في الذكرى الـ 46 لاستشهاد الأسير المقدسي قاسم أبو عكر
* بقلم / عبد الناصر عوني فروانة
23-3-2015
" قاسم أبو عكر" اسم يُثير في النفس الكبرياء والعزة ، رمز لكل ما هو أبيّ في الإنسان ، واحدٌ من الأبطال التقليديين الفلسطينيين ، بطولته أصبحت مرجعاً لكل الفصائل الوطنية ، في تربية أعضائها على الصمود في وجه الجلاد ، وأصبح أنشودة الوطن ،" كما يقول عنه الأسير السابق وأحد قيادات الجبهة الشعبية عبد العليم دعنا في إحدى مقالاته عام 1994 ... .
ويضيف " دعنا " في ذات المقال ( " قاسم " حطَّم معايير علم النفس في الصمود ، وأثبت أن الإنسان المؤمن بقضية شعبه ويعيشها بقلبه وعقله ، في النوم والصحوة ، لا يُهزم ، صمد في أقبية التحقيق في زمن عزَّ فيه الصمود ) .
" قاسم عبد الله أبوعكر " شاب فلسطيني ، اعتقل من بيته في مدينة القدس المحتلة ، أوائل آذار من عام 1969، على رأس مجموعة بتهمة الانتماء لحركة التحرير الوطني الفلسطيني " فتح" ومقاومة الاحتلال، وزُج به في معتقل المسكوبية أو "المسلخ" كما يصفه الأسرى، وتعرض لصنوف مختلفة من التعذيب الجسدي والنفسي ، تستدعي صفحات طويلة لوصفها وتفنيدها ، فما كان من " قاسم " سوى التصلب أكثر حول عدم الاعتراف ، وأصَّر أن يبقى صامداً شامخاً ، شموخ العظماء المنتصرين فوق الأرض ، أو مع الشهداء القديسين في جوفها ، فأطبق فمه وشل عضلة لسانه عن الحركة طواعية ، ولم ينبس ببنت شفه، فقهر المحقق بصمته ، ولم تنل فترة التعذيب من عزيمته ، أو تزعزع إرادته ، وفشل السجان بجبروته في انتزاع ولو حرف واحد منه، فانحنى السجان ومن معه وكل من يقف من ورائهم أمام صمود هذا الرجل العظيم ، الذي فضَّل الاستشهاد على الاعتراف.
نعم .. فضَّل التضحية بحياته على أن يفرط بأسرار الوطن والمقاومة ورفاقه ، فضَّل الصمود والانتصار في أصعب الظروف وأحلك اللحظات ، فضّل الاستشهاد والرحيل الأبدي بكرامة وعزة على البقاء مذلولاً ومهاناً ، تاركاً خلفه زوجته تغريد " أم خالد " وطفليه .
فحفر "أبو خالد" بصموده الأسطوري وتجربته الرائعة واستشهاده الأعظم ، اسمه عميقاً في سجل تاريخ الحركة الأسيرة ، لا بل في سجل الثورة الفلسطينية عامة ، وشكّل نموذجاً لا يمكن نسيانه، أو القفز عنه، حتى وان أشغلتنا الحياة بهمومها الثقيلة عن الوقوف أمام ذكراه بإسهاب وتمعن أكثر تكريماً له.
ويضيف عبد الناصر فروانة في مقالته: لم يكن الشهيد "قاسم" مجرد أسير عادي صمد في أقبية التحقيق ، بل أسس لمرحلة جديدة من المواجهة المباشرة مع السجان والمحقق ، وأفرز معادلة جديدة تقود إلى إمكانية الانتصار خلف القضبان ، فغدى اسمه عنواناً للصمود ، ونموذجاً رائعاً ، حاضراً في ذاكرة الأسرى في أقبية التحقيق ، فتغنى الجميع وبغض النظر عن انتماءاتهم باسمه الذي أصبح يتردد على كل لسان ، ودُرسَّت تجربته في الجلسات الثقافية لكل التنظيمات .
