أحمد سعدات ومحاكمة المقاومة ..!

*بقلم / عبد الناصر عوني فروانة

24 -12-2008

في منتصف يناير/كانون الثاني 2002 أقدمت السلطة الوطنية الفلسطينية على اعتقال القائد الوطني الكبير الرفيق أحمد سعدات الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين مع أربعة من رفاقه ، عقب تبني منظمته اغتيال وزير السياحة الإسرائيلي المتطرف "رحبعام زئيفي " في السابع عشر من أكتوبر/تشرين الأول 2001 في فندق ريجنسكي أحد فنادق القدس الشرقية في الذكرى الأربعين لإستشهاد أبوعلي مصطفى الأمين العام للجبهة الشعبية آنذاك ، والذي اغتالته قوات الإحتلال وهو في مكتبه برام الله بصواريخ طائرات الأباتشي .

وفي مايو/ آيار 2002 توصلت السلطة الوطنية وإسرائيل إلى اتفاق بإشراف دولي يقضي بأن ينقل الرفيق سعدات ورفاقه الأربعة إلى سجن أريحا تحت إشراف وحراسة أميركية وبريطانية.

وفي يناير/كانون ثاني عام 2006 انتخب المناضل أحمد سعدات وهو في سجنه بأريحا ، عضواً في المجلس التشريعي الفلسطيني بعد ترأسه لقائمة الشهيد أبو علي مصطفى ، وفي الرابع عشر من مارس / آذار 2006 ، أقدمت قوات الإحتلال الإسرائيلي على اقتحام السجن المذكور واختطاف سعدات ورفاقه وعدد آخر من المعتقلين الذين كانوا محتجزين هناك لأسباب مختلفة ، وبتواطؤ أمريكي بريطاني وفقاً لكافة المعطيات والشهادات .

لينقل سعدات ورفاقه منذ ذلك التاريخ الى السجون الإسرائيلية ،  ويتعرض لأبشع أنواع التعذيب الجسدي والنفسي ، ومورس بحقه صنوف مختلفة من التعذيب بهدف الضغط عليه وابتزازه والحصول منه على مواقف واعترافات تدينه وفقاً لقانون الإحتلال الظالم وبشكل خاص الحصول منه على اعتراف له علاقة بعملية قتل الوزير المتطرف " رحبعام زئيفي " ، ولكن سعدات كان كما عرفناه وعرفه الجميع خلال مسيرته النضالية الطويلة واعتقالاته العديدة ، رجل شامخ يأبى الإنكسار ، وحدوي الى أبعد الحدود ، صلب وقوي لايلين حتى في أحلك اللحظات ، بطل وقائد سياسي محنك ومتماسك وصلب في كل الأزمنة والظروف ، أسير جريْ و صامد في أقبية التحقيق لاتعرف عضلة لسانه طريقاً للحركة أمام المحققين.

 ومع فجر كل يوم جديد ورغم تقييد حركته بالسلاسل الحديدية ، فانه حاضر بين أبناء شعبه ، يسمو بمواقفه المتعددة ، ويعلو بتصريحاته المتنوعة ويعلو أكثر برؤيته السياسية الناضجة الصائبة ، ويزداد شموخاً حتى وهو خلف القضبان وتعلو أقدامه رقاب جلاديه ، ونحن ورفاقه وشعبه نزداد به شموخاً أيضاً ، كيف لا ، وهو من قال وفعل ، ومن وعد وأوفى ، ومن شمخ وصمد ، ومن سطر هو ورفاقه ومنظمته مجداً لم يسطره أحداً من قبلهم ولربما لايسطروه من بعدهم .. كيف لا نفخر به وهو رمز للمقاومة والصمود ويملك فن القتال والمطاردة وادارة الصراع ، وصاحب الرؤية السياسية الناضجة .

وخلال فترة اعتقاله عقدت سلسلة طويلة من جلسات المحاكم والاستماع للشهود والنيابة وشكلت بمجملها فصول مسرحية مملة كان واضح بدايتها ونهايتها بالنسبة لسعدات ورفاقه وشعبه ، ورغم مثوله مرات عدة أمام المحاكم الإسرائيلية إلا أنه رفض الإعتراف بشرعيتها القانونية والسياسية ولاحتى في الجوانب الإجرائية والشكلية ، باعتبارها احدى افرازات الإحتلال الإسرائيلي ، وهو بالتالي لم يعترف بمحاكمته الجائرة ولا بالأجهزة الأمنية والقضائية التي تديرها ولا بشرعية الإحتلال الغاصب الذي يقف خلفها ويحركها وفقاً لقوانينه الظالمة .

وبالرغم من فشل النيابة العامة في اثبات ما يدينه وفقاً لقوانين الإحتلال الجائرة ، إلا أن السلطات القضائية تصر على محاكمته ، ولقد حددت  يوم غد الخميس ، الجلسة النهائية للنطق بحكمها الجائر بحقه.

ونحن نعي جيداً بأن محاكمة القائد الوطني أحمد سعدات ، ليست محاكمة شخصية ، إنما هي محاكمة سياسية بالدرجة الأولى ، تستند الى قانون الإنتقام ، و لا تستهدف الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين وأمينها العام وحسب ، وإنما تستهدف محاكمة الشعب الفلسطيني وحقوقه التاريخية ومشروعه النضالي وحقه المشروع في مقاومة الإحتلال اللامشروع  .

واياً كانت طبيعة المحاكمة ، فاننا نعتبرها محاكمة جائرة وغير عادلة ، من حيث طبيعتها ودورها ووظيفتها ، باعتبارها متفرعة عن جهاز القضاء الإسرائيلي كأحد ادوات الإحتلال العسكري .. هي محاكمة لرجل مناضل يمثل قضية شعب مُحتل ومُحاصر ، رجل يعكس صمود شعب أبى الظلم والإضطهاد ، وانتهج المقاومة بكل أشكالها المشروعة اسلوباً للتخلص من الإحتلال وافرازاته ، من أجل أن يحيا حياة حرة وكريمة ..

وبغض النظر عما سيصدر عنها من قرارات بطبيعة الحكم ومدته بحق " سعدات " فانها قرارات ظالمة وجائرة وسيبقى " سعدات " رمزاً للمقاومة المشروعة وقائداً وطنياً كبيراً يحتذى به  ، مفخرة لشعبه ولكل أحرار العالم ، وستبقى المنظمة التي يقودها " الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين " تاريخ ساطع وارث عريق  ليس لأعضائها أو لمن ناضلوا تحت لوائها ولرفاقها فحسب ، بل للشعب الفلسطيني وللأمتين العربية والإسلامية عامة....

وبكل المفاهيم والقوانين الدولية فان المقاومة ضد الإحتلال مشروعة و لا تُحاكم ، ولا يحق للإحتلال وضع رمز المقاومة في قفص الإتهام لمحاكمته ...  بل ومن حق سعدات وشعب سعدات محاكمة الإحتلال على جرائمه بحق شعبنا الفلسطيني ، ومن واجب الشعب الفلسطيني النضال المستمر من أجل ضمان حرية سعدات ورفاقه وكل الأسرى .

فلك ولكل الأسرى ..  الحرية .. ومنا العهد والوفاء

اضغط على الرابط التالي  :

تقرير في ذكرى عملية السابع عشر من أكتوبر واغتيال الوزير الإسرائيلي المتطرف "رحبعام زئيفي "  التي نفذتها الجبهة الشعبية