النص الحرفي لكلمة قراقع أأمام مؤتمر الأمم المتحدة حول الأسرى في فينا
قراقع في كلمته أمام مؤتمر الأمم المتحدة حول الأسرى في فينا
الدفاع عن الأسرى هو دفاع عن الإنسانية جمعاء
وفيما يلي نص الكلمة التي ألقاها الوزير عيسى قراقع أمام المؤتمر في مقر الأمم المتحدة في فينا
السيد ماكسويل جيلا رد ممثل الأمين العام للأمم المتحدة المحترم
السيد عبد السلام ديالو رئيس اللجنة المعنية بممارسة الشعب الفلسطيني لحقوقه غير القابلة للتصرف المحترم
السيد محمد أبو العينين رئيس جمعية البرلمانيين في حوض المتوسط المحترم
السيدات والسادة الكرام
بداية أنقل لكم تحيات السيد محمود عباس أبو مازن رئيس اللجنة التنفيذية ل م . ت . ف وتقديره وشكره الجزيل لكم على تنظيم هذا المؤتمر الهام تحت راية الأمم المتحدة متمنيا لكم النجاح والتوفيق على طريق الحرية والسلام والعدالة الإنسانية وإنهاء أطول احتلال في التاريخ المعاصر لشعبنا العربي الفلسطيني ليعيش في دولته المستقلة بكرامة وحرية كغيره من شعوب الأرض.
كما وأنقل لكم تحيات و شكر دولة رئيس الوزراء الفلسطيني الدكتور سلام فياض الذي يتطلع معكم إلى تحقيق العدالة الدولية وإنقاذ الشعب الفلسطيني وأسراه من طغيان الاحتلال وانتهاكاته المتواصلة والمتصاعدة لحقوقه الإنسانية.
تحيات شعبنا الفلسطيني في الوطن والشتات لكم وتحيات أهالي الأسرى ، والأسرى والأسيرات القابعين في سجون ومعتقلات الاحتلال الإسرائيلي ، والذين ينظرون إلى مؤتمركم بكل اهتمام وترقب ، كخطوة جدية وبارقة أمل لإنهاء معاملتهم القاسية، وتوفير الحماية القانونية والإنسانية لهم ، والدعم باتجاه البحث عن آليات لإطلاق سراحهم من سجون الاحتلال.
أتوجه بالشكر الجزيل إلى رئيس وأعضاء اللجنة المعنية بممارسة الشعب الفلسطيني لحقوقه غير القابلة للتصرف على تنظيم هذا المؤتمر ، وإعطاء هذه المساحة وفي هذا الوقت لقضية الأسرى المعتقلين في السجون الإسرائيلية ، وبتسليط الضوء على أوضاعهم وما يتعرضون له من ممارسات لا إنسانية تنتهك قرارات الأمم المتحدة وكافة الاتفاقيات والمواثيق الدولية والإنسانية ، وهذا ليس بجديد على دور اللجنة ومواقفها الدائمة والواضحة في نصرة العدالة ودعم حقوق شعبنا الفلسطيني المشروعة.
أود أن أشير إن تنظيم اللجنة لهذا المؤتمر حول الأسرى يضع قضيتهم على جدول إعمالها واهتماماتها إلى جانب القضايا المصيرية الأخرى كالقدس والحدود واللاجئين والمياه، واعتبارها قضية مركزية ومحكا عمليا وفعليا لتحقيق وبناء السلام العادل في المنطقة ومفصلا رئيسيا من مفاصل التسوية والصراع.
السيدات والسادة
في القرن الواحد والعشرين ، وفي عصر العدالة والعولمة والديمقراطية وحقوق الإنسان وسيادة القانون ، وفي وقت تنتفض فيه الشعوب المعذبة ضد الدكتاتوريات والأنظمة البوليسية والقمعية ، في سبيل أن تحيى بكرامة وحرية وتحترم إنسانيتها وحقها في العيش دون خوف وقيود وسجون وملاحقات وإرهاب.
