وزارة الأسرى والمحررين : الحصار على قطاع غزة فاقم معاناة الأسرى وذويهم   

 

فلسطين – 27-10-2008 – قالت وزارة الأسرى والمحررين اليوم ، بأن الحصار المفروض على قطاع غزة منذ عام ونيف فاقم من معاناة المعتقلين وذويهم ، حيث حرم أسرى قطاع غزة من زيارة أبنائهم في سجون الإحتلال الإسرائيلي .

    جاء ذلك في سياق ورقة عمل بعنوان " تأثيرات الحصار والحواجز على المعتقلين الفلسطينيين وذويهم ، لا سيما معتقلي قطاع غزة  " مقدمة باسم وزارة الأسرى والمحررين أعدها وقدمها مدير دائرة الإحصاء بالوزارة عبد الناصر فروانة مساء اليوم ، خلال مشاركته في المؤتمر الدولي الذي نظمه برنامج غزة للصحة النفسية ومنظمة الصحة العالمي في كل من غزة ورام الله تحت عنوان " الحصار والصحة النفسية .. الحواجز والجسور "

وفي بداية كلمته قدم فروانة باسمه وباسم وزارته ووزيرها السيد اشرف العجرمي ، جزيل الشكر الى برنامج غزة للصحة النفسية ومنظمي المؤتمر لادراجهم قضية الأسرى على جدول أعمال المؤتمر.

وتناولت الورقة أحدث البيانات والمعطيات الإحصائية مبينة بوجود أكثر من تسعة آلاف معتقل بينهم ( 88 ) اسيرة و( 274 ) طفل ومن بين هؤلاء ( 339 ) أسير معتقلين منذ ما قبل أوسلو ومنهم ( 87 ) أسير مضى على اعتقالهم أكثر من عشرين عاماً ،  فيما بينهم ( 11 ) أسير أمضوا أكثر من ربع قرن بشكل متواصل ، وأن لكل واحد من هؤلاء قصصه ومعاناته .

وبين ان أن سلطات الإحتلال اعتقلت قرابة 9000  مواطن ومواطنة خلال عام ونيف من الحصار وسجل خلال نفس الفترة أكثر من  2500 قرار اعتقال إداري، ما بين اعتقال جديد وتجديد الاعتقال، مشيرا إلى استشهاد ستة أسرى خلال فترة الحصار.

 

ولفت فروانة الى ان قوات الإحتلال الإسرائيلي تتعامل مع الأسرى على أنهم جزء من الشعب الفلسطيني المستهدف دائماً ، دون مراعاة لأوضاعهم و احتياجاتهم ، أوحقوقهم وفقاً للمواثيق الدولية، وتمارس بحقهم ما تمارسه بحق شعبهم من قمع وتنكيل وتعذيب وقتل ، بذات المضمون ولكن بأشكال مختلفة ، بهدف اذلالهم وتجويعهم وعزلهم عن العالم الخارجي ، وقتلهم ببطئ جسدياً ونفسياً ومعنوياً ، هذا بدلاً من أن توفر لهم أبسط حقوقهم التي تكفلها المواثيق والإتفاقيات الدولية ، وأن قائمة الانتهاكات قد تصاعدت خلال الحصار بشكل غير مسبوق والهجمة على الأسرى اشتدت قساوتها ، وأن الانتهاكات بحق المعتقلين بلا حدود بدءاً من الإعتقال ومرورا بالتعذيب والإهمال الطبي والحرمان من اداء الشعائر الدينية واغلاق حسابات الكنتينة ومصادرة الأموال وليس انتهاءا بالحرمان من الزيارات ، دون منح الأسرى أي من الحقوق التي تنص عليها المواثيق والعراف الدولية.

