حاكمه الإحتلال بالأمس ، وهاهو اليوم يلاحق الإحتلال ليحاكمه

*بقلم / نشأت الوحيدي

1-3-2009

 

كنت جالسا أمام التلفاز لأتابع إحدى نشرات الأخبار في إحدى القنوات الفضائية العربية ، فرأيته يتحدث مع إحدى الشخصيات الوافدة لقطاع غزة بغرض مشاهدة وجمع المعلومات أو كما تسمى بتقصي الحقائق ، ولتوثيقها من جانب آخر على طريق ملاحقة ومحاكمة مجرمي الحرب الصهاينة الذين قاموا بارتكاب جرائم حرب بحق الشعب الفلسطيني في العدوان الصهيوني على قطاع غزة والذي استمر لمدة 23 يوما بدءا من ظهر يوم السبت الموافق 27 / 12 / 2008م .

لم تكن هي المرة الأولى التي أشاهده فيها ، بل هو أخ ، وصديق ، وإنسان متميز ، ومناضل من أجل الحرية ، ويشغل الآن منصب نائب مدير المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان ، و حال رؤيتي للمشهد فقد جال في خاطري أن أكتب ولو بضعة من سطور حول هذا المناضل إيمانا مني بالوفاء لأولئك الذين أفنوا زهرات شبابهم في سجون الإحتلال الصهيوني ، وخرجوا منها وهم رافعي الهامة ، ويحملون على أكتافهم هموم شعبهم ، وقضيتهم المقدسة .

إن عنوان هذا التقرير يدور حول الأسير المحرر جبر مطلق ابراهيم  وشاح " أبو فداء " ، وهو من بلدة بيت عفا ، ومن مواليد 13 / 12 / 1950م ، ويحمل شهادة البكالوريوس في العلوم " تخصص فيزياء " حيث أصدرت المحاكم الصهيونية بحقه حكما ظالما " مؤبد " ، وأمضى مدة 5261 يوم والمقدرة ب 14 سنة و3 شهور ، و10 أيام حيث اعتقل من قبل قوات الإحتلال الصهيوني بتاريخ  5 / 6 / 1985م ، ولقد قام الإحتلال أثناء اعتقاله بنقله لعدة سجون  صهيونية منها " سجن غزة المركزي ، وسجن الجلمة ، وسجن عسقلان ، وبئر السبع ، ونفحة " ، وقبل هذا الإعتقال الصهيوني للمناضل جبر وشاح كانت هناك عدة اعتقالات وبدون تقديم لائحة اتهام في الأعوام 69م ، 79م ، مارس 79م –  مايو 79م ، في أواخر يونيو 79م – أكتوبر ، وفي ابريل من العام 85م . ولقد اعتقل الأسير المحرر جبر وشاح نتيجة لتنفيذه عملية فدائية بالقرب من مستشفى النصر بغزة حيث أسفرت العملية عن وقوع قتيل وجرحى بين صفوف دورية صهيونية كانت تمر بالمكان . ولقد خاض الأسير المحرر إلى جانب إخوانه ورفاقه الأسرى والمعتقلين في سجون الإحتلال الصهيوني عدة إضرابات ومنها الإضراب  في شهر ديسمبر من  عام 1985م  والذي نظمه الأسرى بعد عملية إتمام صفقة تبادل الأسرى آنذاك في 20 / 5 / 1985م ، وكان الإضراب يهدف إلى رفض الوقوف أثناء العد الصباحي والذي كانت تحاول أن تفرضه إدارة مصلحة السجون الصهيونية  في محاولة منها آنذاك للإستفراد بالأسرى والمعتقلين . وشارك المناضل جبر وشاح في  الإضراب الشهير في سبتمبر / أكتوبر من العام 1992م والذي استمر في كافة السجون لمدة 22 يوما  بشكل متواصل وقد واكبته آنذاك فعاليات شعبية  وحقوقية ، وإعلامية . وفي رد على سؤال حول عمليات تبادل الأسرى عقب جبر وشاح " أن الأسرى والمعتقلين  كانوا دائما يقولون ويخاطبون العدو الصهيوني بأنه سوف يتم إطلاق سراحنا  إما على طاولة المفاوضات ، أو في ساحات المواجهة ولكم أن تختاروا " ويستذكر وشاح بأنهم كانوا يخاطبون الصهاينة بأنه سيتم تحرير سمير الأسير اللبناني سمير القنطار والذي اعتقل بتاريخ 22 / 4 / 1979م  ولكم أن تختاروا الطريقة ، ولقد أطلق سراح القنطار في عملية تبادل للأسرى بين حزب الله اللبناني ، وحكومة دولة الإحتلال الصهيوني يوم الأربعاء 16 / 7 / 2008م بعد أن رفض الإحتلال إطلاق سراحه في أكثر من 5 عمليات لتبادل الأسرى . ونفس الأمر سيتم بإذن الله مع الأسرى والمعتقلين الذين تتحفظ دولة الإحتلال الصهيوني على إطلاق سراحهم خاصة الأسرى القدامى والذين تحاول دولة الكيان الصهيوني استخدام قضيتهم كورقة مساومة ، وتتعامل معهم بالمصطلح العنصري  أياديهم ملطخة بالدماء ، وهنا يقول جبر وشاح بأن هذا المصطلح ليس له أي أساس قانوني ، أو أخلاقي بل هو مصطلح من إختراع العقلية الصهيونية الحاقدة ويعبر عن مفهوم عنصري بمعنى أن الدم اليهودي هو دم مقدس ، والدم الغير يهودي هو دم مستباح ، وفيما يتعلق بالقانون الصهيوني الجديد " مقاتل غير شرعي " يقول وشاح : كيف يمكن وصف من يقاتل من أجل الحرية بمقاتل غير شرعي ، في حين أن مقاتلي الحرية يتصرفون كمحاربين ويجب أن يتصرفوا هكذا لمنع المزيد من سيل الدماء من شعبهم ، وإذا أطلق الصهاينة هذا المصطلح والقانون العنصري بحق الأسرى المقاتلين من أجل الحرية  ، وخاصة الأسرى الذين أنهوا مدة محكومياتهم في سجون الإحتلال الصهيوني فلا يجب فهمه من جهتنا كأحرار بأنه مذلة وإنما يجب مواجهته بكافة الوسائل المتاحة والمشروعة " قانونيا ، وإعلاميا " ويضيف وشاح بأن هذا المصطلح يجب أن يطلق على مجرمي الحرب الإسرائيليين الذين استهدفوا المدنيين العزل من أبناء الشعب الفلسطيني ، وفي هذا الصدد قال وشاح متسائلا : هل كان الإحتلال الصهيوني ينتظر أن يستقبله أبناء الشعب الفلسطيني بالزهور ، والورود " يجب أن يعلموا أنه ليس هناك حربا بمواصفات ساخرة " .

