برلين تحرك المياه الراكدة.. هل تقترب حماس وإسرائيل من صفقة تبادل جديدة؟
2-3-2018- بعد مضي 6 سنوات على عقد صفقة تبادل الأسرى بين حركة حماس وإسرائيل في العام 2011، بوساطة مصرية، وما أطلق عليها بصفقة “جلعاد شاليط”، التي تمكنت حماس من أسره واحتجازه في قطاع غزة لمدة 5 سنوات ونصف السنة، تستعد برلين لإذابة الجليد أمام هذا الملف، والتدخل لإتمام صفقة تبادل ثانية.
وتشترط حماس قبل الخوض في هذا الملف، إطلاق سراح الأسرى المحررين، الذين أعادت إسرائيل اعتقالهم، وأعادت لهم الأحكام السابقة.
وكانت سلطات الاحتلال اعتقلت وأعادت الأحكام السابقة لنحو 54 محررا في صفقة شاليط، خلال السنوات الماضية، الأمر الذي اعتبرته حماس خرقا فاضحا لبنود الاتفاق، الذي أبرم وتمت الصفقة بموجبه.
ويرى مراقبون فلسطينيون، في أحاديث متفرقة لموقع “الغد”، أنه لا يمكن لأي صفقة أن تتم، وأن يكتب لها النجاح، دون تدخل القاهرة، مشيرين للدور المصري المهم والأساسي في صفقة التبادل السابقة (شاليط)، التي يطلق عليها الفلسطينيون بصفقة “وفاء الأحرار1”.
وذكر موقع صحيفة “يديعوت أحرونوت” العبرية، أن الرئيس الألماني فرانك فالتر شتاينماير، أعلن أنه سيطلب من أجهزة المخابرات في بلاده، الاتصال بقيادة حركة حماس في غزة، وبحث ما إذا كان بإمكانه تعزيز حلول لإعادة الجنود الإسرائيليين “هدار جولدن” و”آرون شاؤول” والإسرائيليين “فراهام منجيستو” و”جمعة أبو غنيمة” و”هشام السيد” الذين تأسرهم الحركة.
وعلى ما يبدو هناك ترابط بين تصريحات الرئيس الألماني ووزير الجيش الإسرائيلي أفيجدور ليبرمان، الذي قال في الثاني والعشرين من فبراير/شباط الماضي، “إن حكومته تقوم باتصالات سرية من خلف الكواليس بهدف إعادة جثامين الجنود المحتجزين لدى حركة حماس في قطاع غزة منذ العدوان الأخير صيف عام 2014، وأن إسرائيل تسعى لدفنهم في المقبرة العسكرية في جبل الزيتون في القدس المحتلة”.
لكن بعد 3 أيام جاء الرد الحمساوي على لسان القيادي في الحركة، عبد الرحمن شديد، بنفي تصريحات ليبرمان، بوجود أي مفاوضات بين حركته والاحتلال الإسرائيلي، بوساطة مصرية أو غير مصرية، حول ملف جنود الاحتلال الأسرى لدى المقاومة في قطاع غزة.
وقال شديد، في حينها، “لا صحة لكل ما يتم تداوله عبر وسائل الإعلام العبرية والعربية، خاصة تصريحات وزير جيش الاحتلال عن وجود أي مفاوضات بشأن الأسرى وصفقة التبادل”.
الباحث في الشأن الإسرائيلي، والأسير المحرر في صفقة شاليط، محمود مرداوي، يقول “ربما هناك ترابط ما بين تصريحات الرئيس الألماني وليبرمان، وقد تكون جهات إسرائيلية أوعزت لألمانيا بالتدخل لدى حماس لإبرام صفقة تبادل جديدة”.
ويضيف مرداوي، لموقع “الغد”، أنه لا يمكن أن تتم صفقة تبادل بين حماس والاحتلال دون التدخل المصري”، مشيرا إلى شروط حركة حماس لإتمام أي صفقة تبادل مع الاحتلال، وهي الإفراج عن الأسرى المحررين في صفقة شاليط، الذين أعيد اعتقالهم وأعيدت لهم الأحكام السابقة والالتزام بتطبيق الاتفاق السابق بحذافيره.
ويشير مرداوي إلى أن ليؤور لوتان، المنسق السابق لشؤون الأسرى والمفقودين في حكومة نتنياهو، كان مقتنعا بوجهة نظر حركة حماس، أن اعتقال الأسرى المحررين سيضرب مسار المفاوضات.