في هذا الوقت تتصاعد وتتنامى موجة التطرف الديني والعنصري في إسرائيل ، والمشحونة بالكراهية للآخرين والدعوة إلى قتلهم ، كما جاء مؤخرا في الفتوى الدينية الصادرة عن كبار الحاخامات في إسرائيل والتي نشرت في صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية بيوم 16-1-2011 ، وتدعو إلى إقامة معسكرات إبادة للفلسطينيين ، واعتبار هذه الفتوى فريضة شرعية ، وما سبق ذلك من مواقف وفتاوى متطرفة وتحريضية كتصريح رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق ووزير الجيش الحالي أيهود باراك عام 1999 الذي قال فيه: دعوا الأسرى يتعفنوا في السجن ، وكذلك قول اسحق هنغبي عام 2004 (دعهم يموتون).
في هذا الجو الفكري والثقافي المتطرف في المجتمع الإسرائيلي يتجرأ الجنود والمجندات الإسرائيليات علنا وبالبث الحي والمباشر بنشر صورهم على المواقع الإلكترونية ووسائل الإعلام وهم يستمتعون ويرقصون إلى جانب أسرى وأسيرات مقيدين الأيدي ومعصوبين الأعين وفي أوضاع قاسية ومهينة في مراكز التوقيف والاعتقال كتلك الصور التي نشرتها المجندة الإسرائيلية (إيدن بارجيل) على موقع الفيسبوك ، في أواخر العام الماضي ، ولتتوالى بعد ذلك صورا لجنود يتعاملون مع الأسرى كأنهم أقل من البشر وتصويرهم كغنائم صيد، وأداة للتعذيب والتسلية والاستمتاع.
إن مؤتمركم ينعقد في هذه الأجواء التي يسير فيها المجتمع الإسرائيلي نحو العنصرية والتطرف ، ويتجرد من أي بعد أخلاقي وأنساني ، بل تتحول دولة إسرائيل إلى دولة إسبارطية ، دولة مشهد عسكري ومخابراتي.
ولهذا فإن أمام مؤتمركم مهمات تتجاوز حدود أوراق العمل المقررة ، وهي مهمة ثقافية وتربوية لمواجهة أفكار ومفاهيم العدوان والإبادة المتنامية في المجتمع الإسرائيلي وفضح الإدعاءات الإسرائيلية عما يسمى طهارة السلاح والجيش الأكثر أخلاقية في العالم.
وأستطيع القول أن الأوضاع الصعبة والمتردية التي يعيشها الأسرى داخل سجون الاحتلال أحد أسبابها الرئيسية هي النزعة العسكراتية والتربية القومية المتطرفة في المجتمع الإسرائيلي والتي تعكس نفسها على معاملة الأسرى في السجون.
فالسلام والتربية على حقوق الإنسان غائبة عن المدرسة في إسرائيل وعن المناهج التربوية والتعليمية ، ولهذا ستجدون أنفسكم أمام مشاهد مؤلمة تبرز التعامل الإسرائيلي مع الأسرى وكأنهم ليسوا بشراً.
وعليكم أن تقرأوا شهادات الاعتداء والتنكيل والتعذيب بالمعتقلين على يد الجنود والمحققين وضربهم بالبساطير وإعقاب البنادق ، واستخدام الكلاب المتوحشة والصعقات الكهربائية وإجبارهم على التعري و القرفصة وتقليد أصوات الحيوانات وإجبارهم على ترديد نشيد (هاتيكفا) الإسرائيلي ، وشرب البول أو الماء الساخن ، وشد القيود ، وتهديدهم بالاعتداء الجنسي وخاصةً الأسرى الأطفال وغيرها من الأساليب التي تدل على مدى الانحدار الخلقي والمهني والثقافي لدى المؤسسة الحاكمة في إسرائيل.
