فلسطين خلف القضبان www.palestinebehindbars.org
|
فروانة : الأسير الحسني يغلق عامه الـ24 ويفتح جرح العائلة وفصول معاناتها المتراكمة ..
غزة- 2-3-2010 – أفاد الأسير السابق ، الباحث المختص بشؤون الأسرى عبد الناصر فروانة بأن الأسير الفلسطيني " محمد الحسني " ، قد أغلق اليوم عامه الرابع والعشرين ، وفتح جرح العائلة وفصول معاناتها المتراكمة ، ويقترب بذلك من الإنضمام لقائمة " جنرالات الصبر " وهو المصطلح الذي يُطلق على من مضى على اعتقالهم أكثر من ربع قرن في سجون الاحتلال بشكل متواصل .
وذكر فروانة بأن الأسير " محمد عبد الهادي محمد الحسني " ( 50 عاماً ) من سكان مخيم الشاطئ غرب مدينة غزة ، كان قد اعتقل في الرابع من آذار / مارس عام 1986 ، وصدر بحقه حكماً بالسجن الفعلي ثلاثين عاماً ، ويُعتبر واحداً من عمداء الأسرى ، ويحتل مكانة متقدمة على قائمتهم ويحمل الرقم " 30 " من حيث الأقدمية ، فيما يُعتبر سادس أقدم معتقلي قطاع غزة ، وأحد أبرز قيادات حركة الجهاد الإسلامي في سجون الاحتلال بشكل خاص والحركة الأسيرة بشكل عام .
مضيفاً إلى أن " الحسني " مرّ خلال مسيرة اعتقاله الطويلة بالعديد من المواقف المؤلمة والمشاهد المؤثرة وخاض بشكل فردي أو مع إخوانه تجارب عدة ، في التحقيق وفي معارك الأمعاء الخاوية ، وتنقل قسراً خلال سنوات اعتقاله الطويلة للعيش في سجون عدة كنفحة وعسقلان وريمون وبئر السبع وغيرها ، فيما يقبع الآن في سجن " هداريم " .
وكثيراً ما رقد على أسرة ما يُسمى مستشفى سجن الرملة لأيام طويلة حيث يعاني من عدة أمراض في ظل سياسة الإهمال الطبي التي فاقمت من معاناته ، ومكث خلال سني اعتقاله لسنوات طويلة في زنازين العزل الإنفرادي في سجني " هداريم " و " ايشل " . وعانى كغيره من الحرمان من زيارات الأهل لشهور طويلة ، بل ولسنوات عديدة ، وشأنه شأن باقي أسرى غزة الممنوعين من زيارة ذويهم بشكل جماعي منذ منتصف حزيران 2007 ،
وفي رسالة بعث بها الأسير " الحسني " في وقت سابق للباحث فروانة يقول فيها ( لم تتعبني سنوات الأسر الطويلة ولم تهز معنوياتي أو تؤثر سلباً على مواقفي تجاه شعبي ووطني ، لكن ما يؤلمني هو قصور أمتنا العربية والإسلامية في وضع حد لسنوات أسرنا ومكوثنا في سجون الاحتلال و التي طالت كثيراً لتمتد السنة تلو الأخرى ، حتى أصبحت واحد من جيش من الأسرى القدامى مضى على اعتقالهم عشرات السنين ..
فلم أكن أتوقع بأن فترة اعتقالي يمكن أن تتجاوز العقدين أو حتى العقد الواحد ، كنت متخيلاً بأن صفقة 1985 يمكن أن تتكرر في أي وقت ... ليمضى ربع قرن على انجازها ولا زلنا نحلم بتكرارها .... ومع ذلك يبقى الأمل قائماً بأمتنا وشعبنا وقيادتنا وفصائلنا المقاومة في تحريرنا .. وعيوننا وعيون كافة الأسرى القدامى ترنو دائماً إلى غزة الصامدة التي تأسر " شاليط " ، وكلنا أمل في أن تنجز الصفقة قريباً وأن تضمن إطلاق سراح كافة الأسرى القدامى دون استثناء أو تمييز ... )
الأسير " الحسني " يغلق عامه الـ24 ويفتح فصول معاناة الأسرة
وأوضح فروانة بأنه ولربما لا يعلم الكثيرين بأن آثار السجن لم تقتصر على الأسير فحسب ، وإنما تمتد لطال أفراد أسرته ... فالحكايات مترابطة الوثيق ، والمعاناة مركبة .. وحكاية الأسير الحسني وأسرته هي واحدة من تلك الحكايات المؤلمة ، و" الحسني " وبإغلاقه عامه الـ24 في الأسر قد فتح جرح العائلة وفصول معاناتها المتراكمة ، وحكايته وحكايتهم الطويلة مع السجن والاعتقال والحرمان والتي بدأت فصولها قبل أربعة وعشرين عاماً ، ولم تنتهِ بعد ، فيما ينتظر من يَكتب لها النهاية السعيدة والسريعة ، وضمان عودته إلى كنف عائلته ، والعيش معها السنوات المتبقية من العمر بسعادة وهناء ،.
