في الذكرى الـ67 للإعلان العالمي
دولة الاحتلال تصادر حقوق الإنسان
بقلم / عبد الناصر عوني فروانة
10-12
تصادف يوم العاشر من كانون الأول/ ديسمبر الذكرى السابعة والستين للإعلان العالمي لحقوق الإنسان وهو اليوم الذي أعلنت فيه الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1948 الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، ليضع أسس عالمية جديدة في التعامل مع الإنسان و احترام إنسانيته وكرامته وقدسية الحياة الإنسانية، والاعتراف بالكرامة المتأصلة في جمع أعضاء الأسرة البشرية وبحقوقهم المتساوية الثابتة كأساس للحرية والعدل والسلام في العالم.
ولقد تضمن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ثلاثين مادة، تكفل للبشرية حياة تتمتع فيها بالكرامة والحرية والأمن والآمان ، كجوهر لكرامة الإنسان، وتحيي هذه المناسبة العديد من المؤسسات المعنية بحقوق الإنسان بطرق وأشكال مختلفة في كافة أرجاء العالم.
ولقد كفل الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، للإنسان حقه في الحياة، أي حق الإنسان في حريته وأمنه الشخصي ، ونصت المادة الأولى "يولد جميع الناس أحراراً متساوين في الكرامة والحقوق، وقد وهبوا عقلاً وضميراً وعليهم أن يعامل بعضهم بعضاً بروح الإخاء" .
فيما كفلت المادة الثانية حق الإنسان بالتمتع بكافة الحقوق والحريات الواردة في هذا الإعلان، دون أي تمييز، كالتمييز بسبب العنصر أو اللون أو الجنس أو اللغة أوالدين أو الرأي السياسي أو أي رأي آخر، أو الأصل الوطني أو الاجتماعي أو الثروة أو الميلاد أو أي وضع آخر، دون أية تفرقة بين الرجال والنساء .
كما وتضمنت المواد الأخرى حق الإنسان في الحياة والحرية وسلامة شخصه ، والحق في التعلم والعمل والضمانة الاجتماعية وحرية الرأي والتعبير، بما في ذلك حرية اعتناق الآراء دون أي تدخل، وحمايته من الرق و الاستعباد ، والتعذيب والمعاملات القاسية والاعتقال أو الاحتجاز التعسفي والنفي القسري والإبعاد .
ومنحت الإنسان حق التنقل واختيار محل إقامته داخل حدود كل دولة ، وحظرت التدخل التعسفي في حياته الخاصة ، أو حياة أسرته أو مسكنه أو مراسلاته أو الحملات على شرفه وسمعته .
واعتبرت ان كل انسان متهم بجريمة هو بريء إلى ان تثبت ادانته قانوناً بمحاكمة علنية وعادلة تؤمن له فيها الضمانات الضرورية للدفاع عنه ، والكثير من الحقوق المدنية و الاجتماعية و الاقتصادية والثقافية الأخرى غير "القابلة للتجزئة" التي تضمنها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والتي كانت أكثر من رائعة في نصوصها وكلماتها فيما لو احتُرِمَت وتُرجِمَت على أرض الواقع.
كما وأن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان كان المصدر الأول المباشر للمعاهدة الدولية ضد التمييز بحق النساء عام 1979، وأيضاً المعاهدة الدولية ضد التعذيب عام 1984، بالإضافة للمعاهدة الدولية لحقوق الطفل عام 1990 وإنشاء المحكمة الجنائية الدولية عام 1998.
وباختصار شديد فإن ذاك الإعلان كان المقدمة الأساسية كما قلنا في البداية لأسس عالمية جديدة في التعامل مع الإنسان واحترام انسانيته، وأن الحقوق الطبيعية الأساسية للإنسان ،هي تلك الحقوق التي لا نستطيع العيش كبشر بدونها، وانها تمكننا من أن نستعمل على نحو كامل خصالنا الإنسانية ، وأن نطور قدراتنا العقلية ومواهبنا وضمائرنا، وأن نفي باحتياجاتنا الروحية وغيرها.
