فروانة يوجه رسالة الى مؤتمر وزراء الإعلام العرب
فلسطين- 24-12-2013- وجه الأسير السابق ، والمختص بشؤون الأسرى ، عبد الناصر فروانة ، رسالة الى مؤتمر وزراء الإعلام العرب المنعقد في القاهرة في السادس والعشرين من الشهر الجاري ، يضعهم في صورة أوضاع الأسرى وويحثهم فيها على تبني قضيتهم وإسنادها اعلامياً وتخصيص مساحات لها في وسائل الإعلام العربية المختلفة لتسليط الضوء عليها ، بالإضافة الى تبني مشاريع لاعداد دراسات وتوثيق الانتهاكات وإنتاج أفلام وثائقية وعقد مؤتمرات يشارك فيها أسرى سابقين وذوي الأسرى والادلاء بشهاداتهم ، وهذا النص الكامل للرسالة :
السيدات والسادة الأعزاء / وزراء الإعلام العرب المحترمون
تحية حارة وبعد ،
نتابع باهتمام بالغ اجتماعكم في العاصمة المصرية ( القاهرة ) ، وثقتنا عالية بكم وبجهودكم وبجهود الجامعة العربية في دعم القضايا القومية عامة والقضية الفلسطينية خاصة ، ونتطلع الى دور إعلامي فاعل ومؤثر لنصرة ومساندة الأسرى في سجون الاحتلال الإسرائيلي .
السيدات والسادة الأعزاء
إن العالم لم يعرف يوماً قوة ذات تأثير أعظم مما يتمتع به الإعلام في زماننا هذا ، وأن الدول أصبحت تتقوى بإعلامها الموجه خدمة لمصالحها وتوجهاتها وسياستها ، وأنه ليس هنالك من انتصار لأية قضية مهما كانت درجة عدالتها دون إعلام قوي داعم ومساند لها ولعدالتها .
وقضية الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال الإسرائيلي هي من بين تلك القضايا العادلة التي هي بحاجة الى إعلام عربي قوي ، يدعمها ويساندها ويسلط الضوء على ملفاتها المتعددة ، ويفضح ما يقترفه السجان الاسرائيلي بحق الأسرى من انتهاكات جسيمة وفظة ، ترتقي في بعض الأحيان الى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وفقا للتوصيف الدولي ، بما يخالف قواعد القانون الدولي الإنساني .
السادة الكرام ..
لقد حان الوقت أيها السيدات والسادة لوضع حد للاعتقالات الإسرائيلية والتي لم تكن يوماً ممارسة عفوية أو استثنائية ، وأصبحت تشكل ظاهرة يومية مقلقة ومؤلمة ، حيث (لا) يمضي يوم واحد إلا ويُسجل فيه اعتقالات طالت كافة فئات وشرائح المجتمع الفلسطيني دون استثناء بمن فيهم المرضى والجرحى وكبار السن والأطفال والنساء والنواب والقيادات السياسية . .. الخ .
فقرابة خمس الشعب الفلسطيني زجوا في السجون الإسرائيلية ، وذاقوا مرارة الأسر وتعرضوا لأشكال مختلفة من التعذيب الجسدي والنفسي ، مما جعل من قضية الأسرى قضية شعب ووطن ودفع الذاكرة الفلسطينية لأن تفرد مساحات واسعة لمفردات الاعتقال والسجن والتعذيب في قاموسها وثقافتها العامة .
السيدات والسادة الأعزاء :
إن ما يجري من اعتقالات يومية وما يصاحبها من انتهاكات فظة وجسيمة ، وتزايدها واتساعها رغم ما تشهده المنطقة من " هدوء " أمر يقلق الكل الفلسطيني ، والأخطر أن " اسرائيل " تواصل استخفافها واستهتارها بحقوق الأسرى وحياتهم ، في ظل تنامي موجة التطرف والدعوات الى الانتقام من الأسرى والتضييق عليهم واستخدامهم ورقة للضغط والمساومة ، واستمرار سياسة الاهمال الطبي وعدم تقديم العلاج اللازم والضروري للمرضى منهم .
