أم بلال... والدة لأسرى ثلاثة تتذكرهم بحزن وألم عند كل فطور وسحور

 

6-10-2007 -السهل للصحافة- مع موائد الإفطار وروحانيات السحور في شهر رمضان من كل عام تتجدد أحزان عائلات الأسرى الفلسطينيين، وتسترجع ذكرياتها الجميلة مع أبنائها خلال ذلك الشهر، وتتمنى لو أنهم يعودون إلى أحضانهم في هذه الأيام المباركة التي تتميز بلمّ شمل العائلات على مائدة إفطار واحدة.

 عائلات الأسرى في شهر رمضان تعيش من جانبها وسط مشاعر الفراق والاشتياق، ولا يخفف من صعوبة حالتها إلا الأمل باللقاء وحضن الأحبة ولو بعد حين، وتشتد حالة عائلات الأسرى أسى وحزنا، خاصة أن الرسائل التي يبعث بها المعتقلون في الفترة الأخيرة أصبحت تنذر بخطورة أوضاعهم وراء أسوار الاحتلال من الاقتحامات والتفتيش العاري بينما يستصرخون الجميع دون أن يجدوا آذانا صاغية.

والدة لثلاثة أسرى

 

أم بلال دمعت عيناها وهي تعد طعام الإفطار للعائلة، حيث تذكرت أولادها الأسرى الثلاثة هم بلال أكبرهم سنا وعبد الرحيم وعبد الرحمن آخرهم وهم كل ما تملك من سند، فلا يوجد عندها غيرهم من الأبناء تنعم بأمومتها لهم وتفوح رائحتهم العطرة في أرجاء المنزل،   فقد حرمها الاحتلال من مهجة قلبها وريحانة بيتها وزينته، وشتتهم في ثلاث سجون حيث تقضي الشهر بأكمله وهي تبحث عنهم من سجن إلى سجن لزيارتهم.

أم بلال قالت وحول ذكرياتها مع أبنائها في رمضان  كانوا لا يفارقوني، كان في  كل يوم من رمضان يملئون البيت، ويذهبوا للصلاة معا، ويفطروا ويتسحروا معا وهم الآن في السجن   معا، ولكن أيضا في سجون متفرقة، وأشارت إلى أن أبناءها كانوا يعدون المائدة، ويشيعون في البيت جوا من البهجة.

لحظة أخرى تتذكر بها عائلة الأسرى الثلاثة ابنهم فما إن يعلو صوت المسحراتي ليوقظ الناس للسحور، حتى تجتمع الأسرة على مائدة واحدة، فتبدأ أم بلال تتذكر أولادها الثلاثة  الذين جلس ذات يوم قبالتها يتناولون الإفطار، وتدعو لأولادها ولجميع الأسرى بالفرج القريب وإطلاق سراحهم.
أحوال كثيرة لأهالي الأسرى في رمضان، فرغم فرحتهم بهذا الشهر المبارك إلا أن فرحتهم لا يمكن لها أن تكتمل وتبقى  منقوصة إلا عندما يكون أبناء الشعب الفلسطيني الأسرى في أحضان عائلاتهم.

 

اقتحام المنزل الأول

جاء رمضان والأشقاء الثلاثة في السجن حيث الذكريات والشجون والاحزان والآلام ،   ولكل حكاية بداية والبداية كانت مع الابن عبد الرحيم تيسير أنيس شاهين (17 عاما ) حيث كان وقع وقع الاعتقال الأصعب على أم بلال وأبو بلال كونه الأول ولم يكونوا يعرفوا ماهية الاعتقال إلا عبر ما يسمعونه من الناس ولم يسبق لهم خوض تجربة دخول قوات الجيش إلى منزلهم، وقيامهم بتحطيم وتخريب محتويات المنزل بشكل همجي ودون مبرر لذلك، واقتياد نجلهم أمام ناظريهم دون سبب يذكر .
ولعادات الوطن ما هو جيد حيث جرت العادة في قرى سلفيت أن قام أهل وأقرباء وأصدقاء عبد الرحيم بزيارة أم بلال للتخفيف من وقع الاعتقال عليها، والتي كانت صابرة محتسبة عند الله، وتدعو للأسرى بالإفراج العاجل من عند الله عز وجل .
وأقتادت قوى الاحتلال الغاشم عبد الرحيم إلى أقبية التحقيق، حيث خضع مدة شهرين من التحقيق المتواصل دون رحمة أو شفقة، وليحكم عليه الاحتلال بخمس سنوات ونصف السنة بتهمة مساعدة المطارد الشهيد سامر دواهقة والذي قضى شهيدا بعد أن ولغ في دماء الصهاينة  ، وليقضيها الأسير عبد الرحيم متنقلا من سجن إلى سجن .

الكل على الدور

ولا يدع الاحتلال عائلة أم بلال في  حالها ويعاود الاعتقالات واحدا تلو الآخر ليزيد من معاناتها في كل الشهور والسنين، ويعتقل الشقيق الثاني بعد سنة ونصف السنة تقريبا،وبنفس الطريقة الأولى من اقتحام وتخريب للمنزل، وإرهاب الشقيقات الثلاث للأشقاء الثلاثة، ويقوم باعتقال الطالب في جامعة القدس المفتوحة بسلفيت، شقيق عبد الرحيم وهو عبد الرحمن( 18 عاما)، ويخضع للتحقيق المتواصل لمدة شهر في أقبية الاحتلال المعتمة .

وختامهم الأخير

والاحتلال القائم على عقلية الإرهاب والإجرام لا يروق له أن يرى أسرة أبو بلال تنعم بالهدوء والراحة لفترة قليلة، فإنه وبعد أربعة أشهر من اعتقال عبد الرحمن وسنتين من اعتقال عبد الرحيم، تقوم القوات الخاصة تصحبها قوات كبيرة من دوريات الاحتلال باقتحام المنزل للمرة الثالثة والأخيرة حيث لم يتبق في المنزل شباب ليقوموا باعتقالهم، وتعتقل الشقيق الثالث والأكبر بلال.

معاناة بصمت

وهكذا ترك الاحتلال أم بلال شاهين وسط دموعها لفراق فلذات أكبادها، وتركها تدعو لهم دائما بالإفراج العاجل ولجميع الأسرى دون تفرقة بين هذا وذاك فكلهم موحدون والاحتلال هو الذي يفرق بين الأخوة والأهل ليطيل من عمره قبل كنسه لمزابل التاريخ، وتعلم أن السجن لا تطبق أبوابه على أحد وان طال الفراق وطال الزمن، وان الحرية مضجرة وثمنها التضحيات الجسام، ولكن ما آلمها حلول شهر رمضان بما يرافقه من ذكريات فراق الأحباب وخلو منزل العائلة من زهرة الشباب وطيب الرائحة في أرجاء المنزل. هذه حكاية أم بلال كما روتها للصحفي خالد معالي مدير مكتب السهل للصحافة والإعلام وهي حكاية واحدة واحدة من بين عشرات الآلاف الفلسطينيات اللواتي يعانين بصمت.