الأسيرة المحررة ميرفت طه التي أنجبت طفلها في سجون الاحتلال تروي معاناتها
المولود الذي أبصر نور الحياة في ظلام سجون الاحتلال خرج إلى النور الحقيقي مع أمه المحررة
الإدارة تصادر هدايا الطفل وائل عقابا لأمه..
الاسيرة المحررة مرفت طه: الإنعتاق من السجون الإسرائيلية ولادة من جديد
الأسيرة المحررة ميرفت طه: فكوا قيودي قبل ربع ساعة فقط من الولادة
14 فبراير 2005
بعد اعتقال دام ثلاثة أعوام، كانت خلالها رهينة في سجون الاحتلال، وبانتهاء مدة محكوميتها منذ أسبوعين، خرجت ميرفت وعلى يدها طفل أبصر نور الحياة في ظلام السجن. ورغم عشرات الشهادات, التي تروي تفاصيل انتهاكات حقوق الإنسان داخل سجون الاحتلال، فإن ما حدث للأسيرة المحررة ميرفت طه (21 عاماً)، وطفلها الذي أبصر النور في زنازين الاحتلال، يبدو مختلفاً.
كانت ولادةً مقيدةً بالأغلال إذا جاز التعبير. فالطفل أبصر النور في زنازين الاحتلال، ليكون أصغر أسير فلسطيني، وليعاني في السجن من إدارة تصادر الألعاب والهدايا، التي قدمتها المؤسسات الدولية للطفل، ولتشمله العقوبات التي كانت تفرض على أمه قبل ولادته، مثل حرمانها من كل احتياجات المرأة الحامل.
وتروي ميرفت حادثة اعتقالها، قائلةً: عند الساعة الثانية عشرة في منتصف ليلة 29 أيار-مايو من العام 2002، اقتحم جنود الاحتلال الاسرائيلي، المدججين بالسلاح، منزلنا الواقع في حي العيسوية، شمال القدس المحتلة، بعد محاصرة الحيّ بالكامل. واقتادوني إلى مركز اعتقال "المسكوبية"، حيث بقيت فيه ثلاث ساعات، خضعت خلالها لتحقيق أولي كان مخيفاً جداً، ثم اقتادوني مكبلةً إلى زنازين مركز تحقيق الجلمة. وهناك أمضيت إثني عشر يوماً متواصلة، لم أكن أرى خلالها سوى المحققين، الذين لم يكفوا عن توجيه التهديد والوعيد لي طيلة فترة التحقيق.
وتضيف ميرفت: طكنت أخضع للتحقيق عشر ساعات يومياً، خلال الأيام الثمانية الأولى من
الاعتقال. وبعدها جرى تمديد مدة التحقيق بإثني عشر يوماً أخرى، تعرضت خلالها لأبشع
أنواع التعذيب، وهددوني بالقتل وباعتقال أشقائي وشقيقاتي ووالدي، وتعرضت للضرب
المبرح، كما منعت من الالتقاء مع المحامي".
وتؤكد ميرفت، بانفعال شديد، أن كل هذا كان يحدث ويداها مقيدتان إلى الخلف، وقدماها
مربوطتان إلى كرسي مثبت في الأرض، مشيرةً إلى أنها طلبت خلال فترة التحقيق إجراء
فحص طبي لمعرفة إذا ما كانت حاملاً أم لا. ولكنهم رفضوا، وكثفوا عمليات الضرب
والتعذيب.
وتضيف أنه، بعد انتهاء التحقيق، سمح لها بإجراء الفحص الطبي، وعلمت أنها تحمل في
أحشائها جنيناً. وبعد معاناة استمرت عاماً كاملاً، تنقلت خلاله بين عدد من سجون
الاحتلال، حكمت محاكم الاحتلال عليها بالسجن لمدة أربع سنوات، بحجة المشاركة في
مقاومة الاحتلال.
وتصف ميرفت يوم مخاضها داخل السجن، فتقول والدموع تنهمر من عينيها: بدأت آلام
المخاض عند الساعة الثانية عشرة ليلاً، ولم أخبر إدارة السجن حينها، خوفاً من
التعرض للعقاب. وعند السادسة من صباح اليوم التالي، الذي لن أنساه مدى حياتي، نقلت
إلى مستشفى سجن الرملة مكبلةً بالأغلال، وهناك رأى مولودي الأول وائل نور الحياة
عند الساعة السادسة من مساء الثامن من شباط- فبراير عام 2002.
