أهلا بكم في دولة فلسطين الحرة الديمقراطية الجميلة

 

بقلم عيسى قراقع

وزير شؤون الأسرى والمحررين

19-9-2011

 

أهلا بكم على أرضنا وفي بيوتنا وحقولنا، تحت سماءنا الزرقاء في دولتنا الفلسطينية الحرة الديمقراطية الجميلة بشعبها وبحرها وهواءها النقي من رائحة الموت والحروب.

 

أهلا بكم في دولتنا الفلسطينية بعد أن وضعنا موطأ قدم في ساحة أرضنا المليئة بالضحايا، وحولناه الى شروط حياة صالحة لتأسيس وجودنا الإنساني الحر، فكسرنا الفارق بين الدولة والوطن ليجتمعا معا.

 

أهلا بكم في دولة فلسطين التي أنشئت بقرار من الوعي العالمي بعد أن تحرر من الفارق الخادع بين سلام الردع الإسرائيلي والسلام الحقيقي القائم على العدل والمساواة والتعايش.

 

أهلا بكم في دولتنا الفلسطينية الديمقراطية حيث بدأ طلابنا في مدارسهم يقتنعون بكتابة أسماءهم وأحلامهم على الحجارة ليصير رفا من الحمام يطير عاليا في كل مكان.

 

وبدأوا يقتنعون بعد طول مكابدة أن لهم مقعد في صف مدرسة وداخل نشيد وطني وليس في قبر أو مشاريع لجنازة قادمة.

 

أهلا بكم في دولة فلسطين حيث التعايش الجغرافي بين مدنه وقراه، بلا حواجز عسكرية ولا جدار فصل عنصري، بلا خوف ورعب ومستوطنات، دولة صاغت مشروع حياة مشتركة مع الآخرين على أرض مشتركة ولغد مشترك.

 

دولة فلسطين لشعب فلسطين في حدود الشرعية الدولية، ليس فقط لحل مشكلة الضحية الفلسطيني، وإنما لحل مشكلة الضحية الاسرائيلي الذي تحولت دولته الى دولة بوليسية، دولة جلادين فوق القانون الدولي.

 

أهلا بكم في دولة فلسطين، دولة السلام بعد أن اثبت شعبنا الفلسطيني الجدارة في البقاء والبناء والتمسك بالحياة، واستطاع هذا الشعب أن يصنع مسافة واضحة ليراها الجميع بين مفهوم الاستقلال ومفهوم الاحتلال.

 

دولة سلام وحياة ضد الأساطير والخرافات الإسرائيلية المسلحة الخالية من الشعب الفلسطيني، لا تراه سوى عبدا أو قتيلا أو أسيرا، دولة تحقق الانسجام الطبيعي أيضا مع النفس لمن يواصل الاحتلال.

 

أهلا بكم في دولة فلسطين الشرعية وأنتم تنتصرون لحق المواطنة والوجود، دولة لا تلغي شرعية الآخرين، ولكنها لا تسمح للغرباء والمستوطنين في زرع الكراهية ونهب حقوقنا الوطنية والقومية.

 

دولة الهوية الثقافية والإنسانية الفلسطينية، لا تنفي هوية الآخرين، لها حدودها الطبيعية الواضحة، نقيض دولة الأيدلوجية الإسرائيلية التي لا حدود لها.

 

أهلا بكم في دولة فلسطين الديمقراطية الحرة الجميلة وهي تفتح أبواب هذا السجن وذاك المعسكر ليحل سلام العدالة الدولية، فالسلام ليس سجنا او معسكر اعتقال.

 

دولة فلسطين توفر شروط الحياة الإنسانية لشعبنا، وتقبل التعايش المتكافئ على أرض فلسطين، دولة تحافظ على حضارتها وتواصلها الإنساني ومكانتها، تشهر الأمل في وجه الألم.

 

أهلا بكم في دولة فلسطين التي قررت رغم كل الويلات والمعاناة أن تحول عدونا الى شريك لنا، لنواصل معا و نعيش جيرانا طيبين، لا يفرقنا جدار أو سياج حديدي ، لا عودة الى الوراء.

