|
في الذكرى الـ59 لليوم العالمي لحقوق الانسان
الجرائم الإسرائيلية تتواصل دون ملاحقة لمرتكبيها
*بقلم / عبد الناصر عوني فروانة
9 ديسمبر 2007
يصادف غداً العاشر من كانون الأول / ديسمبر الذكرى التاسعة والخمسين لليوم العالمي لحقوق الإنسان وهو اليوم الذي أعلنت فيه الأمم المتحدة صدور الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ليضع أسس عالمية جديدة في التعامل مع الإنسان وإحترام إنسانيته وكرامته وقدسية الحياة الإنسانية ، والإعتراف بالكرامة المتأصلة في جمع أعضاء الأسرة البشرية وبحقوقهم المتساوية الثابتة كأساس للحرية والعدل والسلام في العالم .
ولقد تضمن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ثلاثين مادة ، تكفل للبشرية حياة تتمتع فيها بالكرامة والحرية والأمن والآمان ، كجوهر لكرامة الإنسان .
وقد كفل الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ، للإنسان حقه في الحياة ، أي حق الإنسان في حريته وأمنه الشخصي ، ونصت المادة الأولى " يولد جميع الناس أحراراً متساوين في الكرامة والحقوق، وقد وهبوا عقلاً وضميراً وعليهم أن يعامل بعضهم بعضاً بروح الإخاء " ، فيما كفلت المادة الثانية حق الإنسان بالتمتع بكافة الحقوق والحريات الواردة في هذا الإعلان، دون أي تمييز، كالتمييز بسبب العنصر أو اللون أوالجنس أواللغة أوالدين أو الرأي السياسي أو أي رأي آخر، أو الأصل الوطني أو الاجتماعي أو الثروة أو الميلاد أو أي وضع آخر، دون أية تفرقة بين الرجال والنساء.
كما وتضمنت المواد الأخرى حق الإنسان في الحياة والحرية وسلامة شخصه والحق في التعلم والعمل والضمانة الإجتماعية وحرية الرأي والتعبير، بما في ذلك حرية اعتناق الآراء دون أي تدخل، وحمايته من الرق والإستعباد والتعذيب والمعاملات القاسية والإعتقال أو الإحتجاز التعسفي والنفي القسري والإبعاد .
ومنحت الإنسان حق التنقل واختيار محل إقامته داخل حدود كل دولة ، وحظرت التدخل التعسفي في حياته الخاصة أو حياة أسرته أو مسكنه أو مراسلاته أو الحملات على شرفه وسمعته، واعتبرت ان كل انسان متهم بجريمة هو بريء إلى ان تثبت ادانته قانوناً بمحاكمة علنية وعادلة تؤمن له فيها الضمانات الضرورية للدفاع عنه ، والكثير من الحقوق الأخرى التي تضمنها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ، والتي كانت أكثر من رائعة في نصوصها وكلماتها فيما لو احترمت وترجمت على أرض الواقع .
وباختصار شديد فإن حقوق الانسان والتي تسمى أيضاً الحقوق الطبيعية الأساسية ،هي تلك الحقوق التي لا نستطيع العيش كبشر بدونها ، وانها تمكننا من أن نطور ونستعمل على نحو كامل خصالنا الانسانية وقدراتنا العقلية ومواهبنا وضمائرنا ، وأن نفي بإحتياجاتنا الروحية وغيرها.
وفي الوقت الذي تحتفل فيه الأمم المتحدة بالذكرى التاسعة والخمسين للإعلان العالمي لحقوق الإنسان ، فأن مبادئ ذاك الإعلان ، وما تلاها من إتفاقيات ومواثيق ذات العلاقة تداس وتنهك على مدار اللحظة وأمام مرأى ومسمع المجتمع الدولي الذي صاغ وأقر تلك النصوص ، دون أن يحرك ساكناً ، ولا زالت تلك النصوص بمجملها حبراً على ورق بالنسبة للشعب الفلسطيني ...!
فالشعب الفلسطيني لا يزال يتعرض للعدوان الإسرائيلي وجرائمه المختلفه ، ولا زالت حقوقه الإنسانية والإقتصادية والإجتماعية والثقافية تنهك على مدار اللحظة وبشكل لم يسبق له مثيل .
فحياة الإنسان الفلسطيني وحياة أسرته وأطفاله ليست آمنه ، فيما يستمر حرمانه من العمل والعلاج والطعام والتنقل والسفر والتعلم وحتى من المواد الغذائية الأساسية ، في ظل تصاعد سياسة القصف والإغتيالات واقتلاع الأشجار والتشريد والإبادة ، والإستمرار في بناء الجدار العنصري واقامة مئات الحواجز التي قطعت أوصال الوطن .
ولا زالت عشرات المقابر الإسرائيلية التي تسمى بالسجون والمعتقلات منتشرة على طول الوطن وعرضه ، يرزح بداخلها آلاف المواطنين الأبرياء بينهم مئات الأطفال والشيوخ والنساء ، بينهم القائد السياسي والنائب المنتخب ، والطبيب والمعلم والطالب ، في ظل تصاعد حملات الإعتقال التعسفي واختطاف المواطنين العزل واحتجاز مئات المواطنين ادارياً بسبب آرائهم ومعتقداتهم السياسية .
ولا زال قطاع غزة تحديداً يخضع لحصار سياسي واقتصادي خانق ، أدى الى ازدياد معدل البطالة والفقر بين سكانه ، مما حوله إلى سجن هو الأكبر في العالم ، بل قد تكون الأوضاع الإنسانية في بعض السجون في العالم أفضل منها في قطاع غزة .
فالجرائم الإسرائيلية تتواصل والإنتهاكات تتصاعد ، ولربما كان سجل العام 2007 الأكثر سوءاً في انتهاكات حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني في الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ العام 1967 ، والسؤال من يكفل للإنسان الفلسطيني حقوقه الانسانية ؟.
ومن هنا نناشد المجتمع الدولي أن يتحمل مسئولياته الأخلاقية والإنسانية وأن يعمل على حماية القانون الدولي وأن يصون اتفاقياته التي تُضرب بعرض الحائط ، ويضمن تطبيقها وتنفيذها على كافة شعوب العالم بما يكفل للإنسان أينما وجد حقوقه الأساسية وكرامته وحقه في الحياة ، وأن يكف عن ممارسات التمييز والتسييس وازدواجية المعايير والكيل بمكيالين والانتقائية وثنائية المفاهيم ...الخ ، والعمل الفوري على وضع حد للانتهاكات وجرائم الحرب الإسرائيلية المنفذة ضد المدنيين الفلسطينيين، ورفع الحصار المفروض على الشعب الفلسطيني وخاصة في قطاع غزة ، وإرسال لجنة تحقيق دولية محايدة على وجه السرعة للتحقيق في جرائم الحرب التي تقترفها قوات الاحتلال الإسرائيلي بحق الشعب الفلسطيني ، ومحاسبة مقترفيها.
فالشعب الفلسطيني سُلبت حقوقه التاريخية منذ عقود وانتهكت ولا زالت تنهك حقوقه الأساسية ، وهو لا زال يمارس حقه في النضال من أجل استرداد حقوقه المشروعه وصون كرامته وتحرير أسراه ، ولا زال يتطلع الى حل عادل لقضيته ، ويأمل من كل أحرار العالم مساعدته ومساندته في استرداد حقوقه المسلوبة وإقامة دولته الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف .
واليوم مناسبة للتأكيد على حق شعبنا في أن يحيا حياة حرة كريمة تُحترم فيها حقوق الإنسان وتصان كرامته .