وسُجل منذ بدء انتفاضة الأقصى في الثامن والعشرين من أيلول / سبتمبر عام 2000 ولغاية اليوم قرابة ثمانين ألف حالة اعتقال ، ولكن ليس كل من اعتقل بقي في السجون ، حيث لا تزال " إسرائيل " تحتجز في سجونها ومعتقلاتها قرابة ( 4900 ) أسير فلسطيني موزعين على قرابة 17 سجنا ومعتقلاً ومركز توقيف ، بينهم مئات الأطفال الذين لم تشفع لهم طفولتهم والنساء والفتيات اللواتي لم يراع خصوصياتهن والجرحى والمرضى الذين لم تقدم لهم الرعاية الطبية ، وقرابة ( 145 ) معتقلا اداريا دون تهمة أو محاكمة ، بالإضافة الى نواب منتخبين في المجلس التشريعي الفلسطيني ووزير سابق .
كما ويوجد من بين الأسرى ( 52 ) أسيراً معتقلين منذ ما قبل اتفاقية أوسلو وقيام السلطة الوطنية الفلسطينية في الرابع من مايو / آيار 1994 وأقدمهم الأسير كريم يونس المعتقل منذ 31 عاماً ، و( 495 ) اسيراً يقضون أحكاماً بالسجن المؤبد ( مدى الحياة ) لمرة واحد أو لعدة مرات ، ويعتبر الأسير عبد الله البرغوثي الأعلى حكماً حيث يقضي حكما بالسجن لمدة ( 67 ) مؤبداً و 250 سنة .
ولعل ما يقلقنا أكثر هو سوء الأوضاع الصحية ، وتزايد حالات الإصابة بالأمراض الخبيثة ، مما يشكل خطرا على حياة الأسرى ، في ظل وجود أكثر من ربع الأسرى يعانون من إعاقات جسدية ( شاملة أو جزئية ) ونفسية وحسية وأمراض مختلفة منها الخطيرة والخبيثة كالقلب والشلل والسرطان ، وفيما لو أجريت فحوصات شاملة على الجميع فان العدد سيتضاعف .
وأن أوضاع هؤلاء المرضى تزداد تدهوراً ، في ظل استمرار سوء الأوضاع وعدم توفر الرعاية الطبية والعلاج اللازم لهم ، واستمرار " اسرائيل " باستهتارها بحياتهم مما يشكل خطراً ليس على حياتهم فحسب ، وإنما على حياة الأسرى كافة ، الأمر الذي يستدعي تدخلا عاجلاً .
السيدات والسادة الأعزاء
إن واقع الأسرى مؤلم للغاية والمعاملة التي يتلقونها قاسية ولا إنسانية ، وحقوقهم الأساسية تُنتهك وتُسلب على مدار اللحظة ، والانتهاكات المقترفة بحقهم طويلة ولا يمكن حصرها ، والاعتداءات واستخدام القوة المفرطة بحقهم قد تصاعدت ، واستهداف الأطفال وتعذيبهم جسديا ونفسيا وبالصعقات الكهربائية والتحرش والتهديد بالإعتداء الجنسي قد تزايد .
وإذا كانت القاعدة هي احترام حقوق الإنسان مع انتهاكات محدودة واستثنائية بالعادة تتنصل منها الدولة الحاجزة ، فان القاعدة في سجون الاحتلال هي انتهاكات علنية ولا حدود لها ، وجميعها تتم بتوجيهات ومباركة كافة مركبات النظام السياسي في " إسرائيل " .
والأخطر أنها أصبحت تحمل أبعادا خطيرة من خلال سلسلة من القوانين والتشريعات التي تسلب الأسرى كافة حقوقهم الإنسانية وتمس كرامتهم حيث أن " إسرائيل " قد أقرت سلسلة من القوانين والإجراءات والتشريعات التي تمنح تلك الانتهاكات الغطاء القانوني والحصانة القضائية الداخلية لمقترفيها .
وعلى ضوء ذلك ، ومن خلال متابعتنا لما يجري في السجون الإسرائيلية ، فإننا نؤكد على أن ما تقترفه " إسرائيل " بحق الأسرى بفئاتهم المختلفة ، إنما يشكل انتهاكا جسيما لقواعد القانون الدولي الإنساني ويرتقي في كثير من الأحيان إلى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية ، مما يستدعي إلى إعلام قوي وفاعل لفضح ما يُقترف بحق الأسرى واطلاع العالم على مجمل مناحي الحياة الإعتقالية المأساوية في سجون الاحتلال ، وحشد الرأي العام لدعمهم ومساندتهم في معركتهم ضد السجان وانتزاع حقوقهم الإنسانية كمقدمة أساسية لانتزاع حقهم بالحرية .