 

دولة تضع جدا لما هو عنصري في ثقافة وتربية الإسرائيليين، تنتصر فيها الثقافة الإنسانية على ثقافية الغيتو وعشق الحروب، نطور فيها وسائل حضورنا الحي بكرامة ومثابرة.

 

أهلا بكم في دولة فلسطين القادرة على حماية ذاكرة الشعب الفلسطيني الجماعية، وحقه في الدفاع عن وعيه التاريخي وتطوير آليات التعبير عن انتمائه القومي والإنساني، وتعميق ثقافة القانون والديمقراطية والحرية ومفاهيم حقوق الإنسان.

 

دولة تعلن أنها جزء من هذا المحيط العالمي الواسع، تشكل القدس موضع القلب فيه، دولة التسامح والتعددية ، فيها من عناصر القوة الإنسانية الروحية والأخلاقية ما يعيد الى الآخرين رشدهم، ولعملية السلام ما تفتقر إليه من مصداقية وجدية.

 

أهلا بكم في دولة فلسطين وهي تنتصر بكم على الحلم الإسرائيلي الزائف بإقامة دولة طاهرة العرق على حساب تطهير الأرض من شعبها الأصلي، دولة توقف مناهج الإبادة و السيطرة وآخر فصل من فصول الاحتلال.

 

دولة لا تلغي حقها بمطالبة الاحتلال بالاعتراف بوجودها الشرعي، وبما لحق من ظلم تاريخي بشعبها من تهجير وتطهير عرقي عام النكبة 1948.

 

أهلا بكم في دولة فلسطين، الدولة المدنية العصرية الحضارية، صورة أخرى، نقيض دولة الأبرتهايد، ومشاهد المعسكرات وأبراج المراقبة والملاحقة، دولة فلسطين التي  يتحقق فيها الأمان للجميع.

 

دولة فلسطين التي ستقدم المعونة الأخلاقية والثقافية للإسرائيليين كي يتحرروا من عقلية الاحتلال، ومن عقدة الخوف والعسكرة، دولة تملك الشهوة والقدرة والإصرار على تحقيق الحرية والسلام.

 

أهلا بكم في دولتنا الفلسطينية التي تأخذ المقعد 194 مع الدول كاملي العضوية في الأمم المتحدة، لتكون على قدم المساواة مع كل الدول التي لها مكانا لائقا تحت شمس الدنيا، تتفرغ لترميم جروح شعبها مما تعرض له من آلام ومصائب.

 

دولة بلغت سن الرشد وسن الصمود وسن التفوق وسن العودة، تحت راية م ت ف بذاكرة لا تنسى، تواصل النضال من اجل حق تقرير المصير لشعبنا، توقف هيمنة الزمن العبري على المكان، ومشروع الرحيل والمنفى وما يهدد الهوية الوطنية من خطر التلاشي.

 

أهلا بكم في دولة فلسطين وهي تحتفي بعودة أسراها وأسيراتها من سجون الاحتلال، شموع تضيء الظلام، وقيود تسقط عن الأيادي السمراء، لا مؤبد ولا جلاد ولا موت بطيء في الزنازين، شعب حر يسجل سيادته بكبرياء، وقد عاد الى أرض ميعاده ، أرض فلسطين .

 

مقعد للدولة مقعد للحرية والكرامة، ترتفع المكانة الشرعية والقانونية للأسرى في السجون، أسرى حرية ، أسرى حرب وحركة تحرر وطني ، ضحوا من أجل عدالة قضيتهم وانتصار الحق على السيف والظالمين.

دولة الشهداء والأسرى والجرحى والمبعدين ، زغاريد العرس الفلسطيني القادم، وحناء زفاف فلسطين وهي تمتطي فرسها ونشيدها الملحمي، وتعانق فجرا يطل من ساحة الميلاد الى ساحة الإسراء والمعراج.

 

أهلا بكم في دولة فلسطين الحرة الجميلة الديمقراطية.