصدر بحقهم أحكاماً قاسية دون مراعاة لأعمارهم ، وأن العديد من الأسرى ممن اعتقلوا وهم أطفال قد أمضوا عقود من أعمارهم في سجون الاحتلال تفوق السنوات التي أمضوها خارج السجن قبل اعتقالهم  .

 تقرير ذات صلة

 - فروانة في تقرير له : مستَقبل ( 345 ) طفل في سجون الاحتلال الإسرائيلي مهدد بالضياع 17-7-2009

 

- تقرير شامل : (7600 ) طفل أعتقلوا خلال انتفاضة الأقصى فروانة : أطفال فلسطين تَسلِب القيود طفولتهم وسجانون يتمتعون بتعذيبهم18-2-2009