|
في تقرير شامل للباحث المختص بشؤون الأسرى عبد الناصرعوني فروانة
( 7600 ) طفل أعتقلوا خلال انتفاضة الأقصى
فروانة : أطفال فلسطين تَسلب القيود طفولتهم وسجانون يتمتعون بتعذيبهم
فلسطين - 18-2-2009 – أعلن الأسير السابق والباحث المختص بشؤون الأسرى عبد الناصر عوني فروانة ، اليوم ، بأن سلطات الإحتلال اعتقلت ( 7600 ) طفل وطفلة منذ اندلاع انتفاضة الأقصى في سبتمبر 2000 ، وأن من بينهم قرابة ( 200 طفل قاصر ) تعرضوا للإعتقال الإداري دون تهمة او محاكمة ، وأنه لايزال منهم ( 246 ) طفل يقبعون في سجون الإحتلال ، بعضهم لا يتجاوز الثانية عشر من عمره .
وأشار بأن أصغر أسير في العالم يوجد من بين الأطفال الفلسطينيين الأسرى ، وهو الطفل الأسير " يوسف " (13 شهر ) الذي لم يعتقل مباشرة ولم توضع السلاسل في يديه لبرهة واحدة ، لكنه اعتقل وهو في رحم أمه الأسيرة " فاطمة الزق " ، لتنجبه وهي مقيدة الأيدي والأرجل بالاصفاد الحديدية ، ليبصر النور رغم عتمة الزنازين وليطلق صيحاته الأولى ولربما ينطق أولى الكلمات وهو لا يزال داخل السجن.
وأكد فروانة بأن استهداف اعتقال الأطفال الفلسطينيين ، انما هي جزء اساسي من استهداف الأطفال الفلسطينيين عامة وقمعهم وردعهم وتحطيم معنوياتهم وسلب طفولتهم ، باعتبار أن الأطفال هم عنوان للتحدي والصمود وعماد المستقبل وأمله ، وذلك في سياق سياسة الإعتقالات العشوائية التي تُمارس منذ عقود من الزمن بحق الفلسطينيين والتي طالت مئات الآلاف منهم وشملت عائلات بأكملها ، بغض النظر عن العمر أو الجنس أو طبيعه المهنة والعمل ، حتى بات الإعتقال مفرد ثابت في القاموس الفلسطيني .
معرباً عن قلقه الشديد على مستقبل هؤلاء الأطفال ، لما للإعتقال والسجن والتعذيب من توابع وتأثيرات وخيمة على نشأتهم وتركيبتهم السيكلوجية وميولهم المستقبلية ، وتحطيم نفسياتهم ، والتسبب لهم بأمراض جسدية عديدة ، وفقدان العديد منهم لحقهم الأساسي في مواصلة التعليم .
للأطفال مقاعد الدراسة ... لا زنازين الإحتلال
وقل الباحث فروانة في تقريره : بأنه لمن دواعي القلق والأسف أن ينشأ هؤلاء ويترعرعون ويقضون سنوات طفولتهم خلف القضبان ، في سجون ومعتقلات هي أشبه بأن توصف "بمقابر الأحياء" ، وعلى أسرة السجون و" أبراش " المعتقلات ، ويُجبرون على التعامل مع سجان حقير لايميز في تعامله اللاانساني ما بين طفل أوشاب ، ليتقنوا وببراعة لغة السجان وحياة السجن وكأنها حفرت في عقولهم وذاكرتهم للأبد ، بدلاً من أن يقضون سنوات طفولتهم أحراراً في كنف أسرهم ، وبين أهلهم وأحبتهم ، ويترددون على مدارس مؤهلة ، ليجلسوا على أماكنهم الطبيعية على مقاعد الدراسة ليتلقوا معلومات من مدرسين وفقاً لمناهج مدروسة تراعي أوضاعهم وظروفهم وأعمارهم .
وأضاف بان مئات الأطفال الفلسطينيين قد انقطعوا عن الدراسة بسبب الإعتقال ، ومستقبلهم مهدد بالضياع ، وأن مئات آخرين من الأسرى القابعين في السجون الإسرائيلية الآن ، كانوا قد اعتقلوا وهم أطفال ليكملوا سنوات طفولتهم في السجون ، ومنهم من مضى في السجن سنوات طوال من عمره تفوق ما أمضاه من سنوات قبل الإعتقال .