و في هذه المعركة الإنسانية – الثقافية من المفيد أن تقرأوا شهادات جنود الاحتلال في الكتاب الذي ألفه الكاتب الإسرائيلي (يهودا شاؤول) بعنوان كسر الصمت والذي يروي فيه سلوك جنود الجيش الإسرائيلي مع الشعب الفلسطيني ومع الأسرى والذي تحول إلى وحش حسب قوله.
و في هذه المعركة الإنسانية – الثقافية من المفيد أن تقرأوا شهادات جنود الاحتلال في الكتاب الذي ألفه الكاتب الإسرائيلي (يهودا شاؤول) بعنوان كسر الصمت والذي يروي فيه سلوك جنود الجيش الإسرائيلي مع الشعب الفلسطيني ومع الأسرى والذي تحول إلى وحش حسب قوله.
كما انه من الأهمية بمكان في هذا المؤتمر أن تواجهوا ما أصدرته الحاخامية العسكرية الإسرائيلية خلال الحرب على غزة، عندما دعت الجيش الإسرائيلي أن يكون أكثر وحشية وأن قتل المدنيين خلال هذه الحرب جائز ، ونشرت ذلك صحيفة هآرتس الإسرائيلية يوم 27-1-2009، وكذلك أن تواجهوا كتاب (توراة الملك) للحاخام الإسرائيلي (يوسف التسور) الذي دعا فيه إلى قتل غير اليهود.
وتذكروا في هذا المؤتمر أن تسألوا دولة إسرائيل وجيشها لماذا أعدمت أسرى بعد اعتقالهم وتكبيلهم، وأطلقت النار على أسرى حملوا الرايات البيضاء خلال الحرب على قطاع غزة واستخدمت السكان المدنيين دروعا بشرية خلال أعمالها العسكرية كما جاء ذلك في تقرير جولدستون.
وكما أن دولة إسرائيل لم تكتف بمعاقبة الأحياء لتعاقب الأموات أيضا عندما تحتجز جاثمين الشهداء في مقابر عسكرية سرية داخل إسرائيل بعضهم محتجزا منذ 30 عاما كالأسير الشهيد أنيس دولة الذي توفي داخل سجن عسقلان عام 1980، وما زال 320 شهيداً محتجزه رفاتهم في مقابر الأرقام العسكرية داخل إسرائيل.
لقد أصبح من الواجب مساءلة قائد كتيبة نحشون الإسرائيلية (دودي أوبرمان) لماذا سمح للجنود بضرب المعتقلين ، ومسائلة المستشار القضائي الإسرائيلي المحامي (شاي نيسان) لماذا اعتبر ضرب المعتقلين الفلسطينيين ليس مخالفة جنائية ، ومسائلة وزير الأمن الإسرائيلي (اسحق هيروفيتش) لماذا يعتقل أطفال القدس القاصرين ويعتبر أن لا حصانة لهم.
السيدات والسادة
نتطلع إلى مؤتمركم كي يدخل الأسرى النص ، ويأخذوا مكانتهم القانونية والإنسانية كأسرى حرية وأسرى حرب حتى لا يظلوا رهينة للأوامر والقوانين العسكرية الإسرائيلية غير الشرعية ، فليست قضية الأسرى قضية فلسطينيين فحسب ، بل هي قضية المجتمع الإنساني بأسره ، وعليه أن يتحمل مسؤولياته وأن يقوم بدوره في توفير الحماية الإنسانية والقانونية للأسرى.
وإنني أعبر في هذا المؤتمر عن قلقي من استمرار حكومة إسرائيل بالتمرد والتنصل من الالتزام بكافة العهود والمواثيق الدولية والقرارات الصادرة عن الأمم المتحدة بما يتعلق بالأسرى الفلسطينيين، واستهتارها بالقيم والمبادئ الإنسانية العالمية، وتحديها للمجتمع الإنساني وتصرفها كدولة فوق القانون.
