عام مضى والحُلم لم يتحقق ..!
ربع عدد الأسرى يشاركون في اعتصام اليوم ..!
*بقلم / عبد الناصر فروانة
3-7-2011
( الساعة : 00:40 )
كنت قد كتبت مقالا في مثل هذا اليوم من العام الماضي ، وهو ترجمة لحلم راودني في المنام ... تحت عنوان ( ربع مليون غزاوي توجهوا إلى معبر ايرز دعماً للأسرى ) ، فيما صباح هذا اليوم ( الأحد 3-7) سينظم اعتصام تضامني أمام مقر الصليب الأحمر بغزة وأجزم لكم بأن عدد المشاركين فيه لم ولن يصل الى ربع العدد الإجمالي للأسرى في سجون الإحتلال الإسرائيلي ( 1500 مشارك ) وربما أقل من ذلك ..!
عام مضى والحلم لم يتحقق بعد ، وقد أتفهم المعيقات والأسباب التي تحول دون قدرتنا في غزة على ترجمة ذاك الحلم وتنظيم مسيرة كهذه وبهذا الكم الكبير خلال العام المنصرم او حتى في المدى القريب ، ولكن لم ولن أتفهم عدم قدرتنا على تجاوز المعيقات وتذليل العقبات ، إذا توحدت الإرادات وخلُصت النوايا وتوفرت الإمكانيات وقرر الجميع تنظيمها بعيدا عن الفئوية الضيقة ، لا سيما وأن المسيرات الحزبية يشارك فيها عشرات الآلاف ويقال أحياناً مئات الآلاف ، فما الذي يمنع من مسيرة أقل بقليل أو بكثير من الربع مليون دعما للاسرى .. واسناداً لمعركتهم ضد السجان ؟.
والمؤلم أيضاً بأن الذكرى الأولى للحلم يتزامن - ويا للمصادفة – مع اضراب عن الطعام يخوضه الأسرى في كافة سجون الإحتلال الإسرائيلي ردا على الإجراءات التعسفية والقمعية التي تصاعدت مؤخرا وردا على تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي " نتانياهو " والذي أعلن فيها الحرب صراحة وعلانية على الأسرى كل الأسرى باختلاف انتماءاتهم الحزبية والفكرية ، مما أتاح لمدير مصلحة السجون وكل من يعمل فيها الفرصة للإمعان في انتهاكاتهم وتوسيع جرائمهم دون رادع ودون ملاحقة قانونية أو قضائية والتي هي اصلا غير موجودة ، وهذا ما يفسر تزايد الإنتهاكات وتصاعد الإجراءات القمعية في الأيام الأخيرة .
واذا كنت قد حلمت قبل عام ولا يزال الحلم قائما ومشروعاً بمشاركة ربع مليون غزاوي في مسيرة تضامن مع الأسرى ، فانني اليوم أناشد كافة الجهات الرسمية والشعبية والمنظمات الأهلية والقطاع الخاص ووسائل الإعلام بالمشاركة في نصرة للأسرى ومساندتهم .
عام مضى ولا يزال الحلم يراودني بمشاهده الجميلة وصوره الرائعة وتأثيراته الإقليمية والدولية ، ولا زلت أحلم بمسيرة ضخمة أو فعاليات وأنشطة متميزة تفرض نفسها على وسائل الإعلام الإقليمية والدولية ، لنُبرق من خلالها رسالة الى المجتمع الدولي مفادها بأن حقوق الإنسان ثابتة ومتساوية وهي جزء لا يتجزأ ، والقانون الدولي الإنساني والمواثيق والإتفاقيات ذات الصلة يجب أن تطبق على كافة شعوب العالم دون تمييز من أي نوع ، وعلى مؤسساته المختلفة أن تكف عن ممارسة التمييز والتسييس وازدواجية المعايير والكيل بمكيالين والانتقائية في التعامل مع الأسرى ...