وتابع في أحياناً كثيرة يوضعون بجانب السجناء الجنائيين الذين اعتدوا عليهم مراراً بالضرب بأدوات حادة ، ويدفعونهم للإنحراف الجنسي ومحاولات اغتصابهم ، ودفعهم للإدمان على المخدرات .
قانون الإحتلال سلب من الأطفال حقوقاً منحهم اياها القانون الدولي ...
وأكد فروانة بأن القوانين الدولية واتفاقية الطفل ، قد منحت الطفل حقوقاً اساسية ، ولايسمح المساس بها تحت أي ظرف من الظروف ، أهمها عدم حرمان الطفل من حريته ، وعدم التعرض للإعتقال العشوائي ، واذا كان ولابد من الإعتقال فليكن الملاذ الأخير ، مع وجوب معاملتهم معاملة حسنة واحتجازهم في أماكن نظيفة وصحية وذات تهوية مناسبة ، تكفل لهم حياة انسانية وتتوفر فيها كافة حقوقهم من مأكل وملبس وتعليم ورعاية صحية وتوفر لهم أدوات الترفيه والتسلية ، وآليات الإتصال الدورية بالأهل ..الخ وليكن هذا الإعتقال لأقصر فترة ممكنة .
تعذيب قاسي وأحكام جائرة ....!
مضيفاً بأن سلطات الإحتلال تضرب كل تلك الإتفاقيات والنصوص بعرض الحائط ، ولايمر يوم واحد إلا وتعتقل خلاله عدد من الأطفال ، ولاتفرق في معاملتها ما بين الطفل المعتقل او الشاب والشيخ ، وأن جميع الأطفال يتعرضون أثناء اعتقالهم للضرب والتنكيل والإهانة ، فيما ان قرابة 93 % تعرضوا لصنوف مختلفة ولأكثر من شكل من التعذيب الجسدي والنفسي والتي هي أكثر قسوة خلال التحقيق معهم.
وأضاف بأن غالبية الإعترافات انتزعت منهم بالقوة وتحت التهديد و الضغط الجسدي والنفسي لا يحتمله الأطفال ، وكثيراً ما تكون اعترافاتهم كاذبة وغير دقيقة .
ومع ذلك يقول فروانة : تعتمد سلطات الإحتلال هذه الإعترافات كمستندات ادانة لهم ، وعلى ضوئها تصدر المحاكم العسكرية أحكامها الجائرة ضدهم وفقاً لقوانين الإحتلال الظالمة ، تصل لفترات وسنوات طويلة ، بل وفي بعض الأحيان تصل للسجن المؤبد ، ويتم التعامل معهم كبالغين بخلاف القانون الدولي الذي يتيح اعتقال الأطفال كملاذ أخير ويُلزم على ان يكون لأقصر فترة ممكنة .
ويضيف فروانة بأن هذه المعطيات تؤكد بأن سلطات الإحتلال تتعمد استهداف الأطفال ضمن اعتقالاتها وممارسة الضغط عليهم والزج بهم في سجونها لفترات متفاوتة لتصل أحياناً لعشرات السنين والمؤبد احياناً أخرى، بهدف تحطيم طفولتهم والقضاء على مستقبلهم والتأثير السلبي على الطفولة الفلسطينية عموماً .
مبيناً بأن من اعتقلوا وهم اطفال وامضوا سنوات في سجون الإحتلال ، تأثروا بطبيعة الحال بالبيئة التي قضوا فيها سنوات طفولتهم ، وواجهوا بعد خروجهم من السجن صعوبات جمة في التأقلم والتكيف مع العالم الخارجي ومع آبائهم وباقي أفراد الأسرة ً، وأدت بالكثيرين منهم الى الميل الى ممارسة سلوك عنيف كالسلوك الذي تعايش معه داخل السجن، أو الميل للعنف والانتقام ممن عذبوه في طفولته وبعضهم عاد واعتقل من جديد .
محاولات لتجنديهم والإيقاع بهم في وحل العمالة ...
