|
في تقرير للباحث المختص بشؤون الأسرى عبد الناصر عوني فروانة
فروانة : معتقلو غزة كانوا ولازالوا عرضة للانتهاكات الخطيرة والإعدام الميداني وإحتجاز جثامينهم
غزة- 24-1-2009 – أدان الأسير السابق والباحث المختص بشؤون الأسرى عبد الناصر عوني فروانة ، اليوم ، اصرار سلطات الإحتلال الإسرائيلي على عدم التعاون مع منظمة الصليب الأحمر الدولية ورفضها السماح لمندوبيها بزيارتهم والإطمئنان عليهم ، بالإضافة لرفضها الإستجابة لمطالب السلطة الوطنية الفلسطينية لمعرفة مصير معتقلي قطاع غزة خلال الحرب ، و تزويدهم بقائمة بأعدادهم وأسمائهم.
وأعرب فروانة عن قلقه الشديد حيال مصير هؤلاء المعتقلين وخشيته على حياتهم ، لاسيما على أولئك الذين يُعتقد انه كان لهم علاقة بشكل مباشر أو غير مباشر بالمقاومة ، أو ممن أعتقلوا وهم جرحى ، خاصة وأن سجل سلطات الإحتلال حافل بالجرائم العديدة التي ارتكبت بحق المعتقلين العُزل في أحداث سابقة ومشابهة .
وأكد فروانة بأن تعنت " اسرائيل " ورفضها التجاوب مع كافة النداءات والمناشدات لمعرفة مصير هؤلاء المعتقلين وعدم الإعتراف بهم منذ اليوم الأول للحرب لربما قد يكون منحها الفرصة لإعدام بعضهم بشكل متعمد وإلقاء جثامينهم في شوارع غزة التي كانت تحتلها قوات الإحتلال ووجدت ملقاة على قارعة الطريق بعد انسحاب قوات الإحتلال منها أو أنها نقلت بعضها للإحتجاز في ما يُعرف بمقابر الأرقام .
المطالبة بالتحقيق في ظروف مَن وجدت جثامينهم بعد الإنسحاب وجمع افادات حول المفقودين
وفي هذا الصدد طالب فروانة بالتحقيق في ظروف استشهاد كافة المواطنين الذين وجدت جثامينهم في المناطق التي انسحبت منها قوات الإحتلال ، وتوثيق الشهادات والروايات ذات الصلة ، لاسيما وأن هناك العديد من الشهادات والروايات تفيد بأن قوات الإحتلال ارتكبت جرائم بحق بعض المعتقلين والمدنيين الُعزل ، كما وطالب المؤسسات الحقوقية بجمع وتوثيق افادات عن كافة المفقودين الذين من الممكن ان يكونوا قد قتلوا ودفنوا او نقلت جثامينهم لمقابر الأرقام لإخفاء جرائم الإحتلال .
تعامل " اسرائيل " بهذا المنطق يفتح المجال للعديد من الإحتمالات
ويقول فروانة بأن استمرار اصرار " اسرائيل " على التعامل بهذا المنطق مع مَن بقوا رهن الإعتقال ونقلوا الى خارج حدود قطاع غزة ، انما يفتح المجال للكثير من الإحتمالات ، أهمها احتجاز هؤلاء في أماكن لاإنسانية وفي ظروف قهرية تشهد انتهاكات خطيرة لحقوقهم الأساسية ، وتعريضهم للتعذيب القاسي والمميت ، وابتزاز ومساومة الجرحى منهم للحصول على معلومات عن المقاومة ، في ظل اعلانها التعامل معهم " كمقاتلين غير شرعيين " .
مضيفاً الى أن أخطر تلك الإحتمالات هو أن تُقدم سلطات الإحتلال على اعدام بعضهم بشكل مباشر انتقاماً منهم وإلقاء جثامينهم في المناطق الحدودية أو حتى دفنها في مناطق كانت قد شهدت قتالاً خلال الحرب والإيحاء وكأنهم قتلوا خلال الحرب ،لاسيما وأن طواقم الدفاع المدني لازالت تنتشل العديد من جثامين الشهداء ، والإحتمال الثالث اعدام بعضهم بشكل متعمد ونقل جثامينهم ودفنها في ما يُعرف " بمقابر الأرقام " ليضافوا لمئات الجثامين المحتجزة هناك منذ سنوات عديدة والإدعاء بأنها اختطفت جثامينهم أثناء القتال لإستخدامها لاحقاً كورقة ضغط ومساومة في اية عملية تبادل مع الجندي الإسرائيلي " جلعاد شاليط " .
