التعذيب والعزل في السجون الإسرائيلية
بقلم / عبد الناصر عوني فروانة
حزيران 2003
( التعذيب هو كل فعل مقصود يسبب ألماً ، أو معاناة ، سواء كانت جسدية أو نفسية لشخص ما بغرض الحصول على معلومات أو اعتراف منه أو معلومات عن شخص آخر ، أو لفعل قام به أو مشتبه في أنه قام به هو أو شخص آخر ، أو بغرض تخويفه ، أو إجباره هو أو شخص آخر ، أو لأي سبب آخر قائم على التمييز ، عندما يكون مثل هذا الألم أو المعاناة قد أوقع بإيعاذ أو بموافقة من موظف رسمي أو أي شخص له صفة رسمية ، ولا يتضمن ذلك الألم أو المعاناة الناتجة أو حدثت بالمصادفة نتيجة تطبيق العقوبات القانونية ).
ميثاق الأمم المتحدة المناهض للتعذيب
وهناك العشرات من أساليب التعذيب التي تعرض ويتعرض لها المعتقلون الفلسطينيون والعرب في السجون والمعتقلات الإسرائيلية ومنها على سبيل المثال لا الحصر :
· الشبح
· التخويف
· الهز العنيف
· تغطيـة الرأس
· تكسير الضـلوع
· الحشر داخل ثلاجة
· التعريض للضوضـاء
· الإيلام الجسـدي المباشر
· الضرب والصفع على الوجه
· الضرب والصـفع على المعدة
· الضغط والضرب على الخصيتين
· الحرمان من النوم والطعام والشـراب
· التعريض للبرودة الشديدة أو الحرارة الشديدة
وإذا كانت أساليب التحقيق والتعذيب العديدة والمتنوعة والمشرعة من قبل القضاء الإسرائيلي المجرم معروفة للجميع ، حيث أن كل من اعتقل تعرض لها أو لجزء منها ، لكن هنالك شكلاً آخر من التعذيب قد لا يعرفه الكثيرين أو قد لا يكون قد تعرض له سوى القليل ممن إعتقلوا في السجون والمعتقلات الإسرائيلية ألا وهو التعذيب النفسي المتمثل في سياسة العزل بعد إنتهاء التحقيق وحتى بعد إصدار الأحكام الجائرة ، ومن ناحية أخرى فإذا كان إستخدام التعذيب وبالأساليب المختلفة المتعارف عليها الهدف منه هو الحصول على المعلومات وإجبار المعتقل على أن يذكر أشخاصاً آخرين …إلخ .. فإن هدف سياسة العزل هو إذلال الأسير وقتله بشكل منظم ومبرمج ومدروس . كل شيء مختلف تماماً عن باقي السجون ، فالعزل يعتبر من أقسى أنواع التعذيب والعقاب الذي تلجأ إليه إدارة السجون الإسرائيلية ضد الأسرى الفلسطينيين حيث يتم إحتجاز الأسير بشكل منفرد لفترات طويلة من الزمن تتجاوز السنوات ، لا يُسمح له خلالها بالإلتقاء بالأسرى مما يسبب له مضاعفات صحية ونفسية خطيرة وذلك في
غرف صغيرة تعرف بالإكسات ومقفلة بإحكام بباب حديدي سميك يزيد عن 13 سم وفيه فتحة صغيرة وهي مخصصة لإدخال الطعام وإلقاء الأوامر من الشرطي أو تقييد المعتقل بالقيود الحديدية قبل إخراجه من الإكس لأي غرض ، وفي كل غرفة سريران من الحديد فوق بعضهما وكل واحد يصعد على السرير يجب أن يبقى مستلقياً أو متكئاً لأن إرتفاع الغرفة لايزيد عن مترين ويمنح كل سجين فرشة ليضعها على السرير وثلاث بطانيات ، ويوجد في الغرفة مغسلة صغيرة 15x20 سم بجانب المرحاض ويشغلان نحو ربع مساحة الغرفة .
والزنزانة معتمة ورديئة التهوية وأشعة الشمس لا تعرف للإكسات طريقاً و مساحتها ضيقة لا تتجاوز ( 3x1,5 متر ) ومنها أصغر من ذلك ، ليس هذا فحسب بل يضاف إليها سوء التغذية والحرمان من بعض المزايا التي يسمح بها في السجون الأخرى مثل إدخال بعض الأطعمة كالزيت والشاي والمرمية ، وآليات الإتصال معدومة من تلفاز ومذياع وصحف وحتى الساعة التي يعرف فيها الوقت ممنوعة ، وتعاني أقسام العزل من نقص كبير في النظافة ورائحة العفن تفوح من الفراش والحرامات ، كما ولا يتلقى المرضى منهم رعاية صحية كافية وحتى إن اضطروا الى اخراج المريض للعيادة فيتم تكبيل يديه ورجليه وأحياناً يُعتدى عليه بالضرب من قبل الحراس، وهناك من نزلاء العزل ما ظهرت عليهم أمراضاً خطيرة مثل التشنج والغيبوبة ومرض القلب وحالات هستيرية … وداخل الإكسات يمنع الكلام بصوت عالي وبالتالي يمنع الغناء والنشيد …وحتى زيارات الأهل حينما يسمح بها أحياناً تمتزج بالمضايقات ، والاستفزازات ،و إرهاب الكبار والصغار … نعم انه ارهاب فكري ونفسي وجسماني فلا غرابة من همجية المعاملة ووحشيتها .
وسياسة العزل ليست مرتبطة بحقبة زمنية معينة بل أنتهجت ومورست على امتداد الأسر في السجون الإسرائيلية كنهج منظم ، و إزدادت شراسة مع اندلاع الإنتفاضة الفلسطينيةالأولى ( 1987 – 1994 ) وإزداد عدد الأسرى المعزولين ، كما وأنه طرأ إزدياد على فترة العزل ، ولم تكتفي إدارة السجون بأماكن وزنازين العزل الموجودة أصلاً في السجون بل أقدمت على إفتتاح أقسام خاصة بالعزل :
· عزل سجن نفحة الصحراوي
· عزل السبع " أهلي كيدار " وافتتح عام 1992 م .
· عزل الرملة " نيتسان " وافتتح خلال الإنتفاضة الأولى وتحديداً عام 1989م ، وهو أحد أماكن العزل الرهيبة ويقع تحت الأرض ، والرطوبه فيه عالية جداً لدرجة العفن ، وتصطف زنازينه على صفين يفصلهما مردوان تتعلق في سقفه أنابيب مجاري الأقسام العلوية التي تطفح على الدوام وتنفث منها رائحة كريهة ، .
أما عن دوافع العزل فيمكن تلخيصها بالتالي :
· عزل الأسرى بسبب مكانتهم القيادية وعمق تجربتهم وتأثيرهم على بقية الأسرى.
· عزل الأسرى كعقاب وانتقاماً منهم لما قاموا به من عمليات فدائية مميزة أسفرت عن مقتل إسرائيليين.
· إلحاق الأذى النفسي والمعنوي والجسدي بالأسرى وتحطيمهم معنوياً ونفسياً وحتى جسدياً .
هذا غيض من فيض وإن كنا قد سمعنا عن ظروفاً قاسية ووحشية ولا إنسانية تشهدها السجون والمعتقلات الإسرائيلية ، فإن أقسام العزل تعاني من ظروفاً وأقل ما يمكن وصفها بأنها علب القتل البطيئ أو بدائل المشانق ….