في اليوم العالمي لذوي الاعاقة
ذوو الاعاقة ومعاناتهم المتفاقمة جراء الاعتقال
*بقلم / عبد الناصر عوني فروانة
رئيس وحدة الدراسات والتوثيق في هيئة شؤون الأسرى والمحررين
3-12-2020
الإعاقة.. كما عرفتها المواثيق الرسمية تعني قصوراً أو عيباً وظيفياً يصيب عضواً أو وظيفة من وظائف الإنسان العضوية أو النفسية بحيث يؤدي إلى خلل أو تبدل في عملية تكيف هذه الوظيفة مع الوسط.
وفي العام 1992 خصصت الأمم المتحدة الثالث من كانون أول/ ديسمبر لذوي الاعاقة، لتضع حضور هذه الفئة الهامة على جدول أعمال المجتمع الدولي، لينظر في أوضاعها ومتطلباتها واحتياجاتها وسبل نصرتها، وكذلك لزيادة الوعي والفهم لقضايا الاعاقة، والتأكيد على احترام وحماية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة ودعمهم في كافة أنحاء العالم وضمان توفير حقوقهم.
فيما تشير الوقائع والإحصاءات إلى ارتفاع مضطرد في أعداد الأشخاص ذوي الإعاقة في الأراضي الفلسطينية المحتلة، جراء تعمد الاعتداءات المتصاعدة والممارسات القمعية الممنهجة واستمرار الانتهاكات والجرائم بحقهم من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي ومستوطنيه، ، دون مراعاة لأوضاعهم أو أدنى احترام لحقوقهم واحتياجاتهم الخاصة.
والأمر لا يقتصر على ذلك، بل أن فسلطات الاحتلال لم تستثنهم من اعتقالاتها التعسفية، ولم ترحمهم من بطشها وتعذيبها وسوء معاملتها، ولا تراعي احتياجاتهم بعد احتجازهم في سجونها، فقيدّت ما تبقى لديهم من أطراف بسلاسلها الحديدية أو البلاستيكية، وزجت بأجسادهم المنهكة والمعاقة والمقعدة في زنازينها الضيقة وسجونها السيئة، مما زاد من معاناتهم وفاقم من آلامهم.
وما زالت سلطات الاحتلال تحتجز في سجونها ومعتقلاتها العشرات من الفلسطينيين ممن يعانون من إعاقات جسدية ( كاملة أو جزئية)، وإعاقات ذهنية وعقلية ونفسية، أو إعاقات حسية (كالإعاقة السمعية والبصرية). في تحدي فاضح وانتهاك صارخ لكافة الاتفاقيات والمواثيق الدولية، ولاسيما اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة التي كفلت لهذه الفئة حق التمتع في الحرية والأمن الشخصي، وعدم حرمانهم من حريتهم بشكل تعسفي.
ولم تكتفِ دولة الاحتلال بعدم احترام حقوق ذوي الاحتياجات الخاصة، وانما لم توفر للمعتقلين منهم احتياجاتهم الأساسية كالأجهزة الطبية المساعدة، والأطراف الصناعية لفاقدي الأطراف، والنظارات الطبية أو أجهزة خاصة بالمشي والفرشات الطبية أو آلات الكتابة الخاصة بالمكفوفين وغيرها. كما وتضع العراقيل أمام محاولات إدخالها من قبل المؤسسات المختصة والحقوقية والإنسانية، مما يشكل عقوبة جديدة بحق ذوي الاعاقة، ويفاقم من معاناتهم داخل سجون الاحتلال، ويضاعف من قلق عوائلهم عليهم. هذا في ظل عدم وجود أطباء نفسيين مختصين ومرشدين اجتماعيين في السجون الإسرائيلية.
ان بعض ذوي الاعاقة القابعين في سجون الاحتلال الإسرائيلي كانوا قد أعتقلوا وهم يعانون الإعاقة جراء ظروف وأسباب مختلفة، بعضها كان الاحتلال سببا رئيسياً في إحداثها. والبعض الآخر انضم لجيش المعاقين بعد الاعتقال جراء ما يُمارس بحق المعتقلين وما يتعرضون له. وأن المعطيات الإحصائية تشير الى ارتفاع مضطرد في عدد الأشخاص ذوي الإعاقة بين أولئك الذين مرّوا بتجربة الاعتقال، حيث كان الاعتقال والسجن سببا رئيسياً في انضمامهم لتلك الفئة، وحيث تصاعد التعذيب والتنكيل بالمصابين، واستمرار العزل الانفرادي والاهمال الطبي واتساع الاستهتار الإسرائيلي وتمادي السجان والطبيب والممرض بجرائمهم بحق الأسرى وعدم الاكتراث بمعاناتهم والأمراض المتعددة التي تصيبهم، الأمر الذي يجعلهم أكثر عرضة للإعاقة.
ان أوضاع الأشخاص ذوي الإعاقة في السجون الإسرائيلية، وكذلك المحررين منهم، تتطلب من الأمم المتحدة ومن كافة مؤسسات المجتمع الدولي وخلال احتفالاته باليوم العالمي الخاص بهذه الفئة:
أولا: ان يضعهم على جدول أعماله، وأن ينظر في أوضاعهم واحتياجاتهم، وأن ينتصر لهم ولحقوقهم الإنسانية واحتياجاتهم الأساسية، وان يتحرك بشكل جاد للحد من تدهور أوضاعهم.
ثانيا: الضغط على سلطات الاحتلال لوقف اعتقالاتها لذوي الاعاقة وإطلاق سراح كافة المعتقلين منهم، والعمل على توفير مستوى لائق من الحياة الكريمة لكل من تسبب الاحتلال بإعاقتهم، أو كان السجن والتعذيب سببا في انضمامهم لهذه الفئة.
ثالثا: توفير الحماية لكافة الأسرى والمعتقلين في السجون الإسرائيلية من خطر الاصابة بالإعاقة، أكانت جسدية و نفسية أو حسية، والعمل على تغيير الظروف والعوامل التي تسببت بالإعاقة لدى الكثيرين من الأسرى والمحررين.