أعبر عن قلقي حيال هذا الصمت وعدم التدخل الجدي من قبل المجتمع الدولي بكافة مكوناته ومؤسساته أمام استمرار سياسة التعذيب بأساليب محرمة دوليا بحق الأسرى صغيرا وكبيرا وانتزاع الاعترافات منهم تحت الضغط والتهديد وحرمان 90% منهم من لقاء المحامين بما ينتهك نصوص اتفاقية مناهضة التعذيب، واستمرار استخدامها للتعذيب وتشريعه بقرارات حكومية وقضائية.
لقد نشرت وثيقة إسرائيلية رسمية أعدها جهاز الأمن الإسرائيلي بتاريخ24-11-2008 كشف فيها إباحة المحققين الإسرائيليين استخدام وسائل تعذيب جسدي ونفسي ضد المعتقلين ، بما في ذلك اعتقال ذويهم للضغط عليهم حسب اعتراف رئيس شعبة التحقيقات في جهاز الأمن الإسرائيلي.
أعبر عن قلقي من تدهور الوضع الصحي للأسرى المرضى والمعاقين والمشلولين القابعين في السجون في ظل سياسة إهمال طبي متعمدة وعدم تقديم العلاج اللازم للمرضى ، والمماطلة في إجراء العمليات الجراحية والاكتفاء بإعطائهم المسكنات وعدم السماح لهم بإدخال الأدوية والأطباء والأجهزة الطبية المساعدة ، بما يخالف اتفاقيات جينيف الثالثة والرابعة التي كفلت حق العلاج والرعاية الطبية وتوفير الأدوية المناسبة للأسرى المرضى وإجراء الفحوصات الطبية الدورية لهم.
يوجد أسرى في السجون مصابين بالسرطان كالأسير أحمد النجار وأسرى معاقين في أوضاع بائسة كالأسير منصور موقدة وأشرف أبو ذريع وخالد الشاويش وناهض الأقرع، وأسرى مصابين بأورام خبيثة كالأسير أكرم منصور ، وأسرى فاقدي الذاكرة كالأسير جهاد أبو هينة وزياد سيلاوي وغيرهم من الأسرى المصابين بأمراض نفسية لا تتوفر لهم العناية الملائمة.
وبهذا الصدد فأنني أضع علامة استفهام عن أسباب تصاعد الحالات المرضية داخل السجون وخاصة بعد اعتراف عضو الكنيست الإسرائيلي ورئيسة لجنة العلوم البرلمانية سابقا في إسرائيل داليا إيتسك عام 1997 ، بان ألف تجربة طبية أجريت على المعتقلين داخل السجون بشكل سري ، وهناك أرضية قوية للاعتقاد أن هذا مستمر.
ومن على منبر هذا المؤتمر فإنني أدعو إلى الضغط لتنفيذ قرار الجمعية العمومية لمنظمة الصحة العالمية الصادر في مايو 2010 القاضي بإرسال بعثة تقصي حقائق بمشاركة الصليب الأحمر الدولي حول تدهور الوضع الصحي للأسرى في السجون، وأذكر هنا أن 26% من مجموع شهداء الحركة الأسيرة البالغ عددهم 202 قد سقطوا جراء الإهمال الطبي.
إنني أعبر عن قلقي من استمرار إسرائيل باعتقال الأطفال القاصرين والتنكيل بهم وتعذيبهم وتخويفهم وانتزاع اعترافات منهم تحت الضغط والتهديد واستخدام أساليب لا أخلاقية في التعامل معهم ، حيث يوجد الآن في سجون الاحتلال 225 طفلا قاصرا من بينهم 187 أسيرا أعمارهم ما بين 16 – 18 عاما ، و 38 أسيرا أعمارهم أقل من 16 عاما.