"الشهيد الأسير قاسم عبد الله قاسم أبو عكر " أعتقل أوائل آذار/مارس عام 1969، واستشهد في الثالث والعشرين من نفس الشهر في أقبية التحقيق في معتقل المسكوبية، جراء تعرضه لتعذيب قاسي ، فكان من أوائل من استشهدوا جراء ذلك ، وخلال واحد وأربعين عاماً مضت إلتحق به عشرات الأسرى جراء نفس السبب أمثال مصطفى عكاوي وابراهيم الراعي وخالد الشيخ علي وعطية الزعانين وغيرهم، ومع ذلك لم يتوقف التعذيب، بل أخذ منحى أكثر خطورةً في السنوات الأخيرة، بل ومنحته سلطات الاحتلال الغطاء القانوني والقضائي.
وتقول زوجته التي أعتقلت معه في الأيام الأولى لاعتقاله، للضغط عليه وإجباره على الاعتراف (بعد مضي أسبوعين جاءني أحد المحققين يقول لي قررنا إطلاق سراحك بكفالة والدك، وخرجت من السجن، وذهبت إلى منزل والدي حيث كان طفلاي، فوجدته يعج بالأقارب دون أن أعرف السبب، ولم أفكر حينها أن شيئاً ما قد حدث لزوجي، وفي اليوم التالي أبلغني والدي بنبأ استشهاده، وأنه جرى دفن جثمانه في ساعات الليل الماضية، حيث جرى تسليم الجثة إلى المستشفى لتشريحها ثم تم دفنها فوراً وبمشاركة بضعة أفراد من الأسرة والعشرات من رجال الشرطة والجنود المدججين بالسلاح، وجرى دفنه في مقبرة باب الساهرة بالقدس التي تحولت إلى ثكنة عسكرية في ساعات الليل).
وبالرغم من ان سلطات الاحتلال حاولت أن تفبرك أسباب كاذبة مدعية بأنها هي التي أدت لوفاته، مثل أنه مريض بالكلى وتوفي بسببها فيما تؤكد زوجته بأنه لم يعاني من أي أمراض قبل اعتقاله.
أو انه أصيب خلال نقله من سجن إلى آخر في حادث سير تعرضت له السيارة التي كانت تقله وتوفي على الفور ، أو أنه ألقى بنفسه منتحراً من الطابق الرابع لمبنى المسكوبية.
إلا أن ما أشاعته لم يلقَ رواجاً ولا قبولاً عند أحد، حتى أن "مستشفى شعاري تصديق" الذي نقلت الجثة إليه لتشريحها أصدر تقريراً أكد فيه أن الشهيد وصل إلى المستشفى جثة هامدة ولم يفقد الحياة وفق ما ذكرته السلطات خلال علاجه من إصابته في المستشفى.
وان كافة شهادات من رأوا الجثة قبل دفنها، يؤكدون بأن "الجثة" كان عليها آثار التعذيب والكدمات والضرب والعنف واضحة جداً.
وفي مثل هذا اليوم الموافق الثالث والعشرين من آذار/ مارس، وقبل ستة وأربعين عاماً، احتضنت القدس ابنها عريس الثورة، ومن بعده احتضنت العديد من الشهداء الأسرى. ولم تكن يوماً كأرض وهوية، قضية وسكان، خارج دائرة الاستهداف، فأصر أبنائها على رفضهم لكل أشكال الظلم والاضطهاد والاستيطان والتهويد، فشاركوا بفاعلية في مقاومة الاحتلال والاستيطان ، وكانوا ولازالوا جزء لا يتجزأ من الحركة الوطنية الفلسطينية وقدموا آلاف الشهداء والجرحى والأسرى، ولازال منهم المئات قابعين في سجون الاحتلال، بعضهم مضى على اعتقالهم عشرين عاما وما يزيد.
والقدس لم تتوقف عن إنجاب الأبطال، فهي قد أنجبت لاحقاً قادة عظام لعبوا دوراً أساسياً في فولذة الحركة الوطنية الأسيرة وتصليب عودها في مواجهة إدارة السجون، وقدمت خلال العقود الماضية كوكبة من الشهداء الأسرى كانوا أعمدة أساسية للحركة الأسيرة وقادة بارزين خلف القضبان، فمنهم من استشهد جراء الإهمال الطبي، ومنهم من دفع بحياته ثمناً لصون أسرار رفاقه وأبناء شعبه فكان نداً قوياً في أقبية التحقيق حتى وهو مكبل بالسلاسل.
فلك المجد شهيدنا، واسمك سيظل تاجاً على رؤوسنا، ومكانتك محفورة في أفئدتنا، وتجربتك في أقبية التحقيق محفورة في ذاكرتنا، وصمودك نموذجاً في سلوكنا... ومنا العهد والوفاء .