وتضيف أنهم اعادوها، بعد يوم واحد فقط، إلى سجن الرملة، حيث ساعدها بعض المعتقلات هناك في الاعتناء بطفلها، خاصةً وأنها لم تكن بعد قد توفرت لديها الخبرة الكافية للتعامل مع الأطفال.
وهنا تشير مرفت إلى ان إدارة السجون لم تكترث بذلك، بل اتسعت مساحة عقوباتها لتشمل
حتى الألعاب والهدايا، التي قدمتها جمعية الصليب الأحمر الدولية لطفلها ولها عند
الولادة.
وتذكر ميرفت، وهي تذرف الدمع مدراراً من عينيها، أنها كانت تخشى إخراج طفلها معها
لـ"الفورة" (فسحة النزهة) اليومية مع بداية فصل الصيف، بسبب ارتفاع درجة الحرارة
وغياب المظلات، التي تقي الأسيرات حرّ الصيف، مشيرةً إلى أن هذا الطقس أثر بشكل
مباشر على الطفل، الذي أصبح أكثر عصبيةً وعدوانيةً وبكاءً، وبات يعاني من سوء
التغذية، فضلاً عن الإهمال الطبي.
وتشبّه ميرفت سجن "تلموند"، الذي قبعت فيه بعد نقلها وطفلها من سجن الرملة، بالمقبرة.
ولكن للأحياء فوق الأرض، مشيرةً إلى عدم توفر شروط الحياة الإنسانية فيه، حيث أنه
شديد البرودة، وتنتشر فيه الرطوبة، فضلاً عن الفئران والصراصير، وغير ذلك من
الزواحف والحشرات، بشكل كبير.
وتنوه ميرفت، في حديثها عن أحوال الأسيرات الفلسطينيات في سجون الاحتلال، إلى أن إدارة المعتقل لا تزال تمنع ممثلة الأسيرات من التواصل مع ممثلي الأسرى، وبالتالي أصبحت الأسيرات يعشن في عالم معزول، مشيرةً إلى أن الإدارة لاتسمح بإدخال اللحوم إلى الأسيرات إلا في المناسبات والأعياد، ولا تسمح لهن بإدخال مواد التطريز.
وتصف ميرفت يوم الإفراج عنها بأنه يوم ولادة جديدة، قائلةً إنها انتقلت من جو مليء بالبكاء والحزن، لحظة افتراقها عن زميلاتها في سجن "تلموند"، إلى شمس الحرية، التي انتشت بشعاعها الغامر، فضلاً عن انتشائها بالعناق الحار، من عائلتها وزوجها، لها ولطفلها، مشيرةً إلى أن أشقاءها حملوها، لدى وصولها إلى مدينة القدس، على أكتافهم وسط الزغاريد وهتافات النصر، كأنها عروس في يوم زفافها.
الإدارة تصادر هدايا الطفل وائل عقابا لأمه..
الاسيرة المحررة مرفت طه: الإنعتاق من السجون الإسرائيلية ولادة من جديد
بإمكاننا أن نتخيّل أو نتوقع الكثير من الاحتلال، ولكن لم يكن أحدٌ يتصوّر أن تصل لا انسانيتهم إلى هذه الدرجة في التعامل، ورغم عشرات الشهادات والقصص القادمة من سجون الاحتلال والتي تروي تفاصيل الإنتهاكات المرتكبة من قبل إدارة السجون التي يقبع فيها الأسرى الفلسطينيون، إلا أن ما حدث مع الأسيرة المحررة مرفت طه وطفلها الذي أبصر النور في زنازين الاحتلال يبدو مختلفا.
ولادة مقيدة بالأغلال.. طفل يبصر النور في زنازين الاحتلال، ليكون أصغر أسير فلسطيني.. إدارة تصادر الألعاب والهدايا التي قدمتها المؤسسات الدولية للطفل..عقوبات تفرض عليه بعد ولادته كتلك التي كانت تفرض قبلها عبر حرمان أمه من كل ما تحتاجه المرأة الحامل.
إنها الأسيرة المقدسية المحررة مرفت طه (21 عاما) التي أنجبت طفلها وائل في سجون الاحتلال التي تروي تفاصيل إعتقالها، تقول: "عند الساعة الثانية عشرة منتصف ليلة 29 أيار العام 2002، اقتحم جنود مدججون بالسلاح منزلنا الواقع في حي العيسوية شمال القدس المحتلة بعد محاصرة الحي بالكامل".
