وزارة الاسرى والمحررين تصدر تقريراً شاملاً  عن أوضاع الأسرى

 

لكي لا تنسينا حلاوة الانتصار مرارة حياة أسرانا في السجون والمعتقلات الإسرائيلية

بعد تحرير الأرض ، لن تكتمل فرحتنا إلا بتحرير الإنسان

يجب إطلاق سراح الاسرى من المناطق التي تم الانسحاب منها

سبتمبر 2005

يترقب أبناء شعبنا فى الداخل والخارج هذه الأيام بفارغ الصبر انتهاء الانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة ، ذلك الجزء الغالي والعزيز على قلوبنا من وطننا الحبيب ، ويعيش شعبنا لأول مرة من تاريخه الملئ بالنكبات فرحة اندحار الاحتلال عن جزء من أرضه ،ذلك الاندحار الذى جاء ثمرة نضال سنوات طويلة لشعبنا الصابر ، ولكن فرحتنا تلك منقوصة ولم تكتمل ،فقد رحل المستوطنون ولم ترحل السجون ، ودمرت المستوطنات ولم تدمر المعتقلات ،  فكما تم تحرير الأرض يجب تحرير الإنسان ، فهناك ما زال جزء أخر من مناضلينا وشبابنا  يرزحون تحت نير الاحتلال خلف قضبان السجون والمعتقلات يعانون اشد المعاناة ويلاقون من السجان المدجج بالسلاح والحقد أبشع ألوان التعذيب والمضايقة  يعيشون فى ظل ظروف إنسانية قاهرة وتمارس بحقهم كافة الانتهاكات  من قبل مصلحة السجون التى تتعمد تعكير صفو حياتهم وسحب إنجازاتهم التى اكتسبوها بالدماء والإضرابات .

 حالة الآسر لعشرات آلاف المواطنين الفلسطينيين منذ احتلال إسرائيل لفلسطين انتهجتها  حكومات الاحتلال المتعاقبة لتحقيق أهداف سياسية تمثلت في تأبيد الاحتلال عبر إفشال وإيقاف  المقاومة وإحباط التطلعات الوطنية للشعب الفلسطيني وزعزعة إيمانه بحتمية الانتصار، والاحتفاظ بالورقة الأخيرة  للمساومة ، فكانت السجون الإسرائيلية مكان القتل الروحي و النفسي للفلسطينيين, لذا فقد غصت السجون الإسرائيلية ومراكز التوقيف والتحقيق والاعتقال بعشرات آلاف المواطنين الفلسطينيين دون تمييز بين طفل ومسن أو رجل وامرأة ،وقد دأبت إسرائيل على انتهاك القوانين الإنسانية والاتفاقات والمعاهدات والأعراف الدولية المتعلقة بالسجناء ، بما فيها اتفاقية جنيف الرابعة، والإعلان العالمي لحقوق الإنسان عندما حررت أذرعها العسكرية والأمنية وطواقم التحقيق من أي قيد قانوني أو وازع أخلاقي ومن أي محاسبة لممارسة اعتقال عشوائي واسع،او تعذيب ، حيث قدرت لجان متخصصة بأن ثلث الشعب الفلسطيني لفترة ما مر بتجربة الاعتقال والسجن التي طالت في حالات كثيرة أسراً بكاملها ، فجميع الفلسطينيون عاشوا  معاناة الأسرى والمعتقلين إذ عرفت كلّ عائلة أو حتى كل بيت إجراءات الاعتقال، وقـد بلغـت نسبـة عــدد الأسـرى إلى عـدد السكان حوالي 25 % وهذا يعني أنه يوجد سجين لكلّ بيت  فلسطيني تقريباً !

هذه الشريحة الهامة التي ناضلت من اجل شعبنا وضحت بزهرات شبابها خلف القضبان ، وألقت بنور أملها فى ظلمات الزنازين وعتمة التحقيق فى باستيلات العدو حتى ننعم بالتحرير والاطمئنان ، لا يجوز أن نتناساها أو نتغافل عنها فى غمرة الأفراح والاحتفالات فلا نريد أن تنسينا حلاوة الانتصار هؤلاء الذين ضحوا من أجلنا.. لذلك نلقى الضوء على معاناة أسرانا ومعتقلينا داخل سجون ومعتقلات ومراكز توفيق العدو المنتشرة على طول البلاد وعرضها.

الأسرى في أرقام

يقدر عدد الفلسطينيين الذين مروا بتجربة الاعتقال منذ بدء الاحتلال عام 1967 حتى الآن كثر من (650 ) ألف مواطن فلسطيني ، ومنذ انتفاضة الأقصى سبتمبر 2000 ، بلغت حالات الاعتقال حوالي 40 ألف حالة أسر، لا يزال منهم (8600) أسير فلسطيني وعربي في نحو 28سجناً معتقلاً ومركز توقيف وتحقيق موزّعة على كافّة الأراضي المحتلّة، وبعض هذه المعتقلات بُني في العهد العثماني أو البريطاني، فيما جرى العمل على تحديث بعض منها ، وفتح سجون جديدة لاستيعاب الأعداد الكبيرة من المعتقلين ، وإعادة افتتاح سجون قديمة تم إغلاقها بعد توقيع اتفاقية السلام عام 1994.

من اشهر تلك السجون وأكبرها سجن النقب حيث يضم أكبر عدد من المعتقلين حيث يبلغ عددهم (2150) أسيراً منهم (900) أسير إداري ، ويليه سجنى شطه وجلبوع حيث يبلغ عددهم الأسرى فيهما ( 1140) أسيراً  ثم  سجن بئر السبع( 930) أسيراً ، وفى سجن مجدو (897 ) أسيراً ، ، وسجن نفحه (740) أسيراً ، وسجن عوفرا يوجد به ( 700 ) أسيراً ، سجن عسقلان( 480)  أسيراً ، وسجن هشارون يضم (407) أسير ،  وسجن هداريم يوجد به  (377) أسيراً ، سجن الدامون( 240) أسيراً ، وسجن تلموند يضم (94) أسيراً ، كما ان هناك المئات من الأسرى الآخرين موزعين على الزنازين ومراكز التوقيف والتحقيق المنتشرة فى أرجاء الضفة الغربية وداخل الخط إسرائيل ، كمركز توقيف بنيامين ، وبيت ايل ، و زنازين المسكوبية وفى مركز التوقيف على حاجز ايرز ،ومعتقل بيتح تكفا ،و زنازين مركز التحقيق التابعة لسجن عسقلان .

