انتخاب الاسير المحرر "زياد النخالة" أمينا عاما لحركة الجهاد الإسلامي

 

بقلم/عبد الناصر عوني فروانة

أسير محرر ومختص بشؤون الأسرى

27-9-2018

 

الكتابة –كما يقولون- هي وسيلة للتعبير عن ما يخالج النفس من مشاعر وأحاسيس، وهي متنفس الكاتب وملجأه وملاذه الوحيد حين تضيق به الدنيا وحين تتسع. واليوم وبعدما علمت انتخابه أمينا عاما لحركة الجهاد الإسلامي، لجأت الى الكتابة وأمسكت بقلمي لأخط بعض الكلمات مهنئا نجاحه بالانتخابات الداخلية ونيله ثقة اخوانه في حركته. مع اقراري بأني لست ممن يمتلكون القدرة على الكتابة عن إنسان بحجم القائد/زياد النخالة "أبا طارق".
ولعل معرفتي به منذ كنت طفلا، ومعرفتي بظروف نشأته وتربيته وصعوبة ما مرّ به في حياته منذ صغره، ولقائي معه مرات عدة على شبك الزيارة خلال سنوات سجنه، وما بعد التحرر، والعلاقة الاجتماعية التي كانت تربطنا بوالدته رحمة الله عليها، وباخوانه وعائلته والتي نشأت خلال الزيارات معا، والعلاقة المتينة التي كانت تربطه بوالدي في السجن. كل ذلك وأكثر من ذلك يجعلني أحترم هذا المناضل، ويدفعني لأن أكتب عنه، احتراما لشخصه واعجابا بشخصيته ووفاء لتاريخه الكفاحي وتقديرا لمسيرته النضالية.

يحدثني والدي "ابو العبد" الذي عايش السجون لأكثر من خمسة عشر عاما، عن علاقته بالأخ "أبا طارق"، وأنا أثق بتقييماته للأسرى الذين عايشهم، فيقول لي: كانت تربطني به علاقة قوية وقد عشنا سويا لسنوات في السجون، بالإضافة الى أننا عشنا في "الإكس" في سجن بئر السبع، وهو عبارة عن زنزانة ضيفة، لفترات طويلة. تعرفت خلالها على شخصيته و خصاله، واستمعت إليه وهو يروي لي أدق تفاصيل نشأته المؤلمة وفصول حياته القاسية وحكاياته مع الالم والحرمان والقهر. حيث تربى يتيماً بعد استشهاد والده عام 1956، وعانى ظلم الاحتلال كثيرا، فكان "زياد" صبورا، وتحمل الهموم والمصاعب، ولم ييأس يوما، وأخذ من الظلم دافعا نحو التغيير. فكان مناضلا شرسا وشجاعا ولديه من البطولات الكثير. وكان اسيرا صلبا وعنيدا في الدفاع عن حقوق الأسرى ومواجهة السجان. بالإضافة الى تمتعه بعلاقات وطنية واسعة مع الجميع دون استثناء. كل هذا جعل منه رجلا ذو شخصية قوية وخصال تؤهله لأن يكون مؤثرا وقائدا وطنيا.

ويضيف والدي بالقول: كان "زياد" يتمتع بخبرة فائقة في إخفاء "الراديوهات" عن أعين السجان ولجان الرقابة والتفتيش، فصنع لهم مخابئ خاصة في جدران الغرف. ونجح في اخفائها واخفاء العديد من الأغراض الخاصة للتنظيمات كافة. وكان الأكثر حنكة في هذا الابداع من الأسرى الآخرين . يوم أن كان الحصول على "الراديو" انجازا، وحينما كان يتم ذلك بطرق التهريب ورغما عن السجان. ويوم أن كان فيه حيازة "الراديو" ممنوعا في السجن ويُعاقب عليه قانون الادارة.
ولد "زياد رشدي النخالة" "أبا طارق" في السادس من نيسان/ابريل عام 1953 في قطاع غزة، واستشهد والده الحاج "رشدي النخالة" في مدينة خانيونس عام 1956 إبان العدوان الثلاثي علي مصر. وكان حينها طفلا صغيرا، فدرس الابتدائية في خانيونس وبعدها انتقل لمعهد الأيتام لإكمال دراسته ومن ثم انتقل لمدارس مدينة غزة وأنهي فيها دراسة الإعدادية والثانوية. وواصل تعليمه بعدها وأنهى الدبلوم من معهد المعلمين بغزة 

واعتقل للمرة الأولى بتاريخ 29 آيار/مايو عام 1971، وحكم عليه بالسجن المؤبد "مدى الحياة"، بتهمة مقاومة الاحتلال والانتماء الى قوات التحرير، وقضى في السجن الإسرائيلي أربع عشرة سنة قبل أن يتحرر في إطار صفقة التبادل الشهيرة "عملية الجليل" بتاريخ 20 آيار/مايو عام 1985، والتي تمت ما بين الجبهة الشعبية-القيادة العامة وحكومة الاحتلال بوساطة ألمانية واشراف الصليب الأحمر و تحرر بموجبها (1150) أسيرا. وبعد تحرره لعب دورا مهما في حركة المقاومة الفلسطينية بشكل عام، وفي بناء حركة الجهاد الإسلامي وجهازها العسكري بشكل خاص. وفي الثاني عشر من شهر نيسان عام 1988 اعتقل للمرة الثانية بتهمة تأسيس حركة الجهاد الإسلامي واشعال "انتفاضة الحجارة"، وبعد أربعة شهور تقريبا أبعدته سلطات الاحتلال الى جنوب لبنان في محاولة يائسة لإبعاده عن ساحة النضال وتحييده عن مواجهة المحتل وتغييبه عن التأثير داخل حركته. ليستقر هناك، ولم يغب عن الساحة الوطنية والنضالية، فبقىّ حاضرا، واستمر في الدفاع عن حقوق شعبه وواصل نضاله ضد الاحتلال، وفي العام 2014 أدرجته الإدارة الأمريكية على لائحة ما يسمى "الارهاب". لم يكترث لذلك وواصل مسيرته الكفاحية وعمل بجد في تطوير العلاقات الوطنية وتحقيق المصالحة الفلسطينية، وتدرج في المناصب التنظيمية والقيادية داخل حركته ومن ثم تبوأ منصب نائب الأمين العام لحركة الجهاد، واليوم (الخميس) تم انتخابه أمينا عاما لحركة الجهاد الإسلامي.

فهنيئا للأخ المناضل "أبا طارق" بنيله ثقة اخوانه، وهنيئا لحركة الجهاد الإسلامي بهذا القائد، وهنيئا لنا بذلك كحركة وطنية أسيرة، وكأسرى ومحررين. ان انتخاب "أبا طارق" اليوم يؤكد على أن الأسرى المحررين يشكلون قوة فاعلة ومؤثرة في مسيرة المقاومة الفلسطينية وفي الحياة السياسية والمجتمعية، وداخل التنظيمات الفلسطينية المختلفة.

 

#فلسطين+خلف_القضبان