للعيد هذا العام شكل آخر ..

 

*بقلم / عبد الناصر عوني فروانة

5-11-2011

 أرشيف المقالات

 

عيد الأضحى المبارك .. أو يوم النحر أو بالعامية العيد الكبير .. هو مناسبة سعيدة يحتفل بها العالم الإسلامي في كل أنحاء الأرض ، بل هي مناسبة عظيمة بعظمة قيمتها ومكانتها .. 

وتبدأ الاحتفالات بعيد الأضحى بأداء صلاة العيد فجر يوم 10 ذو الحجة ، بعد انتهاء وقفة عرفة والتي تُعتبر أهم مناسك الحج، وبعد صلاة العيد ينتشر المسلمون ليقوموا بذبح اضحياتهم تطبيقا للآية الكريمة من قول الله تعالى : " انا اعطيناك الكوثر فصلّ لربك وانحر" .

وفي العيد تتزين الشوارع والمدن وتوزع الحلوى ، وتُكثر فيه الصلوات وذكر الله والدعاء ، وتنتشر الأفراح والمسرات وتبادل الزيارات ، فيما الأطفال يتميزون عن غيرهم بارتداء الأثواب الجديدة .

فعيد سعيد وكل عام وأنتم جميعاً بألف خير ، أعاده الله علينا وعليكم وعلى الأمتين العربية والإسلامية بالخير واليُمن والبركات ، وقد تحققت أمانينا ، وتحرر وطننا و أقصانا واسرانا باذن الله.

 

ولا شك أن لعيد الأضحى في فلسطين هذا العام شكل آخر، طعم ولون مختلف ، فهو عيد الفرحة والإنتصار ، وهو العيد الأول بعد الأربعين ، أو الخمسين ، أو حتى الستين وما يزيد ، لمئات الأسرى المحررين ضمن صفقة التبادل " وفاء الأحرار " ، وهم طلقاء أحرار بين شعبهم وأحبتهم ، بعيدا عن قسوة السجان ونظراته الحاقدة واجراءاته التعسفية .

وهو العيد الذي سيجتمع فيه مئات الأسرى المحررين ولأول مرة فوق الأراضي الحجازية المقدسة لآداء مناسك الحج ، بدلاً من التجمع الذي اعتادوا عليه طوال العقود الماضية داخل أسوار السجون وفي مساحة ضيقة تُعرف بـ " فورة " السجن .

وهو العيد الأول الذي سيحتفي به آلآف الأمهات والآباء والأبناء والأشقاء ، بفرح وسرور مع أحبتهم المحررين ، بعدما كان ولسنوات طويلة مضت مناسبة مؤلمة وقاسية بالنسبة لهم ، مناسبة  تتجدد فيها الآلام والأحزان وتتقلب فيها صفحات الذكريات المختلفة .

فشتان ما بين عيد الفطر السعيد قبل شهرين ونيف وما بين عيد الأضحى المبارك ، شتان ما بين أن تقضي العائلات أيام العيد بحزن وألم وعيونها ترنو إلى فلذات قلوبها القابعين في سجون الاحتلال في ظروف هي الأقسى ، وما بين أن تستقبل عيد  الأضحى وأبنائها أحراراً يطوفون حول مكة المكرمة ويؤدون مناسك فريضة الحج ضمن مكرمة خادم الحرمين الشريفين ، ويرفعون أكفهم للسماء يلعنون السجن والسجان الإسرائيلي الذي سلب منهم الحرية و الفرحة لعقود طويلة وأذاقهم مرارة لا توصف على مدار سنوات اعتقالهم الطويلة ، ويدعون الله بتحرر باقي إخوانهم الأسرى.

 

عيد مختلف بكل معنى الكلمة ، وصور السعادة والفرح التي سنشاهدها عبر شاشات الفضائيات أو سنسمع عنها وتتناقلها الألسن ستكون بالتأكيد مؤثرة جداً ..

 

ولكن بالمقابل هناك صور كثيرة ، مؤلمة ومؤثرة لأمهات وزوجات وأطفال لن تبثها الفضائيات ، ولن تبحث عنها وسائل الإعلام بمختلف أشكالها وتعدد مسمياتها .. صور لعائلات كانوا يحلمون بأن تشمل الصفقة أبنائها الذين بقوا في السجون لأجل غير محدد قد تمتد لسنوات او عقود أخرى .

 

لهذا أرى انه من الطبيعي أن نفرح ، بل ويجب أن نفرح ونحتفي بأبنائنا وإخواننا المحررين  ونحتفي معهم ومع ذويهم بعيد الأضحى المبارك ، لكن علينا أن لا ننسى من بقوا في السجون وأن نتذكر عائلاتهم وأن ندعو الله عز وجل أن يفرج كربهم وأن يطلق سراحهم جميعاً وأن ينعموا بالحرية بين أهلهم ومع أحبتهم في العيد القادم بإذن الله .

 

وليتذكر الجميع يأنه لا يزال  في سجون الاحتلال ومعتقلاته أكثر من خمسة آلاف أسير ، بينهم أطفال ونساء وشيوخ ومرضى ومعاقين .. بينهم وزراء ونواب وقيادات سياسية .. وبينهم العشرات ممن هم معتقلين منذ أكثر من عشرين عاماً وفي مقدمتهم عميد الأسرى " كريم يونس " المعتقل منذ قرابة 29 عاماً ، وهؤلاء جميعا هم بحاجة دوما لفعلنا وجهودنا ومساندتنا ... ففرحتنا منقوصة لطالما بقى اسير واحد في سجون الإحتلال .

 

فادعوا لهم أينما كنتم :

 

" اللهم فك أسر أسرانا وأسيراتنا جميعاً وأعيدهم إلى ذويهم "  آمين يارب العالمين

 

 يذكر بأن سلطات الإحتلال منعت قرابة مائة أسير من الضفة والقدس من التوجه الى الديار الحجازية لآداء فريضة الحج عبر معبر الكرامة ، فيما تمكن الأسرى المتواجدين في قطاع غزة ( من سكان غزة أو الذين أبعدوا اليها من الضفة والقدس  ) من السفر عبر معبر رفح ومن ثم مطار القاهرة الدولي  ، بالإضافة الى من ابعدوا الى كل من سوريا وتركيا وقطر