في يـوم الأسـير الفلسـطيني ...

 

 بقلم / عبد الناصر عوني فروانة

17نيسان 2004م

إنتمينا لقضية الأسرى منذ الطفولة وعرفنا السجون وشبك الزيارة قبل أن نعرف المدارس ومقاعد الدراسة ، فكبرنا وكبرت فينا ومعنا قضية الأسرى واستحوذت على إهتمامنا ... وحجزالأسرى لهم مكانة مميزة في عقولنا وقلوبنا ، وشكلّوا نموذجاً في سلوكنا ومنحونا فخراً وشموخاً ، فهم زادنا اليومي الذي نستمد منه صمودنا في وجه آلة الاحتلال ، وشموعاً تحترق من أجل أن تضيئ لنا الطريق نحو مستقبل زاهر .

فالأسرى جزء لا يتجزأ من شعبنا الفلسطيني فهم من حملوا لواء النضال جنباً إلى جنب مع بقية المناضلين ولم يعرفوا إلا الثورة وطنـًا وهويةً في السراء والضراء و انخرطوا في صفوف النضال في أصعب مراحله وأحلك لحظاته وقدموا الغالي والنفيس دفاعاً عن كرامة وشرف شعبنا وحقوقه العادلة ، وتركوا عائلاتهم وأطفالهم وأحبائهم وقادوا معارك المقاومة والشرف فكان لهم في سجل التاريخ والبطولة سطوراً مضيئة .

والأسرى خلف القضبان لم ترهبهم السلاسل وقساوة السجان فخاضوا معارك الاعتقال والتعذيب بإباء وصمود أسطوريين وخاضوا عشرات الإضرابات عن الطعام ، فكان الألم زادهم والمعاناة شرابهم ، وسقط العشرات منهم شهداء من أجل كرامة الإنسان الفلسطيني وحقوقه تحت شعار " نعم لآلام الجوع ولا وألف لا لآلام الركوع " ، ومن قلب جدران القهر والحرمان في سجون الاحتلال الإسرائيلي ، ومن أعماق جراحهم النازفة طوال سنوات الاعتقال الرهيبة صنعوا ملحمة الصمود وكتبوا فصولاً جديدة في كتاب الحركة الوطنية الفلسطينية وسطروا صفحات مشرقة في تاريخ سجناء الحرية في العالم ، وإذا أُريد للأجيال القادمة أن تفخر بمحطة ما في مسيرة الثورة ، فعليها أن تفخر بهذه التجربة الرائدة والتي كان نتاجها ملموساً في ميادين النضال الأرحب .

نعم لقد شكلّت الحركة الوطنية الأسيرة تجربة رائدة ضاهت في مستوى أدائها وبرامجها مدارس فكرية متعددة ، رغم قسوة الحياة الاعتقالية ووحشية السجان وعلى كافة الصعد السياسية والفكرية ، الثقافية والفنية ، التنظيمية والديمقراطية ، فخرجّت القائد الفذ والمناضل العنيد ، الكاتب المبدع والشاعر الرائع ، وهي ماضياً وحاضراً مدرسة أثبتت أنها وقود الثورة الحقيقي وإستطاعت أن تصنع لنفسها تاريخاً مشرقاً ومؤثراً في تاريخ الثورة الفلسطينية المعاصرة .. تاريخ يتواصل يومياً ويزداد إشراقاً مع فجر كل يوم جديد .. تاريخاً عمره تجاوز العقود من الزمن ..  فهو تاريخنا جميعاً ، وتكريماً ووفاءاً وتقديراً لنضالات وتضحيات الحركة الأسيرة اعتمد المجلس الوطني الفلسطيني السابع عشر من نيسان يوماً للأسير الفلسطيني بإعتباره يوماً وطنياً والمشاركة في إحيائه هو واجب وطني .

وخلال إنتفاضة الأقصى شنت قوات الإحتلال حملة إعتقالات واسعة ولم تميز بين طفل وشاب أو كهل وإمراة ، وإزدادت الهجمة القمعية ضد الحركة الأسيرة وإنجازاتها التاريخية وتحولت السجون والمعتقلات الإسرائيلية إلى البديل المعاصر لأعواد المشانق ، ففيها تجري أبشع عمليات القتل الـروحي والنفسي والتعذيب الجسدي والحرمان من كل شئ حتى أن جدار الفصل العنصري إمتد ليفصل ما بين الأسير وذويه وحرم الأسرى من ملامسة أصابع أطفالهم ، وأخذت صرخات الإستغاثة تخترق جدران السجون وأسلاكها الشائكة ، لكنها فشلت في الوصول إلى آذان العالم ..!!

فلقد آن الآوان أن يلتفت العالم أجمع قليلاً نحو ما يجري داخل السجون والمعتقلات الإسرائيلية لينظر بعينيه إلى إرهاب الإحتلال الإسرائيلي المنظم من خرق مواثيق الأمم المتحدة المتعلقة بحفظ حقوق الإنسان والإتفاقات الدولية حول معاملة الأسرى والسكان المدنيين زمن الحرب .

لذا المطلوب وبدون مقدمات جهد جماعي مشترك من كل الأحرار والشرفاء لدعم الحركة الوطنية الأسيرة بكل الإمكانيات المتوفرة وأولها صنع ثورة إعلامية لتسليط الضوء على ما يتعرض له أسرانا من مخاطر تعرض حياتهم للموت ، فلا تتركوا أسرانا فريسة للسجان المحتل ، فأسرانا ضحوا بحريتهم من أجل حرية فلسطين ومقدساتها والتضامن معهم والدفاع عنهم هو واجب وطني وإسلامي .

 فانفضوا غبار الأمس واشعلوا الأرض ثورة واعلنوها صرخة مدوية " الحرية لأسرانا خلف القضبان "ولا أمن ولا إستقرار في المنطقة دون حرية الأسرى .