والسؤال المشروع الذي يقفز للذهر في هذا اليوم بالذات .. هل سيتحقق حلمي يوما وهل ستشهد الأيام القادمة أنشطة مميزة ومؤثرة دعماً للاسرى ..؟
ربع مليون غزاوي توجهوا بالأمس إلى معبر ايرز دعماً للأسرى ..
*كتب / عبد الناصر فروانة
3-7-2010
انطلقت بالأمس ( الجمعة ) من قطاع غزة مسيرة راجلة هي الأضخم منذ سنوات ، وضمت ربع مليون مواطن فلسطيني ، وتوجهت إلى معبر بيت حانون ( ايرز ) شمالاً ، وذلك دعماً للأسرى ، ووفاءً لتضحياتهم ونضالاتهم ، وتقديراً لعذاباتهم وتفهماً لمعاناتهم ، وتأكيداً على حقهم بالحرية والمطالبة باتمام صفقة التبادل وفقاً للشروط والمعايير الفلسطينية .
ربع مليون فلسطيني .. انطلقوا من شوارع وأزقة مخيمات ومدن القطاع ، من رفح جنوباً وحتى بيت حانون شمالاً ، أطفال وشبان وفتية ، رجال وشيوخ ، نساء وفتيات ، أمهات وزوجات ، ورموز قادة العمل الوطني والإسلامي ، وممثلي مؤسسات المجتمع المدني ورموز القطاع الخاص ، وأبرز الناشطين والمدافعين عن قضايا حقوق الإنسان والديمقراطية وحقوق الأسرى .
علم فلسطين ويافطات موحدة وصور لجميع
ربع مليون فلسطيني توحدوا خلف قضية الأسرى في مشهد لم نًره منذ " الانقسام " المرير ، والكل يهتف لحرية الأسرى ، ويدعم مطالب الفصائل الآسرة لـ " شاليط " ، والأيادي كافة تحمل علم فلسطين و( لا ) شيء سواه ، فيما أيادي الأمهات والأطفال تحمل صور أبنائهم وآبائهم القابعين في سجون الاحتلال منذ سنوات طويلة .
والأروع أن مسيرة الربع مليون زُينت بيافطات وشعارات تحمل توقيع غزة – فلسطين دون ذكر الفصائل واللجان والمؤسسات ، وزُينت أيضاً بصور ضخمة جداً لرموز الأسرى القدامى ومن كافة المناطق تأكيداً على أن قضية الأسرى واحدة وموحدة ، وأن ( لا ) صفقة دون عودة هؤلاء لبيوتهم ، فوجدنا صورة كبيرة لعميد أسرى القطاع الأسير سليم الكيال ، وأخرى عميد أسرى القدس فؤاد الرازم وثالثة لأقدم أسرى الداخل سامي يونس ورابعة لأقدم أسرى الضفة والأسرى عموماً نائل وفخري ونائل البرغوثي وأكرم منصور ، ولم تنسَ الجماهير الغزية الغفيرة أقدم الأسرى العرب فرفعت صورة الأسير العربي السوري صدقي المقت .. وغيرهم العشرات من صور القدامى أمثال يحيى السنوار ومحمد الحسني ونافذ حرز ، وعلى المسلماني وحسن سلمة ، وعلاء البازيان ، ووليد دقة .
كما ورفعت الجماهير الوفية صور كبيرة لرموز المقاومة والانتفاضة فشاهدنا صور القادة أحمد سعدات ، ومروان البرغوثي ، وعبدالله البرغوثي ، وثائر حماد ، وابراهيم حامد ، وعلام كعبي ، وعاهد أبو غلمة ، وعبد الناصر عيسى ، وناصر عويص ، وأحمد البرغوثي ، وحمدي قرعان .
ويضيف فروانة في مقالته : ربع مليون فلسطيني .. أكدوا على أن قضية الأسرى ، كانت وستبقى تقف على سلم الأولويات الفلسطينية ، وأن قطاع غزة ورغم الحصار والدمار لم ولن يفقد البوصلة وسيبقى وفياً لأسراه ، وأن سكانه لم ولن يقبلوا عودة لـ " شاليط " دون تلبية مطالب آسريه .
