احتجاز جثامين الشهداء.. جريمة حرب إسرائيلية للابتزاز والمساومة

 

28-11-2019

سلط احتجاز سلطات الاحتلال لجثمان الشهيد الأسير سامي أبو دياك (36 عاما)، الذي استشهد الثلاثاء الماضي، بعد صراع طويل مع مرض السرطان، الضوء على ملف سياسة احتجاز جثامين الشهداء، التي يتبعها الاحتلال منذ عقود طويلة، كنوع من العقاب الجماعي ضد الشعب الفلسطيني، إذ يحتجز أكثر من 250 جثمان شهيد سقطوا برصاص الاحتلال منذ عام 67.

واحتجزت سلطات الاحتلال جثمان الشهيد أبو دياك، ورفضت تسليمه إلى ذويه، بالتزامن مع قرار ما يسمي وزير الأمن الإسرائيلي، نفتالي بينيت، بحجز جثامين الشهداء بغض النظر عن الفصيل الذي ينتمون إليه.

ويشكل احتجاز جثامين الشهداء ممارسة منافية لكل الأعراف والمواثيق والقوانين الدولية، لاسيما اتفاقيات جنيف الأولى والثالثة والرابعة، والتي نصت في بعض موادها على حق الموتى في التكريم، وألزمت دولة الاحتلال بتسليم الجثث إلى ذويها، ومراعاة الطقوس الدينية اللازمة خلال عمليات الدفن، وحماية مدافن الموتى وتسهيل وصول ذويهم إلى قبورهم، واتخاذ الترتيبات العملية اللازمة لتنفيذ ذلك.

 

سياسة ممنهجة

وقال المختص بشؤون الأسرى والمحررين، عبد الناصر فروانة، إن احتجاز جثمان الأسير أبو دياك يأتي ضمن سياسة ممنهجة يتبعها الاحتلال منذ عام 67

واعتبر فروانة، أن احتجاز جثامين الشهداء هي واحدة من أكبر وأبشع الجرائم الأخلاقية والقانونية والإنسانية والدينية التي ترتكبها دولة الاحتلال أمام مرأى ومسمع من العالم أجمع، وهي الوحيدة في العالم التي تمارس هذه الجريمة بشكل علني في إطار سياسة رسمية.

وأوضح فروانة، في حديث لـ”الغد”، أن سلطات الاحتلال ما زالت تحتجز في ما يعرف بـ”مقابر الأرقام” أو في ثلاجات الموتى أكثر من 250 جثمانا لشهداء سقطوا في ظروف مختلفة وأماكن متعددة وأزمنة متفاوتة، استشهد بعضهم في سبعينيات وثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي، وبعضهم استشهدوا في العدوان الأخير على غزة صيف 2014، وما بعده، وآخرين استشهدوا خلال “انتفاضة القدس” التي اندلعت في أكتوبر2015.

وأوضح أن الاحتلال يهدف من وراء احتجاز جثامين الشهداء إلى الانتقام منهم ومعاقبتهم بعد موتهم، وتعذيب ذويهم وإيذائهم عمدا، كنوع من العقاب الجماعي، إضافة إلى استخدام هذه السياسية للضغط والابتزاز والمساومة.

وطالب فراونه بضرورة نقل جريمة قتل “أبو دياك” وغيره من الأسرى إلى محكمة الجنايات الدولية، لتقديم قادة الاحتلال للمحاكم الدولية ومحاسبتهم على جرائمهم بحق الشعب الفلسطيني والأسرى.

 

تحرك دولي وعربي

وأدان عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، صالح رأفت، احتجاز سلطات الاحتلال لجثمان الشهيد الأسير سامي أبو دياك.

وأكد رأفت، في تصريح صحفي اليوم الخميس، أن القيادة الفلسطينية تواصل التحرك على المستويين العربي والعالمي وفي جميع المؤسسات الدولية لما يشكل احتجاز جثامين الشهداء من مخالفة لاتفاقيات جنيف الخاصة بالعلاقة بين سلطات الاحتلال الأجنبي والشعب الخاضع للاحتلال.

ودعا أبناء الشعب الفلسطيني في الوطن ومناطق اللجوء والشتات إلى تحركات شعبية جماهيرية واسعة من أجل التضامن مع الأسرى والأسيرات، والمطالبة بتسليم جثامين الأسرى الذين استشهدوا داخل سجون الاحتلال الإسرائيلي وآخرهم الشهيد سامي أبو دياك، وكذلك تسليم جثامين الشهداء الذين أعدمتهم أيدي الغدر الإسرائيلية.