وتخالف دولة إسرائيل الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان تحديدا اتفاقية حقوق الطفل ، إذ تعتبر القوانين الإسرائيلية أن الفلسطينيين حتى سن 16 عاما هم قاصررون وأن الفلسطينيين ما بين 16 و 18 عاما هم بالغون ويحاكمون على هذا الأساس ، فضلا عن أن المعتقل يعتمد عمره يوم تقديمه إلى المحكمة وليس يوم اعتقاله وعادة تكون الفترة ما بين الاعتقال والمحاكمة طويلة، إضافة إلى عدم التزامها بتوفير ضمانات قضائية مناسبة لاعتقال الأطفال ومحاكمتهم ،وقد وصل الأمر أن اعتقلت حكومة إسرائيل أطفالا بسن 7 سنوات، وأورد هنا ما كشفه تقرير صادر عن منظمة متطوعين لحقوق الإنسان في إسرائيل من أن المدة التي تستغرقها المحاكم العسكرية الإسرائيلية لتمديد اعتقال الفلسطيني وخاصة الأطفال تستغرق ثلاث دقائق وأربعة ثوان.
وفي السنوات الأخيرة برزت ظاهرة اعتقال الأطفال في المستوطنات الإسرائيلية واستجوابهم وتعذيبهم فيها بعيدا عن رقابة المحامين والصليب الأحمر الدولي.
وبتصاعد الموقف إزاء الأطفال من خلال فرض الإقامات المنزلية عليهم وإبعادهم عن أماكن سكناهم وخاصة في منطقة القدس والخليل ورام الله ، وقد فرضت اقامات منزلية على 65 طفلا في القدس وطفل واحد في الخليل ، بينما تم إبعاد 20 طفلا من القدس عن أماكن سكناهم.
إنني أعبر عن قلقي من استمرار سياسة الاعتقالات الإدارية التعسفية وتجديد هذا الاعتقال لسنوات عديدة، دون تهمة أو محاكمة عادلة، وما زال يقبع في سجون الاحتلال 250 معتقلا إداريا ومن بينهم 3 أسيرات فلسطينيات، وقد بلغ مجموع أوامر الاعتقال الإداري منذ عام 2000، 20 ألف أمر اعتقالي.
إنني أعبر عن قلقي من حرمان المئات من عائلات الأسرى من زيارة أبنائهم في السجون ، دون أسباب قانونية وإنسانية مما يشكل خرقا فاضحا لنص المادة 116 من اتفاقية جينيف الرابعة والتي تسمح لكل أسير باستقبال زائريه على فترات منتظمة دون انقطاع وفي الحالات الضرورية العاجلة.
لقد بلغ عدد الحالات الممنوعة من الزيارة من الضفة الغربية والقدس 1200 حالة في حين أن أهالي أسرى قطاع غزة البالغ عددهم 700 أسير محرومين من الزيارات منذ سنوات ، ويشمل المنع، عائلة الأسير من قرابة الدرجة الأولى ، ومما يفاقم هذه المشكلة الخرق المستمر لمعاهدة جنيف الرابعة من خلال احتجاز الأسرى داخل إسرائيل وليس في الأرض المحتلة.
أعبر لكم عن قلقي من سياسة العزل ألإنفرادي بحق 12 أسيرا فلسطينيا فرضت عليهم هذه العقوبة القاسية ، بعضهم يقبع منذ 8 سنوات في زنازين انفرادية تفتقد لكل المقومات الإنسانية ، وما يترك ذلك من تداعيات ومخاطر صحية ونفسية على الأسير ، ومن الأسرى المعزولين أحمد المغربي المعزول منذ 8 سنوات والأسير أحمد سعدات المعزول منذ 3 سنوات وعبد الله البرغوثي المعزول منذ 9 سنوات والأسير محمود عيسى المعزول منذ 9 سنوات وغيرهم.
وهنا لا بد أن أذكر الأسير رائد أبو حماد من القدس الذي قتل في زنزانة العزل ألإنفرادي في سجن بئر السبع في 16-4-2010 حيث كان معزولا لمدة عام ونصف.