وكان لوتان قدم استقالته من منصبه في الرابع والعشرين من أغسطس/ آب الماضي، احتجاجا على رفض الحكومة الإسرائيلية اقتراحات لاستعادة الجنود والإسرائيليين المحتجزين لدى حماس في قطاع غزة.
وذكرت القناة العبرية العاشرة، في حينها، أن استقالة المنسق الخاص لشؤون الأسرى والمفقودين بديوان نتنياهو، جاءت بشكل مفاجئ، حيث طلب من نتنياهو إنهاء مهام منصبه، في حين قالت مصادر إسرائيلية مطلعة إن خلفيات القرار مرده إلى خيبة الأمل التي يشعر بها “لوتان” في ظل رفض المستوى السياسي لمبادراته المختلفة للسير قدماً في استعادة السرى الإسرائيليين.
وبدوره، يقول الأسير المحرر عبد الناصر فروانة، الباحث المختص بشؤون الأسرى ورئيس وحدة الدراسات والتوثيق في هيئة شؤون الأسرى والمحررين، “إن ملف صفقة تبادل الأسرى قد فتح مرارا من قبل، وبشكل سري خلال المباحثات التي أجرتها حركة حماس مع الأشقاء المصريين الذين نقدّر اهتمامهم، دون الإفصاح عن التفاصيل، وفي الآونة الأخيرة، وخلال تواجد وفد حركة حماس بالقاهرة -حسب المعلومات التي سربت من القاهرة- فإن قضية الأسرى كانت حاضرة، وأن ملف صفقة تبادل الأسرى “وفاء الأحرار2” قد فتح ونوقش ضمن رزمة ملفات، وهذا يعزز التفاؤل، ويؤكد على ما قلناه سابقا بأن لا بديل عن مصر في إنجاز أية صفقة قادمة، ولكن علينا عدم الإفراط في هذا التفاؤل في الوقت الراهن، فالطريق ما زالت صعبة، في ظل التعنت الإسرائيلي، وعدم استعداد المستوى السياسي لدفع استحقاقات التبادلية “بشكل جدي”.
ويضيف فروانة، لموقع “الغد”، “ثقتنا عالية بالمقاومة وقدرتها على التحاور والتفاوض، وثقتنا عالية بمصر العروبة على رعايتها ودعمها لحقوقنا وحقوق أسرانا”، مشيدا بالجهود المصرية في إتمام صفقة “وفاء الأحرار1″ (شاليط) والتي تحرر بموجبها 1027 أسيرا وأسيرة من سجون الاحتلال الإسرائيلي”.
ويتابع فروانة، “إننا كفلسطينيين وكأسرى وأسرى محررين نقدّر عاليا دور مصر التاريخي في دعم القضية الفلسطينية بشكل عام، وكذلك دورها الفاعل والمفصلي في إتمام صفقة التبادل بشكل خاص، ونتطلع اليوم إلى استمرار الدور المصري من أجل إتمام صفقة تبادل جديدة (وفاء أحرار2)”.
ويعتقد فروانة، أنه ومع التقدير لكل الجهود التي يمكن أن تبذل من برلين وغيرها، فإنه لا يمكن أن تتم صفقة تبادل جديدة دون مصر، أو بعيدا عنها، ويقول: “كلما اقتربت حركة حماس أكثر من مصر، وتقدمت العلاقات الثنائية خطوة إلى الأمام، اقتربنا جميعا خطوتين وأكثر نحو إتمام صفقة (وفاء أحرار2)”.
وأضاف فروانة، “أنه في ظل التطورات الأخيرة، فإننا أقرب من أي وقت مضى إلى تحقيق صفقة تبادل جديدة، لكن الأهم الضغط على الجانب الإسرائيلي ودفعه نحو القبول بـ”التبادلية” ودفع استحقاقات الصفقة”.
وكانت كتائب القسام أعلنت في يوليو/تموز 2014 في أثناء الحرب على غزة، أنها أسرت جنديا إسرائيليا اسمه شاؤول آرون في أثناء مقاومتها للاحتلال وتصديها للعدوان الإسرائيلي، كما كشفت مطلع إبريل/ نيسان 2016 لأول مرة عن صور لأربعة إسرائيليين أسرى لديها.
وكانت صفقة شاليط قد أبرمت بين سلطات الاحتلال وحماس بوساطة مصرية في أكتوبر/ تشرين أول عام 2011، ونفذت على مرحلتين بإشراف مصري، وأطلقت سلطات الاحتلال بموجبها سراح 1027 أسيرا وأسيرة من سجونها، وبالمقابل أفرجت حركة حماس عن الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط، الذي كان مأسورا لديها منذ يونيو/ حزيران 2006.