فروانة : " شاليط " قانون جديد في إطار سياسة إسرائيلية قديمة
لشرعنة الانتهاكات بحق الأسرى
غزة-22-7-2010- قال الأسير السابق ، الباحث المختص بشؤون الأسرى عبد الناصر فروانة ، بأن قانون " شاليط " الذي أقر في الكنيست الإسرائيلي بالقراءة التمهيدية وفي طريقه للتشريع النهائي ، وما تمخض عنه من انتهاكات وإجراءات قمعية وتصعيد خطير بحق الأسرى ، إنما يندرج في إطار منظومة من الإجراءات والقوانين اتبعت بحق الأسرى والأسيرات منذ سنوات وتصاعدت تدريجياً منذ أسر شاليط قبل أربع سنوات ، في إطار سياسة إسرائيلية اتبعت منذ سنوات بهدف شرعنة الانتهاكات بحق الأسرى ومنحها الغطاء القانوني ومنح مقترفيها الحصانة القضائية ، مما يتطلب وعلى وجه السرعة الرد عليها وانتهاج خطوات عملية توازي حجم الانتهاكات والجرائم التي يتعرض لها الأسرى وأن أولى تلك الخطوات تتمثل تتطلب انتفاضة قانونية وإستراتيجية إعلامية ومساندة شعبية ورسمية قوية .
مضيفاً بأن " قانون شاليط " لا يختلف بمضمونه وجوهره عن أهداف اللجنة الوزارية التي شكلها رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق " أيهود أولمرت " في مارس / آذار من العام الماضي عقب الإعلان عن فشل إتمام صفقة تبادل الأسرى ، والتي كان يرأسها آنذاك وزير العدل الإسرائيلي وأن المستشار القانوني للحكومة الإسرائيلية كان أحد أعضائها ، وأن تصريحات رئيس الجنة آنذاك وتصريحات مقدم مشروع قانون شاليط متطابقة تماماً ، كما لم يكن " قانون شاليط " هو الأول الذي يهدف لشرعنة الانتهاكات بحق الأسرى حيث سبقه العديد من القوانين والتشريعات ، مما يؤكد على أن " إسرائيل " تسير في فلك سياسة تهدف لشرعنة الانتهاكات ضمن منظومة متكاملة يشارك في تطبيقها كافة مركبات النظام السياسي الإسرائيلي .
جاءت تصريحات فروانة هذه خلال مشاركته في ورشة عمل نظمها مركز الميزان لحقوق الإنسان في مقر فرعه برفح اليوم الخميس ( 22-7 ) حول قانون " شاليط " والانتهاكات بحق الأسرى والقانون الدولي .
قانون " شاليط " يهدف إلى تضييق الخناق على الأسرى
وأوضح فروانة بأن قانون " شاليط " يقضي بتضييق الخناق على الأسرى وإساءة معاملتهم وتشديد ظروف احتجازهم ، وتشديد ظروف زيارات الأهل والمحامين ، وحرمانهم من التعليم واستقبال الصحف والفضائيات وزيادة فترات عزل بعض الأسرى ..الخ ومقارنة أوضاعهم " الحسنة " بشروط احتجاز " شاليط " الصعبة وفقاً لإدعاءات وتصريحات الجهات الإسرائيلية الرسمية .
مقارنة مجحفة وظالمة
وأكد فروانة بأن " إسرائيل " تحاول تجميل صورتها وتزييف الحقائق وتضليل الرأي العام العالمي ، وتقدم نفسها وكأنها كانت تتعامل مع الأسرى الفلسطينيين معاملة " حسنة " وهي في حقيقة الأمر أبعد ما تكون كذلك ، وأن مقارنة شروط احتجاز " شاليط " ، بظروف احتجاز آلاف الأسرى الفلسطينيين ، من منظور " إسرائيلي " هي مقارنة مجحفة وظالمة وغير عادلة على الإطلاق .
