الأسرى الأحياء والأموات نجحوا في توحيدنا .. ولكن ؟

 

بقلم / عبد الناصر فروانة

31-5-2012

 

فلسطينيون ... أسرى فوق الأرض أو في جوفها ، في السجون ومقابر الأحياء كانوا ، أم في " مقابر الأرقام " ..  نجحوا اليوم كما بالأمس القريب في توحيد شعبهم على اختلاف توجهاتهم ..!  

فيما أن الخاسر الوحيد في كلا الحالتين كان " الانقسام " ، وهذا مؤشر على أننا قادرون على تجاوز الانقسام إذا توحدت الإرادات وخلُصت النوايا ، وخلعنا ثوب الحزبية والفئوية والمصالح الضيقة ووضعنا نصب أعيننا المصلحة الوطنية العليا .

واليوم وبعد معركة الأسرى وانتصارهم على السجان قبل اسبوعين تقريباً ، وبعد استرداد جثامين الشهداء وتكريمهم ودفنهم وفقا للشريعة الإسلامية ، وما شهدته الأراضي الفلسطينية من مظاهر الفرح والوحدة والإنتصار .

 وكما نجح الأسرى الأحياء والأموات في توحيدنا ،... هل يمكن أن تشهد الأيام القليلة القادمة طي صفحة " الإنقسام " ، واستعادة الوحدة الوطنية تقديراً لتضحيات ومعانيات الأسرى الأحياء القابعين في سجون الاحتلال ، والشهداء المحتجزين في " مقابر الأرقام " ، ووفاءً للأهداف التي ناضلوا واعتقلوا واستشهدوا من أجلها ؟

 

أم سيبقى الأمر مجرد ذكرى جميلة وحدث عابر وموسمي ، ومشهد مشرق في مسلسل معتم ودائم عنوانه " الإنقسام " ..؟.

 

بالأمس القريب نجح الأسرى الأحياء القابعون في سجون الاحتلال الإسرائيلي بتوحيدنا خلف معركتهم ، معركة الأمعاء الخاوية ، ذودا عن كرامتهم ، ودفاعا عن حقوقهم الإنسانية ومن أجل انتزاع مزيدا من الحقوق التي تنص عليها كافة المواثيق والأعراف الدولية ، ورفضا لكل أشكال الذل والإهانةة واستمرار مصادرة الحقوق الأساسية .

نجحوا في توحيدنا كفلسطينيين بمختلف انتماءاتنا السياسية والفكرية والحزبية ، بأمعائهم الخاوية وصمودهم الأسطوري ، بإرادتهم الفولاذية وبإصرارهم على الاستمرار في مواجهة السجان رغم كل ما تعرضوا له من إجراءات عقابية وانتقامية حتى تحقيق الانتصار .

وخلال معركتهم وعقب التوقيع على اتفاق " الانتصار " توحدت الجهود وتشابكت الأيادي وامتزجت الكلمات واختلطت الرايات الفصائلية في مشهد لم يشهده القطاع منذ زمن  .

 

واليوم ينجح الأسرى الأموات بتوحيدنا بتحرر جثامينهم من " مقابر الأرقام " ، فخرجت القيادات السياسية والحزبية والجماهير الشعبية بمختلف فئاتهم وشرائحهم ، للاحتفاء بهم والاحتفال بهذا الإنجاز الرائع المتمثل بعودة رفات ( 91 ) شهيدا كانت محتجزة في ما يُعرف بمقابر الأرقام بعد جهود حثيثة ومضنية بذلت من قبل جهات فلسطينية رسمية.

مشهد هو الأكثر روعة وربما هو الأجمل في قطاع غزة منذ " الانقسام " ، كيف ( لا ) وقد خرج  الجميع بمن فيهم كتائب المقاومة التابعة للفصائل كافة ، واصطف أعضاء وقيادات الفصائل المتخاصمة جنبا إلى جنب ، ورفرفت الرايات بألوانها المتعددة ، وتوحدت الكلمات في استقبال مهيب وفاءً للشهداء وتقديرا لتضحياتهم وتكريما لهم وبما يليق بهم .

فيما وصلت توابيت جثامين الشهداء كافة بمختلف انتماءاتهم ، دون ارتداء ثوب الفصائلية ، ودون وجود أي راية حزبية ، وإنما كان العلم الفلسطيني " ثوب الوحدة الوطنية " يلف جثامينهم المحررة كافة في مشهد رائع .

في الختام ... الأسرى الأحياء أم  الشهداء ... ناضلوا واعتقلوا وضحوا بأرواحهم وزهرات شبابهم من أجل وطن واحد ( لا ) من أجل وطن ممزق ، ومن أجل شعب واحد ( لا ) شعب يتخاصم فيه الإخوة ويتقاتل فيه المقاتلون ، وأن رسالتهم كانت على الدوام الوحدة الوطنية أولا وثانيا وثالثا  .

 

فالأسرى الأحياء والأموات نجحوا في توحيدنا .. ولكن ( لا ) معنى لهذه الوحدة ان لم تتجسد على الأرض من أجلهم ووفاءً لدمائهم وتقديراً تضحياتهم .... ولتكن مشاهد اليوم والأمس مقدمة لمرحلة جديدة عنوانها " استعادة الوحدة الوطنية وانهاء الإنقسام " ، ولتبدأ الفصائل بترجمة خطواتها العملية على أرض الواقع .. وقوتنا تكمن في وحدتنا .

 

 

 

أرشيف مقابر الأرقام واحتجاز الجثامين

 

 

عبد الناصر فروانة

أسير سابق ، وباحث مختص في شؤون الأسرى

مدير دائرة الإحصاء بوزارة الأسرى والمحررين في السلطة الوطنية الفلسطينية

عضو اللجنة المكلفة بمتابعة شؤون الوزارة بقطاع غزة

0599361110

الموقع الشخصي / فلسطين خلف القضبان

www.palestinebehindbars.org