داوود الخطيب.. عريس مع وقف التنفيذ وشهيد بانتظار الدفن

 

 

  |  الاثنين 07 سبتمبر 2020 - 10:39 ص

 

لم يمهل المرض الأسير الفلسطيني داوود طلعت الخطيب 3 أشهر، حتى يُفرج عنه بعد اعتقال دام أكثر من 18 سنة أمضاها في سجون الاحتلال؛ كي يستطيع زيارة قبر والديه وشقيقه الأصغر أشرف، الذين توفوا خلال فترة اعتقاله ليقضي نحبه في زنزانته بعد أن تفشى المرض في أنحاء جسمه.

 

وكانت عائلة الخطيب في مدينة بيت لحم، مسقط رأس الأسير داوود الذي يبلغ من العمر (46 عاما)، تنتظر الرابع من كانون الأول/ ديسمبر المقبل، وهو موعد الإفراج عنه على أحر من الجمر، كي تحتفي بالإفراج عنه وتقوم بعقد قرانه، إلا أن القدر كان أسرع منها، ليقضي نحبه في سجن "عوفر" الأربعاء الماضي، وتتحول الاحتفالات المنتظرة إلى مراسم عزاء.

 

وكانت سلطات الاحتلال قررت قبل وفاة الخطيب تأجيل الإفراج عنه حتى الرابع من كانون الأول/ ديسمبر، بعدما كان من المقرر الإفراج عنه في 11 أيلول/سبتمبر الجاري أي خلال هذا الأسبوع حيث تنتهي مدة محكوميته البالغة 18 سنة و5 أشهر؛ بعد ضبط هاتف نقال مع الأسير في داخل السجن.

 

ويروي عبدالله، الشقيق الأصغر للشهيد، حكاية داوود الذي تم اعتقاله قبل 18عاما، بتهمة مقاومة الاحتلال وكيف مرت هذه السنوات على عائلته وهو داخل الأسر.

 

وقال الخطيب لـ "قدس برس": "داوود هو الأخ الأكبر لنا ونحن عائلة تتكون من 8 ذكور و3 إناث وكانت علاقته بنا جميعا متميزة قبل اعتقاله عام 2002 وزادت بعد اعتقاله حيث كنا خلال الزيارات نشاوره في كل صغيرة وكبيرة تخص العائلة".

 

وأضافت: "خلال فترة اعتقال أخي داوود توفي والدي عام 2014، تلاه شقيقي الأصغر اشرف الذي كان يعاني من مرض السرطان عام 2015، ثم توفيت والدتي عام 2018، ومرت علينا الكثير من المناسبات وهو بعيد عنا".

وأشار إلى أن والدته كانت الأكثر تأثرا باعتقال داوود، وكانت تواظب على زيارته قبل أن تمرض، حيث منعها المرض من زيارته لمدة عامين، إلى أن فارقت الحياة دون أن تراه، وهي كانت أمنية حياتها أن يطيل الله في عمرها كي تحتضنه قبل موتها.

 

وأوضح الخطيب أن شقيقه الذي تنقل بين عدد من السجون أجرى عام 2017 عملية جراحية في القلب اثر جلطة قلبية أصابته آنذاك، مشيرا إلى انه منذ آذار/ مارس الماضي لم تتم زيارته بسبب فيروس "كورونا"، مشيرا إلى أن الجلطة القلبية تكررت معه ليتوفي متأثرا بها.

وأكد على أن العائلة كانت تجهز لاستقباله بعد الإفراج عنه، وقد جهزت له شقته الخاصة به كي يتزوج فيها، منوها إلى أن شقيقاته كن يسعين، من أجل أن يختاروا له شريكة حياته بعد موافقته حال خروجه من السجن، مستدركا بالقول "لكن قدر الله كان أسرع منا".

 

وعلى الرغم من إدراك العائلة، أن سلطات الاحتلال لم تقم بتسليم أي جثمان أسير قضى في سجون الاحتلال خلال السنوات الماضية، إلا أنها تقوم بعمل الإجراءات اللازمة من اجل استلام جثمانه ودفه، والمتابعة مع هيئة الأسرى والمحررين (وزارة الأسرى سابقا) التي قدمت طلبا عبر محاميها للقضاء الإسرائيلي لاستلامه، دون أن يأتي أي رد على ذلك.

 

وأكد الخطيب أنهم بدأوا بإجراء الاتصالات مع كافة الجهات الحكومية والحقوقية، لاستلام جثمان شقيقه، وعدم احتجازه كبقية الأسرى الذين قضوا في سجون الاحتلال، من أجل إلقاء النظرة الأخيرة عليه دفنه، لا سيما وأنهم لم يروه منذ أشهر طويلة بسبب منع الزيارات.

