حرمت من زيارته طوال 12 عاما..

الأم مريم شقير لفظت انفاسها الاخيرة وهي تتمنى رؤية ولدها الاسير المحكوم بالسجن مدى الحياة

 

كتب علي سمودي – 23 آب 2008

نعت مؤسسة مانديلا لرعاية شؤون الاسرى والمعتقلين الام الفلسطينية المناضلة مريم عزات فارس شقير والدة الاسير العفو مصباح شقير التي توفيت في منزلها في قرية الزاوية قضاء سلفيت اثر معاناة قاسية نجمت عن حرمانها من زيارة ابنها القابع في سجن جلبوع منذ 12 عاما.

وفي تصريح خاص قالت المحامية بثينة دقماق رئيسة مؤسسة مانديلا ان الوالدة شقير عاشت طوال الستوات الماضية لحظات عصيبة جراء رفض سلطات الاحتلال منحها تصريح لزيارة ابنها تارة بذريعة الحجج الامنية واخرى لعدم وجود صلة قرابة رغم انها قدمت لسلطات الاحتلال كافة المستندات والوثائق التي تؤكد انه ابنها الاكبر ولكن بقرار من المخابرات الاسرائيلية استمر حرمانها من زيارة ابنها كجزء من سياسة العقاب التي تعرضت لها الاسرة منذ اعتقال العفو في عام 1986 مضيفة ان هذه السياسة تشكل معاناة قاسية لعائلات الاسرى التي تدفع الثمن غاليا كما حدث مع الوالدة مريم التي لفظت انفاسها الاخيرة وهي تتمنى رؤية وعناق فلذة كبدها.

لحظات الحزن والالم..

وعاشت عائلة شقير واهالي قرية الزاوية لحظات من الحزن والالم في وداع الام المناضلة ام العفو بعدما رفضت سلطات الاحتلال كما يقول حفيدها مصباح نجل المعتقل العفو السماح لوالده بالمشاركة في القاء نظرة الوداع الاخيرة على جثامنها والمشاركة في تشييع جثامنها واضاف بعد وفاة جدتي التي كانت تبكي ليل نهار من شدة شوقها وحبها لابي اخرنا دفنها وتوجهنا لوزارة شؤون الاسرى وعدة مؤسسات لمساعدتنا على الحصول على تصريح خاص بالافراج عن والدي لساعات ليودع والدته بعد موتها وهو الذي حرم من عناقها او رؤيتها حية ولكن سلطات الاحتلال رفضت مما سبب لنا صدمة بالغة وحزن كبير ومضاعف على رحيلها وحرمان الاحتلال لنا من تحقيق امنيتها الاخيرة في ان يشارك ابي في وداعها وقالت دقماق ان مانديلا وعدة مؤسسات حاولت الضغط على ادارة السجون للسماح للاسير العفو في وداع والدته ولكنها رفضت بذريعة الاجراءات الامنية السلاح الذي تستخدمه لعقاب الاسرى وذويهم بشكل دائم.

الكلمات الاخيرة..

وعاشت الوالدة مريم التي تجاوزت العقد السادس لحظات عصيبة في الايام الاخيرة من عمرها كما يروي ولدها سرور بعدما اصيبت بجلظة من شدة حزنها وبكائها الدائم ورفض الاحتلال المستمر للسماح لها  بزيارة العفو وكانت رغم مرضها الشديد لا تتوقف عن ذكره والسؤال عنه والدعاء لله ان يصبره ويفرج كربه ويفك قيده ويضيف والدموع تنهمر من عينيه بغزارة حتى في مرضها وهي تشعر بانها ستفارق الدنيا كان حديثها الاول والاخير عن العفو الذي حرمت من رؤيته طوال ال 12 عاما الماضية وما يحزنني انها كانت تقول لي سلم علي العفو واطلب منه ان يسامحني لاني لم اتمكن من زيارته.

"فحتي اللحظات الاخيرة والنفس الاخير، يقول سرور، وهي تلفظ اسم العفو وترضى عليه، وكان حزننا اكبر عندما رفضت قوات الاحتلال منحه آخر فرصة لرؤية والدتنا التي عانت بمرارة طوال السنوات الماضية وهي تتنقل على ابواب الصليب الاحمر ومانديلا وغيرها من المؤسسات باذلة كل جهد مستطاع لكسر قرار منع زيارتها والذي لم يكن مبررا.. فرغم اعتقال العفو والحكم عليه بالسجن المؤبد مدى الحياة حرمونا جميعا من زيارته فانا واخي راضي واخي فرح ممنوعين ايضا من زيارته منذ عشرة اعوام وهذه اكبر عقوبة لنا ولاخي الذي يحرم من عائلته".

عقاب الاسرة..

قرار المنع والعقاب الاسرائيلي كما يقول نجل الاسير مصباح شمله وشقيقه مدحت فمنذ عشر سنوات هناك قرار دائم بمنعنا من الزيارة وحتى والدتي احيانا تمنع من زيارته وفي مرات عديدة عندما ينتهي تصريح الزيارة وتذهب لتجديده يقولون لنا ان التصريح الجديد مرفوض تارة بسب الامن والاخرى لعدم وجود صلة قرابة ويضيف قبل عدة سنوات حصلت جدتي رحمها الله على تصريح لزيارة ابي عندما كان في عسقلان وبعدما وصلت وتكبدت معاناة السفر والتفتيش والاجراءات الامنية القاسية لم يتحقق حلهما فقد احتجزت ومزقوا تصريحها وحرموها من الزيارة.

 ووسط الدموع والاحزان قال الحفيد مصباح عندما اعتقل والدي كنت ابلغ من العمر عام ونصف ولم ازوره سوى مرات محدودة في صغري وتمكنت من معرفته من احاديث جدتي عنه التي كانت تخفف من حزني واخي مدحت الذي كان يبلغ من العمر لدى اعتقال والدي شهر ونصف لكن المحزن المبكي ان جدتي رحلت حزينه متالمة باكية على حرمانها ابنها وتركتنا نبكي وحدنا ونتجرع مرارة الالم والحياة القاسية مرتين الاولى على رحيلها وامنيتها الوحيدة زيارته وعناقه فلن يتمكن احد من التخفيف عنا مثلها  والثانية على حرماننا والدنا الذي يغتصب السجن سنوات عمره وشبابه فاي مصيبة اكبر من ان يموت المرء وهو عاجز عن تحقيق ابسط امانيه.

واكدت دقماق ان مأساة عائلة الاسير شقير تشكل نموذجا لمعاناة مئات العائلات الفلسطينية التي تتجرع مرارة العذاب الناجم عن سياسة واجراءات الاحتلال التعسفية بحق الاسرى واسرهم والمنافية لكافة الاعراف والقوانين الدولية والتي ينبغي اثارتها لمنع تكرارها فلا يوجد قانون يمنع الام من زيارة ابنها او يحرم الاسير وداع والدته في مماتها سوى قانون الاحتلال الذي يجب محاربته والعمل على تغييره لمنع مثل هذه المآسي.