في حضرة يوم الاسير العربي22/4
كتب عبد الناصر فروانة على صفحته عبر "الفيسبوك": كثير من المقاومين العرب، فقدت آثارهم، ويجهل مصيرهم، ولا يعرف ان كانوا أحياء في السجون الاسرائيلية السرية ام انهم استشهدوا في خضم المواجهة مع قوات الاحتلال ودفنوا في مقابر الارقام.
فمن سمات دولة الاحتلال الإسرائيلي، افتتاح سجون ومعتقلات سرية أو أقسام سرية داخل
سجون معلنة ومعرَّفة، وأن إخفاء واختفاء المعتقلين يندرج في إطار سياساتها، وهناك
كثير من الفلسطينيين والعرب والذين يطلق عليهم مصطلح " المفقودين" تنكر وجودهم
لديها.
وأن عائلات فلسطينية ومن قبلها لبنانية وأردنية عديدة قد تقدمت بشكاوى تشير إلى
اختفاء أبنائها وكأن "الأرض انشقت وابتلعتهم".
وفي حضرة يوم الاسير العربي نستحضر سيرة الفدائي العربي اللبناني، الغائب الحاضر، يحيى سكاف، احد أبطال عملية الساحل ورفيق الشهيدة "دلال المغربي". ونعيد نشر المقال مع تعديل طفيف.
يحيى سكاف .. الأسير الغائب الحاضر
بقلم/عبد الناصر عوني فروانة
22-4-2020
يحيى سكاف، الفدائي العربي الأصيل، مناضل لبناني الجنسية نشأ في منبع المقاومة، ووجهه نحو فلسطيني الانتماء والعشق، وعيونه ترنو للقدس أولى القبلتين وثالث الحرمين.
اسم لأسير يُعتقد أنه لا يزال حياً في سجون الاحتلال السرية وداخل جدران ذاك السجن 1391 الذي يُطلق عليه "غوانتانامو الإسرائيلي"، ولكن إسرائيل تنفي احتجازها له أو حتى معرفة مصيره، كما تنكر احتجازها لمئات المفقودين الفلسطينيين والعرب الذين سبق وأن قدمت عائلاتهم بشكاوي تشير إلى اختفائهم وكأن الأرض انشقت وابتلعتهم.
فيما كافة الشواهد والدلالات تؤكد أن إخفاء واختفاء المعتقلين والمواطنين العُزل هي من سمات دولة الاحتلال التي لا تزال تُصر على رفضها بفتح أبواب سجونها الموصدة أو مقابرها المحصنة أمام ممثلي المؤسسات الحقوقية والإنسانية والإعلامية.
يحيى محمد سكاف "أبو جلال" من مواليد 15/12/1959 في بلدة بحنين شمال لبنان، وعيونه ترنو منذ نعومة أظفاره إلى الجنوب المقاوم وإلى فلسطين المحتلة، ويحمل بداخله حلماً أضحى مع الوقت حقيقة بالانضمام إلى صفوف المقاومة والانتقام لشعبه وأمته من الاحتلال واعتداءاته الدموية وتعدياته المستمرة على أرضه وسمائه وبحره.
انخرط في صفوف المقاومة وشاركها العمل المقاوم ضد الاحتلال، وفي الحادي عشر من آذار/مارس عام 1978 التحق مع مجموعة من إخوانه في حركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح" لتنفيذ عملية فدائية نوعية ومميزة، حملت اسم الشهيد كمال عدوان، بعدما ودع والدته وانطلق من الشمال إلى الجنوب المقاوم حيث كان تجمع المجموعة هناك والتي كانت تضم فدائيين من جنسيات عربية مختلفة، ونقطة الانطلاق صوب فلسطين وتحرير الأسرى.
عملية رائعة نفذتها مجموعة من المناضلين قادتها الشهيدة/ دلال المغربي، بعدما نجحت المجموعة المؤلفة من 13 فدائياً من اختراق الحدود على ظهر زوارق مطاطية أبحرت لساعات في مياه البحر الأبيض المتوسط لحين الوصول إلى شاطئ فلسطين المحتلة.
وبعد رحلة متعبة ومرهقة استشهد خلالها اثنان من الفدائيين غرقاً في عرض البحر، نجحت المجموعة ومن بينها يحيى في الوصول إلى الشاطئ فكمنوا هناك إلى أن مرت حافلة ركاب (باص) فأوقفوها وصعدوا إليها واستولوا عليها وأعلنوا عن سيطرتهم لها واحتجاز من فيها كرهائن لمبادلتهم بأسرى.
وفي الطريق أوقفت المجموعة حافلة ثانية واستولوا عليها هي الأخرى واحتجزوا جميع الركاب في حافلة واحدة وقادوها باتجاه تل أبيب.
وفي إحدى المناطق المحتلة عام 1948 وعلى الطريق الممتد بين حيفا وتل أبيب وبالتحديد في منطقة تقع في حدود تل أبيب على شاطئ البحر ويُطلق عليها الإسرائيليون "هرتسيليا" تمكنت قوات الاحتلال من مهاجمة الحافلة ودارت اشتباكات بينها وبين المجموعة الفدائية أدت الى إلحاق خسائر فادحة بالحافلة، كما وأسفرت عن قتل وإصابة العشرات ممن كانوا على متنها من الركاب ومن الجنود الإسرائيليين المهاجمين، وبالمقابل أدت العملية إلى استشهاد غالبية أفراد المجموعة واعتقال ثلاثة منهم بعد نفاذ الذخيرة هم "حسين فياض وخالد أبو أصبع، ويحيى سكاف".
ومضت الأيام ومرت السنوات فتحرر أبو أصبع وفياض في صفقة التبادل الشهيرة عام 1985، وبقي لغز البطولة يحيى سكاف محيراً، ومصيره مجهولاً ليشكل وصمة عار على جبين كل من صمت ويصمت أمام هذه الجريمة، ولا يُعرف إن كان قد استشهد في تلك العملية ونقل جثمانه إلى مقابر الأرقام، أم بقىّ حياً داخل جدران زنازين السجون السرية، فيما يعتقد الكثيرون بأنه لا يزال حياً بالاستناد إلى المعلومات المستمدة من عدد من الأسرى الذين أطلق سراحهم.
ويبقى "يحيى سكاف" هو ليس مجرد اسم عابر مجهول المصير منذ 42 سنة، أو اسم لواحد من الشهداء المحتجزة جثامينهم في ما تُعرف بمقابر الأرقام، أو من أولئك المفقودين أو القابعين في السجون السرية.
يحيى اسم لفدائي لبناني نسمو بمقاومته، وعنوان لقضية نفخر بالانتماء لها، ورمز لمقاومة نعتز بها وأحد أبطال عملية الساحل التي نتغنى بها ويتغنى بها كل الفلسطينيون واحرار العالم.
يحيي سكاف، ليس مهماً إن كنت شهيداً محتجزة جثمانه تحت الأرض في مقابر الأرقام، أم "السجين إكس" الحي في السجون الاسرائيلية السرية، المهم أنك أسيراً منذ 42سنة لدى دولة الاحتلال بانتظار من يحررك ويعيدك إلى وطنك وأهلك وشعبك الذي أحبك وانتظر طويلا لعناقك.