سجل في مفكرتك

التحدي

لقد كتبت في رسالتي السابقة عن

" يوسف ستالين "

وكيف كان يواجه الجلادين..

ولا أخفيكم أنني حاولت أن التمس طريقا لي، نحو

بعضا من صفات هذا القائد ، وذلك حين أخرجني الجلادين قبل أيام إلى

باحة السجن ، حيث كان يقف مدير السجن وعدد من ضباطه وجنوده ،

على اثر مشادة كلامية بيني وبين احد الحراس حين تصديت له عندما

حاول أن يعتدي على احد الإخوة في ذات الغرفة ،

ومدير السجن هذا، كان ضابطا في سلاح المظلين، عريض المنكبين،

طويل القامة، حنطي البشرة، متجهم الوجه دائما، من الواضح انه قـد

أصيب بمرض الجدري، الذي ترك ندوبا بارزة في وجهه، كان حاقـدا

بامتـياز على كل ما هو عربي وفلسطينـي أو مناضل ، أو له علاقة

بالعمل الفدائي والمقاومة ، وقد تم اختياره خصيصا وبعناية لان يكون

في هذا الموقع حيث ان كافة نزلاء السجن" عسقلان" هم من رجال

الدوريات الفدائية المقاتلة

أو ممن صدرت بحقهم أحكاما طويلة الأمد ،

… تتعدى مدى الحياة

وقد كانوا يعتبروننا الفئة الأكثر خطورة من حيث الوعي والتدريب

مما كان يجعلهم يتخـذون كل إجراءات الحـد الأعلى من المحاصرة

والتعـذيب والمواجهـة  و القمع اليومي ، وهي الأسبـاب ذاتها التي

جعلتهم يختارون مسئولا عسكريا متشددا وفاشيا لقيادة السجـن، ...

وقد علمنا من مصدر مقرب منهم ، أن هذا المدير كان من الهاربين

من الجيوش النازية أثناء الحرب الكونيـة الثانية

وكان لا يتحدث معنا الا باللغة العبرية فقط ،

لذلك كان احد الحراس الدروز يلازمه للترجمة..وكان اسمه"حايوت"..

لن أنسى ذلك اليوم، وتلك اللحظة، حين سألني

لماذا ضربت الحارس ؟؟             -

- لم اضربه، بل هو من اعتدى على زميلي..

أنت حاولت ضربه -

هذا غير صحيح ، والحارس يكذب..-

كانت يداي مقيدتان إلى خلف ظهري، حين وجه لكمة قوية

وعلى فمي تحديدا إلى وجهي,

شعرت للحظـة بالـدوار

يسقط احد اسناني من مكانه,وفي فمي

حيث بقيت محتفـظا به ولم أبصقه ،

أو ابتلعه مع الدم الذي ابتلعته..

,رغم كل الضرب المبرح الذي أصابني

من قبل عصابـة الإجرام المرافقـة له ،

حينها تذكرت

" ستاليـن " ،

وتذكرت أن من يتمنى لو انه كان جنـديا تحت قيادتـه غير مسموح

له أن يضعف أمام الجلاد ، لذلك قررت أن اصمد وان ابصق دمي

في وجه المجرم....

اقتادني الحراس بعدها إلى زنزانة انفرادية ، أربع عشرة يوما ،

تكون وجبات طعامي في الأسبوع الأول

ثلاث وجبات في اليوم.." قطعة خبز وصحن ماء "

كجزء من العقوبة " الميدانية"التي يصدرها زعيم القتلة ،بحق

….. المناضلين والأسرى

محمود التعمري

من/افكار متناثرة من رسائل سرية مهربة

سجن المجدل –عسقلان-

1971