الأسيرة هبة اللبدي.. سنديانة فلسطينية صامدة في مواجهة الاحتلال والاعتقال
إبراهيم محمد أكتوبر 23, 2019
تقف الأسيرة الأردنية- الفلسطينية، هبة اللبدي، وحدها في مواجهة المحققين الإسرائيليين، الذين يتناوبون على تعذيبها، والضغط عليها، لانتزاع اعترافات وهمية بالإكراه.
ورغم معاناة اللبدي وتدهور حالتها الصحية، نتيجة الإضراب المفتوح عن الطعام والمستمر منذ قرابة 30 يوما، احتجاجا على اعتقالها إداريا، إلا أنها ما زالت صامدة تقاوم المحتلين في زنازين معتقل “الجملة”.
ورغم التحقيق الطويل، الذي استمر لأيام طويلة، ورغم التعذيب الجسدي والنفسي، الذي تعرضت له “ملكة فلسطين”، كما وصفها وزير الأسرى السابق عيسى قراقع، إلا أنها ظلت صامدةَ شامخةً متسلحة بإيمانها وصوتها الحر، الذي يملأ عتمة ووحشة الزنازين أملا وحبا للأرض، وبإرادة وطنية لا تلين ولا يمكن للمحتلين قهرها، رغم العذاب الذي تعرضت له.
وكانت الأسيرة هبة (32 عاما) قد اعتقلت في تاريخ 20 أغسطس/ آب الماضي، خلال عبورها على معبر الكرامة، متجهة إلى مدينة نابلس بالضفة الغربية المحتلة، لحضور مناسبة عائلية لأقربائها.
ولعدم وجود أية تهمة، قامت سلطات الاحتلال بتحويلها للاعتقال الإداري لخمسة أشهر بتاريخ 26/9/2019، وعلى أثرها أعلنت إضرابها المفتوح عن الطعام، لتقوم الإدارة بنقلها وعزلها في مركز توقيف “الجلمة” بظروف مأساوية.
تعذيب قاس
وقالت هيئة شؤون الأسرى والمحررين، إن الأسيرة اللبدي تعرضت لتحقيق صعب وقاسٍ، كالسب والشتم والصراخ والتهديد بالانتقام منها وعائلتها، كما تم التحقيق معها خلال أول 16 يوما من التحقيق، التي استمرت لـ35 يوما، من ساعات المساء حتى صباح اليوم التالي بشكل متواصل لإرهاقها وإجبارها على الإدلاء باعترافات، وقد زج بها في زنازين وغرف ضيقة معدومة التهوية وعالية الرطوبة مليئة بالحشرات والصراصير.
وأوضحت الهيئة، أن أول 16 يوما من التحقيق والاعتقال كانت تتواصل ساعات التحقيق والتعذيب منذ التاسعة صباحا لغاية الساعة الخامسة فجراً من اليوم التالي.
رسالة مؤلمة
وقالت اللبدي، في رسالة مسربة لها نشرتها هيئة شؤون الأسرى والمحررين، إنها تتعرض لمعاملة قاسية من قبل المحققين الإسرائيليين، وإنها تمر بظروف صعبة جدا، وتتعرض لانتهاكات وتعذيب نفسي وجسدي على مدار الساعة من قبل المحققين الإسرائيليين.
وأضافت في رسالتها المؤلمة، “ساعات طويلة جدا بغرفة التحقيق جالسة على كرسي مقيدة ومربوطة بالكرسي والكرسي ثابت بالأرض، الشيء الذي سبب لي آلاما شديدة بالظهر والأيدي والرقبة، المحققون كانوا يصرخون علي بصوت عال، وكانوا يجلسون شبه متلاصقين بي، حيث كانت كراسيهم قريبة مني وكانوا يحيطوني وكأنهم يتعمدون ملامسة رجلي فكنت أحرك رجلي وأبعدها، طريقتهم مستفزة جدا، يبصقون علي، ينعتوني بأقذر الصفات ويسبوني، بعض ما قالوه لي بأنني “حقيرة، فاشلة، سافلة، صرصور، حيوانة، حشرة، بشعة كثير، انصرفي، راح تعفني بالزنازين، كلام قاس جداً اول مرة اسمعه بحياتي”.
وواصلوا أهانتهم وسبوا الدين الإسلامي والمسيحي، و”قالوا لي إحنا اليهود جوهرة وأنتم ديانات متطرفة أنتم زبالة، كلام عنصري جداً ومتطرف،تم تهديدي وضغطوا علي بقولهم لي أنهم اعتقلوا أمي وأختي وهددوهم بهدف سحب اعتراف مني”.
