الصوراني .. تاريخ مشرق في النضال وحقوق الإنسان

 

 

 

بقلم / عبد الناصر عوني فروانة

29-4-2011

أرشيف مقالات الكاتب  

 

   كثيراً ما يتمنى الإنسان منا الالتقاء ببعض الرؤساء والزعماء والشخصيات المرموقة ذات المكانة الدولية والإقليمية والعربية والتقاط بعض الصور التذكارية معهم.

 وكثيراً ما يسعى لكي يقضي قسطاً من الوقت ولو لبضع دقائق جالساً أو حتى واقفاً مع بعض المتميزين والمبدعين في عالمنا العربي والإسلامي .

وكثيراً جداً ما تُجذبنا الفضائيات لدقائق طويلة قد تمتد لساعات عديدة للإنصات لحديث شيق أو لنقاش قيم لأشخاص أو لمجموعة من الشخصيات المناضلة والمثقفة والمتميزة ، التي كلما استمعت لها كلما ازددت معرفة وخبرة .  

ولا شك بأن الظروف ووسائل الإعلام كثيراً ما أفرزت لنا قادة ورجال لمرحلة ما ، ثم سرعان ما يختفوا ، ولكن هنالك رجال لكل المراحل والأزمنة ، فرضوا أنفسهم قادة وحظوا باحترامنا وتقديرنا ، بدورهم المتعاظم وجهدهم المتواصل وعطائهم الذي لا ينضب وسلوكهم النموذجي ، وصنعوا لأنفسهم تاريخاً مشرقاً ، سطروا حروفه الأولى في ساحة النضال الأرحب بمشاركتهم في النضال بكافة أشكاله ، وأضافوا له صفحات مضيئة من الصمود وصون أسرار رفاقهم حينما أُخضِعوا لتحقيق قاسي وتعذيب أقسى خلف قضبان سجون الاحتلال .

وشكلوا بثباتهم وسلوكهم الحضاري ووعيهم الثوري وأخلاقياتهم الحميدة داخل غرف سجون الاحتلال ، نماذج تحتذى وقواسم مشتركة فيما بين الجميع ، ليحظوا باحترام الكل وبشبكة واسعة من العلاقات الوطنية .

ولم يكتفُ بهذا القدر ، فاستمروا دون تردد ودون الإفصاح عن ذلك وبسرية تامة ودون البحث عن مكانة قيادية هنا أو هناك ودون ودون .... ، فحققوا النجاح تلو النجاح وسجلوا انتصارات متتالية على الصعيدين الخاص والعام  ، وفي كل مرة يضيفون صفحة جديدة لسفر تاريخهم المشرق ، فبات مجلد من مئات الصفحات .

راجي الصوراني .. استحق أوسمة دولية وبانتظار وسام القدس ...

والأستاذ "  راجي الصوراني " هو واحد من أولئك القلائل الذين نتحدث عنهم ، حاز على تكريم دولي رفيع وفي أكثر من مناسبة ، فيما لم يَنلْ حتى اللحظة تكريم فلسطيني رسمي ولم يُمنح بعد وسام " نوط القدس " ، لا لشيء سوى لأنه يقيم في غزة ويتحلي بالتواضع وقريب من الجميع ويسهل الوصول إليه في أي وقت .

رجل كلما جلست معه استفدت منه ، وكلما استفدت منه رغبت بالجلوس معه من جديد ، فالإحتكاك به فائدة وللجلوس معه فوائد ، فابحث دائما كي تجلس معه وتستفيد من مخزون معارفه وخبراته وينبوع معلوماته القيمة وقاموسه الخاص ورؤيته المستقبلية .   

وربما لو أن هذا الإنسان بنجاحاته وانتصاراته ، بانجازاته وسمعته ومكانته وجوائزه الدولية ، مقيم في بلد بعيد ، أو في إحدى العواصم الأوروبية ويحمل جنسية ثانية ، ويَصعُب الوصول إليه ، لوجدنا كل المستويات الرسمية والشعبية تبحث عن آليات للتواصل معه ولو لدقائق معدودة عبر الهاتف وتسعى لالتقاط الصور التذكارية بجانبه كلما أُتيح لها ذلك ، فهناك من هم أقل منه جدارة وثقافة ومكانة وتاريخا وشفافية ونزاهة ، قلدوا رسميا ومنحوا وسام " نوط القدس "  ...

 

ومن خلال معرفتي القريبة منه ، أعلم جيداً بأنه لا يبحث عن ذلك ، ولم أسمعه يوماً يولي الجوائز وحفلات التكريم أهمية ، ولو قرأ مقالي هذا سيستفز جداً وربما يتصل بي معاتبا لماذا كتبت بهذا الشأن .

 فخزائن مكتبه مكدسة بالجوائز الإقليمية والدولية ، وجدران بيته تُزين بالصور مع قادة وشخصيات دولية ورؤساء دول عظمى ، والمناصب التي حصل عليها بالانتخاب بالمؤسسات العربية والدولية هي أيضا كثيرة .

 وأعرف بأنني لست على قدر من الكفاءة والقدرة الكتابية لأكتب عن هذا الإنسان ، ولكن الواجب يُحتم علىّ إثارة ذلك على الرغم من قناعاتي بأن مقالاً بهذا الاقتضاب لم يوفيه حقه ، وصراحة أعتب على شعب يُكرم الأشقاء والأصدقاء و( لا ) يُكرم الأبناء ممن يستحقون وعن جدارة هذا التكريم ، وعتبي أكثر على السيد الرئيس الذي لم يلتفت لتلك الشخصيات التي تستحق منا الكثير .