تستحضر ذكرياتها بمرارة وتضيف: "اقتادوني إلى مركز اعتقال المسكوبية، وبقيت فيه ثلاث ساعات خضعت خلالها لتحقيق أولي كان مخيف جداً، ومنه نقلت مكبلة إلى زنازين مركز تحقيق الجملة، وهناك أمضيت إثنا عشر يوماً متواصلة في زنازين التحقيق ولم أكن أرى سوى المحققين يهددون ويتوعدون".
وهناك كانت أيام التحقيق الأولى: "ثمانية أيام هي المدة الاولية خضعت خلالها لعشر ساعات يوميا من التحقيق، بعدها جرى تمديد مدة التحقيق بإثنتي عشر يوما أخرى، تعرضت خلالها لأنواع مختلفة من التعذيب، وهددوني بالقتل وباعتقال أشقائي وشقيقاتي ووالدي.. تعرضت للضرب المبرح كما منعت من الإلتقاء بالمحامي".
وتؤكد الاسيرة المحررة بأنفعال شديد كل هذا كان يحدث ويداها مقيدة للخلف وقدماها مربوطتان بكرسي مثبت بالأرض، مشيرة إلى أنها طلبت خلال فترة التحقيق "إجراء فحص طبي لمعرفة اذا كنت حامل أم لا، ولكنهم رفضوا وكثفوا عمليات الضرب والتعذيب".
وتضيف: "وبعد انتهاء التحقيق سمح لي بإجراء الفحص الطبي وعلمت انني أحمل في أحشائي جنينا، وبعد معاناة إستمرت عاما تنقلت خلالها بين عدد من سجون الاحتلال، حكمت من قبل محكمة الاحتلال بالسجن لمدة أربع سنوات بحجة المشاركة في مقاومة الاحتلال".
واغرورقت الموع في عيني مرفت وهي تصف يوم ولادتها داخل السجن الاسرائيلي، فتقول: "بدأت أوجاع الولادة عند الساعة الثانية عشرة ليلا، ولم أخبر إدارة السجن عندها خوفا من أن أتعرض للعقاب، وعند السادسة صباح اليوم التالي الذي لن أنساه في حياتي، نقلت إلى مستشفى سجن الرملة مكبلة بالأغلال وهناك رأى مولودي الأول وائل النور عند الساعة السادسة مساء من يوم الثامن من شباط العام 2002، وبعد يوم واحد فقط أعادوني إلى سجن الرملة.
وهناك ساعدتني بعض السجينات في الاعتناء بطفلي، خصوصا انه لم تكن تتوفر لي الخبرة الكافية بالتعامل مع الأطفال بعد، أما إدارة السجون فلم تكترث بذلك، بل إمتدت عقوباتها لتشمل حتى الألعاب والهدايا التي قدمها الصليب الأحمر لي عند الولادة".
وعن المعاناة في رعاية رضيعها تقول مرفت: "بت أخاف إخراجه للفورة اليومية (النزهة) مع بداية فصل الصيف بسبب ارتفاع درجات الحرارة وغياب المظلات التي تقي الأسيرات حر الصيف، هذا الجو الذي كنت أعيشه أثر بشكل مباشر على الطفل الذي بات أكثر عصبية وعدوانية وبكاءً وأصبح يعاني من سوء التغذية والإهمال الطبي".
وفي حديثها عن أحوال الأسيرات الفلسطينيات في سجون الاحتلال توضح مرفت أن إدارة المعتقل لا تزال تمنع ممثلة الاسيرات من التواصل مع ممثلي الأسرى، وبالتالي أصبحت الأسيرات يعشن في عالم معزول، مشيرة إلى أن الإدارة لا تسمح بإدخال اللحوم للأسيرات إلا في المناسبات والأعياد، ولا تسمح لهن بإدخال مواد التطريز.
وفي وصف مختصر لسجن تلموند الذي كانت تقبع فيه بعد نقلها وطفلها من سجن الرملة قالت "أنه مقبرة للأحياء فوق الأرض، فلا تتوفر فيه شروط الحياة الانسانية، وهو شديد البرودة والرطوبة وتنتشر فيه الحشرات والصراصير والفئران بشكل كبير".