 

جرائم حرب

ودعا الأمين العام للهيئة الإسلامية المسيحية لنصرة القدس والمقدسات الخبير في القانون الدولي، حنا عيسى، للتعامل مع سياسة احتجاز جثامين الشهداء بمقابر الأرقام كأحد ملفات الجرائم التي تمارسها سلطات الاحتلال الإسرائيلي تجاه الشعب الفلسطيني.

وشدد عيسى على أن “احتجاز سلطات الاحتلال الشهداء الفلسطينيين لزعمها أنهم نفذوا أو حاولوا تنفيذ عمليات ضد أهداف إسرائيلية، يشكل انتهاكا خطيرا للقوانين الدولية التي عملت دولة الاحتلال على انتهاكها جميعها”.

وأشار، في بيان صحفي، إلى أن “مقابر الأرقام”، التي يحتجز جثامين الشهداء فيها “غير لائقة ولا تحترم جسد وقدسية الإنسان، وأن الجثامين تدفن على عمق سطحي لا يتجاوز نصف متر، ما يجعلها عرضة لنهش الكلاب الضالة والضباع، وقد تجرفها مياه الأمطار والسيول”.

وأوضح أن الانتهاكات الجسيمة، التي ترتكبها إسرائيل في الأراضي الفلسطينية المحتلة هي من قبيل جرائم الحرب، وجرائم ضد الإنسانية أولًا، وأن كافة الأراضي الفلسطينية ما زالت حسب القانون الدولي خاضعة للاحتلال ثانيًا.

وأشار إلى أن احتجاز جثامين الشهداء انتهاك للإعلان العالمي للأمم المتحدة حول الاختفاء القسري، الذي يعتبر جريمة ضد الإنسانية، ويدان بوصفه إنكارًا لمقاصد ميثاق الأمم المتحدة، وانتهاكًا خطيرًا وصارخًا لحقوق الإنسان والحريات الأساسية، التي وردت في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.

وتابع: رغم النصوص القانونية والمواد الملزمة الواضحة في القانون الإنساني الدولي، إلا أن السياسات الإسرائيلية والممارسات على أرض الواقع تظهر أن إسرائيل تتنكر بشكل واضح لهذه المبادئ والالتزامات.

 

تجارة وابتزاز

واعتبر مركز عدالة لحقوق الإنسان، إن تعليمات وزير جيش الاحتلال نفتالي بينيت، باحتجاز جثامين الشهداء الفلسطينيين هي “محاولة للتجارة بجثامين أشخاص لها الحق بالاحترام والدفن”.

وأوضح مدير مركز عدالة، حسن جبارين، أنه لا يوجد دولة في العالم تسمح لنفسها باستعمال جثامين كورقة للتفاوض والمساومة السياسية.

وشدد على أن هذه الممارسات لا تخالف القانون الدولي فقط، بل تخالف كذلك قوانين الشعوب الشرعية، وعلى رأسها المعاهدة الدولية لمناهضة التعذيب، التي تحظر بشكل مطلق الممارسات الوحشية وغير الإنسانية ضد أي شخص كان.

وقال جبارين، الذي مثل عائلات الشهداء المحتجزة جثامينهم أمام المحاكم الإسرائيلية، “إننا سنعمل على مواجهة هذا القرار وإبطال هذه التعليمات على الصعيد الداخلي والخارجي، الداخلي أمام المحاكم والجهاز القضائي في إسرائيل، والخارجي من خلال التوجه للجان حقوق الإنسان في الأمم المتحدة والمنظمات الدولية المختلفة”.

وكان مركز عدالة نجح في استصدار أمر من المحكمة العليا الإسرائيلية يوم 14/12/2017 يمنع احتجاز الجثامين، ويعتبره غير قانوني، إلا أنّ المحكمة أمهلت سلطات الاحتلال 6 أشهر لتحرير الجثامين، يُمكنها خلالها إيجاد مسوّغات قانونيّة تجيز الاحتجاز، بعد أن قرر المجلس الوزاري المصغر “الكابينيت” في كانون الثاني 2017 استخدام سياسة احتجاز الجثامين كورقة للمساومة والتفاوض.

 

https://www.alghad.tv/%D8%A7%D8%AD%D8%AA%D8%AC%D8%A7%D8%B2-%D8%AC%D8%AB%D8%A7%D9%85%D9%8A%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%B4%D9%87%D8%AF%D8%A7%D8%A1-%D8%AC%D8%B1%D9%8A%D9%85%D8%A9-%D8%AD%D8%B1%D8%A8-%D8%A5%D8%B3%D8%B1%D8%A7%D8%A6/?fbclid=IwAR2mc5gxvsUl5b45pEc_sMNcfKW1DOoc-NQHElKQNOuC-hjZx5VCug_plDY