 ويوجد من بين الأسرى (116) أسيرة ، من أصل 305 أسيرة اعتقلن منذ انتفاضة الأقصى ، 61 أسيرة منهن اعتقلن خلال عام 2004م فقط ، 77 أسيرة أعمارهن تقل عن 25 عاماً ، 7 أسيرات لم يتجاوز أعمارهن الـ 18 عاماً .

كما يوجد بين الأسرى أكثر من 300 طفلاً لم تتجاوز أعمارهم ال18 عاماً حسب اتفاقية الطفل التي اعتبرت كل إنسان لم يتجاوز الثامنة عشر من عمره فهو طفل ، ويشكل الأطفال نسبه  3.7 % من إجمالي عدد الأسرى .

 وهؤلاء الأطفال ما تبقى من أكثر من 3500 طفل تم اعتقالهم خلال انتفاضة الأقصى.

كما يوجد بين الأسرى أكثر من (1000) أسير مريض يعانون من أمراض مختلفة ، و(900) أسير إداري .

فيما بلغ عدد شهداء الحركة الأسيرة حوالي 181 شهيد ، سقطوا بسبب التعذيب والإهمال الطبي او القتل العمد بعد الاعتقال .

ورغم حالة التهدئة التى سادت المناطق الفلسطينية منذ مؤتمر شرم الشيخ فى فبراير من العام الحالي إلا ان سلطات الاحتلال تواصل عمليات الاعتقال للمواطنين الفلسطينيين حيث اعتقلت سلطات الاحتلال منذ قمة شرم الشيح حوالي 1800 مواطناً .

 

الانتهاكات التي يتعرض لها الأسرى في السجون والمعتقلات

تتفنن قوات الاحتلال الإسرائيلي وجنودها ومحققيها في ممارسة أقصى أنواع التعذيب والإهانة ضد الأسرى  الفلسطينيين ، في انتهاك صارخ لكل القيم والأعراف والمواثيق الدولية التي تدعو إلى احترام حقوق الإنسان، التي وقعت عليها إسرائيل ، والتي لم تكن رادعاً لها للامتناع عن الاستمرار في اعتقال الأسرى وحرمانهم من حريتهم وتعريضهم للضغط النفسي و الجسدي ، وذلك بهدف إذلالهم وكسر إرادتهم وإرادة أهاليهم وشعبهم من خلفهم .

يتوزّع الأسرى على المعتقلات والسجون الإسرائيلية ، منها ما يخضع لشرطة إدارة السجون مثل نفحة وعسقلان وبئر السبع  وأخرى تخضع للجيش الإسرائيلي أي  للإدارة العسكرية مثل النقب، عوفر … وهذه المعتقلات تفتقر الى الحد الأدنى من شروط الحياة الآدمية، وان ما يعيشه الأسرى في تلك السجون هو بحد ذاته معاناة إنسانية حقيقية بكل ما تحمل الكلمة من معنى وان ما يحدث في هذه السجون هو امتهان لكرامة الإنسان .

وقد ساءت أوضاع المعتقلين على نحو واضح أثناء انتفاضة الأقصى وذلك عقاباً للأسرى على مشاركتهم فى تلك الانتفاضة ،  وقد شهدت قاعات المحاكم المئات من الأحكام المؤبدة بعشرات المرات على فلسطينين كان أعلى حكم فيها على الأسير عبد الله البرغوثى بـ 68 مؤبداً ، كما شهدت الأحكام غير الشرعية على القادة الفلسطينيين الذين يتمتعون بالحصانة البرلمانية أمثال النائب مروان البرغوتى ، وحسام خضر .

ومما يعزز فرضية ان هذه السجون ومراكز التوقيف لا تختلف عن المقابر فى شئ ، الانقطاع عن العالم الخارجي وعدم الاتصال مع المحامين او مع الأهل ، حيث ان الأسرى معزولون  ومحرمون من الزيارات حتى بين بعضهم البعض ، كذلك تفتقر تلك السجون الى الشروط الصحية للدنيا، بما يتنافى مع المادة 85 من اتفاقية جنيف الرابعة الخاصة بحماية المدنيين وقت الحرب لعام 1949، ويتنافى أيضاً مع القواعد النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء، خاصة ما يتعلق منها بأماكن الاحتجاز، التي تحض على توفير جميع المتطلبات الصحية، ومراعاة الظروف المناخية وخصوصاً من حيث  المساحة الدنيا المخصصة لكل سجين ، وتوفير الإضاءة والتهوية المناسبتين ، إضافة إلى اتساع النوافذ بحيث تمكن السجناء من استخدام الضوء الطبيعي في القراءة والعمل، وأن تكون المراحيض كافية وأن تتوفر منشآت للاستحمام والاغتسال بالدش، وغيرها من الشروط التي أجملتها هذه القواعد وتتجاهلها إسرائيل عن تعمد واضح مع الأسرى الفلسطينيين، في الوقت الذي ترفض فيه إدارة المعتقل إدخال كميات كافية من الملابس والأغطية، خاصة في أوقات الشتاء التي تتسم بالبرد القارص ، مما يزيد من معاناة الأسرى ، كذلك فكمية الطعام التى يقدم للأسرى غير كافية ، كما أنها رديئة فى اغلب الأحيان  .

التعذيب

لا زالت سلطات الاحتلال تمارس أساليب التعذيب المحرمة دولياً ضد الأسرى الفلسطينيين ، فهى الدولة الوحيدة التي تجيز التعذيب وتضفى عليه صفة الشرعية ، و تمارس التعذيب كوسيلة رسمية تحظى بالدعم السياسي والتغطية القانونية ، التى وفرتها المحكمة العليا لأجهزة الأمن الإسرائيلية فى العام 1996 حيث منحت جهاز الشاباك الحق فى استخدام التعذيب وأساليب الهز والضغط الجسدي ضد المعتقلين الفلسطينيين .