السيدات والسادة الكرام :
لا يختلف اثنان على الأهمية الفائقة للإعلام في دعم قضية الأسرى وحقوقهم ، لما يتمتع به الإعلام من تميز وتأثير وقوة نفوذ ، يتجاوز دوائر وأوساط الضحايا ويؤثر على الآخرين .
وعليه فإننا نتطلع إليكم ومن خلالكم نتطلع لكل الإعلاميين العرب بثقة كبيرة للتحرك الفاعل والناشط لنصرة الأسرى والذين هم بحاجة إلى ربيع إعلامي ممنهج ووفق خطة إستراتيجية متكاملة ومتعددة الأشكال تسلط الضوء على قضية الأسرى بكل جوانبها ، وتؤدي الى حضور قوي ودائم لها في وسائل الإعلام العربية المتعددة ( المرئية والمسموعة والمطبوعة والألكترونية ) عبر تخصيص مساحات كافية لها .
بالإضافة الى ما يعرف بالتأثير الكمي من خلال التكرار الذي سيؤدي بالتأكيد الى التأثير على المتلقي على المدى البعيد من خلال العرض المتواصل لقصصهم وأخبارهم ومعاناتهم على المواقع والإذاعات والفضائيات العربية ، واستخدام كافة وسائل التكنولوجيا الحديثة بما في ذلك " التويتر " وشبكة التواصل الاجتماعي " الفيسبوك " ..
كما وندعوكم الى تبني ودعم موقع ألكتروني باللغتين العربية والانجليزية يختص بقضية الأسرى ، وإنتاج أفلام وثائقية قصيرة تحاكي واقعهم وتستعرض معاناتهم ومعاناة ذويهم ، وأوضاعهم وتناقضها مع القانون الدولي واتفاقيات جنيف ، و تُعرض على شاشات الفضائيات العربية .
كما وندعوكم إلى دعم الإعلام الفلسطيني المساند لقضية الأسرى ، وتبني عقد مؤتمرات و لقاءات إعلامية تُقدم خلالها شهادات حية من قبل الأسرى وذويهم وتأثيرات الاعتقال والسجن على الأسرى بعد تحررهم من الأسر .
كما وأننا ندرك جيداً الترابط الوثيق ما بين التوثيق العلمي والإعلام ، لهذا ندعوكم أيضا لتبني ودعم مشاريع تهدف إلى توثيق تاريخ الحركة الأسيرة واعداد دراسات تتعلق بملفات الأسرى المختلفة كاعتقال الأطفال والفتيات والأمهات والمرضى والنواب وما يتعرضون له من تعذيب ومعاملة لا إنسانية أثناء الاعتقال وداخل أماكن الاحتجاز .
السيدات والسادة الكرام
نجدد ثقتنا بكم ، ونتطلع الى دور فاعل لكم ، ودعم إعلامي مساند لقضية الأسرى يحقق الأهداف المرجوة ويساهم في فضح ما يتعرض له الأسرى من انتهاكات جسيمة ، ويزيد من حجم التضامن العربي معهم ، على طريق الضغط على المجتمع الدولي ومؤسساته الحقوقية والإنسانية لتحمل مسئولياته الأخلاقية والإنسانية وأن يكف عن ممارسة التمييز وازدواجية المعايير والكيل بمكيالين ، على اعتبار ان حقوق الإنسان جزء لا يتجزأ .
وفي الختام نؤكد لكم بأن الشعب الفلسطيني متمسك بحرية الأسرى كشرط أساسي لاستمرار العملية السلمية وللاستقرار في المنطقة ، ويرى أن السلام العادل يجب أن يبدأ بإنهاء الاحتلال وتحرير كافة الأسرى وفق جدول زمني واضح وملزم ، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف .
ودمتم أوفياء ،،
أخوكم
عبد الناصر فروانة
أسير سابق ومختص بشؤون الأسرى
مدير دائرة الاحصاء بوزارة الأسرى والمحررين – فلسطين
عضو اللجنة المكلفة بادارة شؤون الوزارة في قطاع غزة
موبايل / 00970598937083
00970599361110
ايميل / ferwana2@gmail.com
الموقع الشخصي/ فلسطين خلف القضبان