خاص في الذكرى الـ37 لاعتقاله.. ما الذي ينتظر وليد دقة بعد تدهور صحته؟
25 مارس 2023
رام الله - وكالة سند للأنباء
في ذكرى اعتقاله الـ37 يواجه الأسير المفكِّر وليد دقة من الباقة الغربية بالداخل المحتل، أوضاعًا صحية "مقلقة"، إثر تعرضه لانتكاسات متتالية وخطيرة، حيث يقبع في مستشفى "برزلاي" الإسرائيلي، وسط تحذيرات من عمليات المماطلة المتعمدة التي تُنفذها إدارة السّجون بحقّ الأسرى المرضى، والتي تعد الأداة الأبرز في قتلهم ببطء.
وكانت زوجته سناء سلامة أعلنت مساء أمس الجمعة على صفحتها بفيسبوك، أنّ الأسير "وليد" المصاب بسرطان في النخاع الشوكي، بدأ يعاني من التهاب رئوي حاد، وقصور كلوي شديد، وهبوط في نسبة الدم، مؤكدة أن سلطات الاحتلال منعتها من زيارته داخل المستشفى وأنه وضعه الصحي خطير ومقلق.
وأضافت أن ذلك "إلى جانب جملة من أعراض صحية خطيرة يواجهها مؤخرا، وهو محتجز في غرفة خاصة نظرا لخطورة وضعه الصحي".
وقال المختص في شؤون الأسرى عبد الناصر فروانة، إن إدارة السجون نقلت الأسير "دقة" إلى مستشفى "برزلاي" بعد التدهور الخطير الذي طرأ على حالته دون أن يقدم له العلاج اللازم والضروري حينها.
وأوضح "فروانة" في حديثه لـ"وكالة سند للأنباء" أن هذه معلومات أولية عن حالة الأسير "دقة"، ما ينقلنا إلى تفاصيل أخرى لم تتضح قد تكون أخطر من ذلك، محملاً إدارة السجون المسؤولية عن حياته وما آل إليه وضعه الصحي.
وتبعاً لـ"فروانة" فإن الأسير "دقة" يتعرض لصنوف مختلفة من التعذيب الجسدي والنفسي والإهمال الطبي، مؤكداً أنه لم يتلقَ العلاج اللازم على مدار سنوات طويلة.
ولفت إلى أن الاحتلال يتعمد المماطلة في علاج الأسرى المرضى، ما يُعرض حياتهم للخطر، موضحًا أن هذه ليست المرة الأولى التي يتعرض فيها أسير مريض للمماطلة، بل تكرر ذلك مئات المرات مع أسرى مرضى، وأسرى ارتقوا في السّجون.
وذكر أن هناك مئات الأسرى المرضى في السجون بينهم من يعانون أمراضًا مزمنة، إلا أنّ إدارة السجون لا توفّر أي طبيب مختص، هذا عدا عن الأدوات الممنهجة التي تُستخدم لقتل الأسرى، وهناك مئات الشهادات، تعكس ممارسة الإدارة لهذه الجريمة المستمرة.
ويعد الأسير "دقة" واحداً من بين 23 أسير معتقل قبل اتفاقية "أوسلو"، كما قال "فروانة"، وهي المجموعة التي لم تحررها الاتفاقيات السياسية ولم تنجح صفقة التبادل في كسر قيدهم، كما أنه أحد 19 أسير مضى على اعتقالهم أكثر من 30 عاما في السجون.
وفي السياق، أوضح رئيس نادي الأسير قدورة فارس أن سلطات الاحتلال تستهدف الأسرى القدامى بشكل أكبر، لتقدمهم في السن وتراجع حالتهم الصحية ما يجعلهم الأكثر تضرراً في أي إجراء إسرائيلي بحكم "السن".