 ونادراً من يعتقل شخص ولا يتعرض لأحد أشكال التعذيب الجسدي والنفسي أو أكثر ، وقد أكدت الإحصائيات الصادرة عن وزارة الأسرى بان 99% من الأسرى الذين اعتقلوا تعرضوا لأحد أشكال التعذيب المختلفة ، كما وصل عدد شهداء الحركة  الأسيرة الذين استشهدوا نتيجة التعذيب إلى ( 70 ) أسيراً شهيداً . 

وتبدأ عملية التعذيب والإرهاب للأسير على الفور حيث يتم اعتقاله بطريقة وحشيه ويتم تكبيله بقيود بلاستيكية قوية ، ووضع رباط على عينية ، وجره إلى الخارج ووضعه في الجيب العسكري ، وغالباً ما يتم الاعتداء عليه بالضرب الوحشي بالهراوات وأعقاب البنادق والدوس عليه بالأقدام والشتم ، حتى وصوله إلى مركز التحقيق والتوقيف ، وكثيراً ما تتم الاعتقالات عن طريق حواجز التفتيش المنتشرة على الطرق ، او اختطافهم من الشوارع و المقاهي و الجامعات والمدارس .

وبعد عملية الاعتقال يتم إرسال المعتقلين إلى مراكز التوقيف والتحقيق المنتشرة في أرجاء الضفة الغربية وداخل إسرائيل، ويتعرض الأسير في مراكز التوقيف والتحقيق هذه إلى اشد أنواع التعذيب لانتزاع اعترافات منه بالقوة، وهذه المراكز هي: الجلمة "كيشون"، وبتاح تكفا "هشارون"، والمسكوبية "مجراش هروسيم"، وعسقلان "شكيما"، حيث تمارس أجهزة الأمن في هذه المراكز كافة ألوان التعذيب الجسدي والنفسي ، فيوضع بداية في ظل ظروف محبطة وصعبة للغاية، حيث يُزج به في زنزانة لا تتجاوز مساحتها 1 x 1.5م وهو موثوق الأيدي والأرجل ومعصوب العينين بدون فراش أو غطاء، والزنزانة رطبة لا تدخلها أِشعة الشمس، والتهوية فيها تكاد تكون معدومة، وهناك فتحة صغيرة يتم استخدامها لتزويد المعتقل بكميات بسيطة من الطعام، وبعد مرور ثلاثة أيام يكون قد حُرم فيها المعتقل من كل ذلك يبدأ التحقيق والتعذيب مجدداً معه هذا ويتعرض منذ اليوم الأول لاعتقاله إلى جولات طويلة ومتكررة من التحقيق فيمنع من النوم وقضاء حاجته في المرحاض لأوقات طويلة ويتعرض للشبح والضرب والشتم والربط في أوضاع مؤلمة، كربط الساقين وشدها إلى الخلف من تحت كرسي، ثم الدفع بجسم الأسير نحو الخلف، واستخدام الموسيقى الصاخبة واستغلال مرض المعتقل أو إصابته للضغط عليه والتهديد بقتله أو باعتقال أفراد الأسرة واستخدام أسلوب الهز العنيف لجسده وحرمان المعتقل من زيارة المحامى والأهل ، تغطيه الرأس والوجه بغطاء قذر رائحته عفنة ، الحرق بأعقاب السجائر ، سكب الماء البارد او الساخن على المعتقل ، تسليط ضوء قوى على عيون المعتقل بشكل مباشر ، وكذلك تستخدم أسلوب رش الأسير بالمياه الباردة في فصل الشتاء ، وأسلوب بطح الأسير على ظهره ويداه مكبلتان من الخلف بهدف إحداث آلام فظيعة في اليدين عبر ضغط الجسد على اليدين، وثقل جسد المحقق للضغط على أعلى صدر الأسير، بهدف انتزاع موافقة الأسير على الاعتراف تحت ضغط الآلام المبرحة... الخ،

ومن بين أساليب التعذيب المستخدمة والشائعة شبح المعتقل ، وحسب الإحصائيات فان 88% من المعتقلين تعرضوا للشبح  أثناء التحقيق ، ومن أساليب التعذيب أيضاً وضع المعتقل فى ثلاجة ، وقد تم استخدام هذا الأسلوب مع 68% من المعتقلين الفلسطينيين

ولا يقتصر التعذيب على مناطق محددة من الجسم ، بل يشمل كل أجزاء الجسم، بتركيز على الرأس والمناطق العلوية وفى حالات كثيرة يمتد تأثير التعذيب لمرحلة ما بعد الاعتقال، نتيجة لإصابات عدد من الأسرى بعاهات دائمة نتيجة تعرضهم للتعذيب المستمر ، ناهيك عن المعاناة النفسية طويلة المدى التي يتركها السجن على نفوس هؤلاء الأسرى  بعد تحررهم من الأسر

الإهمال الطبي

إن الناظر الى أوضاع الأسرى فى السجون يجد تزايداً مطرداً فى إعداد الأسرى المرضى فى كافة السجون والمعتقلات ، وهذا  خير دليل على استمرار إسرائيل في سياسة الإهمال الطبي المتعمد للأسرى ، حيث أصبحت سياسة مبرمجة ومتعمدة من قبل إدارة السجون و أحد الأسلحة التي تستخدمها سلطات الاحتلال لقتل الأسرى بشكل بطئ بتركهم فريسة سهلة للأمراض الفتاكة .

فقد وصل عدد الأسرى المرضى إلى أكثر من( 1000 أسير ) يعانون من أمراض مختلفة ، من بينها حالات خطيرة مصابة بأمراض الكلى، والسرطان ، السكر، والقلب ، والشلل ، وفقد البصر ، وقد أدى الإهمال الطبي فى بعض الحالات إلى استشهاد الأسير المريض والتي كان أخرهم الأسير جواد عادل أبو مغصيب ( 18 عاماً ) والذى استشهد بتاريخ 28-7-2005 في معتقل النقب الصحراوي، وهو من سكان دير البلح بقطاع غزة.

