برنامج غزة للصحة النفسية .. كلمة حق
*بقلم / عبد الناصر فروانة
30-6-2010
دائما ما نسمع مصطلح " الصحة النفسية " ، وربما وللوهلة الأولى يتبادر إلى ذهن القارئ بأنني سأتناول في مقالي معنى وتعريف الصحة النفسية ، وأهم العلامات الدالة على تمتع الإنسان بها ، ولربما أيضاً من يتابع كتاباتي ومجال تخصصي سيعتقد بأنني سأكتب عن علاقة وتأثيرات السجن والتعذيب والحرمان والإنتهاكات المتواصلة بالصحة النفسية للأسرى القابعين في سجون الاحتلال وبروز الأمراض النفسية لدى البعض منهم .
لكن في الحقيقة لن أتناول كل ذلك ، وإنما سأتحدث من وجهة نظري المتواضعة عن مؤسسة مضى على تأسيسها 20 عاماً كانت حافلة بالعطاء والإنجاز والدعم اللامحدود للأسرى وللأسرى المحررين .
وأن من أبرز المدافعين عن حقوق الإنسان والمتميزين في مجال الطب النفسي هو من وضع اللبنات الأساسية لانطلاقتها ، وهو من أعطى سنوات طويلة من عمره وبذل جهوداً مضنية من أجل استمرارها وترسيخها وتطويرها ، حتى أصبحت صرحاً كبيراً ومؤسسة رائدة هي الأولى في قطاع غزة ، ومن المؤسسات المتقدمة في فلسطين التي تعنى بالصحة النفسية وحقوق الإنسان ومناهضة التعذيب ، وبالتأكيد هذه النجاحات لم تكن لتحقق لولا مساهمة مديرها العام الحالي د.أحمد ابو طواحينة وطواقمها المختلفة وكوادرها المتعددة وجهودهم الحثيثة في هذا الصدد .
إنها مؤسسة " برنامج غزة للصحة النفسية " التي مضى على تأسيسها من قبل د.إياد السراج عشرين عاماً كاملة ، كانت حافلة بالعطاء والإنجاز ، لتكتسب خلالها احترام وثقة الجميع بمصداقيتها ودقة دراساتها وحُسن تعاونها ، وتميز خدماتها ونشاطاتها ، ولتحجز لها مكانة متقدمة بين مؤسسات المجتمع المدني ، فباتت عنواناً مهماً واسماً لا يمكن تجاوزه أو القفز عنه.
كما أضحت عنواناً بارزاً للمؤسسات والوفود والشخصيات الدولية والعربية التي تبحث عن حقيقة الأوضاع الصحية والنفسية والحقوقية في قطاع غزة .
هذا الحضور الدولي المتميز لهذه المؤسسة ورئيسها ، ساهمت بشكل كبير في وضع العالم في صورة الأوضاع الإنسانية لسكان قطاع غزة.
وهذا الحضور والتميز كان الدافع الأساسي لمنح مؤسسها د.إياد السراج جائزة "جوان لوبيز إيبور لعام 2010"، وهي أكبر جائزة عالمية في الطب النفسي ، والتي خصصت هذا العام لمن " أعطى قيمة لكرامة وحقوق المريض النفسي وساعد بأساليب علمية في المساهمة بالنهوض بالصحة النفسية للمريض النفسي" .
وأن هذه الجائزة تعتبر الأولى من نوعها على المستوى العربي والفلسطيني ، وهي بمثابة إنصاف عالمي لهذا الرجل العظيم الذي كرَّس حياته من أجل كرامة الإنسان وحقوقه وترسيخ مبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان في المجتمع الفلسطيني بشكل عام ، وتقديراً للمؤسسة التي يقف على رأسها ولكل العاملين فيه .
و صراحة فان " د.السراج " من الشخصيات التي تعاملت معها ، وأخلصت لقضايا الأسرى في سجون الاحتلال الإسرائيلي ، ودافعت بقوة عن حقوقهم الإنسانية الأساسية ، ودعمت فعاليات ورعت أنشطة مميزة تؤكد على حقهم المشروع في الحرية .
فيما أن " برنامج غزة للصحة النفسية " ، وبالشراكة مع وزارة الأسرى والمحررين ، قد نُفذ خلال السنوات التي سبقت الانقسام وبتمويل كامل من البرنامج ،العديد من المشاريع الخدماتية والبرامج الثقافية والخدمات الاجتماعية والفعاليات المساندة للأسرى وذويهم والأسرى المحررين ، وحملات ضد التعذيب ومساندة ضحاياه ، وكان لي الشرف كممثل عن وزارة الأسرى بالإشراف على تنفيذ هذه الاتفاقيات والنشاطات ، مع صديقي " حسام النونو " كممثل عن برنامج غزة للصحة النفسية والذي يعمل الآن نائب مدير عام البرنامج .
وما يدعوني هنا للإشادة بدور هذه المؤسسة ورئيسها د.السراج ومديرها العام د.أبو طواحينة وكافة المدراء والعاملين فيها ، في دعم ومساندة قضايا الأسرى ، هو ما لمسته منهم من تفهم كبير لمعاناة الأسرى ودعمهم اللا محدود لقضاياهم العادلة ومساندتهم للأسرى المحررين ، وثانياً لأن بعض تلك الفعاليات والأنشطة والإصدارات المطبوعة ، اتسمت بالتميز والإبداع ووُصفت بالغير مسبوقة ولم تتكرر حتى اللحظة كالحملات الإعلامية الضخمة التي سلطت الضوء على قضية الأسرى ، واصدار أجندة الحركة الوطنية الأسيرة التي ساهمت في توثيق جزء مهم من تاريخ الحركة الأسيرة وذلك على مدار عامين متواصلين ( 2002 - 2003 ) ، وثالثاً لأن ما أنجزته تلك المؤسسة فيما يتعلق بالأسرى وذويهم من دراسات وأبحاث واصدارات وفعاليات متميزة وما تخصصه مجلتهم الرسمية " أمواج " لهذه القضية ، فاقت وتميزت في بعض الجوانب عما قامت به بعض المؤسسات واللجان التي تختص بالأسرى وحقوق الإنسان في فلسطين .
وفي الختام أشعر بالفخر والاعتزاز لعلاقتي الشخصية المتميزة بـ د.اياد السراج ، وبغالبية العاملين ببرنامج غزة للصحة النفسية من مدراء وكوادر وموظفين ويحضرني هنا أسماء كثيرة .
ولا يسعني في هذا المقام إلا أن اسجل جل تقديري واحترامي لهم جميعا ولجهودهم الداعمة والمتواصلة لقضايا حقوق الإنسان والديمقراطية بشكل عام ، وحقوق الأسرى ودعم الأسرى المحررين حتى هذه اللحظة من خلال مشاركتهم الفاعلة والمتواصلة دون انقطاع في لجنة الأسرى للقوى الوطنية والإسلامية والمؤسسات من خلال ممثلهم " أ. رفيق مسلم " ، ومشاركتهم في تنظيم وإحياء المناسبات المتعلقة بالأسرى ومناهضة التعذيب .