 

وفاة الخطيب في سجنه،  تضيفه إلى سابقيه من ضحايا الإهمال الطبي المتعمد من قبل إدارة سجون الاحتلال، الذي بات يحصد المزيد من الضحايا في صفوف الأسرى الفلسطينيين، حيث أدى الإهمال الطبي المتعمد حتى الآن إلى وفاة 70 أسيرا من أصل 225 أسيرا قضوا في سجون الاحتلال منذ عام 1967، وذلك بحسب إحصائية رسمية لهيئة شؤون الأسرى والمحررين (وزرة الأسرى والمحررين سابقا).

 

وقال رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين قدري أبو بكر لـ "قدس برس": "الأسير داوود الخطيب تعرض مساء الأربعاء الماضي لجلطة قلبية مفاجئة داخل زنزانته في سجن عوفر، وقد استدعى الأسرى إدارة السجن التي حاولت إنعاشه، لكن لعدم استجابته للصدمات الكهربائية جرى نقله إلى مستشفى إسرائيلي".

 

وأضاف: "بعد نقله إلى المشفى بساعة تقريبا أعلن الاحتلال عن استشهاده حيث كانت الجلطة حادة".

وأشار أبو بكر إلى أن الخطيب تعرض عام 2017 لجلطة مشابهة، وأجريت له عملية قلب مفتوح، منوها إلى أنها تكررت الأربعاء وعلى إثرها فارق الحياة.

 

وأوضح أن هيئة شؤون الأسرى والمحررين قدمت طلبا رسميا لسلطات الاحتلال وعبر محاميها من اجل استلام جثمانه، لدفنه في مسقط رأسه في مدينة بيت لحم؛ لأنه لم يتبق على مدة محكوميته سوى 3 شهور، ولم تتلقى ردا بهذا الخصوص.

 

وأشار إلى أن دولة الاحتلال لم تقم خلال الفترة السابقة بتسليم أي جثمان من الذين قضوا في سجون الاحتلال لاسيما أصحاب الأحكام العالية، وتربط ذلك بجنودها الأسرى لدى المقاومة الفلسطينية في غزة.

 

من جهته حمّل عبد الناصر فروانة المختص في شؤون الأسرى دولة الاحتلال المسؤولية الكاملة عن حياة الأسير الخطيب.

 

وقال فروانة لـ "قدس برس": "الشهيد الخطيب هو واحد من الأسرى المرضى، الذين كانوا يعانون مرض مزمن في القلب وطالبنا بالإفراج عنهم، وهو أحد ضحايا الإهمال الطبي المتعمد، ولم يتم تقدم له الرعاية الصحية في السجن رغم علم إدارة الاحتلال بحالته الصحية".

 

وطالب فروانة بكسر الحصار عن السجون، ومطالبة المؤسسات الدولية بإرسال وفد طبي دولي محايد لزيارتها، والعمل على الإفراج عن الأسرى المرضى وكبار السن، خاصة وان دولة الاحتلال أفرجت عن مئات السجناء الإسرائيليين منذ بدء أزمة "كورونا"، وترفض الإفراج عن الأسرى الفلسطينيين، معتبرا ذلك "تمييز عنصري صارخ".

 

وشدد فروانة على ضرورة تسليط الضوء على سوء الأوضاع الصحية في السجون وسياسة الإهمال الطبي وحجم الاستهتار الإسرائيلي بحياة وصحة الأسرى قبل وبعد وخلال أزمة "كورونا".

 

وأشار إلى انه باستشهاد الخطيب يرتفع عدد شهداء الحركة الأسيرة منذ العام ١٩٦٧ إلى ٢٢٥ شهيدا، بينهم 70 أسيرا قضوا جراء الإهمال الطبي، هذا بالإضافة إلى مئات آخرين استشهدوا بعد خروجهم من السجن متأثرين بأمراض ورثوها عن السجون.

 

وأوضح فروانة انه يوجد في سجون الاحتلال 700 أسير مرضى بينهم 300 أسير يعانون من أمراض خطيرة مثل: السرطان، والفشل الكلوي، والقلب، والشلل الكامل، وهم بحاجة إلى رعاية مستمرة وإجراء عمليات جراحية عاجلة.

 

وأشار إلى انه توفي في سجون الاحتلال 13 أسيرا  منذ عام 2018، وما تزال "إسرائيل" تحتجز جثامين 5 منهم وترفض تسليمهم لذويهم من أجل دفنهم.

 

 

http://www.qudspress.com/index.php?page=show&id=63679&fbclid=IwAR2dkrmEZspDPUj7XJqhniC-_DvAyuuOheZRbeQQo-aw0a0fyIcQxuUirRM