وفي الوقت الذي تحتفي فيه الأمم المتحدة ومؤسسات دولية أخرى بالذكرى السابعة والستين، فان مبادئ الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، التي تحدثنا عن جوهرها آنفاً، وما تلاها من اتفاقيات ومواثيق ذات العلاقة ُتداس وتُنهك على مدار اللحظة، وأمام مرأى ومسمع من المجتمع الدولي الذي صاغ وأقر تلك النصوص، دون أن يحرك ساكناً، ولا زالت تلك النصوص بمجملها حبراً على ورق بالنسبة للشعب الفلسطيني عامة وأسراه خاصة ...!
ولا زالت حقوق الإنسان الفلسطيني الإنسانية و الاقتصادية و الاجتماعية والثقافية تنهك على مدار اللحظة وبشكل لم يسبق له مثيل من قبل دولة الاحتلال الإسرائيلي.
فحياة الإنسان الفلسطيني وحياة أسرته وأطفاله ليست آمنه، فيما يستمر حرمانه من العمل والعلاج والطعام وحرية الحركة والتنقل والسفر والتعلم وحتى من المواد الغذائية الأساسية.
ولا زالت عشرات السجون والمعتقلات الإسرائيلية تكتظ بآلاف المواطنين المدنيين بينهم مئات الأطفال والشيوخ والنساء والمرضى والمعاقين، وبينهم أيضاً نواب منتخبين، وقيادات سياسية وكفاءات علمية وأكاديمية ..الخ. هذا في ظل تصاعد حملات الاعتقال الجماعية واحتجاز مئات المواطنين ادارياً بسبب آرائهم ومعتقداتهم السياسية، وتعرضهم لتعذيب قاسي ومميت مشرَّع قانوناً من قبل الجهات السياسية والقضائية . فضلا عن احتجاز مئات الجثامين لشهداء فلسطينيين في ما يُعرف "بمقابر الأرقام" أو ثلاجات الموتى عقاباً لهم بعد موتهم، وعقاباً جماعياً لذويهم وحرمانهم من إكرامهم ودفنهم وفقاً للشريعة الإسلامية، في جريمة تعتبر وفقاً للقانون الدولي جريمة أخلاقية ودينية وقانونية .
تحل الذكرى الـ67 هذا العام والانتهاكات الإسرائيلية تتواصل وتتصاعد وتتسع، والجرائم بحق المدنيين المحميين تتزايد. والسؤال الذي يطرح نقسه اليوم من سيحمى نصوص الإعلان العالمي لحقوق الإنسان من تعديات دولة الاحتلال؟
ومن سيكفل للإنسان الفلسطيني حقوقه الإنسانية المسلوبة من قبل الاحتلال الإسرائيلي ؟.
ومن هنا نناشد المجتمع الدولي لاسيما المنظمات الدولية والأمم المتحدة وممن سيشاركون في إحياء هذه المناسبة في كافة بقاع العالم، أن يتحملوا مسئولياتهم الأخلاقية والإنسانية والقانونية، وأن يعملوا على حماية القانون الدولي وأن يصونوا اتفاقياتهم التي تُضرب بعرض الحائط من قبل دولة الاحتلال الإسرائيلي، وأن يضمنوا تطبيقها وتنفيذها على كافة شعوب العالم بما يكفل للإنسان أينما وجد حقوقه الأساسية وكرامته وحقه في الحياة، وأن يكفوا عن ممارسات التمييز والتسييس وازدواجية المعايير والكيل بمكيالين والانتقائية وثنائية المفاهيم ...الخ .
وفي الختام نؤكد على أن من حق شعبنا في أن ينعم بالأمن والسلام، وأن يحيا أبنائه حياة حرة كريمة تُحترم فيها حقوق الإنسان الفلسطيني وتصان كرامته، في ظل دولة فلسطينية حرة ومستقلة وعاصمتها القدس الشريف، وذلك صوناً للنصوص الجميلة التي تضمنها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ..
تنويه/ المقال نشر في مثل هذا اليوم من عام 2011 ، وبعنوان (إسرائيل واليوم العالمي لحقوق الإنسان)، ونعيد نشره بعد اجراء بعض التعديلات عليه .. فاقتضى التنويه