فلسطين خلف القضبان www.palestinebehindbars.org
|
" عميد أسرى العالم " غير معروف لدى شعبه وشاليت ابن الثلاث سنوات يعرفه العالم
* بقلم / عبد الناصر عوني فروانة
4-4-2010
الأسير الفلسطيني نائل البرغوثي " عميد أسرى العالم " أمضى 32 سنة في سجون الاحتلال الإسرائيلي وغير معروف لدى شعبه ، فيما " شاليت " ابن الثلاث سنوات يعرفه العالم أجمع .
" شاليت " ابن الثلاث سنوات ، الذي أسر حينما كان ضمن قوات عسكرية مُحتلة جاءت لقطاع غزة على ظهر آليات عسكرية لقتل أبرياء فلسطينيين عُزَّل ، وبعد مضي ثلاث سنوات ونيف على اقامته في ضيافة المقاومة بغزة ، أصبح أشهر أسير في العالم ( لا ) بل من أشهر الشخصيات العالمية ، واسمه حُفر في وثائق دولية ، وصورته دخلت محافل عالمية وقصور زعماء ورؤساء .
فيما " عميد الأسرى وأقدمهم " ومن حفر اسمه في موسوعة " غينتس " للأرقام العالمية ، الأسير الفلسطيني " نائل البرغوثي " الذي اعتقل في الرابع من نيسان / ابريل عام 1978 ، وهو يقاوم الاحتلال في إطار مقاومة مشروعة تكفلها كل المواثيق الدولية ، وبعد أن أكمل اليوم عامه الثاني والثلاثين في مقابر إسرائيلية سُميت بالسجون في ظروف هي الأقسى في العالم ، يجهل العالم اسمه ويغض النظر عن معاناته ، ويصمت حينما تُستحضر سيرته ويرفض قادته وممثلي مؤسساته لقاء ممثلين عنه ، ويهربون من لقاء أطفال رفاقه الأسرى .
والمؤلم أكثر هو أن " نائل البرغوثي " اسم يجهله الكثيرين من أبناء شعبه ، ولم يعرف عن حياته سوى القلائل وربما لم يسمع عنه الآلاف من الفلسطينيين .
وإذا كان هذا هو حال عميد الأسرى ، فكيف هو حال من يليه من حيث الأقدمية فخري وأكرم وفؤاد ، إبراهيم وحسن وعثمان ، سامي وكريم وماهر ، سليم وحافظ وعيسى وأحمد ..
ذاكرة البعض خالية من أسمائهم ، ومكاتب فلسطين بتعدد أسمائها وأماكن وجودها لا تحتوي على قائمة بأسمائهم ومعلومات أساسية عنهم وبعض صور معاناتهم ، ولا حتى فقط عن " عمداء الأسرى " الذين هم أقل عدداً ، أو عن " جنرالات الصبر " الذين أمضوا أكثر من ربع قرن و لم يتجاوزُ الأربعة عشر أسيراً .
فيما لم ألحظ ولم أسمع بأن هناك قاعة ، ميدان ، نادي ، فندق ، مسجد ، جامعة ، مدرسة ، مؤسسة ، ساحة ، أو... قد وضعت أسمائهم على " لوحة شرف " ثُبتت بشكل دائم أمام الطلبة والمارة والرواد كجزء من الوفاء لهم وتقديراً لمكانتهم وتضحياتهم وللتعريف بهم..
عميد الأسرى " نائل البرغوثي " ورفاقه " الأسرى القدامى " عموماً هم مفخرة لنا بصمودهم وشموخهم ، بثباتهم وتمسكهم بالأهداف التي ناضلوا واعتقلوا من أجلها وأمضوا زهرات شبابهم خلف القضبان لأجل تحقيقها وتجسيدها على أرض الواقع .
لكن استحضارهم اليوم ، يُشعرنا بالمرارة والخجل لاستمرار بقائهم في الأسر ، واستمرار معاناتهم ومعاناة ذويهم لعقود طويلة مضت ، مما يكشف عن عجزنا كشعب فلسطيني بكافة أطيافه السياسية وألوانه الحزبية ، وشرائحه وفئاته الإجتماعية .
و يدعونا إلى المناشدة بضرورة البحث جدياً عن كيفية إعادة الاعتبار لقضية الأسرى عموماً والقدامى منهم خصوصاً على المستوى المحلي أولاً ، وفي الإطار ذاته البحث عن آليات لتطوير فكرنا وآليات تعاملنا مع قضية الأسرى القدامى وملفاتهم الشائكة ، والارتقاء بمستوى عملنا وفعلنا وأدائنا في تناول وعرض معاناتهم وأوضاعهم وأخبارهم .
وأن نفكر جدياً في توثيق معاناتهم ومعاناة ذويهم بالصوت والصورة والكلمة وتقديمها للقارئ بشكل متكامل ومؤثر ، بعيداً عن الأخبار المجردة ، العابرة ، وإذا لم نستطع توظيفها وتسويقها بشكل جيد فإننا سنبقى نراوح مكاننا ، وستبقى قضيتهم محصورة في اطارها الضيق المحدود .
فالأسرى القدامى ليسوا مجرد أرقام فحسب ، وسنوات السجن بأيامها ولياليها هي أكبر من مجرد تعدادها ، فهي تحمل في طياتها آلاف القصص والحكايات .
وأجزم ومن خلال متابعتي لقضية الأسرى بأننا لم نمنح قضية الأسرى القدامى حقهم من الإهتمام الكافي والحضور الدائم على المستوى المحلي لا سيما في الإعلام و التوثيق والتعريف بهم وبتضحياتهم وصور معاناتهم .
والسؤال .. كيف يمكن لنا أن ننجح في توظيفها على المستويات الأخرى وكسب التعاطف الدولي مع قضيتهم ، ونحن لا نزال غير قادرين على توثيقها وتقديمها بالشكل المناسب محلياً ... ؟
هذه هي مهمة المؤسسات التي تعنى بالأسرى وبمشاركة المؤسسات الأخرى ووسائل الإعلام ، وأعتقد أن الإمكانيات متوفرة ، وهي مهمة ليست صعبة أو مستحيلة ، فقط تحتاج إلى قرار يرافقه خطة ممنهجة واستراتيجية واضحة ومحددة ،.
وليكن اليوم الأحد والذي يصادف دخول " عميد أسرى العالم " عامه الثالث والثلاثين بداية لمرحلة جديدة في التعامل مع قضايا الأسرى القدامى ، تكفل إعادة الاعتبار لها محلياً وتفعيل حضورها تدريجياً ومن ثم الانتقال بها إلى المستويات الأخرى .