الأسير بارود يمضي شهيدا بعد 28 سنة من انتظار والدته التي سبقته
وكالة قدس برس انترناشيونال للأنباء- 7-2-2019- اقتضت إرادة الله أن تفارق والدة الأسير فارس بارود الحياة قبل نجلها الذي يقبع في سجون الاحتلال، بعد انتظار طال 26 سنة دون أن يفرج عنه، ليلحق بها نجلها أمس، بعد قرابة عامين من وفاتها.
"لا احد يتصور كيف سيكون وضع أم فارس بارود لو كانت على قيد الحياة وتلقت نبأ استشهاد نجلها (51 عاما) في السجن بعدما جهزت له شقته وغرفة الزوجية لتفرح به"، بحسب شقيقته فايزة التي تحدثت إلى "قدس برس".
وأضافت فايزة كانت والدتي تترقب على أحر من الجمر الإفراج عن فارس طوال السنوات الماضية منذ أن تم اعتقاله قبل 28 سنة بعدما نفذ عملية طعن لأحد المستوطنين أدت إلى مقتله ليحكم عليه بالسجن مدى الحياة، ولم تيأس ولم تقنط إلى أن فارقت الحياة في أيار/ مايو من عام 2017 دون أن تحتضن فارس".
لم تترك أم فارس أي اعتصام أو مسيرة للتضامن مع الأسرى في سجون الاحتلال دون أن تسجل حضورها وهي تحمل صورة نجلها.
وأوضحت فايزة أن سلطات الاحتلال منعت والدتها عام 2000 من زيارة شقيها في السجن مما زاد حزنها عليه لتفقد بصرها.
ظلت أم فارس (85 عاما) تترقب الإفراج عن نجلها الوحيد من الذكور إلى أن تم اختطاف الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط في صيف عام 2006 ليعيد الأمل لها بإمكانية الإفراج عنه، واستعدت لذلك وكانت تنتظر الناس كي يأتوا يهنئونها بالإفراج عنه إلا أن الصدمة كانت كبيرة عليها حينما لم يكن نجلها من المفرج عنهم.
تم إدراج اسم فارس في الدفعة الرابعة من الأسرى المفترض أن تفرج عنهم إسرائيل في إطار تفاهماتها مع السلطة الفلسطينية لإحياء المفاوضات وكان مفترض أن تخرج هذه الدفعة في آذار/ مارس من عام 2014 إلا أن إسرائيل لم تلتزم بها.
ويقول عبد الناصر فروانة الخبير والمختص في شؤون الاسرى لـ "قدس برس" كانت أم فارس تتصلي بي باستمرار وتسألني إن كان اسم ابني في هذه الدفعة وأنا أؤكد لها ذلك، إلا أن الاحتلال تنصل من الالتزام بها".
وأضاف: "كان عدد المفترض أن يفرج عنهم في هذه الدفعة 30 أسيرا واليوم أصبح العدد 26 أسيرا بعدما توفي الأسير فارس".
وتابع: "كانت أم فارس تحمل صورة نجلها وهي لا ترى بعينيها لكنها تراه في قلبها أملا أن يفرج عنه وتحتضنه لكن قدر الله كان نافذا أن تلقى الله قبله".
وأوضح فروانة أن استشهاد الأسير بارود يرفع عدد شهداء الحركة الأسيرة إلى 218 شهيدا، بينهم 63 أسيرا قضوا نتيجة الإهمال الطبي.
وأشار إلى أن بارود يعتبر أقدم أسير من قطاع غزة وهو واحد من الأسرى القدامى المعتقلين قبل اتفاق أوسلو.
وأشار إلى بارود كان من الحالات المرضية في سجون الاحتلال، حيث كان يعاني من وضع نفسي صعب، بالإضافة إلى خضوعه نهاية العام الماضي لعملية استئصال جزء من الكبد.
وأكد على أن وفاة بارود كانت نتاج إهمال طبي ممنهج ومتعمد على مدار السنوات الماضية، وكان متوقع أن يفارق الحياة حينما تم نقله من سجن ريمون إلى مشفى سوروكا في بئر السبع.
وشدد على أن بارود أمضى نصف المدة التي عاشها في السجن في زنازيين العزل الانفرادي بشكل متفرق.
ولد بارود عام 1968 في مخيم الشاطئ للاجئين الفلسطينيين غربي مدينة غزة، لعائلة تنحدر من بلدة "بيت دارس" شمالي قطاع غزة والتي يشتهر أهلها بالقوة والعناد ويعرفون باسم "البدارسة".
تلقى تعليمه الأساسي في مدارس الاونروا في مخيم "الشاطئ" للاجئين الفلسطينيين، وأتم الثانوية العامة.
ومع اندلاع انتفاضة الحجارة في الثامن من كانون أول/ ديسمبر من عام 1987، انخرط بارود في الانتفاضة بشكل كبير وشارك في فعالياتها بقوة توج ذلك بتنفيذه عملية طعن لأحد المستوطنين عام 1991 أدى إلى مقتله، وهو نفس العام الذي اعتقل فيه بتاريخ 23 آذار/ مارس.
تعرض بارود لتعذيب شديد منذ اعتقاله في سجن غزة المركزي وسجن عسقلان وحكم عليه بالسجن مدى الحياة لقتله احد المستوطنين وتنقل بعد العديد من السجون إلى أن فارق الحياة أمس الأربعاء في سجن ريمون الإسرائيلي.
وعلى إثره، أعلن الأسرى في سجون الاحتلال، الاستنفار العام، عقب استشهاد الأسير بارود، فيما حملت مؤسسات حقوقية الاحتلال المسؤولية عن استشهاده ودعت إلى فتح تحقيق دولي في الانتهاكات الإسرائيلية التي ترتكب بحق الأسرى الفلسطينيين.