الأسرى الفلسطينيون في العيد .. طقوس خاصة ومشاعر مختلفة

 

 * بقلم / عبد الناصر فروانة

30-8-2011 

الأسرى الفلسطينيون في سجون الاحتلال الإسرائيلي ومعتقلاته يحيَوْن العيد بطقوس خاصة، والحياة والمشاعر داخل السجن مختلفة وتحمل صورا متناقضة ، ممزوجة ما بين الألم والأمل ، وما بين الحزن والفرح ، حيث الاستيقاظ المبكر صبيحة العيد، والاستحمام وارتداء أجمل الملابس، والخروج إلى الفورة (الساحة) لصلاة العيد، ومن ثم يصطفون بشكل دائري في الفورة، ويسلِّمون على بعضهم بعضاً، ويتبادلون التهاني، ويوزِّعون الحلوى، ويواسون بعضهم بعضاً، وتُلقى الكلمات والخطب القصيرة.

وفي كثير من الأحيان تمنع إدارة السجن صلاة العيد بشكل جماعي، وترفض تخصيص زيارة للأهل، أو الاتصال بهم هاتفياً. وفي أحيان أخرى تعمد الى استفزاز الأسرى من خلال التنقلات أو التفتيشات خلال أيام العيد.

والعيد هو مناسبة مؤلمة بالنسبة للأسرى، قاسية على قلوبهم، ثقيلة على رؤوسهم، يضطر فيها الأسير لاستحضار شريط الذكريات، بما حمله من مشاهد ومحطات مختلفة.

فبعض الأسرى ينطوون لساعات طويلة في زوايا الغرف الصغيرة، والبعض الآخر يشرع في ترجمة ما لديه من مشاعر على صفحات من الورق، ليخطّ بعض القصائد والرسائل على أمل أن تصل لاحقاً إلى أصحابها، أو قد لا تصل وتبقى حبراً على ورق، وقد تنهمر الدموع من عيون بعضهم حزناً وألماً.

العيد مناسبة لا يحسّ بآلامها وقساوتها سوى من ذاق مرارة السجن، وهناك المئات من بين آلاف الأسرى الفلسطينيين قد استقبلوا عشرات الأعياد وهم في السجن، ومنهم من يحتفل بالعيد مع أبنائه داخل السجن، ومنهم من فقدوا الأمل وإلى الأبد في إحياء الأعياد مع آبائهم وأمهاتهم، لأنهم فقدوهم وهم في السجن، فكيف يمكن لهؤلاء أن يستمتعوا بفرحة العيد وبهجته؟!.

وهي مناسبة لا تقل ألماً بالنسبة لذوي الأسرى، الذين بات حُلمهم في عيد الفطر ليس التوجّه للأماكن العامة والمتنزهات وقضاء ساعات جميله مع أبنائهم وأحبتهم وأحفادهم ، ؛ وإنما انحصر حلمهم في عودة أبنائهم الأسرى إلى أحضانهم ، أوأن يُسمح لهم بالتوافد على بوابات سجون ومعتقلات الاحتلال لرؤية أبنائهم وأحبّتهم المحتجزين هناك.

وكم كنّا نأمل في أن يكون استقبال الشعب الفلسطيني عامة والأسرى وذويهم خاصة لهذا العيد مختلفاً تماماً عن استقبالهم لعشرات الأعياد السابقة، وأن تكتمل فرحتنا بتحرّر أسرانا، لاسيما القدامى، وعودتهم إلى كنف شعبهم وأحضان عائلاتهم سيرا على الأقدام ، ( لا ) محملين في توابيت الموت .

 ولا زلنا نحلم بأن تحمل الأيام أو الشهور القليلة القادمة أنباء سارة ... فللشعب الفلسطيني طليعته ، اشتاق لرؤيتهم ، وللفصائل قادة ومناضلين عليهم إعادتهم ، وللأمة أبناء أسرى ضحوا من أجل قضايا عربية اسلامية مقدسة ، وجب عليها تحريرهم ، فويل لأمة لا تسعى لتحرير أبطالها الأسرى .

 

فعيدنا الحقيقي يوم أن يعود للنسيج الإجتماعي متانته وأن تعود فيه الوحدة الوطنية لشعبنا ، والتي تمزقت بفعل " الإنقسام " وأصبحنا نعيش غُرباء بين شعب هو شعبنا ، وفي وطن نُحسد أننا نحيا فوق ترابه.

وعيدنا يوم عودتنا لديارنا وأرضنا ويوم يرفع فيه العلم الفلسطيني خفاقاً فوق مآذن وكنائس القدس الشريف ... ويوم يعود فيه عميد الأسرى نائل البرغوثي الى بيته برام الله ، ويوم تعانق فيه باقة الغربية وعارة ويافا أبنائها الأبطال سامي وكريم يونس ووليد دقة ومخلص برغال ،  وأن تحتضن الجولان المحتلة صدقي المقت ، وأن تستقبل غزة أبطالها الكيال والحسني وحرز ، وأن تحتفي القدس بعودة أبنائها الرازم و المسلماني و البازيان ، يوم يعود فيه كافة الأسرى دون استثناء أو تمييز الى بيوتهم وأحبتهم .

 

فكل عام وأنتم أيها الأحبة أينما تواجدتم بألف خير، أعاده الله علينا وعليكم بالخير والبركة وقد تحررت أرضنا ومقدساتنا ، وتوحد شعبنا ، وعاد مشردينا وأسرانا لبيوتهم سالمين غانمين .. آمين يارب العالمين .

 

 أرشيف المقالات

 

 

ملاحظة / هذا المقال كتب ونشر عام 2009 ولكن أجريت عليه اليوم العديد من التعديلات والإضافات ..