واستطرد فروانة قائلاً بأن كل هذه الإنتهاكات وأكثر منها تصاعدت كماً ونوعاً وسُجل خلال عام ونيف من الحصار أفظع الإنتهاكات الإنسانية وأكثرها انحطاطاً وقسوة بحقهم ، وارتكبت خلاله ادارة مصلحة السجون ومن خلفها حكومة الإحتلال انتهاكات طويلة بحق الأسرى والأسيرات ، وليس هناك من تشابه على الإطلاق ما بين الواقع المرير داخل سجون ومعتقلات الإحتلال وما بين النصوص الجميلة الرائعة التي تناولتها المواثيق والإتفاقيات الدولية .

وقال فروانة في مداخلته أنه ومنذ أسر الجندي الإسرائيلي " جلعاد شاليط "أواخر حزيران 2006 ، من قبل الفصائل الفلسطينية في غزة ، منعت قوات الإحتلال أعداد كبيرة من أهالي الأسرى من زيارة أبنائهم بشكل فردي تحت ما يسمى " المنع الأمني " أو بشكل جماعي من خلال عدم انتظام جدول الزيارات ، ولكن منذ منتصف حزيران من العام الماضي أخذ منحى أكثر قسوة وجماعية واتخذ قراراً يحرم بموجبه جميع أهالي الأسرى من زيارة أبنائهم في سجون الإحتلال  بشكل كامل كعقاب جماعي.

وقدر عدد معتقلي قطاع غزة بنحو ( 890 ) معتقل منهم 3 أسيرات وعدد من الأطفال والشيوخ وكبار السن والمرضى والأسرى القدامى ، وبينهم ( 132 ) أسير معتقلين منذ ما قبل أوسلو وبين هؤلاء ( 18 أسير ) مضى على اعتقالهم أكثر من عشرين عاماً ، وأقدمهم هو الأسير سليم الكيال المعتقل منذ مايو – آيار 1983 .

 

وأشار فروانة في كلمته الى أن الحرمان الجماعي من الزيارات  يعتبر قرار غير مسبوق ، حيث لم يسبق وأن فرض حصار على الأسرى وذويهم بهذا الشكل وطوال تلك المدة وبشكل جماعي وبقرار رسمي  منذ العام 1967 ، وأن والحرمان من الزيارة ،  يعني أيضاً حرمان الأسير من تلقي أموال " الكنتينا " عن طريق الأهل ، والملابس الشتوية والأغطية الضرورية والأدوية ، مما فاقم من معاناة الأسرى خلال فصل الشتاء تحديداً حيث عانى الأسرى من قلة الأموال التي يمكن أن يشتروا بها حاجياتهم الأساسية من مقصف السجن " الكانتينا " ، في ظل النقص الحاد في المواد الغذائية والطعام كماً ونوعاً المقدمة من قبل ادارة السجون ، كما وعانوا أيضاً من شحة الأغطية والملابس الشتوية مما أدى الى اصابتهم  بالعديد من الأمراض ، وأيضاً عدم تمكنهم من تلقي الأدوية الضرورية التي كانت ادارة السجن تسمح بدخولها أحياناً عن طريق الأهل  .

وأكد فروانة على أن الحرمان من زيارات الأهل تشكل  معاناةً قل نظيرها في الوقت الحاضر، وهي معاناة مركبة تثقل كاهل الأسرى وأقاربهم في آن واحد ، وتشكل ضربة نفسية قاسية بحقهم ، وهو عقاب جماعي يترك آثاراً نفسية صعبة مضاعفة على نفسيات الطرفين ، ويخلق فجوة في العلاقة الإجتماعية فيما بينهما .

مضيفاً الى أن ذوي الأسرى يعيشون حالة من القلق المستمرة على ابنائهم ، في ظل الأخبار الساخنة التي تأتيهم من السجون والتي تعكس حجم المعاناة التي يحياها الأسرى ومدى الخطورة التي يتعرضون لها ، لا سيما في ظل اشتداد الهجمة القمعية عليهم وعلى منجزاتهم ، وبالمقابل يعيش الأسرى حالة من القلق الشديد على ذويهم في ظل سياسة القمع الإسرائيلية المتبعة ضدهم في قطاع غزة ، هذا في ظل انقطاع آليات التواصل والإتصال فيما بين الطرفين .