حيث أن " شاليط " يُحتجز في ظروف إنسانية ، ويُعامل وفقاً لتعاليم الدين الإسلامي ، وتُقدم له خدمات خمس نجوم ورعاية طبية كاملة حرصاً على حياته ، ولو أن الظروف الأمنية تسمح بزيارته لأتيح له ذلك منذ أسره ، وأن الفصائل الآسرة له حريصة كل الحرص على صحته وحياته أكثر من الإسرائيليين أنفسهم لاعتبارات عديدة .
وعلى النقيض تماماً فان آلاف الأسرى الفلسطينيين الذين اعتقلوا على خلفية مقاومتهم للاحتلال في إطار مقاومة مشروعة تكفلها كل المواثيق والأعراف الدولية ، يعيشون في سجون هي الأسوأ في العالم ،، وتتعارض بشكل صارخ مع كافة الاتفاقيات الدولية ، وإسرائيل تتفنن في تعذيبهم وإيلامهم وقتلهم نفسيا ومعنويا وجسدياً.
" إسرائيل " لم تكن يوماً إنسانية في تعاملها مع الأسرى
وفي السياق ذاته أشار فروانة بأن إسرائيل لم تكن يوماً إنسانية في تعاملها مع الأسرى ، بل كانت على الدوام الأكثر انتهاكاً لحقوقهم الإنسانية ، والأقل احتراماً لاحتياجاتهم الأساسية ، والأكثر إجراما بحقهم وأن ظروف احتجازهم هي الأسوأ في العالم ، وأن الانتهاكات لحقوقهم الأساسية ( لا ) حدود لها وأن إدارة السجون تتعامل معهم على قاعدة أن ( لا ) حقوق لكم ، وهي كانت قد سلبت حق الزيارات من آلاف الأسرى وحق التعليم الأساسي وتضع عراقيل أمام تقديم الثانوية العامة والتعليم الجامعي ، وتحرم الأسرى من استقبال الصحف واستقبال الفضائيات العربية وهناك أسرى في العزل ألإنفرادي منذ سنوات طويلة ، ..الخ ، وأن الانتهاكات كانت قد تصاعدت منذ أسر " شاليط " وتصاعدت تدريجياً وستتصاعد في الفترات المقبلة .
إقراره يعني شرعنة الانتهاكات واستخدام الأسرى كورقة مساومة
وأشار فروانة بأن " إسرائيل " تسير منذ سنوات باتجاه شرعنة الانتهاكات ومنحها الغطاء القانوني ومنح مقترفيها الحصانة القضائية ، وأن إقرار " قانون شاليط " ومن قبله تشكيل اللجنة الوزارية ، إنما يعني أولاً : تشريع كافة الانتهاكات القائمة وتوسيعها واستحداث إجراءات جديدة أكثر قسوة ، و يفتح الباب على مصراعيه لكل من يعمل في إدارة مصلحة السجون الإسرائيلية للتمادي في الانتهاكات والجرائم بحق الأسرى ، وهنا تكمن الخطورة .
ويعني ثانياً : عقاب الأسرى بشكل جماعي واستخدامهم كورقة مساومة والضغط عليهم والانتقام منهم ، بهدف ابتزاز الفصائل الفلسطينية الآسرة لـ " شاليط " لدفعها لتليين مواقفها والتخلي عن شروطها والتعاطي مع الشروط الإسرائيلية والموافقة على صفقة فارغة المضامين .
مما يعكس حقيقة مواقف الحكومة الإسرائيلية اليمينية من صفقة تبادل الأسرى وعدم جديتها في التعاطي مع المفاوضات ، وإصرارها على انتهاج مبدأ القوة في استعادة جنديها " شاليط " بدون ثمن أو بأقل الأثمان مراهنة على جملة من العوامل والضغوطات .
