لماذا لا تتعامل الجاليات الفلسطينية مع موضوع الأسرى بشكل جدي ؟

 

*بقلم : نضال حمد

25-3-2009

مر على نهضة العمل الجاليوي الفلسطيني في اوروبا بالذات عدة أعوام كانت حافلة بالفعاليات والنشاطات والمواقف التي تنم عن اصالة وطنية والتزام بحقوق الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة ورفض للتفريط بها ومنع للتجاوزات التي أخذت تطال حق العودة.

 تحققت على هذا الدرب عملية اعادة تجميع ولم شمل الفلسطينيين في مؤتمرات ولقاءات وكذلك في جاليات وجمعيات وروابط واتحادات ومؤسسات ومراكز ولجان، اتفقت كلها على رفض مبدأ التنازل عن حق العودة أو توكيل أي كان التحدث باسمها للتنازل عنه ، او التفريط به.

 لكن بالرغم من كل تلك الأعمال القيّمة ، بقيت هناك قضية وطنية ملحة وعاجلة، هي قضية الأسرى الفلسطينيين في السجون الصهيونية. لم تجد تلك القضية أهمية كبرى وملحة لدى الجاليات ، مع العلم أنه جرت بعض المحاولات البسيطة ، قامت بها الجالية الفلسطينية في النرويج، حيث اقامت ندوات وفعاليات ونشاطات ووزعت مناشير بعدة لغات ، عربية انجليزية ونرويجية، ونشر رئيسها وبعض الكتاب من النرويجيين مقالات شرحوا فيها وقدموا معلومات عن تعداد الاسرى والاسيرات وظروف حياتهم واعتقالهم وامراضهم واحتياجاتهم، ورصد لتعداد المرضى والأطفال والنساء ، وكذلك الذين قضوا في السجون عشرات السنين. كما عرضت الجالية افلاماً عن الأسرى بحضور ومشاركة سياسسيين وبرلمانيين ونقابيين وفنانين ومخرجين وكتاب واعلاميين من النرويج.

و قامت أيضاً بدعوة وفد من وزارة شؤون الاسرى والمحررين الى النرويج حيث اجتمع ببعض البرلمانيين وقادة الأحزاب النرويجية ، لكن هذا كله برأينا لا يكفي .. مع العلم أنه علينا أن ننوه الى اننا لا نصغر من قدر وتأثير تلك المحاولات، لكنها للأسف لم تتطور أكثر من ذلك وبقيت محصورة في النرويج ، ثم خفت تدريجياً حتى هناك وذلك لحساب قضايا أخرى.

 المشكلة الاساسية تكمن في ان ظاهرة النرويج في حينه لم تكن عامة، بل محاولات فردية، كما انها لم تنتشر وتمتد لتعم بقية الدول الاوروبية.مع أنه جرت محاولات من قبل القائمين على الجالية في النرويج لايجاد نشاطات مشتركة تخص الأسرى في عدة مدن ودول اوروبية، تم تنفيذ بعضها لكن غالبيتها توقفت ومع مرور الزمن غابت عن الأجندة. كانت محاولات لا نستطيع القول انها ترقى لحجم المصاب الذي يعيشه أسرى فلسطين خلف القضبان وفي سجون الاحتلال. وكذلك للحال الذي تعيشه آلاف الاسر الفلسطينية التي تنتظر حرية الأبناء والبنات والأطفال. خاصة ونحن نشهد التفاقم الذي حصل في الأيام الأخيرة ، و معاناة الاسرى بعدما فشلت صفقة التبادل المزمعة بين المقاومة والصهاينة ، مما وضع الصهاينة في تخبط لا يدرون بسببه ماذا يفعلون فأختاروا اتخاد اجراءات انتقامية وعقابية بحق كافة الاسرى والمعتقلين وشددوا من ظروف اعتقالهم ، ومنع عنهم التلفزيون واشياء أخرى كثيرة كان الاسرى حصلوا عليها بعد اضرابات عن الطعام ونضالات استمرت سنوات وكلفت حياة العديد من الأسرى.

  كما كانت دائما للمساندة الخارجية التي قدمها الشعب الفلسطيني عبر تضامنه مع الاسرى اثراً كبيراً على معنوياتهم ونضالهم الذي كلل بانتزاع وتحقيق مطالبهم وتنازل الصهاينة في نهاية الأمر. أما في هذه الأيام حيث يعيش شعب فلسطين ومعه قواه السياسية حالة من التشرذم والانقسام لا تبشر بالخير ، انعكس هذا الشيء على الشارع الفلسطيني بشكل عام ، حيث لم نعد نرى نشاطات ذات قيمة في المدن الفلسطينية في الضفة والقطاع لصالح الأسرى.