السيدات والسادة
يبلغ عدد الأسرى الفلسطينيين الحالي ما يقارب 6000 أسير وأسيرة وهو رقم متحرك متغير باستمرار موزعين على 22 سجنا ومعسكرا ومركز توقيف داخل الأراضي الإسرائيلية مما يخالف المادة 76 من اتفاقية جينيف الرابعة التي تنص على وجوب احترام السلطة القائمة بالاحتلال احتجاز سكان الأراضي في سجون داخل الإقليم المحتل.
ويقضي 130 أسيرا فلسطينيا أكثر من 20 عاما في السجون أقدمهم الأسير نائل البرغوثي وفخري البرغوثي وأكرم منصور ، في حين تتواصل الانتهاكات اللاإنسانية والمعاملة القاسية بحق الأسرى في سجون الاحتلال كالاعتداء على الأسرى واقتحام غرفهم من قبل قوات قمع خاصة وفرض العقوبات القاسية عليهم كعقوبة الغرامات المالية والحرمان من التعليم ومن الزيارات وغيرها واستخدام هذه الغرامات للصرف على الجيش والقضاء العسكري وليس على تحسين ظروف المعتقلين.
ويقبع في السجون الإسرائيلية نواب من المجلس التشريعي جرى اعتقالهم بطريقة تعسفية وغير قانونية كالأسير مروان البرغوثي وحسن يوسف وأحمد سعدات وجمال الطيراوي وغيرهم.
وأستطيع أن أقول أن حربا صامتة تجري على أجساد الأسرى هناك في ظلام السجون والمعتقلات ، وتجد غطاءا لها من جهاز القضاء الإسرائيلي الذي يفتقد لإجراءات القضاء العادلة ويصدر أحكام تعسفية وعنصرية بحق المعتقلين الفلسطينيين ، وأن هذه الحرب مستمرة وأصبحت تحمل أبعادا خطيرة من خلال سلسلة من القوانين والتشريعات التي تسلب الأسرى كافة حقوقهم الإنسانية وتمس كرامتهم ، وهذه القوانين هي : قانون شاليط الذي يسمح بحرمان الأسرى من الزيارات ، والسماح بعزلهم بشكل مفتوح، ومشروع قانون حرمان الأسير من الالتقاء بالمحامي لمدة ست شهور ، وقانون المقاتل غير الشرعي الذي يسمح باحتجاز الأسير مدة مفتوحة بدون محاكمة واستخدامه كرهينة للمقايضة وقانون الشاباك لعام 2004 الذي يجيز تعذيب المعتقلين واعتبارهم قنابل موقوتة ويوفر الحماية للمحققين من المسائلة والملاحقة. وغني عن التذكير أن هذه الأوامر والقوانين غير شرعية وتخالف ما نصت عليه اتفاقية جنيف الرابعة التي تحظر على الدولة القائمة بالاحتلال تغيير القوانين والتشريعات السارية قبل وقوع الاحتلال.
لا شك أن الاستخفاف والاستهتار الإسرائيلي بوضع الأسرى ، وتغاضي المحتل الإسرائيلي عن تنفيذ وتلبية حقوق المعتقلين على اختلافها وتنصله المتواصل من تطبيق القانون الدولي الإنساني والاتفاقيات الدولية على الأسرى ، كل هذا سيزيد الوضع خطورة يوما بعد يوم ، مما يتطلب بلورة إستراتيجية قانونية لتوفير حماية للأسرى تضع حدا لاستمرار التعاطي معهم كأرقام وأشباح أو أداة للابتزاز والمقايضة ورهائن لقوانينها وتشريعاتها الداخلية.
