الإخوة الأعزاء جميعاً :

تحية حارة وبعد ،

نرسل لكم مقال مهم أعدته الزميلة المحامية " تغريد جهشان " ، وهو بمثابة رأي قانوني مهم جداً ، و نرجو دراسته بتمعن ، والاستفادة القانونية منه ، والسعي الجاد للعمل وفقاً لبنوده ، بما يضمن تحقيق حق الأسرى في تقديم امتحانات التوجيهي لهذا العام والأعوام المقبلة ، وعدم السماح بسلب هذا الحق من قبل إدارة مصلحة السجون .

أخوكم

عبد الناصر فروانة

 

معاً لأجل إنجاح مسار امتحانات التوجيهي في السجون الإسرائيلية

 

بقلم / المحامية / تغريد جهشان

مستشارة قانونية لجمعية نساء لأجل الأسيرات السياسيات

11-5-2010

رفع الأسرى السياسيون في السجون الإسرائيلية مطلباً جوهرياً بالحق بتقديم امتحانات التوجيهي كجزء لا يتجزأ  من حقهم الأساسي بالتعليم داخل هذه السجون .

وقد رفع الأسرى مطالب أخرى من خلال الخطوات الاحتجاجية بداية الشهر الماضي لا تقل أهمية عن المطلب أعلاه ، إلا أنه في هذا السياق سيتم التطرق إلى هذا المطلب فقط ، لا سيما ونحن على أبواب نهاية العام الدراسي واقتراب امتحانات التوجيهي .

 

بالحقيقة أن نص هذا المطلب بهذه الصيغة – الحق بتقديم امتحانات التوجيهي – به الكثير  من الإشكالات خاصة أنه لا يوجد أي قانون أو أمر يمنع إجراء هذه الامتحانات ، لا بل العكس هو الصحيح إذ أن إدارة مصلحة السجون وضعت تعليمات خاصة لترتيب هذا الموضوع في أمر مأمورية السجون رقم 04.49.02 بتاريخ 11-5-2009 .

من هنا تكمن أهمية المطالبة بأمور محددة عينية تتعلق بإجراءات هذه الامتحانات ، بحيث يتم تعديل بنود الأمر أعلاه ليضمن حق تقديم كل أسير لهذه الامتحانات دون استثناء .

أهم بنود هذا الأمر :-

6- صلاحية قرار إجراء هذه الامتحانات منحت لمأمور مصلحة السجون ليصبح المقرر بإجراء ذلك بعد التشاور مع الجهات المعنية آخذاً بعين الاعتبار الأوضاع الأمنية .

هذا البند يعني أن إجراء هذه الإمتحانات منوط بمقاييس ومعايير مأمور السجون المتعلقة بتفسير الأوضاع الأمنية .

لذلك يجب أن يكون الطلب بتعديل هذا البند ليصبح كالتالي : - تجرى امتحانات التوجيهي في السجون الإسرائيلية في موعدها السنوي المحدد .

2- يحق فقط لسكان المناطق ( كما جاء تعريفهم بالأمر ) التقدم للإمتحان ، ويعني ذلك منع أسرى القدس والداخل من جراء هذا الإمتحان .

طبعاً يجب المطالبة بالغاء هذا البند كلياً .

3- يحق للأسير والموقوف والموقوف الإداري إجراء هذا الإمتحان ، بشرط عدم وجود مانع أمني أو سلوكي .

الشق الأول مهم جداً خاصة أنه في كثير من الأحيان كان يمنع الموقوف من تقديم الإمتحان ، أما بالنسبة للشق الآخر ، أي اشتراط عدم وجود مانع أمني أو سلوكي ، فهذا سوف يتم التطرق إليه باسهاب فيما يلي .

4- لا توجد أية معلومات عن الممتحَن ( بفتح الحاء ) تفيد أن سبب اعتقاله هو ذريعة لإجراء الإمتحان داخل السجن .

جاء نص هذا البند على خلفية ادعاءات قد تكون حقيقية أو غير ذلك ، بأن الكثيرين من الطلاب يفضلون إجراء هذا الإمتحان في السجون وبالتالي يفتعلون أية مخالفة قانونية للتسبب باعتقالهم .

طبعاً يجب حذف هذا البند إذ لا يمكن معاقبة أي شخص ارتكب مخالفة قانونية مرتين مهما كانت المخالفة ومهما كان الدافع .

5- تمنع دراسة موضوع الكيمياء والبيولوجيا والفيزياء والمواضيع الأخرى التي ترتبط بها خطورة أمنية .

ان مثل هذا التحديد خاصة لمن درسوا هذه المواضيع ( القسم العلمي ) يعني عدم تمكنهم عملياً من تقديم الإمتحانات وبالتالي يجب إلغاء هذا التقييد . 

6- يحق لمدير السجن منع أي أسير من التقدم للامتحان لأسباب أمنية ، سلوكية وأخرى ..

هذا البند به خطورة كبيرة إذ هو منفذ يستغل لعقاب الأسير بمنعه من تقديم هذه الإمتحانات ، لذلك يجب المطالبة بالغاء هذا البند أيضاً ، فلا يمكن تصور أي سبب أمني يمنع ممارسة مثل هذا الحق الأساسي ، إضافة لذلك من غير المقبول ان ترتبط الموافقة على إجراء الإمتحان بتصرفات الأسير داخل السجن .

