فروانة : عميد أسرى الخليل يدخل عامه الـ30 في سجون الإحتلال
غزة – 7-1-2011 – قال الأسير السابق ، الباحث المختص بشؤون الأسرى عبد الناصر فروانة ، بأن عميد أسرى الخليل ، وخامس أقدم أسير على الإطلاق ، أحد أبرز قائمة " جنرالات الصبر " وهو الأسير " ابراهيم جابر " ، قد أتم اليوم عامه التاسع والعشرين ، ليدخل عامه الثلاثين في سجون الإحتلال الإسرائيلي بشكل متواصل .
مضيفاً بأن الأسير " إبراهيم فضل ناجي جابر " ( 57 عاماً ) ، كان قد اعتقل في الثامن من يناير عام 1982 ، بتهمة الانتماء لحركة ( فتح ) وقتل ثلاثة اسرائيليين في القدس ، وحكم عليه بالسجن المؤبد ثلاث مرات ، وهو موجود الآن في سجن ( ريمون ) المقام في صحراء النقب جنوب فلسطين .
و كان قد جُند ونُظم لحركة ( فتح ) من قبل الشهيد القائد " أبو جهاد " مباشرة ، اثناء زيارة له للعاصمة الأردنية " عمان " عام 1977 والالتقاء هناك بالشهيد أبو جهاد .
وأشار فروانة الى أن الأسير " ابراهيم جابر " كان قد تزوج عام 1975 ورزق بثلاثة أبناء وبنت ، وحين اعتقاله كان " فتحى" وهو أكبرهم لم يتجاوز السادسة من عمره ، و فاطمة لم تبلغ الرابعة من عمرها ، وزياد كان عمره أقل من سنتين ، فيما نجله ( فرج ) أنجبته والدته بعد اعتقاله ببضعة شهور ، حيث أنه اعتقل وزوجته حامل في شهورها الأولى .
والأقسى أنه حرم طوال فترة اعتقاله من احتضان نجله ( فرج ) ، ولا يزال يحلم باحتضانه دون قضبان ، أو حتى خلف القضبان و داخل أسوار وغرف السجن كما حصل مع نجله البكر ( فتحي ) .
جمعته فتح والمقاومة بنجله البكر في السجن 7 سنوات
وأوضح فروانة بأن الأسير " إبراهيم جابر " كان يحلم بالعودة لبيته واحتضان أبنائه دون قيود وبعيداً عن أعين السجان ، ولكن للاسف ظلت القيود واستمر السجان في مراقبته ، فاعتقل نجله ( فتحي ) في السنوات الأولى من انتفاضة الأقصى وبالتحديد عام 2001 ، وصدر بحقه حكماً بالسجن ( 15 عاماً ) ، بتهمة مقاومة الإحتلال والإنتماء لحركة ( فتح ) ، ليلتقي بوالده في السجن وليمضي معه ( 7 سنوات ) هي الأجمل في عمر الإثنان ، قبل أن يُطلق سراح الإبن ضمن " الإفراجات السياسية " في أغسطس عام 2008 ، فيما لا يزال الأب قابعاً في سجون الإحتلال .
كان يحضنه في اليوم عدة مرات ..
وخلال اتصال هاتفي أجراه فروانة مع نجله البكر والأسير السابق ( فتحى ) يقول الأخير : ( اعتقل والدي وأنا لم أتجاوز السادسة من عمري ، ومع ذلك كنت أعتقد بأنني أعرف والدي من خلال الصور والزيارات المتقطعة ، ولكن حينما أعتقلت وعشت معه في نفس الغرفة لسبع سنوات هي مجموع فترة اعتقالي ، اتضح لي بأنني لم أكن أعرفه من قبل ، وأنني تعرفت عليه من جديد ، فنشأت علاقة الإبن بالأب وشعرت وللمرة الأولى في حياتي بحنان الأب وعطفه ... ) وبعد تنهد عميق يستطرد قائلاً : ( قصتي مع والدي ولقائي به في السجن تصلح لأن تكون سيناريو مسلسل أو قصة لفيلم ، تعكس مدى شوق الأب الأسير لأبنائه ، لأسرته ، لأطفاله ، لأحبائه .