السيدات والسادة
وهنا لا بد من التأكيد أن هذه الممارسات الإسرائيلية سالفة الذكر إنما تعتبر من الانتهاكات الجسيمة لقواعد القانون الدولي الإنساني بموجب المادة 147 من اتفاقية جنيف الرابعة، والتي ترتقي في كثير من الأحيان إلى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية والتي تستوجب استناداً للمادة 146 من ذات الاتفاقية تفعيل الملاحقة الجزائية الدولية وفقاً للولاية العالمية، وهذه مسؤولية دولية عامة وفي ذات الوقت هي مسؤولية خصوصاً على الأطراف السامية المتعاقدة في اتفاقيات جنيف وذلك تحقيقاً لمسؤولياتهم التي نصت عليها المادة الأولى المشتركة في الاتفاقيات الأربعة لعام 1949.
ولهذا فإننا نتطلع إلى مؤتمركم أن يدعم قرار قيادة م. ت . ف وقيادة السلطة الفلسطينية ومؤسسات المجتمع وحقوق الإنسان بالتوجه إلى الجمعية العمومية للأمم المتحدة بطلب إصدار قرار يطلب فيه من المحكمة الدولية رأي استشاري يحدد المركز القانوني للمعتقلين والمحتجزين الفلسطينيين لدى دولة الاحتلال ، وتحديد طبيعة المسؤولية القانونية التي تفرضها قواعد القانون الدولي على المحتل في هذا الشأن وعلى الطرف الثالث.
وقد تبنى مجلس جامعة الدول العربية هذا التوجه في اجتماعه غير العادي الذي عقد في القاهرة بتاريخ 14-11-2009، وتبناه المؤتمر الدولي الأول لنصرة الأسرى الفلسطينيين والعرب الذي عقد في مدينة أريحا بفلسطين بتاريخ 24-11-2009 بالشراكة مع مؤسسات حقوق الإنسان الفلسطينية والعربية والدولية
إننا نرى دعمكم بالتوجه لاستصدار فتوى من محكمة العدل الدولية حول المكانة القانونية للأسرى في سجون الاحتلال قد بات ضروريا لحسم الجدل القانوني حول الكثير من القضايا المتعلقة بالمعتقلين الفلسطينيين.
إن أهمية ذلك تكمن في وضع حد لاستمرار رفض حكومة الاحتلال الإسرائيلي الالتزام بمئات القرارات التي صدرت عن الجمعية العامة للأمم المتحدة بشأن الأسرى، وعدم التزامها بتطبيق اتفاقية جينيف الرابعة والثالثة على الأسرى والمعتقلين ، وتعاطيها معهم كمجرمين وإرهابيين ووفق قوانينها العسكرية الداخلية واملاءاتها الأمنية والسياسية.
لقد أصبح الواجب على الجميع كسر العزلة عن الأسرى الفلسطينيين وتحديد مركزهم القانوني وما لهم من حقوق بموجب القوانين الدولية والإنسانية وعدم تركهم فريسة لإملاء القوة الإسرائيلية ومفاهيمها القائمة على عدم الاعتراف بمشروعية نضالهم ضد الاحتلال.
إن قرارات الأمم المتحدة سواء ما يتعلق منها بحق الشعوب في تقرير مصيرها بوجه عام أو ما يتعلق منها خصيصا بالشعب الفلسطيني وحقه في تقرير المصير ، أجازت للشعب الفلسطيني مشروعية مقاومته الاحتلال، ومن ثم يحق لكل من يشارك في مقاومة المحتل اكتساب وصف المحارب القانوني و أسير حرب في حال وقوعه في قبضة المحتل.
ويكتسب التوجه لاستصدار فتوى من المحكمة الدولية أهمية بالغة خصوصا وأن مقاومة الفلسطينيين قد تطول وتتواصل جراء التعنت والإصرار الإسرائيلي على عدم الاعتراف بحقهم في تقرير المصير ، وإصراره على تهويد وضم واستيطان الأراضي المحتلة واستباحتها أمام مستوطنيه، لهذا نرى ضرورة التوجه لمحكمة العدل الدولية من خلال الجمعية العامة وتوجيه سؤال قانوني لها حول المركز القانوني لهؤلاء المعتقلين ومن منهم ينطبق عليه وصف أسير الحرب وما هي القوانين الواجبة التطبيق لحماية حقوقهم.