وأوضح فروانة بأن الإعتقال والسجن والتعذيب لم يعد مقتصراً على الأحياء ، بل امتد وشمل احتجاز ومعاقبة الشهداء ، وتعذيب وايلام ذويهم أيضاً ، في اطار سياسة ممنهجة مورست منذ عشرات السنين .
مضيفاً بأن سياسة احتجاز جثامين الشهداء ومعاقبتهم بعد موتهم وحرمان ذويهم من دفنهم ، شكَّلت عبر العقود الماضية ولا زالت ، جزء من السياسة " الإسرائيلية " في تعاملها مع الفلسطينيين ، وانتهجت كعقاب جماعي لذويهم أيضاً .
" اسرائيل " تحتجز جثامين 16 شهيداً من غزة منذ بدء الإنتفاضة
وكشف فروانة في سياق تقريره بأن سلطات الإحتلال الإسرائيلي لا زالت تحتجز جثامين ( 16 شهيداً ) من سكان قطاع غزة ، منذ اندلاع انتفاضة الأقصى في 28 أيلول/ سبتمبر 2000 ، وحتى بدء الحرب على غزة ، من أصل مئات الجثامين المحتجزة لدى سلطات الإحتلال منذ عشرات السنين في ما يعرف " بمقابر الأرقام " أو في ثلاجات الموتى ، ومن الممكن جداً أن يكون هذا الرقم قد تزايد خلال الحرب على غزة .
وأوضح الباحث فروانة بأنه تمكن من توثيق مجمل تلك الحالات وكيفية الإستشهاد وتواريخ استشهادهم ، حيث بدأت باحتجاز جثمان الشهيد ابراهيم حسونة منفذ عملية فدائية في تل أبيب في آذار / مارس 2002 ، ومروراً باحتجاز جثماني الشهيدين حامد الرنتيسي ومحمد فروانة منفذا عملية الوهم المتبدد التي أسر خلالها الجندي الإسرائيلي "جلعاد شاليط " وانتهاءاً باحتجاز جثمان الشهيد محمد السكسك منفذ عملية ايلات في يناير من العام الماضي .
وبيَّن فروانة بأن " اسرائيل " هي الوحيدة في العالم التي تعاقب الشهداء بعد موتهم ، وانها لا زالت تحتجز مئات جثامين الشهداء والشهيدات من جنسيات مختلفة ، منذ ما قبل انتفاضة الأقصى بسنوات طوال ، وقد تعود الى الإنتفاضة الأولى أو ما قبلها بكثير ، وذلك في "مقابر الأرقام " ، أوفي ثلاجات الموتى وترفض تسليمها لأصحابها ، وتستخدمها كورقة سياسية للمساومة والابتزاز ، وفي أحياناً كثيرة لإخفاء آثار جرائمها البشعة المتمثلة في طريقة قتل الإنسان والتمثيل والتنكيل بجثته ، وهناك مؤشرات قوية تدل على أن سلطات الإحتلال تقوم بسرقة الأعضاء الداخلية للشهداء والإنتفاع بها في المستشفيات الإسرائيلية ، ومن ثم دفنها في ظل أوضاع غير لائقة ومهينة للقيم الإنسانية وقواعد الأخلاق والدين.
وتعتبر سياسة احتجاز الجثامين جريمة أخلاقية وانسانية ودينية وانتهاك فظ للمادة ( 17 ) من اتفاقية جنيف الأولى التي تكفل للموتى اكرامهم ودفنهم حسب تقاليدهم الدينية وأن تُحترم قبورهم .
وثمن الباحث المختص بشؤون الأسرى عبد الناصر فروانة ، كل الجهود المبذولة لإستعادة جثامين الشهداء الفلسطينيين والعرب المحتجزة لدى سلطات الإحتلال في مقابر الأرقام أوفي أماكن أخرى وبالكشف عن مصير المفقودين ، لاسيما جهود السلطة الوطنية الفلسطينية ، والحملة الوطنية التي أطلقها مركز القدس للمساعدة القانونية وحقوق الإنسان بالتعاون مع شبكة أمين الإعلامية ، داعياً في الوقت ذاته الى تواصلها وتكثيفها .