 عذرا سيادة الرئيس فالأجدر أن نُكرم أبنائنا ، وأن نسلط الضوء على سيرة حياة كل واحد منهم النضالية والسياسية والأكاديمية والحقوقية وما قدموه لشعبنا العظيم ، وما حققوه من انجازات محلية واقليمية ودولية جعلت منهم عناوين دولية في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان وملاحقة مجرمي الحرب من الإسرائيليين .

نعم لم يعد الأستاذ " راجي الصوراني " هو ذاك المناضل المثقف الشرس ، أو الأسير الصلب والمحامي النشط في الدفاع عن المعتقلين ، أو الحقوقي المتميز في الدفاع عن حقوق الإنسان في فلسطين ، ومدير المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان .

 وإنما أضحى شخصية اقليمية دولية لها وزنها ومكانتها على المستوى الدولي بخبرته القانونية العريقة ، وشبكة علاقاته الواسعة ومساهماته في الدفاع عن حقوق الإنسان في فلسطين وفي فضح ما يتعرض له شعبنا الفلسطيني من انتهاكات وجرائم من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي وتدويلها ومتابعتها في المحافل الدولية ، وفي ترسيخ مفاهيم ومبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان في المجتمع الفلسطيني ، وفي الدفاع عن حقوق الأسرى في سجون الاحتلال ، وبدوره الدؤوب في تحقيق المصالحة الوطنية في إطار لجنة الوفاق والمصالحة .

    ومنذ تأسيس المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان نال " الصوراني " العديد من الجوائز العربية والدولية وتبوأ ولا يزال مناصب عديدة ، منها انتخابه قبل عام نائباً لرئيس الفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان للمرة الرابعة على التوالي ، وانتخابه قبل أيام رئيسا للمنظمة العربية لحقوق الإنسان .

 فيما يتمتع المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان ومقره بغزة والذي أسسه عام 1995 مع مجموعة من المحامين والنشطاء في مجال حقوق الإنسان بـ :

- صفة استشارية خاصة لدى المجلس الاقتصادي والاجتماعي التابع للأمم المتحدة / عضو لجنة الحقوقيين الدولية - جنيف / عضو الفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان – باريس / عضو الشبكة الأوروبية المتوسطية لحقوق الإنسان – كوبنهاجن / عضو مجموعة المساعدة القانونية الدولية (أيلاك) – ستوكهولم / عضو التحالف الدولي لمناهضة عقوبة الإعدام / عضو المنظمة العربية لحقوق الإنسان – القاهرة .

كما وحاز المركز الذي يترأسه " الصوراني " على العديد من الجوائز الدولية أبرزها :

- جائزة الجمهورية الفرنسية لحقوق الإنسان لعام 1996 (فرنسا) / وجائزة برونو كرايسكي للإنجازات المتميزة في ميدان حقوق الإنسان للعام 2002 (النمسا) / جائزة منظمة الخدمات الدولية لرابطة الأمم المتحدة (UNAIS ) للعام 2003 – بريطانيا / وجائزة الأندلس لحقوق الإنسان لعام 2009

وبالتأكيد ( لا ) يمكن الفصل ما بين الفرد والجماعة وما بين " الصوراني " والمركز ، فهناك ترابط جدلي ما بين دور " الصوراني " ونشاط وعمل المركز الذي يرأسه ، بطواقمه المختلفة وجهود كافة كوادره وموظفيه ، وأن انجازات " الصوراني " تتشابك مع جوائز المركز ، وكما كان للصوراني دور مميز في دفع المركز للأمام والارتقاء به وتعزيز حضوره على المستوى الدولي ، كان للمركز بطواقمه المختلفة دور في نجاحات " الصوراني " وتعزيز مكانته وحضوره الدولي ..

   مما يدعونا لأن نثمن دور وجهد كل العاملين في المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان بدون استثناء ، فلكل واحد منهم دوره ومساهماته في وصول المركز ورئيسه لما وصلوا اليه  

فهنيئاً لفلسطين بهذا المركز الحقوقي المتميز وبهذا الرجل العظيم الذي يقف على رأس الهرم فيه ، وأن أي انجاز وأي انتصار يحققه المركز بشكل جماعي أو الصوراني بشكل فردي ، هو انتصار وانجاز لكل الفلسطينيين ورموزه وقضيته العادلة ولكل المدافعين عن حقوق الإنسان في فلسطين والعالم أجمع.

فهنيئا للأستاذ القدير " راجي الصوراني " وهنيئا لنا بك كفلسطينيين عامة ، وكأصدقاء خاصة تربطنا بك علاقة صداقة منذ عقود من الزمن نشأت في ساحة النضال وتطورت في غرف السجون وتعمقت في قاعات المحاكم والدفاع عن حقنا المشروع في المقاومة وترسخت في العمل المشترك من أجل حقوق الإنسان والأسرى ،  .

وهنا أسجل جل احترامي وتقديري للمركز الفلسطيني لحقوق الإنسان لدوره في خدمة قضايا الأسرى ، لكنني بالتأكيد أتطلع دوماً إلى دور أكبر للمركز وللأستاذ راجي تجاه أسرانا وقضاياهم العادلة وآمل أن يكون لانتخاب " الصوراني " رئيسا للمنظمة العربية لحقوق الإنسان دور فاعل في تفعيل قضية الأسرى القابعين في سجون الاحتلال الإسرائيلي على المستويين العربي والدولي .

 

 

 

عبد الناصر فروانة

أسير سابق ، وباحث مختص في شؤون الأسرى

مدير دائرة الإحصاء بوزارة الأسرى والمحررين في السلطة الوطنية الفلسطينية

0599361110

Ferwana2@yahoo.com

الموقع الشخصي / فلسطين خلف القضبان

www.palestinebehindbars.org