وأوضح فروانة بأن الأطفال الأسرى وبجانب ما يتعرضون له من انتهاكات متواصلة لاتعد ولاتحصى لحقوقهم الأساسية ، فان جهاز المخابرات الإسرائيلي يبتدع بين الفينة والأخرى اساليب جديدة للإيقاع بهم في " شرك العمالة " والضغط عليهم وابتزازهم لتجنديهم بهدف العمل لصالحه ، وفي شهادات كثيرة يتعرضون للتحرش الجنسي وللتهديد باغتصابهم أو اجبارهم على التعري والتقاط بعض الصور ، كوسيلة لإنتزاع اعترافات ولو كاذبة يُحاكم عليها قانون الإحتلال أو قبولهم التعامل مع المخابرات ، وللأسف الشديد كثير من الأطفال كانوا ضحايا لذلك .
ويشدد فروانة على أن أجهزة المخابرات الإسرائيلية لا تتوانى عن استخدام أنجع الوسائل لتجنيد الأطفال واسقاطهم في وحل الخيانة والعمالة المرفوضة طبعاً بل والمنبوذة من قبل المجتمع الفلسطيني .
وفي هذا السياق ناشد فروانة كافة الفصائل الفلسطينية ووسائل الإعلام المختلفة لاسيما الحزبية منها الى التركيز على الجانب التعبوي الإرشادي للأطفال ، وتثقيفهم حول كيفية مواجهتهم لما قد يتعرضون له أثناء الإعتقال بما في ذلك كيفية تجاوزهم لمحاولات ايقاعهم في " وحل العمالة " .
وطالب فروانة المؤسسات الدولية لاسيما تلك المختصة بشؤون الأطفال وحقوق الإنسان بالتدخل لاجبار " اسرائيل " على احترام الإتفاقيات والنصوص المتعلقة بحقوق الأطفال ، وضمان عودة الأطفال الفلسطينيين إلى مقاعدهم الدراسية بدلاً من بقائهم في زنازين الاعتقال ، صوناً لطفولتهم وحفاظاً على مستقبلهم المهدد بالضياع .
الإحتلال هو الدافع الرئيسي لإنخراط بعض الأطفال في المقاومة ..
وأوضح فروانة بأن ممارسات الإحتلال الدموية ومشاهد القتل والدمار ، والإعتقالات للآباء والأشقاء والأقارب ، تؤثر وبدون شك على تنشأة الأطفال وسلوكهم الآني والمستقبلي ، وتخلق جيلاً أكثر ميلاً للعنف والإنتقام من الإحتلال، وتدفعهم للإنخراط مبكراً في العمل النضالي ، والتوجه بشكل فردي للحواجز والحدود أو لساحات المواجهة المباشرة لممارسة العنف الإرتجالي ضد الإحتلال والذي يؤدي بهم أحياناً الى الإعتقال لسنوات طويلة .
وتابع بأن هناك أطفال فلسطينيين تراوحت أعمارهم مابين 16-18 عاماً أو اقل من ذلك بقليل ، انتموا للفصائل الفلسطينية الوطنية والإسلامية وانخرطوا من خلالها بشكل مباشر في المقاومة بما فيها المقاومة العنيفة ، وهم لم يتجاوزُ سن الطفولة ( 18 عاماً ) .
معتبراً بأن السبب وراء ذلك يعود للإحتلال وممارساته ، ولايمنح الإحتلال مبرراً للإعتقالات العشوائية للأطفال الفلسطينيين أوللممارسات القمعية ضدهم وارتكاب الإنتهاكات الخطيرة لحقوقهم الأساسية ولإحتجازهم سنوات طويلة داخل السجون .
وفي هذا الصدد دعا فروانة الفصائل الفلسطينية للقيام بواجباتها تجاه الأطفال عموماً واطلاعهم على ما يمكن أن يتعرضون له من ممارسات من قبل الإحتلال وأجهزته المختلفة ، بما فيها الإعتقالات العشوائية والتعذيب وما يجري داخل السجون ، بجانب واجبها بتعبئتهم بثقافة حب الوطن والجهاد في سبيله ، على ان يكون ذلك في اطار منظومة متكاملة تراعي أعمارهم وحقوقهم وقدرة استيعابهم ، وتصون طفولتهم بما يضمن لهم نمو سليم ونشأة طبيعية وتربية نموذجيه ومستقبل مشرق .