" إسرائيل " تسير باتجاه شرعنة الانتهاكات منذ سنوات
وأشار فروانة بأن " إسرائيل " تعتبر نفسها دولة فوق القانون ، فهي لم تلتزم بالقانون الدولي ولا بالمواثيق والاتفاقيات الخاصة بالأسرى وتنتهكها جهاراً وعلانية ، وبدلاً من أن توفر للأسرى ما يحميهم من خطر الأمراض والموت ، فإنها تتفنن في كيفية تعذيبهم وقتلهم ، و لم تكتفِ بذلك ، بل لجأت إلى شرعنتها من خلال إقرار العديد من القوانين والإجراءات ولم يكن قانون شاليط هو الأول ولن يكون الأخير لطالما بقيت الأمور على حالها محليا ودولياً .
واستعرض فروانة خلال مداخلته كافة القوانين والتشريعات والإجراءات التي أقرتها سلطات الاحتلال خلال العقدين الأخيرين بدءاً من تشريع التعذيب ، ومروراً بقانون زيارات الأهل واقتصارها على الفئة ( أ ) عام 1996 ، وقانون " مقاتل غير شرعي عام 2002 ، وقانون النائب اليميني " آرييه إلداد " الذي أقر في الكنيست الإسرائيلي بالقراءة التمهيدية في يناير 2008، والذي يقضي بمنع زيارات الأهل لأسرى ينتمون لفصائل تأسر اسرائيليين وليس انتهاءً بتشكيل اللجنة الوزارية في مارس / آذار من العام الماضي بهدف تشديد ظروف احتجاز الأسرى ، وقانون " شاليط " وغيرها من الإجراءات والقوانين التي أقرت وشرَّعت الانتهاكات .
مؤكداً ومن خلال استعراضه السابق على أن قانون " شاليط " اقر بشكل نهائي أو لم يُقر ، فان مضمونه وجوهرة مطبق عملياً ، وأن القانون لم يكن بمعزل عن التشريعات السابقة ، وإنما جاء كحلقة اضافية لسلسلة حلقات سابقة هدفت لشرعنة الانتهاكات .
" إسرائيل " تستهدف كل الأسرى
وأكد فروانة في مداخلته بأن قانون " شاليط " وغيره من القوانين والإجراءات التعسفية لم تستهدف أسرى " حماس " والفصائل الآسرة لـ " شاليط " فحسب ، وإنما استهدفت كافة الأسرى دون استثناء .
وأعرب فروانة عن ألمه لوجود إجماع إسرائيلي على الانتقام من الأسرى بمشاركة كافة مركبات النظام السياسي ، وفي المقابل تشتت وتمزق فلسطيني وضعف المساندة الشعبية والرسمية ، مما يفاقم من معاناة الأسرى ويعذبهم أكثر ويستوجب التحرك العاجل لنصرتهم .
( 6800 ) أسيراً في سجون الاحتلال الإسرائيلي يتعرضون للموت البطيء
وذكر فروانة أن أحدث إحصائياته تشير إلى وجود قرابة ( 6800 ) أسير فلسطيني وعربي في سجون ومعتقلات الاحتلال الإسرائيلي ، منهم ( 300 ) طفل، و( 36 ) أسيرة ، و(213 ) معتقلاً إداريا ، ( و7 ) أسرى من غزة وفقاً لقانون مقاتل غير شرعي ، و(12) نائباً ، وجيش من المرضى بينهم عشرات يعانون من أمراض خطيرة ومزمنة وخبيثة كالسرطان وبحاجة إلى علاج عاجل وعمليات فورية .
وأن من بين الأسرى يوجد ( 308 ) أسيراً معتقلين منذ ما قبل أوسلو ويطلق عليهم مصطلح " الأسرى القدامى " ، وتتضمن هذه القائمة ( 118 ) أسيراً مضى على اعتقالهم أكثر من عشرين عاماً ، ومن بينهم أيضاً ( 19 ) أسيراً مضى على اعتقالهم ربع قرن وما يزيد وهؤلاء نطلق عليهم "جنرالات الصبر " ، بينهم ثلاثة أسرى مضى على اعتقالهم أكثر من ثلاثين عاماً ..