خيبـة أمـل فلسـطينيـة ..!!
* عبد الناصر عوني فروانـة
منذ سنوات وعيوننا ترحل يومياً الى الجنوب اللبناني حيث معقل حزب الله ، نترقب ونتابع ، نأمل ونحلم بأن ما عجزت عن إنجازه المقاومة الفلسطينية والسلطة الوطنية الفلسطينية خلال العقد المنصرم من تحرير لكافة الأسرى ، سينجزه حزب الله كجزء بسيط من واجبه القومي تجاه القضية الفلسطينية ومقدساتها ودعماً للمقاومة الوطنية الفلسطينية وأبطالها ، وحتى ذهب البعض منا لتوجيه سيل من الإتهامات والإنتقادات الهادفة والهادمة للسلطة الوطنية الفلسطينية متهماً إياها بالقفز عن قضية الأسرى وتجاهلها ، والبعض إتهم فصائل المقاومة بالتقصير في تحريرهم ، وانطلقنا نهتف مراراً ونشيد بحزب الله ومواقفه وتصريحاته الداعمة للأسرى الفلسطينيين ، وغدى حزب الله نموذج يحتذى و لا مثيل له وكأن تاريخ فصائل منظمة التحرير الفلسطينية خالياً ولا يحمل على صفحاته من التجارب الرائعة بهذا الصدد والتي تستحق الفخر والإعتزاز .
ولأن قضية الأسرى هي قضية عامة وتحريرهم هو واجب وطني وقومي وإسلامي فإننا علقنا آمالنا كبيرة على تصريحات حزب الله ، ومع الوقت كبر الأمل فينا وبتنا على قناعة بأن ما لم نتمكن من تحصيله بالتفاوض المباشر خلال العقد الأخير سنحصل عليه بالقوة من خلال الدور التكاملي لإحدى فصائل المقاومة العربية … ورحبنا بهذا الدور وتمنينا تكراره من فصائل مقاومة ودول عربية أخرى فنحن نسعد مع تحرر كل أسير ، وانتظرنا طويلاً ومع الوقت وما تردد لمسامعنا من تصريحات للشيخ القائد حسن نصرالله ترسخت لدينا القناعة بأن الصفقة لن تتم دون الإفراج عن من رفضت اسرائيل الإفراج عنهم بالسابق ، فلهؤلاء الأولوية وفي مقدمتهم 419 معتقلاً من كافة المناطق و معتقلون منذ ما قبل إتفاقية أوسلو أي منذ أكثر من 10 سنوات بالإضافة الى 68 أسيرة ..
وبعد طول انتظار حصل ما كنا لا نتمناه وما كنا نخشاه ، فتحطمت أحلامنا امام التعنت الإسرائيلي من جانب ، وامام رضوخ حزب الله لإملاءات وشروط اسرائيل فيما يتعلق بأسرانا الفلسطينيين من جانب آخر ، ونشرت الأسماء وتبين أن حجم من أفرج عنهم لا يساوي جزء بسيط من حجم ما واكب المفاوضات من آمال ، فلا أحكام عالية ولا مرضى ولا مؤبدات ولا من شاركوا بعمليات فدائية ولا من أمضوا سنوات طوال في الأسر ولا أسرى فلسطينيين من مناطق الـ48 ولا من القدس ولا الأسيرات ولا حتى قيادات سياسية .
ومن أفرج عنهم من الفلسطينيين هم فقط 371 أسيراً محكوماً من مناطق الضفة الغربية وغزة منهم 283 من المفترض أن يفرج عنهم خلال العام الحالي 2004 ، و63 أسيراً ينهون فترة محكوميتهم خلال العام القادم و25 فقط تنتهي فترة محكومياتهم خلال عام 2006 م والغالبية العظمى من المنوي الإفراج عنهم ( 351 ) كانوا محكومين لفترة أقل من 5 سنوات ومن هؤلاء 57 أسيراً محكومين لبضعة أشهر والباقون 4 أسرى محكومين مدة 6 سنوات ، و 9 أسرى محكومين مدة 7 سنوات ، و 4 أسرى محكومين مدة 8 سنوات ، وأسير واحد فقط محكوم 11 عاماً ، بالإضافة الى 60 معتقلاً موقوفاً إدارياً بدون تهمة أو محاكمة ، وأسيرتان فقط …وجميع من سيفرج عنهم اعتقلوا خلال إنتفاضة الأقصى بإستثناء 20 أسيراً فقط معتقلين منذ ما قبل إنتفاضة الأقصى .
وفي الوقت الذي نرحب فيه بالإفراج عن أي أسير فإننا نتألم لبقاء الآلاف من أبناء شعبنا خلف القضبان ، نتألم لفشل الصفقة بكل المقاييس على الأقل بالنسبة لنا كفلسطينيين و يجب أن نفكر جيداً بالبحث عن آلية فلسطينية لتحرير أسرانا ومعتقلينا ، وصدق المثل القائل ما بيحك جلدك إلا ظفرك ، وثورتنا الفلسطينية شهدت تجارب رائعة ومفخرة بهذا الصدد ، وأيضاً عمليات الإفراج بعد اوسلو وحتى خلال إنتفاضة الأقصى قبل شهور من خلال التفاوض المباشر تعتبر جيدة إذا ما قورنت بهذه الصفقة المخيبة للآمال الفلسطينية … وعلى الرغم من ذلك ستبقى ثقتنا عالية بحزب الله وستبقى آمالنا معلقة على المرحلة الثانية والتي نأمل أن تكون أفضل وان تتجاوز الثغرات وتحقق لنا ما نحلم به.
فمع كل الإحترام للصورة المؤثرة التي سنشاهدها خلال الإيام القادمة حينما نرى الأسرى المفرج عنهم فرحين وسعداء وهم يعانقون أطفالهم وذويهم ، فإننا سنرى بالمقابل آلاف الصور لأمهات وأطفال يذرفون الدموع حسرة وحزناً وإحباطاً .. ونأمل أن تنعكس هذه الصورة في المرحلة الثانية ، هذا إذا كان هناك مرحلة ثانية .. ولن يكتمل حلمنا إلا بتحرير كافة الأسرى دون قيد أو شرط أو تمييز .