"يوم الافراج... يوم ولادة من جديد" هكذا تعتبره الأسيرة مرفت طه التي تقول: "انتقلت من جو مليء بالبكاء والحزن لحظة فراقي لزميلاتي في سجن التلموند، الى شمس الحرية التي اكتست بالعناق الحار لي ولطفلي من قبل عائلتي وزوجي، عند وصولي لمدينة القدس حملني أخوتي على أكتافهم كالعروس يوم زفافها وسط الزغاريد وهتافات النصر".
الأسيرة المحررة ميرفت طه: فكوا قيودي قبل ربع ساعة فقط من الولادة
12 فبراير 2005 م
يعانين ويعشن آلاما مبرحة، ويقاسين جراحا غائرة، لا يملكن إلا الصمت والتنهد والصبر على مرارة الأيام وقسوة الظروف. هذه أحوال الأسيرات الفلسطينيات القابعات خلف قضبان سجون الاحتلال كما تقول الأسيرة المحررة ميرفت طه 22 عاما من مدينة القدس والتي اعتقلت عام 2002 وحكم عليها بالسجن أربع سنوات في اتصال هاتفي مع جمعية حسام .
وتقول اعتقلت أواخر آيار 2002 عندما كنت في التاسعة عشرة من عمري وكنت حاملا في الشهر الثاني ورغم ذلك فالسجان الإسرائيلي لم يرحمني وغرف التحقيق المذلة لم تتجاهلني فقد واجهت مرارة التعذيب في غرف التحقيق حيث الجلوس على كرسي وأنا مكبلة الأيدي والأرجل. وتتحدث ميرفت حول الطعام وتقول إن الإدارة تقدم وجبتين من الطعام الرديء والسيئ للأسيرات ما يضطر كثيرا منهن الى تركه وشراء طعام من الكنتين ومن تعترض على الطعام تعاقب إما بغرامات مالية أو حرمان من زيارة الأهل، مضيفة أن هناك أساليب متعددة للتعذيب كانت تمارس ضد الأسيرات وأهمها التعذيب النفسي والضرب والتفتيش المستمر بالإضافة الى الاستفزازات الدائمة. وتصف ميرفت معاناتها داخل الأسر وتؤكد أن معاناتها ازدادت عندما أنجبت طفلها البكر وائل داخل الأسر وبمزيد من الأسى تصف رحلة العذاب التي مرت بها أثناء ولادتها وتقول أخذت أتألم منذ الساعة الثانية عشرة ليلا حتى السادسة صباحا وأخبرت إدارة السجن أنني على وشك الولادة وتم نقلي للمستشفى الساعة الثامنة صباحا وأنا مكبلة اليدين حتى نهاية اليوم وقبل ربع ساعة من الولادة تم فك القيد لمدة ليلة واحدة فقط قضيتها في المستشفى ثم في اليوم الثاني تمت إعادة تكبيلي وأعدت الى الأسر رغم الحالة المرضية والتعب الشديد والإرهاق الذي كنت أعانيه وهكذا يكون الطفل الرضيع وائل قد أطلق أولى صرخاته داخل معتقل الرملة الإسرائيلي بتاريخ 8/12/2002 فلم يجد من يحتضنه أو يرضعه حتى بعد أن سلمته إدارة السجون لأمه في اليوم الثاني من ولادته إذ كانت أمه تعاني من آلام في الصدر ولم تتمكن من أرضاعه في وقت لم تقدم إدارة السجن الحليب الصناعي إلا مرتين فقط.