تنويه: هذا المقال نشر من قبل، ونعيد نشره في الذكرى الـ46 لاستشهاد الأسير أبو عكر مع بعض التعديلات الطفيفة. فاقتضى التنويه
عبد
الناصر فروانة
أسير محرر ، و مختص في شؤون الأسرى
مدير دائرة الإحصاء بهيئة شؤون الأسرى والمحررين
عضو اللجنة المكلفة بادارة مكتبها بقطاع غزة
0599361110
0598937083
Ferwana2@gmail.com
الموقع الشخصي / فلسطين خلف القضبان
www.palestinebehindbars.org
في الذكرى الأربعين لإستشهاده
" قاسم أبو عكر " نجم من نجوم القدس لازال مضيئاً ينير درب الثائرين
* بقلم / عبد الناصر عوني فروانة
24-3-2009
موضوعات أخرى ذات علاقة بالأسرى والشهداء المقدسيين
" قاسم أبو عكر " اسم يُثير في النفس الكبرياء والعزة ، رمز لكل ما هو أبيّ في الإنسان ، واحدٌ من الأبطال التقليديين الفلسطينيين ، بطولته أصبحت مرجعاً لكل الفصائل الوطنية ، في تربية أعضائها على الصمود في وجه الجلاد ، وأصبح أنشودة الوطن ،" كما يقول عنه الأسير السابق وأحد قيادات الجبهة الشعبية عبد العليم دعنا في احدى مقالاته عام 1994 ... .
ويضيف " دعنا " في ذات المقال ( قاسم حطَّم معايير علم النفس في الصمود ، وأثبت أن الإنسان المؤمن بقضية شعبه ويعيشها بقلبه وعقله ، في النوم والصحوة ، لا يُهزم ، صمد في أقبية التحقيق في زمن عزَّ فيه الصمود ) .
" قاسم أبوعكر " شاب فلسطيني ، اعتقل من بيته في مدينة القدس المحتلة ، أوائل آذار من عام 1969 ، على رأس مجموعة بتهمة الإنتمار لحركة التحرير الوطني الفلسطيني " فتح " ومقاومة الإحتلال ، وزُج به في معتقل المسكوبية أو " المسلخ " كما يصفه الأسرى ، وتعرض لصنوف مختلفة من التعذيب الجسدي والنفسي ، تستدعي صفحات طويلة لوصفها وتفنيدها ، فما كان من " قاسم " سوى التصلب أكثر حول عدم الإعتراف ، وأصَّر أن يبقى صامداً شامخاً ، شموخ العظماء المنتصرين فوق الأرض ، أو مع الشهداء القديسين في جوفها ، فأطبق فمه وشل عضلة لسانه عن الحركة طواعية ، ولم ينبس ببنت شفه ، فقهر المحقق بصمته ، ولم تنل فترة التعذيب من عزيمته ، أو تزعزع ارادته ، وفشل السجان بجبروته في انتزاع ولو حرف واحد منه، فانحنى السجان ومن معه وكل من يقف من ورائهم أمام صمود هذا الرجل العظيم ، الذي فضَّل الإستشهاد على الإعتراف ، فضَّل التضحية بحياته على أن يفرط باسرار الوطن والمقاومة ورفاقه ، فضَّل الصمود والإنتصار في أصعب الظروف وأحلك اللحظات ، فضّل الإستشهاد والرحيل الأبدي بكرامة وعزة على البقاء مذلولاً ومهاناً ، تاركاً خلفه زوجته تغريد " أم خالد " وطفليه .
فحفر " أبوخالد " بصموده الأسطوري وتجربته الرائعة واستشهاده الأعظم ، اسمه عميقاً في سجل تاريخ الحركة الأسيرة ، وشكّل نموذجاً لايمكن نسيانه أو القفز عنه ، حتى وان أشغلتنا الحياة بهمومها الثقيلة عن الوقوف أمام ذكراه باسهاب وتمعن أكثر تكريماً له .
بل وأسس الشهيد لمرحلة جديدة من المواجهة المباشرة وامكانية الإنتصار خلف القضبان ، فغدى اسمه عنواناً للصمود ، ونموذجاً رائعاً ، حاضراً في ذاكرة الأسرى في أقبية التحقيق ، فتغنى الجميع باسمه الذي أصبح يتردد على كل لسان ، ودُرسَّت تجربته في الجلسات الثقافية لكل التنظيمات .