وبيَّن "فارس" في حديثه لـ"وكالة سند للأنباء" أن جميع الشهادات والوقائع تؤكد على سياسة الاحتلال القمعية التي تستهدف جميع الأسرى خاصة القدامى منهم، ورموز المقاومة وقيادات الحركة الأسيرة؛ لجعلهم يعانون طوال فترة سجنهم وبعد خروجهم.
تشريع قانون عدم علاج الأسرى المرضى
ويعيدنا ملف الإهمال الطبي إلى مصادقة الهيئة العامة للكنيست الإسرائيلي في قراءة تمهيدية، على مشروع قانون يهدف إلى حرمان الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال من تلقي العلاج وإجراء عمليات جراحية من شأنها "تحسين جودة الحياة".
وينص مشروع القانون الذي صادق عليه الكنيست في فبراير/ شباط الماضي، على حرمان الأسير من الحصول على تمويل حكومي للعلاج الطبي الذي يتجاوز الرعاية الطبية الأساسية، ويهدف إلى تحسين جودة الحياة "بما في ذلك الأدوية غير المشمولة في سلة الخدمات الصحية".
وبهذا الصدد، أكد "فارس" في حديثه أن تشريع سياسة الإهمال الطبي المتعمد أعطت الضوء الأخضر لإدارة السجون والأطباء لممارستها، بخلاف السابق حيث كانت مجرد قرارات تُتخذ دون الإفصاح أو الإعلان عنها، وهي جريمة تؤدي إلى الاستشهاد، وتتورط فيها جميع مؤسسات "دولة الاحتلال".
بينما رأى المختص عبد الناصر فروانة أنه وبمجرد نقاش كل قانون حتى لو لم يُقر بالقراءة الثالثة، يعطي الضوء الأخضر بممارسته، ما سيرينا صوراً مختلفة من التسبب بالأمراض والتوسع في سياسة الإهمال دون محاسبة ومراقبة.
وعلى ضوء ذلك قال "فروانة" إن المطلوب هو البحث عن الأسباب الرئيسية التي أدت إلى إصابة الأسرى بهذه الأمراض، والبحث في ملف "سوء الأوضاع الصحية داخل سجون الاحتلال".
ودعا "فروانة" إلى استراتيجية وطنية متكاملة لتناول جميع ملفات الأسرى على كافة الصعد، والبحث عن أدوات جديدة مؤثرة وضاغطة على الاحتلال، وتجنب البقاء على نفس الأساليب التقليدية.
يُذكر سلطات الاحتلال تعتقل نحو 700 أسير مريض في سجونها، بينهم 200 يعانون من أمراض مزمنة، منهم 24 مصابون بمرض السرطان والأورام.
من هو وليد دقة؟
الأسير المفكر وليد دقة (60 عاماً) من بلدة باقة الغربية في أراضي الداخل المحتل معتقل منذ 25 آذار/ مارس 1986، وهو أبرز الأسرى في سجون الاحتلال.
وساهم "دقة" في العديد من المسارات في الحياة الاعتقالية للأسرى، وخلال مسيرته الطويلة في الاعتقال أنتج العديد من الكتب والدراسات والمقالات وساهم معرفيًا في فهم تجربة السّجن ومقاومتها، ومن أبرز ما أصدره الأسير دقة: "الزمن الموازي"، "ويوميات المقاومة في مخيم جنين"، "وصهر الوعي"، و"حكاية سرّ الزيت"، و"حكاية سرّ السيف" مؤخرًا.
وارتبط وليد دقة بزوجته سناء سلامة عام 1999، وفي شباط لعام 2020، رُزق الأسير دقة وزوجته بطفلتهما "ميلاد" عبر النطف المحررة.
يُشار إلى أن الاحتلال أصدر بحقه حُكمًا بالسّجن المؤبد، جرى تحديده لاحقًا بـ37 عامًا، وأضاف الاحتلال عام 2018 على حُكمه عامين ليصبح محكوماً لـ39 عامًا.