فلسطين خلف القضبان

www.palestinebehindbars.org

 

 

 

أحد جنرالات الصبر

فروانة : أسير يدخل عامه الـ29 ، والسجن و" فتح" جمعته بنجله 7 سنوات

كانت هي الأجمل في حياته

 

غزة – 7-1-2010 – قال الأسير السابق ، الباحث المختص بشؤون الأسرى عبد الناصر فروانة ، بأن الأسرى في سجون الإحتلال الإسرائيلي ليسوا مجرد أرقام وبيانات ، بل انتماء وقضية ، مآثر وبطولات ، قصص وحكايات ، وحكاية الأسير " هاني جابر " أحد أبرز قائمة " جنرالات الصبر " ، هي واحدة من تلك الحكايات التي حملت في ثناياها ما تفخر به النفوس وتعتصر له القلوب وتذرف له الدموع.

داعياً كافة المؤسسات المعنية بالأسرى وحقوق الإنسان والتي تمتلك الإمكانيات البشرية والمادية الى الإرتقاء بمستوى فعلها ومساندها ودعمها للأسرى القدامى من خلال تسليط الضوء على معاناتهم وابراز حكاياتهم مع الأسر وما تعرضوا له خال سنوات اعتقالهم الطويلة .

وفي هذا الصدد ذكر فروانة بأن الأسير " ابراهيم جابر " يعتبر أحد أبرز قائمة " جنرالات الصبر " وهو مصطلح يطلق على من مضى على اعتقالهم أكثر من ربع قرن ، وخامس أقدم أسير في سجون الإحتلال الإسرائيلي ، وعميد أسرى الخليل ، قد تمم اليوم عامه الثامن والعشرين في الأسر وسيدخل غدا عامه التاسع والعشرين بشكل متواصل .

وأضاف فروانة بأن الأسير " إبراهيم فضل ناجي جابر " ( 56 عاماً ) ، كان قد اعتقل في الثامن من يناير عام 1982 ، بتهمة الانتماء لحركة ( فتح ) وقتل ثلاثة اسرائيليين في القدس ، وحكم عليه بالسجن المؤبد ثلاث مرات ، وهو موجود الآن في سجن ( ريمون ) المقام في صحراء النقب جنوب فلسطين .

 مشيراً الى أن الأسير " جابر " كان قد جُند ونُظم لحركة ( فتح ) من قبل الشهيد القائد " أبو جهاد " مباشرة ، اثناء زيارة له للعاصمة الأردنية " عمان " عام 1977 والالتقاء هناك بالشهيد أبو جهاد .

يحلم باحتضان نجله الذي ولد بعد اعتقاله

وأشار فروانة الى أن الأسير " ابراهيم جابر " كان قد تزوج عام 1975 ورزق بثلاثة  أبناء وبنت ، كان عمر أكبرهم حين اعتقاله " فتحى" أقل من ( 6 سنوات ) و فاطمة ( 4سنوات ) وزياد ( أقل من سنتين ) ، فيما رزق بنجله ( فرج ) بعد اعتقاله ببضعة شهور ، حيث أنه اعتقل وزوجته حامل في شهورها الأولى .

والأقسى أنه حرم طوال فترة اعتقاله من احتضان نجله ( فرج ) ، ولا يزال يحلم باحتضانه دون قضبان ، أو حتى خلف القضبان و داخل أسوار وغرف السجن كما حصل مع نجله ( فتحي ) .

إلتقى بنجله البكر في السجن 7 سنوات كانت هي الأجمل في حياته

وكشف فروانة عن وجه آخر من حكايات الأسير " إبراهيم جابر " مع الأسر وخلال فترة اعتقاله الطويلة ، متمثل باعتقال نجله البكر ( فتحى ) في السنوات الأولى من انتفاضة الأقصى وبالتحديد عام 2001 ، وصدر بحقه حكماً بالسجن ( 15 عاماً ) ، بتهمة مقاومة الإحتلال والإنتماء لحركة ( فتح ) أمضى منها ( 7 سنوات ) وأطلق سراحه ضمن " الإفراجات السياسية " في أغسطس عام 2008 .