كما  أن العشرات من المعتقلين الذين اجمع الأطباء على خطورة حالتهم الصحية وحاجتهم الماسة للعلاج وإجراء عمليات جراحية عاجلة بما فيهم مسنين ، وأطفال ، ونساء رفضت الإدارة نقلهم للمستشفى ، ولا زالت تعالجهم بحبة الأكامول السحرية التي يصفها الأطباء لجميع الأمراض على اختلافها ومدى خطورتها ، حيث تفتقر السجون الى أطباء متخصصين.

كما ترفض حكومة الاحتلال إطلاق سراح أسرى مرضى لا أمل فى شفاؤهم وينتظرون الموت لحظة بلحظة كحالة الأسير مراد أبوساكوت  (28) عاماً ، من مدينة الخليل ،الذي يعانى من سرطان في الدم في مراحله المتقدمة ، ويتواجد منذ فترة طويلة على سرير الموت فى سجن مستشفى الرملة ، وحالته تزداد سوءاً يوماً بعد يوم ، حيث ينتشر السرطان فى باقي أنحاء جسمه ، ويعيش بربع كلية فقط ، ويحتاج الى جهاز خاص للتنفس ، وكذلك مصاب بسرطان الجلد ، و بدأ فى الآونة الأخيرة جسده ينتفخ بصورة غير طبيعية ويحتاج إلى متابعة ورعاية مستمرة وهذا لا يتوفر فى سجون الاحتلال ، وقد نصح أطباء مؤسسات حقوق الإنسان الذين زاروه بإطلاق سراحه الا ان سلطات ترفض هذا الطلب وبعد إلحاح قررت أواخر أغسطس الماضي الإفراج عنه بشكل مؤقت لمدة 6 شهور .

، وفى حالات كثيرة يتم مساومة الأسير المريض على الاعتراف بإغرائه بانتهاء التحقيق ، وإرساله إلى السجون التي تتوفر فيها العناية الطبية الكافية ، وقد انهار العديد من الأسرى المرضى تحت ضغط الآلام والمرض وأدلوا باعترافات إلى المحققين ، كذلك يتم مساومة الأسرى المرضى للتعامل مع جهاز المخابرات الإسرائيلية مقابل علاجهم .

كما أدت المماطلة فى إخراج المرضى الى العيادة ، وتأخر الأطباء المتعمد في إجراء العمليات للمرضى، والمماطلة فى إجراء تحاليل وفحوصات لبعض الأسرى المرضى إلى فقد الأمل في شفاؤهم بعد أن يكون قد استشرى المرض واستفحل فى أجسامهم كحالة الأسير السوري( هايل أبو زيد )  الذي استشهد بعد إطلاق سراحه بسبعة شهور بعد ان أمضى قرابة عشرون عاماً في السجن ، متأثرا بأمراضه التى عانى منها داخل السجون  والذي كانت ترفض إدارة السجن إخراجه للمستشفى لإجراء التحاليل لمعرفة سبب الآلام التي يعانى منها ، حتى استفحل المرض فى جسده ، وكذلك حالة الأسير (راغب على بحلق ) فى سجن جلبوع ، والذي أدى تأخر عرضه على طبيب أمراض صدريه مختص إلى تدهور حالته الصحية وإصابته بورم خبيث ، يتطلب علاجاً اشعاعياً .

وتنتهك إدارات السجون الإسرائيلية سواء التابعة للجيش أو لمصلحة السجون الاتفاقيات الدولية ذات العلاقة بالرعاية الطبية والصحية للمعتقلين المرضى ، وخاصة المادة (92) من اتفاقية جنيف الرابعة التى تنص على انه ( تجرى فحوص طبية للمعتقلين مرة واحدة على الأقل شهرياً ، والغرض منها بصورة خاصة مراقبة الحالة الصحية العامة، والنظافة، وكذلك اكتشاف الأمراض المعدية، ويتضمن الفحص مراجعة وزن كل شخص معتقل ، وفحصا بالتصوير بالأشعة مرة واحدة على الأقل سنويا ).

الاعتقال الإداري

من أكثر الأساليب التى تستخدمها سلطات الاحتلال لزيادة المعاناة والتضييق على الأسرى وذويهم ، فما أن تنتهي مدة الاعتقال الإداري ، ويبدأ المعتقل في العد التنازلي لانتهاء هذه المحنة ، حتى يطل السجان حاملاً معه قرار التمديد لفترة إعتقالية جديدة لمرة أو مرتين أو ثلاثاً وهكذا دواليك والفترة مفتوحة إلى ما شاء الله ، دون أن يعرض المعتقل على محكمة أو يسأل عن تهمة معينة .

فقد أصبح الاعتقال الإداري سيفاً مسلطاً على رقاب كافة الفلسطينيين، فكونك فلسطيني يعني انك في أي لحظة معرض للاعتقال الإداري الذي يعتبر فى نظر القوانين والاتفاقيات من أكثر الأساليب خرقاً لحقوق الإنسان، اذ يتم بموجبه تحويل المعتقل للحبس إدارياً بدون تهمة أو محاكمة ، لفترات تتراوح بين 3-6 شهور ، تتجدد لعدد من المرات وفقاً لما يراه قاضى التمديد الذى يأتمر غالباً بأمر المخابرات الإسرائيلية ، وذلك دون تقديم الأسير لإجراءات محاكمة ، ولا يسمح للمعتقل أو محامية بالإطلاع على أيه تفاصيل عن أسباب الاعتقال ، ويحرم الأسير من حقه في المحاكمة العادلة ومن حقه في معرفة التهم الموجهة إليه وبالتالي يحرم من حقه فى الدفاع عن النفس والتي كفلته كافة الأعراف والقوانين .

ودولة الاحتلال تضرب بعرض الحائط جميع المواثيق و الاتفاقيات الدولية التي نصت على عدم شرعية الاعتقال الإداري، ومنها البند الثانى من  العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية ، وكذلك المادة الخامسة في اتفاقية جنيف الرابعة .