 

جمعية نساء لأجل الأسيرات السياسيات عالجت هذا الجانب الهام من الموضوع في سنة 2004 بالتعاون مع جمعية حقوق المواطن في اسرائيل .

بحيث تم تقديم التماس للمحكمة المركزية في تل –أبيب ضد قرار مصلحة السجون بمنع عدد من الأسيرات من تقديم هذه الإمتحانات لأسباب سلوكية ، ومن بين الأسيرات اللواتي منعت سعاد غزال التي تنهي هذا العام دراستها الجامعية بموضوع القانون في جامعة النجاح .

المحكمة المركزية رفضت الإلتماس مما حدا بالجمعية تقديم طلب استئناف للمحكمة العليا وقد تركز طلب الإستئناف حول تعريف ماهية ومكانة الحق بالتعليم كحق أساسي لا يمكن سلبه من الأسير عن طريق تعريفه كمعروفية أو إكرامية ، مثل الحق باستقبال وإرسال الرسائل ، استعمال الهاتف ، زيارة الأهل وغير ذلك .

ان تعريف حق تقديم امتحانات التوجيهي من قبل مصلحة السجون كإكرامية أو معروفية يعني بالتالي أن مصلحة السجون تستطيع ان تمنح هذا الحق أو تمنعه – كأية معروفية – كيفما تشاء عقاباً على تصرف أو سلوك تعتبره سلبياً .

ادعاءات الجمعية ترتكز بالأساس على عدة نقاط أهمها :-

أن الحق بالتعليم الثانوي وتقديم امتحان انهاء المرحلة الثانوية لم يرد بالأمر رقم 04.17.00 المتعلق بمنح المعروفيات وسلبها وما ورد في هذا الأمر كمعروفية هو الحق بالتعليم الجامعي بواسطة المراسلة والحق بالمشاركة بجولات تعليمية خارج السجن ..

هذه الأمور يمكن سلبها كعقاب تأديبي .

إضافة لذلك ان سلب حق التعليم والتقدم للإمتحان معناه فرض العقاب مرتين على سلوك معين ، إذ انه وكالمعتاد عند أي تصرف يعتبر سلبي يُعاقب الأسير على ذلك بواسطة محكمة تأديبية تفرض عليه شتى أنواع العقاب كالعزل ، منع زيارات الأهل ، دفع غرامة وغير ذلك ..

المحكمة ومن خلال المداولات المختلفة لم تترك مجالاً للشك بأنها تتبنى ادعاءات الإستئناف بأكملها .

وبناءً على ذلك طلبت من مصلحة السجون إعادة النظر بموقفها من اجل السماح لجميع الأسيرات بتقديم الإمتحانات ، وإلا ستصدر قرارها بذلك .

مصلحة السجون ولكي تمنع استصدار قرار قضائي قد يشكل سابقة قانونية قامت بالتراجع عن موقفها وأعلنت للمحكمة أنها ستسمح لجميع الأسيرات بتقديم امتحان التوجيهي .

ونقطة مهمة في هذا السياق هي التعاون والتنسيق الذي تم بين وزارة التربية والتعليم في السلطة الوطنية الفلسطينية والجمعيات ، بوساطة اتحاد لجان المرأة للعمل الاجتماعي ، إذ أن إجراءات المحكمة استمرت عدة أشهر ، والأسرى قدموا الإمتحانات وانتهى موعد التقديم ، إلا أن وزارة التربية والتعليم الفلسطينية قامت بارسال تعهد بإجراء الامتحانات للأسيرات في حال تغيير قرار إدارة مصلحة السجون الإسرائيلية ،  وهذا ما حصل فعلاً ، وهذا التعهد كان أساساً لاستمرار المداولات القضائية ، إذ لو لم يكن هذا التعهد قائماً وموجوداً ، لرفضت المحكمة الإسرائيلية البت بالموضوع لأن امكانية تقديم الإمتحان لم تعد عملية ، وأصبحت نظرية فقط ، والمحكمة ترفض البت عادة بأمور نظرية .

السؤال الذي يطرح نفسه .. ما هي الخطوات التي يجب اتخاذها والحال كما ورد أعلاه .

أولاً :- الإتفاق بين جميع الجهات المعنية  ( وزارة الأسرى ، الأسرى ، الجمعيات القانونية التي تتابع أوضاع الأسرى ) على توحيد الجهود والمطالب المتعلقة بامتحانات التوجيهي .

ثانياً :- استمرار المطالبة بممارسة الحق الأساسي بالتعليم وتقديم الامتحانات مع التعديلات المقترحة في هذا المقال أو التي لم يتم التطرق إليها ، عبر اللقاءات مع إدارة السجون أو من خلال الخطوات الاحتجاجية للأسرى ، بما يضمن حق الأسرى في تقديم التوجيهي في كل عام كحق ثابت .

ثالثاً:- التوجه إلى القضاء في حال عدم تلبية إدارة مصلحة السجون لهذه المطالب  .

 

وأخيراً لا يسعنا إلا أن نأمل بأن تستجيب مصلحة إدارة السجون والجهات المعنية لهذا المطلب العادل للأسرى والمطالب الأخرى المطروحة من قبل الأسرى .

 

المحامية / تغريد جهشان

مستشارة قانونية لجمعية نساء لأجل الأسيرات السياسيات

11-5-2010