وهنا أضيف أنا ككاتب لهذا المقال بأن هذه القوانين المسخة التي تصدرها دولة الإحتلال الصهيوني مابين الفينة والأخرى إنما هي عبارة عن مصطلحات  تنفرد فيها هذه الدولة المسخ فقبل قانون  مقاتل غير شرعي كان مصطلح أياديهم ملطخة بالدماء و كان " قنبلة زمنية موقوتة ، ومصطلح يشكل خطرا حقيقيا على أمن اسرائيل ، ومصطلح أو قانون التعذيب  المعتدل الذي أجازوه ، و محاكمة خلف أبواب مغلقة ،

 و رفع فزاعة الأمن لمنع كشف وقائع المحاكمات التي تتم خلف الأبواب المغلقة ، وفي غياب محامي الدفاع .........إلخ  .

قبل فترة من الزمن كنت في حديث مع أسير محرر آخر كان قد اعتقل على يد الإحتلال الصهيوني وصدر بحقه قانون تامير ، وقد لقبه المحققون الصهاينة آنذاك بالعنيد لأنه رفض الإعتراف بالتهم المنسوبة إليه  ، وقد حدثني عن قانون تامير والذي أطلقته دولة الإحتلال الصهيوني في العام 1982م وهو عبارة عن حكم صهيوني جائر بحق الأسير دون وجه حق ، ولا تعتمد فيه المحاكم الصهيونية على إعترافات الأسير ، وإنما على شهادات الآخرين المفبركة ، وقد صدر هذا القانون لمساعدة المخابرات الصهيونية في تحقيقاتها ومحاولات انتزاع الإعترافات من الأسرى  والمعتقلين في سجون الإحتلال الصهيوني ، ولقد أضاف الأسير المحرر  بأنه ونتيجة لذلك القانون العنصري الصهيوني الحاقد فقد أخذوني لمكان بارد جدا حيث و مرور   3 أيام من وجودي فيه لم أستطع أن أمسك بماكينة الحلاقة لشدة البرودة والصقيع في هذا المكان  والذي علمت فيما بعد أنه ثلاجة تحت الأرض في سجن صرفند ، وكان الصهاينة يعتمدون وسيلة من وسائل التعذيب النفسي في هذا السجن بوضع مسجل تخرج منه زقزقة العصافير لكي أظن أن الصباح طلع  وقد غرروا به لمدة أسبوعين كما قال  دون أن يعلم الليل من النهار .