وبيّن فروانة بأن الأسير " الحسني " ينتمي لعائلة عريقة ومناضلة ، وكان قد تزوج أوائل الثمانينات من امرأة فاضلة ، أنجب منها ( هيام وكلثوم ) ، وولد واحد اسمه ( وسام ) ، وهذه المرأة اختارت البقاء بجانبه في أحلك الظروف وأقساها ، وفضلت الجهاد في تربية أطفالهما ، متسلحة بالإيمان والصبر والصمود ،.
الكبار يرحلون والصغار يكبرون والأبناء يتزوجون ... و " محمد " لا يزال يقبع في السجون
وذكر فروانة بأن الكبار رحلوا والصغار كبروا والأبناء تزوجوا ، ومحمد لا يزال يقبع في السجون ، فوالده " الحاج أبو زكي " قد توفى في العام 1995 دون أن يُسمح له بالمشاركة في تشييع جثمانه إلى مثواه الأخير أو تقبيله قبلة الوداع الأخير أو حتى الاتصال وإرسال بعض الكلمات .
وأن كريمته ( هيام ) زُفت إلى بيت زوجها في العام 2002 دون حضور والدها ، والذي اكتفى فقط بالحديث معها بضعة كلمات عبر الهواتف النقالة المهربة ، فكانت كلماته مؤثرة أبكت كل من سمعها ، ولكنها كانت أفضل حظاً من شقيقتها ( كلثوم ) التي زُفت هي الأخرى عام 2004 وانتقلت لبيت زوجها دون مشاركة والدها ولو بكلمة واحدة عبر الهاتف .
و( هيام وكلثوم ) أنجبتا وأصبح للأسير " الحسني " خمسة أحفاد ، لم يعرف أي منهم ولم تصله إلا ما ندر من صورهم ، ولا شك بأنه سيواجه صعوبة كبيرة في التعرف عليهم بعد تحرره ، وفي تجاوبهم وتفاعلهم معهم ، وسيحتاج بالتأكيد إلى وقت ليس بالقصير لتقليص الفجوة الاجتماعية التي نشأت نتيجة البُعد القسري جراء السجن والحرمان من الزيارات .
أما نجله " وسام " فلقد ولد بتاريخ 23 يوليو / تموز عام 1985 ، ومنذ ولادته لم يذكر أن رأى وجه والده دون شبك وقضبان ، حيث اعتقل والده بعد أقل من ثمانية شهور على ولادته ، فيما حُرم من زيارته ورؤيته حتى من خلف القضبان منذ عشر سنوات .
" زفاف " تعمه الفرحة والسعادة أم زفاف يخيم عليه الحزن وتغرقه دموع الألم والحرمان .. !
ويضيف فروانة بأن النجل " وسام " واصل تعليمه وحصل على شهادة " البكالوريوس " واقترب من بلوغه العام الـ25 ، فيما يرفض نداءات الأهل بالزواج ، و يؤجل زواجه العام تلو العام ، على أمل أن تتم الصفقة أو أن يُطلق سراح والده في إطار الإفراجات السياسية بسبب تردي وضعه الصحي ليشاركه حفل زفافه ، لا سيما وأن والده أمضى 80% من إجمالي فترة حكمه ، وهو يرى بهذا الانتظار جزءاً من الوفاء لوالده ولديه إحساس مع رغبة شديدة بأن يعود والده قبل أن ينهي فترة محكوميته البالغة ثلاثين عاماً ، أي قبل انقضاء الست سنوات المتبقية .
حتى أن والده الأسير يُلح عليه بالبحث عن شريكة العمر والارتباط بها واتمام عقد الزواج وإنتظار حفل الزفاف ، كخطوة أولى ، لعل الأشهر القليلة القادمة تحمل ما هو جديد .. وما بين عقد الزواج والخشية من الاضطرار لاتمام حفل الزفاف لاحقاً دون مشاركة الأب ، أو الإصرار على الانتظار وتأجيل الزواج ، يبقى " وسام " في حيرة من أمره ...
وفي الختام دعا فروانة وسائل الإعلام المختلفة الى تسليط الضوء على الأسرى القدامى وصور معاناتهم متعددة الأشكال ، ومنحهم مزيداً من الأولوية والأهمية نظراً لمعاناتهم المضاعفة وتدهور أحوالهم الصحية .
مناشداً الجهات المختصة والمؤسسات المعنية بالأسرى والفصائل الوطنية والإسلامية لتشكيل لجنة وطنية واسلامية مشتركة للتعريف بهم واطلاق أسمائهم على شوارع غزة على غرار ما حصل في الضفة الغربية ، وتزيين المدن والمخيمات الفلسطينية بصور كبيرة لهم جميعاً دون استثناء أو تمييز.