|
ومضى يوم الأسير الفلسطيني ..!
*بقلم / عبد الناصر عوني فروانة
27-4-2009
ومضى يوم الأسير الفلسطيني ، الذي صادف في السابع عشر من نيسان / ابريل الجاري ، هذا اليوم الذي أعتمده المجلس الوطني الفلسطيني في دورته عام 1974 ، عقب تحرر أول أسير في الثورة الفلسطينية المعاصرة وهو الأسير محمود حجازي الذي اعتقل بتاريخ 18 يناير 1965 وتحرر في ثاني عملية تبادل على الصعيد الفلسطيني مع حكومة الاحتلال وذلك بتاريخ 28 يناير عام 1971 .
اعتمده المجلس الوطني الفلسطيني يوماً للوفاء للحركة الوطنية الأسيرة ولشهدائها خلف القضبان ، ولكل من ناضل ومرّ بتجربة الاعتقال حتى ولو لساعات معدودة ، يوماً للوفاء لنضالاتهم وتضحياتهم وآلام ومعاناة ذويهم أيضاً ، يوماً لشحذ الهمم وتوحيد الجهود المساندة للأسرى ، يوماً لتجاوز أوجه القصور ، وتفعيل الأنشطة وتطوير الآداء بما يساهم ويكفل تسليط الضوء على معاناتهم وما يتعرضون له على طريق السعي المتواصل لضمان حريتهم .
ومنذ ذلك التاريخ والشعب الفلسطيني في فلسطين المحتلة والشتات يحيي هذه المناسبة سنوياً بوسائل التضامن والمساندة متعددة الأشكال ، مؤكداً على أن قضية الأسرى قضية وطنية مركزية بالنسبة له ، وموحدة غير قابلة للقسمة أو التجزئة وأن حرية الأسرى معيار أساسي للإستقرار في المنطقة برمتها .
ولا شك بأن مجمل الفعاليات في فلسطين هذا العام احياءً للذكرى الخامسة والثلاثين ليوم الأسير كانت متقدمة عن العام الماضي ولربما كانت الأفضل خلال السنوات القليلة الماضية شكلاً ومضموناً ، حجماً ومشاركة ، وشهدت شوارع المدن وأزقة المخيمات وقاعات المؤتمرات ، أنشطة وفعاليات تستحق منا فائق التقدير والاحترام .
ليس هذا فحسب بل نشطت الأقلام المخلصة وأفردت المواقع الألكترونية والصحافة المقروءة والفضائيات المرئية مساحات لا باس بها لقضايا الأسرى .. وفي خطوة هي الأولى من نوعها في فلسطين أطلقت حركة الجهاد الإسلامي أول إذاعة متخصصة تعنى بشؤون الأسرى " صوت الأسرى " .
ومع ذلك فان تقييمنا الإيجابي وتقديرنا لمجمل تلك الفعاليات ، لا يعني رضانا التام عنها .. فهي ومع كل الإحترام لم ترتقِِ بعد لمستوى حجم الجرائم التي تتعرض لها الحركة الأسيرة جمعاء ، لاسيما في الآونة الأخيرة بعد قرار حكومة الاحتلال التضييق على الأسرى والمصادقة على اجراءات وقوانين أكثر شدة وألماً .
ومع ذلك أخشى أن تتلاشى تلك الفعاليات تدريجياً بعد مضي المناسبة ، وأن تغيب بعض الجهات عن الفعل والكتابة ، ونعود إلى نقطة الصفر وكأن قضية الأسرى أضحت بالفعل قضية موسمية كما يتصور البعض ، وأنها لم تعد قضية عامة ، أو كما يتخيل البعض الآخر بأنها انحصرت بالدائرة الإجتماعية الضيقة للأسرى وذويهم .
وعليه أناشد الجميع بالرد على هذه الآراء بالفعل لا بالقول ، بالعمل لا بالشعارات ، خلال المرحلة المقبلة وأن يوجدوا آليات للتعاون والعمل الجماعي الموحد ، وفقاً لخطة تعتمد على التراكم والتكامل ، وأن يعيدوا الإعتبار لقضية الأسرى ، لتغدو فعلاً لا قولاً قضية وطنية عامة ، قضية كل بيت فلسطيني وهم لكل مواطن فلسطيني ، ومن ثم ننتقل بها الى المستويات الأخرى .
فيوم الأسير قد مضى .. فيما السجان لم يمضِ بَعدْ ، ومعاناة الأسرى باقية ، وهي لا تزال مستمرة ومتواصلة ومتصاعدة ، ولا تزال سلطات الاحتلال تحتجز في سجونها ومعتقلاتها العديدة قرابة عشرة آلاف فلسطيني هم في عداد الشهداء مع وقف التنفيذ .. وأخبارهم ساخنة ملتهبة كلهيب شمس يوليو في معتقل النقب ، ومرة كمرارة زنازين عسقلان والمسكوبية ، وقاسية كقساوة العزل وغرف جلبوع .
آمل أن تتواصل مجمل الأنشطة التي شهدتها الأيام القليلة الماضية حجماً ومضموناً ، وأن نطور من آدائنا ، وأن تستمر مجمل المؤسسات والشخصيات التي شاركت في تلك الأنشطة في نشاطها وفعلها وكتاباتها ، لان من شأن ذلك أن يعزز لدينا الأمل والتفاؤل باتساع رقعة التفاعل الجماهيري مع قضية الأسرى والإنتقال بها الى المستويات الأخرى .
ولكن بتقديري دون التوحد خلفها والتعاون لأجلها أعتقد بأن شيئاً من هذا لن يحدث ، فتأثيرات الانقسام والتجاذبات السياسية التي انعكست على مظاهر فعاليات التضامن والمساندة كانت مؤلمة للغاية ويجب أن لا تتكرر ، وعليه أدعو أبناء شعبنا إلى الوحدة ثم الوحدة ثم الوحدة خلف الأسرى وفاءً لهم ونصرة لقضاياهم ، بعيداً عن التجاذبات السياسية ، ولنجعل من قضيتهم مدخلاً لاستعادة الوحدة الوطنية للشعب الفلسطيني والوحدة الجغرافية لشطري الوطن .
* أسير سابق وباحث مختص بشؤون الأسرى وموقعه الشخصي " فلسطين خلف القضبان "
http://www.palestinebehindbars.org/