تحريـر الأسـرى واجبنا جميعاً ..!!!
بقلم / عبد الناصـر عوني فروانة
24 سبتمبر 2003
الإعتقال .. من المفردات الثابتة في سجل النضال الوطني الفلسطيني ... وعلى مدار العقود الماضية تعرض مئات الآلاف من أبناء شعبنا الفلسطيني للإعتقال وما يرافقه من معاناة ، تعذيب وإعاقات جسدية مؤقتة ودائمة .. إلخ ، وشكلت الإعتقالات ظاهرة حيث طالت كل مخيم ومدينة ، كل بيت وحي ولم تعد هناك عائلة واحدة لم يذق أحد أبنائها مرارة الإعتقال أو لم تتألم هي الأخرى من مرارة تبعاته وأثاره … وعلى الرغم من ذلك لم يشكل الإعتقال عائقاً أمام نضالات شعبنا ولم يكن يوماً معيقاً لمسيرة نضال هذا المناضل أو ذلك ، كما لم ينجح الإحتلال في تحقيق أهدافه منه وهو إفراغ المناضل من محتواه الثوري وحتى الإنساني أو على الأقل تحييده عن خط الثورة والمواجهة ، بل بالعكس تماماً رسخت لدى أسرانا ومعتقلينا قناعات أكثر بعدالة القضية و بحتمية الإنتصار وغدت السجون محطات لإستراحة المقاتل وللتعبئة والإنطلاق من جديد فشّكلت رافداً مهماً للثورة المعاصرة وخير دليل على ذلك ان هناك مئات الآلاف ممن إعتقلوا أكثر من مرة وهناك من أمضوا سنوات طوال وتحرروا ليعودوا للثورة وللسجن من جديد .
حقيقة إن الإنسان منا لم يكن يرغب يوماً بالإعتقال بل يحاول قدر الإمكان تجنبه ليبقى في ساحة النضال الأرحب ، ولكن إن حصل ذلك فإنه يسعى للتكيف مع الجماعة على حياة الأسر وتقاليدها وأنظمتها ، ويبقى يعيش على الأمل متسلحاً به ، أمل التحرر إما بإنتهاء فترة محكوميته لمن يقضون فترات قصيرة أو ضمن عملية تبادل أسرى أو من خلال المفاوضات السياسية وخاصة بعد إتفاق اوسلو ، وهذه هي أشكال تحرير الأسرى والتي تقع على عاتق الشعوب والثورات والعناصر الموجودة خارج الأسر والمطلوب منها بإستمرار العمل على تحرير أسراها .
والعقود الأربعة الماضية شهدت عدة عمليات تبادل للأسرى ما بين الثورة الفلسطينية وحكومة الإحتلال وكانت أكبرها زخماً عملية التبادل بتاريخ 20 /5 /1985 حيث أفرج بموجبها عن 1150 أسير فلسطيني وعربي من السجون الإسرائيلية مقابل الإفراج عن 3 أسرى كانوا محتجزين لدى الثورة الفلسطينية ، كما وكانت هنالك محاولات عديدة بهذا الصدد .
والعقد الأخير وتحديداً بعد إتفاق أوسلو شهد إفراجات سياسية كبيرة وعلى دفعات شملت أكثر من عشرة آلاف تقريباً من الأسرى والمعتقلين ومن ضمنهم أسرى ذوي الأحكام العالية وأسرى من القدس وأسرى عرب ( الدوريات ) ... وحينما إندلعت إنتفاضة الأقصى لم يكن في السجون سوى 1314 أسير والبعض منهم إعتقل بعد إتفاق أوسلو ولم يتبقى منهم في السجون الآن سوى 807 أسير ومنهم فقط ممن هم معتقلون قبل أوسلو 431 اسير فلسطيني وعربي ، وهذا يعني أن إتفاق أوسلو وما تبعه من إتفاقيات سياسية كشرم الشيخ وواي ريفر حقق نجاحاً على هذا الصعيد وعلى فترات وبشكل متعرج ،وإن لم يكن بمستوى الطموح لكنه حقق الإفراج عن الآلاف من الأسرى والمعتقلين بالرغم مما اعتراه من ثغرات وسلبيات ، و هذه حقائق يجب أن نسجلها بغض النظر عن الموقف السياسي من هذا الإتفاق أو ذاك ،…وأنا بتقديري الشخصي أنه فيما لو لم تندلع إنتفاضة الأقصى لما بقىّ أحداً في السجون أو على الأقل ممن إعتقلوا قبل إتفاقيات أوسلو وهذا لا يعني بأن إندلاع الإنتفاضة هو العائق أمام تحرير الأسرى بل وجود الإحتلال وتعنته وممارساته القمعية هو السبب الذي قامت من أجله الإنتفاضة والتي وضعت ضمن أهدافها تحرير الأسرى والمعتقلين .