يبلغ عدد الأسرى الإداريين حوالى ( 900 ) أسير ادارى ، أي ما نسبته 10.5% من إجمالي عدد المعتقلين ، موزعين على عدد من السجون أهمها سجني (النقب ومجدو ) ، ويضم سجن النقب لوحده (90 % ) من الأسرى الإداريون ، حيث يعتبر  اكبر تجمع لأسرى الاعتقال الإداري في فلسطين ، الذين يقبعون في السجن مدة طويلة دون تهمة أو قضية أو أدلة ،ويعيش الأسرى الإداريين فى كنتونات بعد إقامة جدران إسمنتية حول الأقسام فى سبتمبر أيلول من العام الماضي  بطول ثمانية أمتار .

ويشبه الأسرى تلك الكنتونات بالآبار ، حيث يحيط الجدار بأقسام الأسرى الإداريين ، ويعطى ارتفاع الجدار أقسام المعتقل شكل الآبار ، حيث يضم  كل بئر 6 خيام تضم الخيمة الواحدة 20 أسيرا ، وذلك حسب الأسرى سياسة مدروسة ذات أبعاد حسبت بدقة وعناية بهدف منع التواصل بين المعتقلين ، وزيادة الضغط والقهر بحق الأسرى ،وفرض عزل داخلي على الأسرى بعضهم البعض ، بهدف جعل كل قسم وكأنه سجن لوحده ، وقد أطلق الأسرى على السجن اسم غوانتنامو النقب نظراً لما يحدث فيه من فظائع وخروقات لحقوق الإنسان على شاكله سجن غوانتنامو فى كوبا .

وكذلك فان إدارات السجون تمنع المعتقلين من رؤية محاميهم وذلك لعدم إطلاعهم على ملفاتهم ومتابعة قضاياهم أمام المحاكم الصورية ، التي تعقد لهم بشكل غير قانوني ، ويتم خلالها التمديد للمعتقل لفترة إعتقالية جديدة دون تهمة محددة أو محاكمة عادلة ، حيث تصاعدت وتيرة التمديد للمعتقلين الإداريين بشكل ملحوظ خلال الأربع سنوات انتفاضة الأقصى ووصل التمديد لأربعة عشرة مرة لبعض المعتقلين ، وحسب الاسرى فانه لا يوجد معتقل إداري إلا وجرى له تجديد الاعتقال الإداري مرة أو مرتين أو أكثر ، بحجة أن هذا الأسير أو ذاك خطير ، ولكن ليس له قضية أو اتهام معين سوى انه يشكل خطراً على امن إسرائيل دون ذكر لماهية الخطر ، بل تتذرع جهة التحقيق بوجود ملف سرى للمعتقل لا يسمح له او لمحاميه بالإطلاع عليه ، حيث يتم بموجبه التجديد للمعتقل لمرة أو مرتين والعدد مفتوح إلى ما لا نهاية ، حتى أصبحت قضية التمديد للاعتقال الإداري اعتيادية بالنسبة للأسرى الإداريين .

اعتقال الأسيرات

تصاعدت سياسة اعتقال الأسيرات الفلسطينيات من قبل  الاحتلال منذ اندلاع انتفاضة الأقصى، حيث أن أكثر من 400 أسيرة تم اعتقالهن خلال الخمس سنوات السابقة ، لا زال منهن (115) أسيرة داخل السجون ، تم تجميعهن فى سجن هشارون منهن 113 من مناطق الضفة الغربية والقدس ، و2 أسيرتان من قطاع غزة ، (62) أسيرة محكومة ،و(46) موقوفة ، و(7) أسيرات يخضعن للاعتقال الإداري.

أوضاع الأسيرات شهدت خلال الفترة الأخيرة تصعيداً خطيراً من قبل إدارة السجون،حيث تقوم بحملة قمعية منظمة ضد الأسيرات ، ولا تزال مستمرة في ممارسة كافة وسائل التعذيب بحق الأسيرات ، ولا تتهاون إدارة السجون في ابتكار اعنف أساليب الإهانة من اجل زيادة معاناة الأسيرات وتحطيم معنوياتهم وزعزعة ثقتهن بأنفسهن ، وكذلك تدمير الشخصية والحالة النفسية للأسيرة لتصبح غير قادرة على العطاء والبناء ، كما تتعمد الإدارة إهمال طلبات الأسيرات المتكررة بتحسين ظروفهن المعيشية.

حياة الأسيرات داخل السجون والمعتقلات الإسرائيلية مليئة بالمضايقات والاستفزازات والحرمان حتى من التعليم حيث لا زالت إدارة السجون مستمرة فى المماطلة بالسماح لبعض الأسيرات بالتعليم ، ولا زالت إدارة السجون تمارس  سياسة التفتيش العاري بحق الأسيرات ، وهو ما يشكل خرقاً واضحاً للاتفاقيات الدولية التي تنص على حسن معاملة الأسرى والأسيرات ، كذلك لا تتورع إدارة السجن بالاعتداء الجسدي على الأسيرات بالضرب ورش الغاز المسيل للدموع ، ورش الماء البارد في فصل الشتاء ، وحرمانهن من الملابس والأغطية الشتوية ، كذلك تقوم إدارة السجون بعمليات اقتحام لغرف الأسيرات في ساعات متأخرة من الليل ، حيث تعبث في ملابسهن ،وتقلب محتويات الغرف رأساً على عقب بهدف التفتيش عن أشياء ممنوعة ، وتستخدم إدارة السجون أسلوب العزل الانفرادي كعقاب دائم للأسيرات بحجة مخالفة قوانين الاعتقال داخل السجن ،كذلك تحرم عدد من الأسيرات من زيارة ذويهم بحجج أمنية واهية ، وكذلك فان الأكل المقدم من قبل الإدارة سيء كماً ونوعاً ، مما يضطر الأسيرات إلى الشراء من الكنتين على حسابهن الخاص ، وتعاني الأسيرات من قلة إدخال الكتب والجرائد ، ومنع إدخال أداوت رياضية مع الأهل،  وتحرم معظم الأسيرات من إدخال الملابس لهن خلال زيارة الأهل .