وإنني أعتقد أن الفتوى ستشكل فرصة جيدة للضغط على الدول الأطراف في اتفاقيات جنيف لعقد مؤتمر لها لبحث ضمن مواضيع أخرى موضوع المعتقلين الفلسطينيين وحقوقهم وطبيعة الالتزامات القانونية الناشئة على عاتق المحتل الإسرائيلي بشأنهم ، ودور والتزامات الدول الأطراف بمواجهة الانتهاكات والخروق الإسرائيلية لحقوق المعتقلين.
وستشكل الفتوى فرصة لتفعيل حضور موضوع المعتقلين على صعيد الجمعية العامة للأمم المتحدة ، وفرصة لرفع دعاوى قانونية أمام المحاكم الداخلية للدول التي قبلت بفتح ولايتها القضائية أمام هذه القضايا.
السيدات والسادة
لقد اختار شعبنا الفلسطيني طريق السلام القائم على العدل والمساواة والعيش المتكافئ والمشترك ووفق ما نصت عليه المرجعيات والشرعية الدولية، ولكن حكومة إسرائيل رفضت هذا السلام وأمعنت من خلال ممارساتها على ارض الواقع في تكريس وتعميق سلطة الاحتلال وتحويل حياة الفلسطينيين إلى جحيم لا يطاق، وتحويل ارض فلسطين إلى جيوب ومغازل يقطع أوصالها جدار الفصل العنصري والمستوطنات والحواجز العسكرية واستمرار انتهاكاتها لحقوق الإنسان الفلسطيني بما فيهم الأسرى والأسيرات القابعين في السجون الإسرائيلية، مما يتطلب موقفا دوليا حازما لحماية حقوق شعبنا وانقاذة من براثن هذا الاحتلال الذي لم يعد عدوا فقط لشعب فلسطين وإنما عدوا للإنسانية جمعاء، بما يشكل تهديدا خطيرا على القيم والمفاهيم والمبادئ الإنسانية السامية التي تركز في مجملها على حق الإنسان أن يحيا بكرامة وسيادة وحرية على أرضه وفي وطنه وليس عبدا أو مضطهدا أو ذليلا أو ملاحقا في زمن انتهى فيه عصر العبيد.
إن تقاعس المجتمع الدولي عن القيام بمسؤلياته الأخلاقية والقانونية تعتبره إسرائيل تشجيعا لها بالاستمرار في ارتكاب جرائمها وانتهاكاتها.
وفي الختام إنني أهيب بكم باسم الإنسانية والمعذبين في الأرض والقانون الدولي الإنساني، الذي يلقى الاحترام في مجتمعاتكم أن تقوموا بدوركم ليس من اجلنا فقط وليس من اجل أن لا نصل إلى حاله نستقبل فيها أسرانا جثثا في توابيت بل من اجل الحفاظ على إنسانيتكم وقراراتكم ومواقفكم وذلك بالعمل على وقف انتهاكات إسرائيل لحقوق شعبنا وخاصة الأسرى والأسيرات تمهيدا للوصول إلى السلام العادل المتمثل بحق شعبنا في تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة ذات السيادة وعاصمتها القدس أسوة بباقي شعوب الأرض .
السيدات والسادة
أشكركم مرة أخرى، متمنياً لمؤتمركم النجاح والتقدم على طريق الحرية لكافة الأسرى والأسيرات من سجون الاحتلال الإسرائيلي، مختتما بما قاله شاعرنا الكبير المرحوم محمود درويش:
" نحن لا نريد أن نكون إبطالا أكثر
ونحن لا نريد أن نكون ضحايا أكثر
نحن لا نريد سوى أن نكون بشرا طبيعيين".
مارس / 2011