كان يحضنه في اليوم عدة مرات ..

وخلال اتصال هاتفي أجراه فروانة مع نجله والأسير السابق ( فتحى ) يقول الأخير : ( اعتقل والدي وأنا لم أتجاوز السادسة من عمري ، ومع ذلك كنت أعتقد بأنني أعرف والدي من خلال الصور والزيارات المتقطعة ، ولكن حينما أعتقلت وعشت معه في نفس الغرفة لسبع سنوات هي مجموع فترة اعتقالي ، اتضح لي بأنني لم أكن أعرفه من قبل وأنني تعرفت عليه من جديد ، فنشأت علاقة الإبن بالأب وشعرت وللمرة الأولى في حياتي بحنان الأب وعطفه ...  ) وبعد تنهد عميق يستطرد قائلاً : ( قصتي مع والدي ولقائي به في السجن تصلح لأن تكون سيناريو مسلسل أو قصة لفيلم ، تعكس مدى شوق الأب الأسير لأبنائه ، لأسرته ، لأطفاله ، لأحبائه .

 فطوال الست شهور الأولى من اللقاء داخل غرفة السجن ، كان يحضنني في اليوم مرات ومرات ، وينادي علىّ ويجلسني في حضنه ، أو أن يضع رأسي على قدميه وكان يعاملني وكأنني طفلاً ، أو أنه يريد تعويض ما فاته من العمر بجانبنا أو أنه يريد أن يستذكر ويستعيد تلك السنوات التي أمضاها معنا قبل الأسر حينما كان يحضنني.. كنت سعيداً جداً بذاك اللقاء رغم مرارة السجن والسجان وبتلك المشاعر التي انتابتنا ، لدرجة لا توصف ولا يمكن أن توصف ، وبذات الوقت كنت أشعر بالألم ، لأنني أحسست كم كان والدي يتألم ونحن بعيدين عنه .. شعرت وبصدق بحجم معاناته ... )

ويختتم ( فتحي ) حديثه لفروانة ( وحينما غادرت السجن ، أجهش بالبكاء ، فعين بكت فرحاً بتحرري ، وأخرى بكت ألماً على فراقي ، ومشاعره اختلطت ما بين الفرح والحزن ، ما بين الرغبة في أن تطول فترة لقائي به وبقائي معه في الأسر رغم مرارته ، وما بين رغبته في أن تمر الدقائق والساعات سريعة كي أعود الى بيتي وأن لا أمضى ما تبقى من سنوات فترة حكمي ... متساءلاً لا أعرف متى سألتقي به من جديد ودون قضبان داخل السجن أم خارجه ؟  ) .

لم يُسمح للأبناء بزيارته إلا ما ندر ..

وأوضح فروانة بأنه نادراً ما يُسمح للأبناء بزيارة أبيهم ، فيما تتولى زوجته " أم فتحي " بزيارته باستمرار ، وتصف الزيارة بأنها رحلة معاناة حقيقية حيث تستغرق أكثر من 15 ساعة نتيجة لحواجز العسكرية العديدة والمنتشرة في الطريق والإجراءات التعسفية من قبل الجنود وحراس السجن ، في ظل معاملة قاسية ، فهي تخرج من بيتها في منطقة البقعة بالخليل الساعة الرابعة فجراً ، متجهة لسجن ( ريمون ) في صحراء النقب حيث يقبع هناك زوجها الأسير ( إبراهيم جابر ) ، لتعود لبيتها مساءً ، و أحياناً في منتصف الليل .

 

وأعرب ( فتحي ) " 33 عاماً " النجل البكر للأسير " جابر " عن أمله في أن تتم صفقة التبادل قريباً ، وأن تشمل والده وكافة الأسرى القدامى بدون استثناء ، متمنياً بان ينعم والده بالعيش معهم وفي كنف الأسرة سنوات عمره المتبقية ...  

 

 

 أرشيف القدامى