إسرائيل تحارب الأسرى بأجهزة تشويش مسرطنة
الإثنين - 25-2-2019
رائد موسى-غزة
لا تتوقف سلطات الاحتلال الإسرائيلي عن ابتداع سبل القهر والضغط على آلاف الأسرى الفلسطينيين في سجونها، وآخر هذه السبل تركيب أجهزة تشويش مسرطنة في سجن النقب الصحراوي تشكل تهديدا حقيقيا على حياة ألفي أسير فلسطيني.
وهذه ليست المرة الأولى التي تركب فيها إسرائيل مثل هذه الأجهزة المسرطنة، التي أثرت عند تركيبها في سجون أخرى على صحة الأسرى وتسببت في إصابة عدد منهم بأمراض مختلفة، وفق تأكيد رئيس "وحدة الدراسات والتوثيق" في "هيئة شؤون الأسرى والمحررين" عبد الناصر فروانة.
وأكد فروانة للجزيرة نت أن الأعراض الأولية التي تصيب الأسرى نتيجة الإشعاعات الخطيرة الصادرة عن أجهزة التشويش، تتمثل في الصداع الشديد واضطرابات في القلب، لكن الخطر الأكبر من وراء التعرض المستمر لهذه الإشعاعات يتمثل في ارتفاع احتمالات الإصابة بالسرطان، وهذا ما يفسر زيادة معدلات الإصابة بالأمراض السرطانية المختلفة في أوساط الأسرى خلال السنوات الماضية.
وقال إن إسرائيل تتعمد الإضرار بالأسرى والمقامرة بحياتهم منذ اللحظات الأولى لاعتقالهم، ولولا ذلك لما افتتحت سجن النقب وثلاثة سجون أخرى هي نفحة وريمون وبئر السبع، التي تضم أكثر من نصف عدد الأسرى، على مقربة من مفاعل ديمونا النووي، الذي يصدر إشعاعات خطيرة أثبتتها وزارة البيئة الإسرائيلية نفسها وتضر بالمحيطين به، بمن فيهم الأسرى".
وأكد فروانة أن إسرائيل تدرك خطورة أجهزة التشويش وما تصدره من إشعاعات على صحة الأسرى وحياتهم، ولذلك رفضت باستمرار مطالب فلسطينية متكررة بالسماح لوفود متخصصة ومحايدة بدخول السجون وفحص هذه الأجهزة وتأثيرها على الأسرى، الأمر الذي يعزز الاعتقاد بأنها أجهزة خطيرة وضارة.
إخفاء ملفات طبية
وعن الدوافع الإسرائيلية لتركيب هذه الأجهزة، أوضح فروانة أن إسرائيل تحت ذريعة الأمن تبرر كل جرائمها وانتهاكاتها بحق الأسرى، وبهذه الذريعة نفسها تقول إن هذه الأجهزة بغرض التشويش على اتصالات يجريها الأسرى من أجهزة هواتف نقالة مهربة.
وتعتقل سلطات الاحتلال الإسرائيلي في سجونها زهاء ستة آلاف أسير فلسطيني، من بينهم 250 طفلا، و48 امرأة، ونحو 160 أسيرا يعانون من السرطان وأمراض أخرى مزمنة وخطيرة.
ويعتقد فروانة أن عدد الأسرى المرضى، خصوصا المصابين بالسرطان، أكبر من ذلك، ولكن ما تسمى إدارة مصلحة السجون تخفي حقيقة ملفاتهم الطبية، وهذا ما يفسر اكتشاف عدد من الأسرى إصابتهم بالسرطان بعد فترات قصيرة من خروجهم من السجون، وبعضهم لم يمهله المرض طويلا والتحقوا بقافلة شهداء الحركة الأسيرة.
ولا يستبعد فروانة انضمام أسرى جدد لقائمة شهداء الحركة الأسيرة، التي تضم 218 شهيدا، بينهم 63 أسيرا استشهدوا نتيجة سياسة الإهمال الطبي، التي تمارسها سلطات الاحتلال ضد الأسرى.
وكان آخر شهداء الحركة الأسيرة فارس بارود (51 عاما)، وهو عميد أسرى غزة، المعتقل منذ 23 مارس/آذار 1991، ومحكوم بالسجن المؤبد، حيث كان يعاني من أمراض عدة، بفعل الإهمال الطبي والأوضاع المتردية داخل السجون.
عزلة تامة
وعما يواجهه الأسرى داخل سجون الاحتلال، يعتقد حسن جبر، وهو أسير محرر قضى خمسة أعوام خلف القضبان، أن السجون الإسرائيلية ربما تكون الأشد تحصينا في العالم، إذ تتعمد إسرائيل إنشاءها في مناطق صحراوية وتحيطها بحراسات مشددة وبأحدث وسائل المراقبة والتكنولوجيا، لفرض العزلة التامة على الأسرى وزيادة الضغوط عليهم للتأثير في صحتهم الجسدية والنفسية.
وقال جبر للجزيرة نت إن تركيب أجهزة التشويش في سجن النقب الصحراوي، أحد وسائل الضغط على الأسرى، من أجل زيادة آلامهم ومعاناتهم، وتتذرع إسرائيل بذرائع واهية كتهريب الأسرى للهواتف النقالة.
وأكد جبر أن نسبة نجاح ذوي الأسرى في تهريب هواتف نقالة تكاد تكون "معدومة"، بسبب إجراءات التفتيش المشددة التي يتعرضون لها قبل دخولهم للزيارة في السجون، يدويا وإلكترونيا، وقال "هذه كذبة كبيرة من أجل فرض مزيد من العزلة على الأسرى وقهرهم وتعريض حياتهم للخطر".
ورجح فروانة وجبر أن يشهد سجن النقب وسجون أخرى تصعيدا من جانب الأسرى لأشكال المواجهة والعصيان ضد سلطات الاحتلال لحسم "معركة الإرادات"، ولإجبارها على التراجع عن تركيب أجهزة التشويش، خصوصا أن بيئة السجون مهيأة حاليا للانفجار جراء الغضب عقب استشهاد بارود واحتمالات استشهاد أسرى آخرين من المرضى.
المصدر : الجزيرة