ومؤخراً أكدت مصادر حقوقية بان إدارة سجن تلموند استخدمت هراوات مزودة بصواعق كهر بائية ،وهذه الهراوات تتسبب فى إصابات بالغة للإنسان وتسبب الإغماء والإعياء الشديد .

كذلك لا زالت إدارة السجون مستمرة فى سياسة الإهمال الطبي المتعمد للعديد من الحالات المرضية التي تعانى منها الأسيرات فى سجون الاحتلال ، حيث اشتكت الأسيرات من مشاركة الأطباء في عيادة السجن فى تعذيب الأسيرات والتضييق عليهن وتهديدهن بعدم تقديم العلاج لهن وعدم إجراء عمليات جراحية ، كذلك تشتكى الأسيرات من عدم وجود  طبيب مختص او طبيبة نسائية في عيادة السجن لتراعي شؤون الأسيرات المريضات ، مع العلم بان هناك أسيرات يعانين من أوجاع في العيون وديسكات في الظهر بسبب الجلوس في ظروف إعتقالية وحشية ، وبسبب الرطوبة العالية وقلة التدفئة والنقص الشديد في الملابس الشتوية. .

كذلك لا زالت سلطات الاحتلال ترفض إطلاق سراح الأسيرة منال غانم وطفلها نور الذى وضعته فى السجن قبل 22 شهراً ، ولم يتبقى له سوى شهر ونصف ليفارق والدته حسب القانون الإسرائيلي، والأسيرة غانم تعانى من مرض الثلاسيميا ، وحالتها الصحية تزداد سوءً مع مرور الوقت ، مع اقتراب موعد فراقها عن طفلها نور تعانى الأسيرة من ظروف نفسية صعبة ، وفى هذا الوقت ترفض توفير ظروف خاصة لتحسين شروط حياة الطفل نور، الذى يحتاج إلى زيادة فترة الخروج للفورة ، طعام خاص ، وحليب ، ورعاية صحية خاصة ، إلا أن إدارة السجن تتعامل معه كأسير وترفض معاملته كطفل رضيع .

 من جهة أخرى فان إدارة السجون لا تلقى بالاً لتدهور أوضاع الأسيرات الزهرات  ما دون الـ18 عاماً وعددهن (5) أسيرات ، من بينهن طفلتان محكومتان ، وطفلة واحدة تخضع للاعتقال الإداري ، وطفلتان موقوفتان بدون محاكمة .

حيث لا تتلقى الزهرات أي معاملة خاصة او اهتمام كونهن طفلات،  ويمنعن من زيارة الأسيرات البالغات ويمنع بقاء أسيرة بالغة معهن في نفس الغرفة لرعايتهن، وعلى العكس من ذلك تقوم إدارة السجن باعتقال الأسيرات المدنيات والجنائيات على قرب من غرفتهن ، حيث تستمر الجنائيات بالصراخ في أوقات مختلفة في الليل والنهار والشتائم البذيئة والاستفزازات مما يبقيهن متوترات وخائفات طوال الوقت وهي سياسة تتبعها إدارة السجون بحق الأسرى والأسيرات القصّر للضغط عليهن وزيادة ظروف الاعتقال السيئة عليهن .

اعتقال الأطفال

منذ بداية انتفاضة الأقصى اعتقلت سلطان الاحتلال ما يزيد عن 3500 طفل فلسطيني ، ولا زالت تحتجز منهم 288 طفلاً اى ما نسبته 3.5 % من إجمالي عدد الأسرى ، فى ظروف تفتقر الى الحد الأدنى من شروط الحياة الأساسية، موزعين على سجون: "تلموند" و"عوفر" و"النقب" و"عتصيون" و"مجدو" إضافةً إلى العديد من مراكز التحقيق والتوقيف الإسرائيلية ، منهم ( 260 ) من سكان الضفة  و( 20 ) من القدس و(8 ) أطفال من قطاع غزة ، من بينهم ( 140 ) طفل محكوم ،و( 139 ) طفل موقوف بانتظار محاكمة ، و(5) أطفال يخضعون للاعتقال الإداري بدون تهمة ، وهناك  المئات من المعتقلين اعتقلوا وهم أطفال و تجاوزوا سن 18 داخل السجن ولا يزالون في الأسر .

 ( 145 ) من الأطفال الأسرى اعتقلوا هذا العام 2005 أي ما نسبته 50.3 % من إجمالي عدد الأطفال .

29.5 % من الأطفال الأسرى مرضى و يعانون أمراضاً مختلفة و محرومين من الرعاية الصحية والعلاج نتيجة الإهمال الطبي الذي تتبعه إدارة السجون

99 % من الأطفال الذين اعتقلوا تعرضوا للتعذيب وعلى الأخص وضع الكيس في الرأس والشبح والضرب .

 (58 ) طفل موجودين فى سجن عوفر، و(37) موجودين فى مجدو ، و(22) موجودين فى النقب ، والباقي موزعين على سجون أخرى كسجن  هشارون التلموند والجلمة وغيرهم .

 واعتقال الأطفال يعتبر حرمان للطفل من رعاية والديه ، وحرمان والديه من الإشراف والعناية بطفلهم بما يتعارض والفقرة الأولى من المادة 9 من اتفاقية الطفل ونصها ( تضمن الدول الأطراف عدم فصل الطفل عن والديه على كره منهما ) .