وفي عودة للموضوع الرئيسي حول من حاكمه الإحتلال الصهيوني بالأمس ، والذي يلاحق اليوم هذا الإحتلال ليحاكمه ، فقد سألته لماذا جاء تحرك المؤسسة ، والمحكمة الدولية متأخرا خاصة وأنكم في المركز  الفلسطيني لحقوق الإنسان قدمتم دعوى  تطالبون فيها بملاحقة ، ومحاكمة مجرمي الحرب الإسرائيليين الذين كانوا مسؤولين عن جريمة اغتيال الشيخ صلاح شحادة وأكثر من 15 مواطنا مابين شاب ، وامرأة ، وشيخ ، وطفل ، أم أن النقمة ، والمجازر الصهيونية التي ارتكبها الإحتلال الصهيوني في قطاع غزة هي التي حركت الضمير العالمي ؟؟؟ فأجاب أبو فداء أن الدعوى أخذت بعدا إعلاميا في إسبانيا لسببين أولهما  العدوان الصهيوني على غزة ، وحجم الضحايا  والثاني أن القضاء الإسباني أصدر مذكرة باستجلاب ، واستجواب المتهمين الستة في تلك الجريمة خلال 30 يوما . وقبل ذلك تم توقيف أحد  المتهمين في مطار هيثرو بلندن ، وفي نيوزيلاندا ، واليوم في غزة يوجد أحد أعضاء لجنة تقصي الحقائق وهو محامي دولة ومبعوث من جامعة الدول العربية واسمه " غونزالو بوي "

ولقد قدمنا دعاوى في عدة دول تسمح النظم القضائية فيها بالنظر فيها كجريمة حرب حتى لو لم ترتكب الجريمة على أرضها ، أو ضد أحد من مواطنيها . وقال وشاح كونه نائب رئيس المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان أن القضاء الإسباني  ينظر في قضية قدمها المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان فيما يتعلق بالمتهمين أل 6 من مجرمي الحرب الإسرائيليين وهم " بنيامين بن اليعزر وزير الحرب  في الوقت الذي نفذت فيه عملية اغتيال الشيخ صلاح شحادة ، و دورون ألموج قائد المنطقة الجنوبية في دولة الإحتلال الصهيوني، و دان حالوتس قائد سلاح الجو في دولة الإحتلال الصهيوني، وموشيه يعالون رئيس هيئة أركان الجيش الصهيوني آنذاك ، وجيورا إيلاند وكان رئيس مجلس الأمن القومي آنذاك في دولة الإحتلال الصهيوني  ومايك هيرتسوغ وهو مسؤول في وزارة الحرب الصهيونية ، وقال الأسير المحرر ، ونائب  مدير المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان أن هناك مساعي لاستصدار قرار من  محكمة الإستئناف في لاهاي  لفتح تحقيق جنائي مع عامي أيالون الذي  شغل منصب رئيس جهاز  الشين بيت " الأمن العام الصهيوني " في الفترة التي تم فيها ممارسة التعذيب بحق المعتقل الفلسطيني آنذاك خالد الشامي وتحديدا من لحظة اعتقاله بتاريخ   31 / ديسمبر 1999م – 2000م  حيث أخضع للإستجواب لمدة 20 يوما في جلسلت تراوحت مدة الواحدة من 20- 40 ساعة ولقد أجبروه على الإعتراف خطيا بتهم نسبوها له ، والآن يعاني المواطن الشامي من إصابة خطيرة ودائمة بسبب التعذيب الذي مورس بحقه من قبل جهاز الأمن العام الصهيوني بأوامر من أيالون .

هذا هو عمل أحد الأسرى المحررين من قيد السجن والسجان ، والذي يتميز بملاحقة مجرمي الحرب الإسرائيليين ، فهل من فريق يتوحد فيه أبناء الأم الواحدة ، والهدف الواحد ، والهوية الواحدة ، والمصير الواحد ، ومن كافة ألوان الطيف الفلسطيني لتوثيق جرائم الحرب الصهيونية على طريق محاكمة  الإحتلال الصهيوني .

 

*منسق الحركة الشعبية لنصرة الأسرى والحقوق الفلسطينية