 كما غابت بشكل ملحوظ حملات الدعم والتضامن الاعلامية، باستثناء الأخبار اليومية التي تقوم بها بعض المؤسسات ( نادي الاسير ، مركز الاسرى للدراسات للباحث رأفت حمدونة- ، موقع فلسطين خلف القضبان للباحث الاسير السابق عبد الناصر فروانة ) وكذلك بعض الشخصيات المعنية بقضية الأسرى بارسالها لوسائل الاعلام.

يتمسك اسرى فلسطين بالرغم من الظروف القاهرة التي يعيشونها في السجون والزنازين والمعتقلات بمواقفهم ويثبتون على المبادئ ويصبرون ويصمدون ويواجهون وينتظرون الفرج والحرية. فمتى يبدأ الشتات الفلسطيني في اوروبا بمساندة هؤلاء الأبطال ونصرتهم والعمل لأجل حريتهم؟

لماذا لا تقوم المؤتمرات الفلسطينية التي تعقد كل عام في اوروبا بارسال دعوة لممثلين عن الأسرى يقومون خلالها بالمشاركة في المؤتمرات إما حضورا شخصياً أو عبر الهاتف أو البث المباشر بالفيديو كونفيرنس ، سؤال نضعه امام القائمين على العمل الفلسطيني في اوروبا ، ونقدمه كعرض للمؤتمرات الفلسطينية التي ستعقد في شهر ايار/ مايو القادم في القارة الاوروبية في ذكرى النكبة الفلسطينية.

ونقول لهم انها مناسبة لتصحيح خطأ كبير ارتكبتموه بحق هؤلاء ، ومناسبة للتوحد ولو خلف هذه القضية التي تعتبر موحدة وجامعة و هامة مثل قضية التسمك بحق العودة ، وهي مناسبة لابراز هذه القضية اعلامياً حيث انها تعاني من تجاهل وسائل الاعلام وضعف التضامن الخارجي والاعلامي مع الاسرى داخل السجون .

ان التضامن مع الاسرى ليس مجرد نشاط مناسباتي يقوم به البعض ثم يضعه على الرف حتى اشعار  آخر. بل عمل ديمومي مستمر منظم وهادف. فهناك وسائل أخرى للتضامن ، فعالة ، تعطى نتنائج وتساندهم، مثل طرح قضية الأسرى على المحافل الدولية، على الشعوب والمجتمعات ومنظمات العمل المدني وحقوق الانسان في اوروبا ، لأن تلك الشعوب والمنظمات لا تملك رؤية ولا فهم ولا معرفة بقضية الاسرى وظروف اعتقالهم ولا بالمجرمين الذين يعتقلونهم ويعذبونهم وينتهكون حقوقهم كأسرى حرب ، مثلاً لا تعرف الشعوب الاوروبية أن سلطات الاحتلال رفضت اطلاق سراح الاسير فايز زيادات المصاب بمرض عضال( تبقى له 6 شهور من الحياة بحسب تقارير الأطباء) بل تركته معتقلاً وهي بذلك تعاقبه من جديد و حتى الموت ، وهذا العمل بد ذاته جريمة..

كما لا تعرف غالبية الراي العام في اوروبا ان هناك عشرات الأطفال والنساء ومنهن اللواتي ولدن اطفالهن في السجون ، ولا يدري ايضاً ان هناك مئات المحكومين بمئات و عشرات السنين، كذلك بالمؤبدات وعشرات المؤبدات، وبأن بينهم من مر على اعتقاله ثلاثون عاماً ، وبأن هناك الأب والابن والبنت والأم في نفس السجن.

العيب في هذا النقص او الجهل يعود لسيطرة الدعاية الصهيونية على الاعلام الاوروبي ولغياب دور مكاتب وسفارات فلسطين والدول العربية ، وكذلك المؤسسات والفعاليات والجاليات والمراكز الفلسطينية بشكل أقل من الرسميين كالسفارات والممثليات. قضية الاسرى كانت غائبة عن اجنداتهم وبقيت كذلك حتى يومنا هذا . أما المعلومات أعلاه فتنتظر فقط من يبدأ بتوزيعها على الشارع والمؤسسات والوسط الجامعي والطلابي في البلدان الاوروبية.بعد ذلك لا بد لها ان تأتي بثمار مثلما بدأت قضية مقاطعة البضائع الاسرائيلية ومعارضة بناء الجدار العازل ومحاكمة وملاحقة مجرمي الحرب الصهاينة تنتشر وتعم اوروبا.

 

أفضل مناسبة للبدء بالتحرك من أجل الاسرى وقضيتهم هو شهر نيسان/ ابريل القادم حيث ان يوم السابع عشر من نيسان يصادف يوم الاسير الفلسطيني ، ليس هناك أفضل من هذه المناسبة للبدء برفع قضية الاسرى في المحافل الدولية بشكل عام والاوروبية بشكل خاص.  

* مدير موقع الصفصاف  www.safsaf.org

النرويج - 25-3-2009