فطوال الست شهور الأولى من اللقاء داخل غرفة السجن ، كان يحضنني في اليوم مرات ومرات ، وينادي علىّ ويجلسني في حضنه ، أو أن يضع رأسي على قدميه وكان يعاملني وكأنني لا زلت طفلاً ، أو أنه يريد تعويض ما فاته من العمر بجانبنا أو أنه يريد أن يستذكر ويستعيد تلك السنوات التي أمضاها معنا قبل الأسر حينما كان يحضنني..
كنت سعيداً جداً والحديث لنجله " فتحي " بذاك اللقاء الذي كان في سجن نفحة الصحراوي رغم مرارة السجن والسجان وبتلك المشاعر التي انتابتنا ، لدرجة لا توصف ولا يمكن أن توصف ، وبذات الوقت كنت أشعر بالألم ، لأنني أحسست كم كان والدي يتألم ونحن بعيدين عنه .. شعرت وبصدق بحجم معاناته ... )
ويختتم ( فتحي ) حديثه لفروانة ( وحينما غادرت السجن ، أجهش بالبكاء ، فعين بكت فرحاً بتحرري ، وأخرى بكت ألماً على فراقي ، ومشاعره اختلطت ما بين الفرح والحزن ، ما بين الرغبة في أن تطول فترة لقائي به وبقائي معه في الأسر رغم مرارته ، وما بين رغبته في أن تمر الدقائق والساعات سريعة كي أعود الى بيتي وأن لا أمضى ما تبقى من سنوات فترة حكمي ... متساءلاً لا أعرف متى سألتقي به من جديد ، وهل سيكون اللقاء داخل السجن أم خارجه ؟ ) .
واليوم وخلال اتصال آخر بالإبن البكر " فتحي " يقول الأخير ( لم تعد الأعوام تعني لنا شيئاً ، فهي مجرد أرقام اضافية ، فمعاناة الحرمان تفوق عدد النين بايامها وساعاتها ، فالسجن أفقدنا الإحساس بسعادة الحياة ، وسنوات الفراق الطويلة باتت ثقل على رؤوسنا ، تؤرقنا وتقلقنا على حياة والدنا وتزيدنا شوقاً لرؤيته والعيش معه السنوات المتبقيه من حياته .
واستطرد قائلاً : تخيل أن اجمل سني حياتي كانت مع والدي في السجن ، تخيل أن ذاكرتي لم يسجل فيها أني عشت مع والدي سوى في غرفة يحرسها سجان ، في سجن نفحة السجن الأكثر قساوة ، ومع ذلك كانت الأجمل في ذاكرتي ..
لم يُسمح للأبناء بزيارته ..
وفي ساق متصل أكد فروانة بأنه نادراً ما يُسمح للأبناء بزيارة أبيهم ، فيما تتولى زوجته " أم فتحي " بزيارته باستمرار ، وتصف الزيارة بأنها رحلة معاناة حقيقية حيث تستغرق أكثر من 15 ساعة نتيجة للحواجز العسكرية العديدة والمنتشرة في الطريق والإجراءات التعسفية من قبل الجنود وحراس السجن ، في ظل معاملة قاسية ، فهي تخرج من بيتها في منطقة البقعة بالخليل الساعة الرابعة فجراً ، متجهة لسجن ( ريمون ) الملاصق لسجن نفحة في صحراء النقب حيث يقبع هناك زوجها الأسير ( إبراهيم جابر ) ، لتعود لبيتها مساءً ، و أحياناً في منتصف الليل .
ولقد سُمح لنجله " زياد " 31 عاماً ، بزيارته لمرة واحد العام المنصرم بعد منع استمر 7 سنوات .
وأعرب ( فتحي ) " 34 عاماً " النجل البكر للأسير " جابر " عن أمله في أن يشهد العام الجديد 2011 اطلاق سراح والده وكافة الأسرى القدامى .