وتسترسل ميرفت طه في وصف مرارتها في التفكير الدائم بمستقبل طفلها داخل السجن فتقول إنها كانت دائمة الخوف على ابنها حيث إنه في الشهور الأولى عانى من ضيق في النفس ومن برودة السجن القاسية التي لا يتحملها الكبار البالغون خاصة في ظل ارتفاع نسبة الرطوبة أو الحر فيه وعدم وجود طعام خاص بطفلها بالإضافة الى قلة خبرتها في التعامل مع الأطفال حديثي الولادة وعدم وجود من يساندها من أصحاب الخبرة والتجربة داخل السجن. وتقول بمرارة شديدة إن الأطفال يولدون ليعيشوا حياة مليئة باللعب والضحك ولكن وائل الطفل البريء لم يجد أمامه سوى الاختباء الدائم في حضن أمه للبكاء أو النوم بعد تعب طويل في البحث عن لعبة تستهويه أو طعام يسد جوعه مشيرة الى أنه بدا في الأشهر الأخيرة من الأسر أكثر عدوانية وعصبية وكثير البكاء وأصبح التعامل معه أكثر صعوبة حيث إنه بحاجة ماسة الى الخروج واللعب مع أطفال آخرين مثله. وأوضحت ميرفت "عندما اقترب وائل من إنهاء السنتين من عمره كان من المقرر فصله عن حضانتي بتاريخ 8/2/2005 فتقدمت بطلب الى محكمة الشليش للنظر في قضيتي والإفراج عني حيث كنت قد أنهيت ثلثي المدة وطلبت منهم تخفيف مدة حكمي فرفضت المحكمة في البداية ثم تم استئناف الحكم ثانية ووافقت المحكمة أن تفرج عني وطفلي مراعاة لطفلي الصغير".
ووصفت ميرفت لحظة خروجها من الأسر بالعرس الكبير حيث الأهل والأقارب والزوج كلهم كانوا في انتظارها واستقبلوها بالفرحة والزغاريد بالإضافة الى وسائل الإعلام التي كانت في المكان تغطي الحدث. وطالبت المؤسسات الحقوقية المدافعة عن حقوق الإنسان من أجل وضع حد للممارسات الإذلالية ضد الأسرى والأسيرات كما طالبت الصليب الأحمر بتكثيف زيارته للأسرى للاضطلاع الدائم على أوضاعهم ودعت الحكومة الفلسطينية ووزير الأسرى لأن يبذلوا قصارى جهودهم لضمان حرية الأسرى كافة من المعتقلات الإسرائيلية.
بقلم ميرفت شرقاوي
11 شباط 2005
السويد
تحية ملؤها الحب والفخر للأخت ميرفت طه الأسيرة المحررة
أختي الغالية لقد أخجلتني عندما وقفت أمام حروف كلماتك وأنا اقرأ ما عانيته
شعرت بصغر حجمي وضحكت من نفسي وأنا التي دائما ما تحاول أن تكتب عن المعاناة
فأين هي معاناتي مما عايشته أنت وطفلك الصغير اعترف لك بعجزي وخوفي لو كنت مكانك ولكنك أنت التي تحملت حملا تنوء بحمله الجبال وناءت بحمله دول أو دويلات
تحية لصبرك وقوتك في مواجهة من عجزت عن مواجهته جيوشنا العربية المغوارة ، وقياداتنا الجسورة
تحية لخروجك من أسرك وأنت تسطرين وتسجلين في كتب التاريخ شجاعتك وصمودك الذي طالما سمعنا عنه في مذياع وأبواق دولنا العربية دون أن نراه
تحية لرفيقات زنزانتك اللاتي وقفن بجانبك فانصهرت الأنا وذابت في صورة من التضامن والحب من اجل الكل تحية لطفلك البريء من حقد الصهيوني المحتل والشامخ في وجه أقزام السياسيين في امتنا وانصاف الشجعان في زمننا
لقد قلت يا اخية بأن سجن تلمود كان مقبرة فوق الأرض ولكن بوجود أرواحكم فيه جعلتموه يعج بصخب ا لحياة الحرة الكريمة بعكس حريتنا السجينة المدفونة فينا
لم تستطيعي يا اخية إرضاع طفلك الصغير بسبب سوء التغذية ولكنك أرضعته الكبرياء وحب الوطن وذاكرة لن تشيخ وتصاب بالنسيان لما رآه عندما أبصرت عيناه نور روحك الشامخة وتغطى وشعر بحنان ودفء تضحيتك في سبيل الوطن
لقد ذرفت الدموع عند فراقك لصديقاتك في الأسر حين حان وقت الوداع والإفراج عنك لتمتزج بعد ذلك دموع الوداع بدموع فرحة اللقاء بأهلك وزوجك وطفلك فهذا هو قدرنا يا اخية أن تمزج دموع فرحنا بحزننا
تحية لوالدتك التي تحملت الم فراقك
تحية لزميلات الأسر اللاتي ننتظر لقاؤهن
عندما يتحرر العربي من قيود ذله وهوانه
تحية لهذا الشعب المعطاء
تحية لك من القلب وسلامي وتمنياتي لك بالصحة والخير