ويستند الجهاز القضائي الإسرائيلي في استصدار الأحكام ضد الأسرى الفلسطينيين صغار السن للأمر العسكري رقم "132" ،والذي حدد فيه سن الطفل من هو دون السادسة عشر بما يخالف نص المادة "1" من اتفاقية الطفل والتي عرفته بأنه ( يعني طفل كل إنسان لم يتجاوز الثامنة عشر ما لم يبلغ سن الرشد قبل ذلك بموجب القانون المنطبق عليه )

سلطات الاحتلال تحرم الأطفال الأسرى من أبسط الحقـوق التي تمنحها لهم المواثيق الدولية، والاتفاقيات الحقوقية ، هذه الحقوق الأساسية تشتمل على : الحق في عدم التعرض للاعتقال العشوائي، والحق في معرفة سبب الاعتقال، والحق في الحصول على محامٍ، وحق الأسرة في معرفة سبب ومكان اعتقال الطفل، والحق في المثول أمام قاضٍ، والحق في الاعتراض على التهمة والطعن فيها، والحق في الاتصال بالعالم الخارجي، والحق في معاملة إنسانية تحفظ كرامة الطفل المعتقل.

يعانى الأطفال الأسرى في السجون والمعتقلات من ظروف احتجاز قاسية وغير إنسانية، تفتقر للحد الأدنى من المعايير الدولية لحقوق الأطفال وحقوق الأسرى، فهم يعانون من نقص الطعام ورداءته، وانعدام النظافة، وانتشار الحشرات، والاكتظاظ، والاحتجاز في غرف لا يتوفر فيها تهوية وإنارة مناسبتين، والإهمال الطبي وانعدام الرعاية الصحية، ونقص الملابس، وعدم توفر وسائل اللعب والترفيه والتسلية، والانقطاع عن العالم الخارجي، والحرمان من زيارة الأهالي، وعدم توفر مرشدين وأخصائيين نفسيين، والاحتجاز مع البالغين، إضافة إلى الاحتجاز مع أطفال جنائيين ، والإساءة اللفظية والضرب والعزل والعقوبات الجماعية، وتفشي الأمراض ، كما أن الأطفال محرومون من حقهم في التعلم.

العزل الانفرادي والنقل

 سياسة العزل التى تتبعها سلطات الاحتلال ضد الأسرى قديمة ، جديدة ، ولكن الحجة واحدة وهو الذريعة الأمنية ، حيث تقرر إدارة السجون بان هذا السجين خطر ، تقوم بعزله فى زنازين انفرادية ، أو أقسام كاملة للعزل ومن اشهرها عزل الرملة ، وعزل إيشل فى سجن بئر السبع ، وعزل أيلون ، واخيراً سجن جلبوع .

أقسام العزل تفتقر إلى الحياة فلا تدخلها الشمس والهواء ،ولا يوجد بها نوافذ ، ونسبة الرطوبة مرتفعة جداً بها ، كذلك فان دورة المياة توجد داخل الزنزانة ، و تنبعث منها روائح كريهة جداً وتشكل مصدر للفئران والحشرات الضارة التي تسهل الطريق لانتشار الأمراض المعدية ، زنازين العزل ضيقة جداً ، مساحتها مترين / متر ، يوضع فيها أسيرين ويخرجان إلى الفورة معاً ، والأسير الذى لا يريد أن يخرج إلى الفورة يبقى مقيداً فى الزنزانة لحين عودة الأسير رفيقه من الفورة .

فى سجن بئر السبع في النقب يوجد قسم  العزل 6 ( ايشل ) الذي تحتجز فيه سلطات الاحتلال اخطر عدد من الاسرى تتهمهم اسرائيل بتهمة قيادة أعمال المقاومة.

معظم المعتقلين في هذا القسم معزولون في زنازين ضيقة، وبعضهم أمضى في العزل أكثر من أربع سنوات، لا يرى فيها أحدا ،إلا الفئران، والسجان وأي خطأ يرتكبه من وجهة نظر إدارة السجن يعرضه لعقاب مثل حرمانه من الخروج إلى ساحة الفورة والمحظوظ من هؤلاء الأسرى الذي لا يحتجز في العزل يبقى معتقلا فى الغرف، وهي ضيقة جدا واقرب للزنازين، ويحتجز كل أسيرين في غرفة يخرجان معا إلى ساحة الفورة ولا يسمح لجميع الأسرى الخروج معا إلى الساحة كما في السجون الأخرى لمنع التواصل بين الأسرى ، وفي بعض الغرف يحتجز أسير واحد فقط، تنفيذا لسياسة العزل القاسية بحق الأسرى في هذا السجن .

ويصنف الأسرى الخطيرين في هذا السجن،حسب درجة الخطورة، فبعض الأسرى محرومون من زيارة أهلهم لهم بشكل تام مثل الأسير حسن سلامة من غزة ،ومحكوم عليه بالسجن 1175 عام، والأسير احمد يوسف المغربي من مخيم الدهيشة (31 عاما) ومحكوم 18 مؤبدا وممنوع من الزيارة منذ لحظة اعتقاله.

ويعاني الأسرى في هذا السجن من شروط حياة قاسية جداً حيث هناك نقص حاد في كل شيء مثل الأكل والأدوات اللازمة للحياة اليومية ، كذلك يوجد عدد من الأسرى المرضى داخل هذا القسم، ولا تتوفر معلومات كثيرة عن حالة الأسرى في هذا السجن بسبب عزلهم عن العالم الخارجي بشكل تام ،ويتلقى الحراس في السجن تعليمات بانتهاج معاملة قاسية بحق نزلاء هذا القسم .

كذلك تمارس سلطات الاحتلال سياسية نقل الأسرى من سجن إلى آخر في فترات متقاربة وهذا ما تميزت به الفترة السابقة خاصة في فترة الإضراب إمعاناً منها في قمع الأسرى، وذلك لمنع حركة الاحتجاج كالإضراب، وخلق معيقات أمام زيارة الأهالي، مثل أن ينقل معتقل إلى سجن نفحة الصحراوي، وهو من سكان شمال الضفة ، وكذلك غالباً ما يتم نقل الأسرى الذين تأتى على أرقام حساباتهم مبالغ الكنتينة ، وذلك لخلق إرباك فى توزيع الأموال على السجون ، كما تلجأ مديرية السجون إلى عزل بعض المعتقلين في أقسام العزل أو في زنازين انفرادية، ويمنعوا من زيارة الأهل أو الاخـتلاط مع بقية المعتقلين .