" الشهيد الأسير قاسم عبد الله قاسم أبو عكر " أعتقل أوائل آذار / مارس عام 1969 ، واستشهد في الثالث والعشرين من نفس الشهر في أقبية التحقيق في معتقل المسكوبية ، جراء تعرضه لتعذيب قاسي ، فكان من أوائل من استشهدوا جراء ذلك ، وخلال الأربعين عاماً الماضية إلتحق به عشرات الأسرى جراء نفس السبب أمثال مصطفى عكاوي وابراهيم الراعي وخالد الشيخ علي وعطية الزعانين وغيرهم ، ومع ذلك لم يتوقف التعذيب ، بل أخذ منحى أكثر خطوراً في السنوات الأخيرة .
وتقول زوجته التي أعتقلت معه في الأيام الأولى لإعتقاله ، للضغط عليه واجباره على الإعتراف ( بعد مضي أسبوعين جاءني أحد المحققين يقول لي قررنا اطلاق سراحك بكفالة والدك ، وخرجت من السجن ، وذهبت إلى منزل والدي حيث كان طفلاي، فوجدته يعج بالأقارب دون أن أعرف السبب ، ولم أفكر حينها أن شيئاً قد حدث لزوجي ، وفي اليوم التالي أبلغني والدي بنبأ استشهاده ، وأنه جرى دفن جثمانه في ساعات الليل الماضية ، حيث جرى تسليم الجثة إلى المستشفى لتشريحها ثم تم دفنها فوراً وبمشاركة بضعة أفراد من الأسرة والعشرات من رجال الشرطة والجنود المدججين بالسلاح، وجرى دفنه في مقبرة باب الساهرة بالقدس التي تحولت إلى ثكنة عسكرية في ساعات الليل ) .
وبالرغم من ان سلطات الإحتلال حاولت أن تفبرك أسباب كاذبة مدعية بأنها هي التي أدت لوفاته ، مثل أنه مريض بالكلى وتوفي بسببها فيما تؤكد زوجته بأنه لم يعاني من أي أمراض قبل اعتقاله ، أو انه أصيب خلال نقله إلى سجن آخر في حادث سير تعرضت له السيارة التي كانت تقله وتوفي على الفور ، أو أنه ألقى بنفسه منتحراً من الطابق الرابع لمبنى المسكوبية ، إلا ان ما أشاعته لم يلقَ رواجاً ولا قبولاً عند أحد ، حتى أن " مستشفى شعاري تصديق " الذي نقلت الجثة اليه لتشريحها أصدر تقريراً أكد فيه أن الشهيد وصل إلى المستشفى جثة هامدة ولم يفقد الحياة وفق ما ذكرته السلطات خلال علاجه من اصابته في المستشفى.
وان كافة شهادات من رأوا الجثة قبل دفنها ، يؤكدون بأن " الجثة " كان عليها آثار التعذيب والكدمات والضرب والعنف واضحة جداً .
وفي مثل يوم أمس الموافق الثالث والعشرين من آذار / مارس ، قبل أربعين عاماً ، احتضنت القدس ابنها عريس الثورة ، ومن بعده احتضنت العديد من الشهداء الأسرى .. ولم تكن يوماً كأرض وهوية ، قضية وسكان ، خارج دائرة الإستهداف ، فأصر أبنائها على رفضهم كل أشكال الظلم والإضطهاد والإستيطان والتهويد ، فشاركوا بفاعلية في مقاومة الإحتلال والإستيطان ، وكانوا ولازالوا جزء لا يتجزأ من الحركة الوطنية الفلسطينية وقدموا آلاف الشهداء والجرحى والأسرى ، ولازال منهم المئات قابعين في سجون الإحتلال ، بعضهم منذ عشرات السنين ، فيما أقدمهم الأسير فؤاد الرازم المعتقل منذ يناير عام 1981.