ربع مليون فلسطيني .. اثبتوا بأن الفصائل الوطنية والإسلامية لم تحشد فقط هذا الكم لإحياء مناسباتها وذكرى انطلاقتها فحسب، بل هي قادرة على حشد هذا الكم وأكثر من ذلك للمناسبات الوطنية العامة وفي مقدمتها قضية الأسرى.
توحدت الإذاعات والفضائيات الفلسطينية
ربع مليون غزاوي .. وحدوا لغة الإذاعات المحلية بمختلف أطيافها وتبعيتها ، ووحدوا بث الفضائيات الفلسطينية ، وسيطروا على أحاديث الشارع الفلسطيني ، وأعادوا بقضية الأسرى إلى مكانتها الطبيعية على أجندة السياسيين ، لتشكل أساساً ومدخلاً لإنهاء الانقسام وعودة الوحدة لشطري الوطن وللنسيج الاجتماعي الفلسطيني .
( لا ) عودة لشاليط دون عودة اسرانا
ربع مليون غزاوي .. بوحدتهم وبصوت واحد يقولون لعائلة شاليط وأصدقائه ولكل من شارك وسيشارك في المسيرة المتوجهة للقدس ، باننا ندعم رغبتكم ، وندعوكم للضغط على حكومتكم باعتبارها المعيق الأساسي في إتمام الصفقة وعليها التخلي عن معاييرها الظالمة إذا أردتم عودة " شاليط " سالماً لكم .. وتذكروا بأن لدينا قرابة سبعة آلاف أسير يقبعون في سجون حكومتكم وسلطاتكم في ظروف قاسية جداً .. بعضهم مضى على اعتقاله أكثر من ثلاثين عاماً ، وأن لهؤلاء أمهات وأبناء وأصدقاء ينتظرون عودتهم بفارغ الصبر .. .
حدث ضخم فرض نفسه على الإعلام
وكثيراً ما انتقدنا وسائل الإعلام وقصوره في تسليط الضوء على معاناة أسرانا وابراز قضيتهم ، وكثيراً ما انتقدنا فضائية الجزيرة ، لكنني بالأمس وجدت عشرات الفضائيات المحلية والعربية والدولية تغطي الحدث الأبرز ، فمسيرة بهذا الحشد الضخم فرضت نفسها على كافة وسائل الإعلام ، والكل ينقل مباشر وغير مباشر ويجري اللقاءات ، والجزيرة مباشر نقلت المسيرة من بدايتها ولا زالت تنقل من مكان الحدث .
فالمشاركون في المسيرة رفضوا إنهاء مسيرتهم والعودة إلى بيوتهم ، مع غروب الشمس ، وفضلوا البقاء في " ايرز " حتى تصل مسيرة الإسرائيليين إلى بيت " نتانياهو " في القدس ، وهي خير وسيلة لتسليط الضوء على معاناة أسرانا وقضاياهم العادلة وحقهم في الحرية ، وهي خير رد على كل الجهات والمؤسسات الدولية التي تطالب بالإفراج عن " شاليط " وتتجاهل آلاف الأسرى الفلسطينيين .
وفي صباح هذا اليوم جاء طفلي وأيقظني من نومي ، فصرخت في وجهه ، كنت أتمنى أن أبقى أعيش مع تلك المشاهد الرائعة التي لم أرها إلا في منامي وهي جزء من أحلامي .. فهل ستتحقق وتتحول إلى حقيقة على أرض الواقع ؟.
عبد الناصر فروانة
أسير سابق ، وباحث مختص في شؤون الأسرى
مدير دائرة الإحصاء بوزارة الأسرى والمحررين في السلطة الوطنية الفلسطينية
0599361110
Ferwana2@yahoo.com
الموقع الشخصي / فلسطين خلف القضبان