وتساءل فروانة في مداخته ماهو ذنب الطفل الصغير حتى يتجرع مرارة حرمانه من لقاء أبيه أو شقيقه ، وما هو ذنب الشيخ العجوز حتى يحرم من لقاء ولده ؟؟

 

متطرقا إلى الآثار السلبية على ذوي الأسرى جراء الحواجز الكثيفة في الضفة الغربية والقدس، والتي تفاقم من معاناتهم أثناء توجههم لزيارة أبنائهم، حيث يواجهون أصنافا من العذاب والتنكيل والإذلال على تلك الحواجز.

حيث وإن تمت تلك الزيارات فإنها تشكل رحلة معاناة إضطرارية ، تبدأ من لحظة الخروج في ساعات الصباح الباكر من البيت ، ومروراً عبر العشرات من الحواجز العسكرية المنتشرة بكثافة على الطرقات ومداخل المخيمات والمدن والتي ازدادت بشكل ملحوظ خلال انتفاضة الأقصى في الضفة الغربية ، ويتخللها الإذلال والإنتظار الطويل وامتهان للكرامة ،وحين الوصول للسجن أو للمعتقل البعيد جداً عن أماكن سكناهم ، فإنهم  يتعرضون لمعاملة سيئة وتفتيشات مذلة ويضطرون للإنتظار طويلاً أمام بوابة السجن قبل السماح لهم بالزيارة ، وأحياناً يعتدى عليهم بالضرب ، وفي أحياناً كثيرة يعودون الى بيوتهم دون زيارة أبنائهم وتحت ذرائع واهية تسوقها إدارة السجن ، وعودتهم في ساعات المساء تشكل هي الأخرى معاناة جديدة عبر المرور بعشرات الحواجز العسكرية .

وأشار فروانة إلى أن سلطات الإحتلال أقرت العديد من القوانين والإجراءات القانونية خلال فترة الحصار كالقانون المسمى ' مقاتل غير شرعي ' الذي نفذ بحق عدد من أسرى قطاع غزة والذي يتيح احتجازهم لفترات طويلة دون محاكمات، وكذلك تفعيل قانون ' خصخصة السجون ' وتحويلها من القطاع الحكومي العام إلى القطاع الخاص، إضافة إلى مطالبة وزير الجيش الإسرائيلي ايهود باراك من المستشار القانوني الإسرائيلي بمنحه مزيداً من الغطاء القانوني لتضييق الخناق على الأسرى وذويهم وحرمان مزيداً من الأسرى من زيارات ذويهم.

وهذا يعني أن الحرمان الجماعي لزيارات الأهل لن يكون  مقتصراً على أسرى قطاع غزة بل سيمتد ليطال عدد كبير من الأسرى الفلسطينيين من مناطق فلسطينية أخرى ، وبغطاء قانوني اسرائيلي وحصانة قضائية وهنا تكمن الخطورة .

 

يذكر أن قرابة نصف ذوي الاسرى محرومين من زيارة أبنائهم فرادى وجماعة ، واذا أقر القانون الجديد أو الإجراءات المطالب بها ، فهذا يعني أن قرابة ثلثي الأسرى سيحرمون من الزيارة ، وهذا من شأنه أن يخلق أجواء متوترة داخل السجون وقابلة للإنفجار في أي لحظة .

وأكدت وزارة الأسرى بأنها تبذل قصاري جهودها لتخفيف آثار الحصار عن الأسرى وذويهم بشكل عام ودون تمييز أو استثناء  ، رغم الصعوبات التي تواجه عملها في قطاع غزة .

 

ودعا فروانة المجتمع الدولي بكافة مؤسساته الحقوقية والإنسانية بالتدخل لوضع حد للحصار ولآثاره على الأسرى وذويهم بشكل خاص، والسماح لهم باستئناف زيارات الأهل كحق مشروع كفلته جميع المواثيق الدولية.