القدس .. أنجبت قادة عظام لعبوا دوراً أساسياً في فولذة الحركة الوطنية الأسيرة وتصليب عودها في مواجهة ادارة السجون ، وقدمت خلال العقود الماضية كوكبة من الشهداء الأسرى كانوا أعمدة أساسية للحركة الأسيرة وقادة بارزين خلف القضبان ، فمنهم من استشهد جراء الإهمال الطبي وعلى سبيل امثال لا الحصر الحاج رمضان البنا ، واسحق مراغة ، وعمر القاسم ، حسين عبيدات و محمد أبو هدوان ، وجمعة موسى ومنهم من دفع بحياته ثمناً لصون أسرار رفاقه وأبناء شعبه فكان نداً قوياً في أقبية التحقيق حتى وهو مكبل بالسلاسل مثل مصطفى العكاوي وشهيدنا قاسم أبو عكر ، ولايمكن الحديث عن الشهيد أبو عكر دون الحديث عن سبب الإستشهاد ألا وهو " التعذيب " .
أربعون عاماً مضت على رحيل " أبو عكر " والتعذيب لازال مستمراً
أربعون عاماً مضت على رحيل " أبو عكر " والتعذيب لازال مستمراً في سجون الإحتلال الإسرائيلي ، ليس كحالات شاذة و نادرة ، أو كمبادرة شخصية من بعض المحققين والسجانين ، بل هو سياسة ومنهج ، وشكل مع الوقت ممارسة ثابتة وتقليد يومي وجزء لا يتجزأ من المعاملة اليومية مع المعتقلين .
وهو بالمناسبة لم يكن يوماً ممارسة مقتصرة على المحققين ، بل هو سلوك يرتكبه كل من يعمل في المؤسسة الأمنية بمن فيهم المحقق والسجان وليس انتهاءا بالممرض والطبيب وعامل النظافة وموظف الإدارة ، فجميعهم يتبنون ذات الثقافة الإنتقامية من المعتقل باعتباره " عدو " .
وفي تطور خطير جداً أجيز التعذيب قانوناً في منتصف الثمانينات ، وحظىَّ بشرعية قانونية وحصانة قضائية ، مما كفل لمقترفيه الحصانة والحماية القضائية ، وعدم الملاحقة والمحاسبة ، مما دفعهم الى التمادي في ممارساتهم التي أصبحت أكثر قسوة ومنهجية ، وأدت الى استشهاد العشرات من المعتقلين بشكل مباشر ، أو نتيجة أمراض ورثوها جراء التعذيب .
واليوم وبعد مرور أربعين عاماً على استشهاد الأسير " قاسم أبو عكر " أنحني اجلالاً واكباراً له ولأمثاله ، وبذات الوقت اشعر بالخجل لسببن الأول : أنني وبعد البحث عن شيء أعتمد عليه في كتابتي هذه ، لم أجد سوى بضعة كلمات تليق بتضحياته وصموده .
والسبب الثاني : هو ان سبب استشهاد " أبوعكر " وأقصد التعذيب ، لا زال قائماً ، ويُمارس بشكل أكثر عنفاً ، وأساليب أكثر ألماً مما أدى الى استشهاد العشرات من بعده .
وهذا يعني اننا لم نوفِ الشهيد حقه ، ولم نلاحق من مارس التعذيب ضده وقتله ، مما يدفعني لإقرار فشلنا ، وفشل تنظيماتنا ومؤسساتنا الحقوقية والإنسانية في ملاحقة ومحاسبة المحققين ، ووضع حد للتعذيب في سجون الإحتلال الإسرائيلي اذي بدأ منذ أربعة عقود ونيف ولم ينتهِ ..
بل أن هذا الفشل دفعهم الى التمادي في ممارساتهم ، وابتداع أساليب تعذيب جديدة أكثر ألماً ، أدت لإستشهاد ( 70 ) أسير منذ العام 1967 ولغاية اليوم ، ومئات آخرين استشهدوا جراء ذلك بعد خروجهم من السجن .
واذا كان الحق لا يسقط بالتقادم ، فانه ليس من العيب أن نُكرم شهدائنا بعد أربعين عاماً من النسيان والتجاهل ، فالشهداء أكرم منا جميعاً .
فلك المجد شهيدنا ، واسمك سيظل تاجاً على رؤوسنا ، ومكانتك محفورة في أفئدتنا ، وتجربتك محفورة في ذاكرتنا ... ومنا العهد والوفاء .
موضوعات أخرى ذات علاقة بالأسرى والشهداء المقدسيين
* أسير سابق وباحث مختص بشؤون الأسرى وموقعه الشخصي " فلسطين خلف القضبان "
http://www.palestinebehindbars.org/