الغرامات المالية

زادت سلطات الاحتلال خلال سنوات انتفاضة الأقصى من سياسة فرض الغرامات المالية على الأسرى ، سواء فى المحاكم و خاصة في محكمتي "عوفر" و"سالم" التي تحولت قاعاتها إلى ساحات لنهب أموال الأسرى ، من خلال فرض الغرامات المالية الباهظة عليهم بجانب الأحكام بالسجن ، فلا يكاد يخلو حكم إلا برفقه غرامة مالية قد تصل إلى 10 ألاف شيكل ، الأمر الذي أرهق كاهل عائلاتهم في ظل الأوضاع الاقتصادية المتدهورة في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وكذلك فرض الغرامات المالية داخل أقسام السجون كعقاب للأسرى بحجج واهية ، كإلقاء ورقة في الساحة أو ، ربط حبل داخل الغرفة ، تخصم تلقائياً من أموال الأسرى فى الكنتين .

منع الزيارات :

الآلاف من الأسرى ممنوعين من زيارة ذويهم بحجج أمنية واهية ، ويوجد بين الأسرى من لم يرى أهله منذ 5 او 8 سنوات ، حتى الأقارب من الدرجة الأولى كالأب والأم والزوجة والابن ، حيث تستخدم سلطات الاحتلال هذا الأسلوب لعقاب الأسرى والضغط على نفسياتهم .

والأهل المسموح لهم بالزيارة يواجهون إجراءات أمنية معقدة للوصول إلى أبنائهم ورؤيتهم لمدة قصيرة ، مع وجود الحاجز الزجاجي الذي يمنع الأسير من ملامسه أصابع أبنائه ،وذويه وسماع صوتهم بشكل واضح .

على حاجز ايرز يتم حجز أهالي الأسرى لساعات طويلة بحجة التفتيش ، وكذلك على أبواب السجن ينتظرون لساعات طويلة حتى يسم لهم بالدخول وأحياناً يمنعوا من الزيارة ويعودوا إلى بيوتهم دون رؤية أبنائهم ، هذا عد عن الحواجز المنتشرة على جميع شوارع الوطن والتي يعيق الاحتلال من خلالها تحرك المواطنين لفترات طويلة ويتعرضون أحياناً لإطلاق النار .

 اقتحام غرف الأسرى والتفتيش العاري ومصادرة الممتلكات الشخصية:

 يعانى المعتقلون في السجون الإسرائيلية يومياً من سياسة  التفتيش العاري عند الخروج أو العودة إلى السجن ،وقد طالب الأسرى ضمن إضرابهم الأخير عن الطعام بوقف تلك السياسة المهينة إلا أن إدارات السجون لا زالت مصرة على الاستمرار في سياسة التفتيش العاري كذلك فهي مستمرة في عمليات اقتحام غرف الأسرى ، بحجة التفتيش وخاصة بعد منتصف الليل ، ويتم خلال عمليات الاقتحام مصادرة الأدوات والأغراض الخاصة بالمعتقلين، مثل الملاعق والدفاتر وصور أقاربهم والرسائل الخاصة ، ذلك بعكس ما دعت إليه المادة (43) من القواعد النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء { من اتخاذ التدابير اللازمة للإبقاء على أشياء السجين وثيابه ونقوده وغيرها من متاع في حالة جيدة، وأن تسجل في كشوفات وتوضع في حرز أمين}. 

الحرمان من التعليم:

لا زالت سلطات الاحتلال تمنع الأسرى والمعتقلين من حقهم في إكمال تعليمهم في الجامعات الفلسطينية، حيث لا تسمح للأسرى سوى بالالتحاق بالجامعة العبرية ، وكذلك تضع العراقيل أمام الكثير من الأسرى وتحول دون إمكانية مواصلة تعليمهم فى الجامعة العبرية ، ودون إدخال الكتب اللازمة لمواصلة تعليمهم  .

الأسرى القدامى

 الأسرى القدامى اسم يطلق على الأسرى الذين اعتقلوا منذ ما قبل اتفاق أوسلوا في عام 1994 ولا وزالوا معتقلين لحتى الآن ، ويبلغ عددهم 369  معتقل ، منهم 6 امضوا أكثر من 25 عاماً في السجون ،وهم : سعيد وجيه العتبة من نابلس ، ونائل صالح برغوثي من رام الله ، وفخري عصفور البرغوثي من رام الله ،و سمير سامي  قنطار من لبنان ، وأكرم عبد العزيز منصور من قلقيلية ، ومحمد إبراهيم ابوعلى من الخليل ، وهناك 26 أسير امضوا أكثر من 20 عاماً في السجون وأقل من 25 عاماً ، وترفض سلطات الاحتلال إطلاق سراح الاسرى القدامى بحجة ان أياديهم ملطخة بالدم ويبلغ إجمالي من أمضوا أكثر من عشرين عاماً ( 32 أسير ). 

ولا زالت المعاناة متواصلة

هذا جزء مما يتعرض له أسرانا وأسيراتنا في السجون و المعتقلات الإسرائيلية من انتهاكات طالت إنسانيتهم وكرامتهم وحقوقهم ، في ظل صمت عالمي رهيب تجاه تلك التجاوزات ، التي فاقت الحد ، وتخطت المسموح به ، هؤلاء الاسرى الذين ضحوا وما زالوا يضحون من أجلنا ومن اجل حريتنا فحري بنا ان نواصل النضال من أجلهم ومن اجل ان ينعموا بحريتهم وان يتنسموا عبير الوطن الذى ناضلوا من أجله، وأن يشاركوا شعبهم  بأفراحه ويستمتعون  الانتصار .

فالأسرى هم بوصلة الهدوء والاستقرار فى المنطقة ، وعلى المجتمع الدولي الذى ينادى بالسلام والهدوء ان يعمل بشكل جاد وحقيقي من اجل إطلاق سراح كافة الأسرى وخاصة الأسرى من سكان قطاع غزة وشمال الضفة هذه المناطق التي ستنسحب منها قوات الاحتلال ، وكذلك الأسرى القدامى الذين اعتقلوا قبل العام 1994م  .

إصدار /

وزارة شؤون الاسرى والمحررين