غزاوي يحصل على جائزة نوبل

 

 

 

بقلم / عبد الناصر فروانة

26-9-2013

 

غزة هي بقعة فلسطينية أصيلة تقع جنوب فلسطين ومتاخمة للحدود المصرية ، وهي منطقة جغرافية ضيقة وصغيرة لا تتجاوز مساحتها 360 كم مربع ، وهي عبارة عن شريط ساحلي اسمه الكامل " قطاع غزة " .

 

وهي ليست الأجمل من بين عواصم ومدن العالم ، وشاطئها ليس أشد زرقة من الشواطئ العربية ، وهي ليست أرقى وأكبر المدن العربية ، لكنها تعادل تاريخ أمة و كنزاً معنوياً وأخلاقياً لا يقدر لكل العرب ، كما يصفها الشاعر الفلسطيني الكبير محمود درويش .

 

غزة .. وبالرغم من همومها الثقيلة وصعوبة الحياة فيها ، تبقى هي الأجمل في عيوننا ، الساكنة في قلوبنا ، والحاضرة في عقولنا بتاريخها وأصالتها وإرثها العريق ، وكلما غادرنا حدودها اشتقنا لأهلها وبحرها وترابها وهوائها ، وتمنينا العودة إليها ، ففيها ولدنا ونشأنا ، وفوق ترابها ترعرعنا ، وهي الباقية لنا ، نتمسك بها لأنها جزء من الوطن الفلسطيني الكبير الذي نحلم لأن نتنقل يوماً بين مدنه ومخيماته بحرية ودون عوائق أو حواجز .

 

 وستبقى غزة كما وصفها الشاعر الراحل " محمود درويش " كنزاً معنوياً وأخلاقياً لا يقدر لكل العرب ، فهي من سطرت تاريخاً مضيئاً في الصمود والمقاومة ، وقدمت قوافل من الشهداء العظام ، وأنجبت الكثير من الرجال المتميزين والمبدعين و النماذج الفكرية والفنية والسياسية والمهنية والأكاديمية الذين نكن لهم كامل احترامنا وتقديرنا .

 

" راجي الصوراني " فلسطيني الجنسية وحقوقي بارع ، و واحد من أولئك النماذج الفلسطينيين الذين أنجبتهم غزة ، وتربى وترعرع فوق ترابها وبين أزقة وحواري مدنها ومخيماتها، ليُسجل نجاحات عديدة في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان وليضع له بصمة بارزة في المحافل الإقليمية والدولية بفضل جهوده كفرد وجهود الفريق الرائع الذي يعمل معه وبجانبه .

 

وهو واحد من الذين سطروا تاريخاً بدأت صفحاته الأولى في ساحة النضال الأرحب حيث مشاركته في النضال ومقارعة الاحتلال ، ليضيف لها صفحات أخرى من الصمود وصون أسرار رفاقه حينما أُخضِع لتحقيق وتعذيب قاسي بين جدران الزنازين المعتمة .

 

وفي غرف السجون التي زارها خمس مرات وأمضى بين جدرانيها أربع سنوات وما يزيد ، تميز بوعيه الثوري وسلوكه الحضاري وأخلاقه وعلاقاته الوطنية ليُشكل مع مرور الوقت نموذجاً يٌحتذي ، وقاسم مشترك فيما بين الجميع على اختلاف انتماءاتهم الفكرية والسياسية والحزبية .

 

" راجي الصوراني " .. مناضل وأسير سابق ، ومحامي نشط في الدفاع عن المعتقلين الفلسطينيين والعرب في السجون الإسرائيلية ، وواحد من أبرز الحقوقيين المتميزين في الدفاع عن حقوق الإنسان الفلسطيني ، وهو من وظف ومن أوسع الأبواب القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني في خدمة الإنسان والقضية الفلسطينية ، وملاحقة مجرمي الحرب في كافة أنحاء الأرض .

 

ولا يختلف اثنان حول مكانته المتقدمة على المستوى الدولي بخبرته القانونية ، ونشاطه اللامحدود في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان الفلسطيني ، وبفعل وجهود المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان ومجلس إدارته وطواقمه المختلفة كفريق عمل جماعي دائم الحضور وبتميز على المستوى المحلي والإقليمي والدولي .

 

فهو – أي الصوراني -  و بجانب منصبه كمدير للمركز الفلسطيني لحقوق الإنسان ، أنتحب ثلاث مرات على التوالي نائباً لرئيس الفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان ومقرها الدولي الدائم في العاصمة الفرنسية - باريس، وثلاث مرات عضواً في اللجنة التنفيذية للجنة الحقوقيين الدولية بجنيف ، كما وانتخب أيضاً رئيساً للمنظمة العربية لحقوق الإنسان .