وخلال إنتفاضة الأقصى إعتقل أكثر من 30 ألف فلسطيني ويوجد منهم الآن في السجون والمعتقلات الإسرائيلية أكثر من 6500 معتقل وفي المقدمة منهم 13 أسير أمضوا أكثر من عشرين عاماً و3 أسرى أمضوا أكثر من ربع قرن ووحوالي 400 أسير أمضوا أكثر من عشر سنوات .. وفي السجون بعض القادة السياسيين لبعض التنظيمات الفلسطينية وأعضاء المجلس التشريعي مثل عبد الرحيم ملوح ، مروان البرغوثي ، حسام خضر ، ركاد سالم ، حسن يوسف ،..كما وأن هناك 37 أسير عربي أقدمهم الأسير اللبناني سمير قنطار والمعتقل منذ حوالي أكثر من 24 عاماً … والسلطة الوطنية الفلسطينية ومن خلال وزارة الأسرى تقدم للجميع وبدون إستثناء أو تمييز كافة إحتياجاتهم الأساسية ورواتب مادية شهرية بإعتبارهم جنود في هذا الوطن وأيضاً خدمات مميزة لعائلاتهم وذويهم .
وبتقديري الظروف السياسية والأمنية الساخنة الآن لا تسمح ولا تساعد على تحرير أحد ضمن مطالبنا وشروطنا وما جرى قبل شهرين من إفراجات خير دليل على ذلك ، على الرغم من أن الكل يدرك جيداً بأنه لا أمن ولا إستقرار في المنطقة دون الإفراج عن الأسرى … وفي الوقت الذي تتأزم فيه الأوضاع السياسية هنا في فلسطين يتردد لمسامعنا أخبار سارة تأتينا من الجنوب اللبناني الحبيب عن صفقة محتملة ومرتقبة لتبادل الأسرى ما بين حزب الله وحكومة إسرائيل .. فنتابع ، نترقب ، ننتظر ، نتأمل ، نناشد … وترنو الأنظار صوب بيروت ، أرض البطولة والتحرير … وتنطلق الكلمات كالبرق من خلف الأسوار تناشد القائد المجاهد حسن نصرالله وكل الإخوة في حزب الله بأن تشمل الصفقة اسماء أسرى فلسطينيين ومن كل مناطق فلسطين بدون إستثناء ولا سيما أولئك الذين رفضت إسرائيل الإفراج عنهم في الماضي وأيضاً ممن أمضوا سنوات طوال في الأسر تفوق السنوات التي عاشوها خارج الأسر ، بالإضافة للمرضى الذين يعانون من أمراض خطيرة وإعاقات مستديمة وكبار السن والأسيرات… وهذا حق طبيعي لهؤلاء الأسرى .
فقضية فلسطين هي ليست قضية الفلسطينيين فحسب بل قضية الأمة العربية والإسلامية وواجب الأمتين أن تناضلا من أجلها وأن تسعيا لتحرير الأسرى الذين إعتقلوا دفاعاً عن قضايا الأمتين العربية والإسلامية ، بل ومن الواجب القومي والإسلامي فعل ذلك … وأعجب لتلك الأصوات التي تحاول الإصطياد في المياه العكرة وتصور مطلبنا هذا بأنه ضعف وإستجداء منا وإحراجاً لسلطتنا الفلسطينية ، بل بالعكس هذا حق مشروع لنا ولأسرانا ، وسلطتنا الوطنية والقوى الوطنية والإسلامية لم تدخر جهداً من أجل تحرير الأسرى ، ونتمنى أن يشاركنا العرب والمسلمين في إنجاز هذه المهمة الصعبة و أن تكون هناك عملية تبادل ثانية مع الأردنيين وثالثة مع المصريين ورابعة مع الإيرانيين وخامسة مع السوريين فهذا يسعدنا فإننا ومعنا كل الشرفاء نسعد مع تحرير كل اسير حتى ولو أفرج عنه بشكل طبيعي ونحن أسرى محررين نعي جيداً حياة الأسر ومعاناتها ومعنى الحرية وسعادتها ، ونسعد أكثر مع تحرير المزيد من الأسرى وسنكون في قمة السعادة لو شاركنا العرب والمسلمين في تحرير كل الأسرى والمعتقلين كما نتمى أن يشاركونا في تحرير فلسطين فقضية الأسرى كما قضية فلسطين تحريرهم وتحريرها واجب الأمتين العربية والإسلامية ..
وفي الختام وللمرة المليون نحييى أخواننا المجاهدين في حزب الله وعلى رأسهم الأخ المجاهد حسن نصر الله ونشد على أياديهم بحرارة الثوار ونناشدهم بالإصرار على إدراج أكبر عدد من الأسرى الفلسطينيين ضمن أية عملية تبادل قادمة وثقتنا عالية بهم وبكل المخلصين والشرفاء في العالمين العربي والإسلامي ،وكلنا أمل وتفاؤل بأن يتحرر أسرانا خلال وقت قريب لينعموا بالحرية و ليعودوا الى ذويهم وأبنائهم وشعبهم والحرية لأسـرى الحرية .