رداً على رسـائلكم !!
الإثنين 23 فبراير 2004
تبخرت الآمال وتبددت الأحلام وبقىّ الاستبسال … تبخرت الوعود وبقىّ العهد والصمود .. هذا هو حال أسرانا .
انتهت المرحلة الأولى من صفقة تبادل الأسرى ورحل الأمل للمرحلة الثانية وإن كان ضعيفاً لكن ينطبق عليه المثل " الغريق يتعلق بقشـة " ..
مرحلة طويلة من القلق والمتابعة والانتظار امتدت لسنوات طوال وتوجت في التاسع والعشرين من شهر يناير الماضي واعتبرت إنجازاً للمقاومة اللبنانية ممثلة بحزب الله ، أما بالنسبة لنا فشكّلت خيبة أمل وصدمة كبيرة وقد كتبت في هذا الموضوع تحت عنوان " خيبة أمل فلسطينية " .
ووصلتني عدة رسائل حول هذا المقال وبكل صراحة حملت تلك الرسائل العديد من المضامين فمنها ما حمل الإنتقاد وفسّر على أنني أقلل من شأن جدوى المقاومة ومن شأن هذا الإنتصار الرائع ، ومنها ما حمل الإستهجان بعد أن قرأ حقيقة وطبيعة من أفرج عنهم من الفلسطينيين وتفاجئ بالأرقام والمضمون واعتبرها رضوخاً للإشتراطات الإسرائيلية ، ومنها ما حمل الشكر والثناء على أن المقال وصف حقيقة الأمور خاصة للمقيمين خارج فلسطين والذين سمعوا فقط بالرقم 400 .. وأبدي هنا إحترامي الشديد لكل الآراء ، لكن وجدت من الأهمية بمكان الرد و التأكيد على ما يلي :
- أولاً : أنا لست ضد المقاومة بل بالعكس مقتنعاً تماماً بجدواها وأؤمن بأن أية مفاوضات مع الإحتلال إن لم تكن مدعومة بالمقاومة الممنهجة والمسيسة لن يكتب لتلك المفاوضات النجاح .
- ثانياً : لم أقلل في مقالتي من شأن الصفقة وإنجازها ، بل بالعكس أعتبرها صفقة تاريخية وانتصاراً رائعاً للمقاومة اللبنانية ولحزب الله على الصعيد اللبناني وسعدنا جداً بتحرير اللبنانيين والعرب ، ويمكن القول بأن الصفقة شكّلت إعترافاً من قبل الإحتلال أمام كافة المحافل الدولية بشرعية مقاومة حزب الله وهذا بحد ذاته إنتصار لحزب الله ويمنح المقاومة الفلسطينية جرعة معنوية جديدة ، كما ومثّلت الصفقة خضوعاً لدولة الإحتلال أمام منطق القوة وحتى إن كان هذا الخضوع ضمن شروطه ولكن أثبت أن منطق القوة يمكن أن يفرض على الإحتلال .
- ثالثاً : على الجميع أن يعلم بأن الصفقة شكّلت صدمة للأسرى الفلسطينيين وخيبة أمل لكل الفلسطينيين لاعتبارات عديدة أهمها بأن كل المؤشرات والتصريحات الآتية من الجنوب اللبناني والمحملة بأطنان من الأمل والتفاؤل كانت تؤكد بأن الأسرى الفلسطينيين وممن أمضوا أكثر من عشر سنوات في السجون الإسرائيلية و الذين ترفض إسرائيل الإفراج عنهم ( من يوصفوا بالأيدي الملطخة بالدماء ) والأسرى من سكان القدس والمناطق التي احتلت عام 48 بالإضافة للقيادات السياسية عبد الرحيم ملوح ومروان البرغوثي و وحسام خضر وحسن يوسف والأسيرات ، كل هؤلاء سيكونوا ضمن الصفقة وعددهم يقارب الـ 400 أو اكثر بقليل .. لكن للأسف الشديد لم تشمل الصفقة أي من هؤلاء ..؟، ومن أفرج عنهم غالبتهم يقضون حكماً لا يتجاوز الخمس سنوات ومن المفترض الإفراج عنهم خلال هذا العام ، بالإضافة لـ 60 معتقلاً إدارياً ، وعلى الرغم من ذلك سعدنا جداً بتحرير من تحرروا ونسعد أكثر بتحرير كل أسير إضافي بغض النظر عن الجهة التي ستحرره ، حتى وإن تحرر بعد قضاء فترة محكوميته ، وسنكون في قمة السعادة والإنتصار لو تحرر كل أسرانا ومعتقلينا .
- رابعاً : أقول لأخونا العربي الذي قال في رسالته " بأنكم أولى بتحرير أسراكم " ، أقول له بأن حزب الله ليس ملزم بتحرير أسرانا ولسنا عاجزين على تحريرهم لنقم بتصدير قضيتهم لحزب الله فتاريخ مسيرة شعبنا الفلسطيني النضالية يحمل من المواقف والتجارب الرائعة بهذا الصدد ، ونحن فعلاً أولى بأسرانا … ولكن تحرير الأسرى أخي العربي هو واجب وطني وقومي وإسلامي ، وكما هو من الواجب على الأمتين العربية والإسلامية الوقوف بجانبنا ومساندتنا في تحرير فلسطين ومقدساتها بإعتبارها قضية قومية وإسلامية ، في الوقت الذي ندافع فيه باستبسال ضد المحتلين ونقدم الشهيد تلو الشهيد ومصممون على المضي قدماً صوب النصر الحتمي، فإنه من الواجب أيضاً الوقوف بجانبنا ومساندتنا في تحرير أسرى الحرية فهؤلاء من ضحوا بحريتهم من أجل حرية فلسطين ومقدساتها ، وتحريرهم هو واجبنا جميعاً ..
ومن هذا المنطلق فإنني أناشد الأمتين العربية والإسلامية في التدخل ومساندتنا في دعم أسرانا والعمل على تحريرهم ، وأناشد وبشكل خاص حزب الله وأمينه العام القائد حسن الله بأن يقفزوا عما حصل في المرحلة الأولى وبأن يتم تجاوز الثغرات التي شكلت لنا ولأسرانا الصدمة وخيبة الأمل ، على أمل أن تشكل المرحلة الثانية نصراً وفرحة لنا كفلسطينيين والتي من المفترض أن تكون قد بدأت مفاوضاتها وثقتنا عالية بحزب الله وبكل الشرفاء والمخلصين في وطننا العربي الكبير في مساندتنا في تحرير أرضنا وقدسنا وأسرانا ..
أما نحن أخي العربي فإننا لن نتخلى عن الأسرى الفلسطينيين والعرب وسيبقون في قلوبنا وعقولنا ، في أذهاننا ووجدانا ولن ينعم الإسرائيليون بالأمن والإستقرار طالما بقىّ أسير واحد خلف القضبان وأي إتفاق لن يضمن تحرير الأسرى لن يكتب له النجاح.