 

كما و يتمتع المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان والذي أسسه مع مجموعة من المحامين والباحثين في مجال حقوق الإنسان عام 1995 بـ :

صفة استشارية خاصة لدى المجلس الاقتصادي والاجتماعي التابع للأمم المتحدة / عضو لجنة الحقوقيين الدولية - جنيف / عضو الفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان – باريس / عضو الشبكة الأوروبية المتوسطية لحقوق الإنسان – كوبنهاجن / عضو مجموعة المساعدة القانونية الدولية (أيلاك) – ستوكهولم / عضو التحالف الدولي لمناهضة عقوبة الإعدام / عضو المنظمة العربية لحقوق الإنسان – القاهرة .

 

  ومنذ تأسيس المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان حصد " الصوراني " والمركز الفلسطيني العديد من الجوائز العربية والدولية المميزة ، والتي عكست اعترافاً واحتراماً دولياً متزايداً بالمركز ومهنيته ومصداقيته ، و أبرزها :

-   جائزة الجمهورية الفرنسية لحقوق الإنسان لعام 1996 - باريس / وجائزة برونو كرايسكي للإنجازات المتميزة في ميدان حقوق الإنسان للعام 2002 – فيينا / جائزة منظمة الخدمات الدولية لرابطة الأمم المتحدة (UNAIS ) للعام 2003 – لندن / وجائزة روبرت ف.كينيدي لحقوق الانسان – واشنطن عام 1991 / وجائزة الأندلس لحقوق الإنسان لعام 2009 شبيليا-اسبانيا .

 

وجدران بيته تُزين بالصور مع قادة وشخصيات دولية ورؤساء دول عظمى ، فيما خزائن مكتبه مكدسة بالجوائز المحلية والإقليمية والدولية .

 

وتشكل جائزة " نوبل البديلة " إضافة نوعية لتلك الجوائز ، كما وان لتوقيتها دلالة إنسانية وحقوقية وسياسية خاصة ، لا سيما وأن فلسطين تتعرض لأشرس هجمة منذ عقود .  

 

واليوم الخميس السادس والعشرين من سبتمبر أعلن رسمياً في العاصمة السويدية ستوكهولم منح  أ.راجي الصوراني جائزة " نوبل البديلة " تقديراً لجهوده ودوره وانجازاته في مجال حقوق الإنسان طوال سني حياته " .

 وهو بذلك يكون أول فلسطيني وعربي يحصل عليها في مجال حقوق الإنسان والديمقراطية وسيادة القانون ، فيما حاز عليها من قبل المهندس المعماري المصري " حسن فتحي" عام 1980 ، والعالم المصري " إبراهيم أبو العيش" عام 2003  في مجالات أخرى ، أما العام الماضي فلقد فاز بها نشطاء من ( أفغانستان وبريطانيا وتركيا والولايات المتحدة ) .

 

" جائزة نوبل البديلة " أو جائزة رايت ليفيلهوود ( Right Livelihood Award ) كما توصف هي " حصاد العمر" ، وتمنح سنوياً لأربع شخصيات في مجالات ( حقوق الإنسان ، والتنمية المستدامة ، والصحة والتعليم والسلام ، وحماية البيئة ) ، ويرعاها البرلمان السويدي ، ومجلس إدارتها المشكل  من لجنة كبيرة من الأكاديميين والسياسيين من مختلف أنحاء العالم ، والذين رأوا في " جائزة نوبل " الكلاسيكية بالمسيسة ، وبالتالي قرروا منح " جائزة نوبل البديلة " لمن يستحقها بعيداً عن تدخل السياسة وتأثيراتها .

 

 ويُرشح لـ " جائزة نوبل البديلة " سنوياً ، لائحة طويلة تضم المئات من الشخصيات من مختلف أنحاء العالم ، ويخضعون لمجلس محكمين دوليين يبدأون بدراسة ملفاتهم ودوافع ترشيحهم ويتم تصنيفهم وتقليصهم تدريجا وصولا لاختيار الشخصيات الأربعة ، والذين أعلن عن فوزهم اليوم بالجائزة لهذا العام وهم من جنسيات مختلفة ( أمريكي ، سويسري ، فلسطيني ، أفريقي ) ، وسيتم تسليمهم الجوائز في احتفال دولي تحت قبة البرلمان السويدي في الثاني من ديسمبر القادم .

 

فهنيئاً لك وللمركز الفلسطيني ياصديقنا العزيز ، وهنيئاً لنا كأسرى سابقين بانجازاتك ، وهنيئاً لفلسطين بك وبأمثالك