تجريد من الملابس
ونشرت الهيئة نقلاً عن محاميتها، الإفادة الكاملة للأسيرة اللبدي لما تعرضت له على أيدي السلطات الإسرائيلية منذ أول يوم اعتقلت فيه وحتى اليوم، حيث قالت: «بتاريخ 20 أغسطس/آب 2019، قدمت من الأردن مع أمي وخالتي لحضور زفاف ابنة خالتي، خططت لإجازة 5 أيام مليئة بالفرح، ولكن الاحتلال أخذني لعالم ثان لم أكن أتوقعه في كوابيسي السيئة.
وأضافت أنها “تتعرض للتنكيل والمضايقات من قبل السجانين لتفك إضرابها، فيقومون بتفتيشها كل ساعتين وفي ساعات متأخرة من الليل وتجريدها من ملابسها كاملة، وأحياناً يتواجد مع الجنود سجانات وأحياناً أخرى لا يكون، كما أنهم وضعوها في زنزانة قذرة يوجد فيها كاميرات، لا تستطيع تبديل ملابسها فيها، ومكان الاستحمام مكشوف لذلك لم تتحمم منذ أن تم نقلها إلى تلك الزنزانة، بالإضافة إلى عدم وجود شباك في الزنزانة واستبداله بمكيف بارد، ولا يوجد سوى شرشف واحد مليء بالأوساخ، وأنها لا تخرج إلى الفورة”.
صمود رغم التعذيب
ويقول الباحث المختص بشؤون الأسرى، عبد الناصر فروانة، إن سلطات الاحتلال لا تميز في استهدافها للأسرى الفلسطينيين، ولم تستثن الإناث يوما من اعتقالاتها، ومارست التعذيب والقمع بحقهن دون مراعاة لخصوصياتهن، كما وحولت المعابر مصيدة لاعتقال المواطنين، ذكورا وإناثا، ومكانا للضغط والابتزاز وأحيانا للإذلال والإهانة.
وأكد فروانة، أن الأسيرة هبة اللبدي هي ليست الفتاة الأولى التي تعتقل هذا العام، كما وإنها ليست حالة الاعتقال الوحيدة التي جرت على معبر الكرامة، وهي واحدة من قائمة تضم 23 أسيرا أردنيا يقبعون في سجون الاحتلال الإسرائيلي.
وأشار إلى أن اللبدي اعتقلت على جسر اللنبي (معبر كرامة) وهي في طريقها لزيارة عائلتها في جنين بالضفة الغربية وزجت بها في سجونها وتعرضت لتعذيب جسدي ونفسي، ومن ثم أصدرت بحقها أمرا بـ”الاعتقال الإداري” والذي يعني اعتقال تعسفي دون تهمة أو محاكمة، وهو ما دفعها لخوض إضرابا عن الطعام منذ شهر، احتجاجا على استمرار احتجازها ورفضا لاعتقالها الإداري.
وأضاف أنها “تخوض الإضراب بثبات وصمود وتمضي في طريقها نحو كسر اعتقالها الإداري وانتزاع حريتها بالرغم مما يمارس ضدها من تعذيب وتنكيل وقمع ومضايقات وحرمان، وجراء ذلك تواجه ظروفا صحية صعبه وتعاني من آلام عديدة جراء ما تعرضت له وبسبب الإضراب عن الطعام وما تواجه من إهمال طبي”.
الأسيرات
وأوضح فراونة، أن الأسيرة هبة اللبدي “ومن خلال إضرابها المتواصل عن الطعام، في معركتها مع السجان والاحتلال، أعادت للواجهة ما تتعرض له الأسيرات الفلسطينيات والعربيات داخل سجون الاحتلال في ظل استمرار احتجاز 43 أسيرة بينهن أمهات وفتيات وطالبات، مؤكدا أن الاسيرات يتعرضن لكل أنواع التعذيب والتنكيل والممارسات العنصرية داخل زنازين الاحتلال وسجونه.
كما فتحت من جديد ملف الاعتقال الإداري، الذي تلجأ إليه سلطات الاحتلال كبديل سهل للإجراءات الجنائية وكوسيلة للعقاب الجماعي بحق الذكور والإناث، حيث ما تزال سلطات الاحتلال تحتجز في سجونها نحو 500 معتقل إداري، بلا تهمة أو محاكمة، وأن من بينهم 3 فتيان هن: شروق البدن وآلاء البشير، بالإضافة إلى هبة اللبدي.