22 نيسان: يوم الوفاء للأسرى العرب

 

بقلم/عبد الناصر عوني فروانة

 

اعتمدت الحركة الأسيرة، أواخر ثمانينات القرن الماضي، يوم 22نيسان/ابريل يوماً للأسير العربي. وذلك بالتوافق فيما بين الاسرى الفلسطينيين والعرب، وهو اليوم الذي اعتقل فيه الاسير العربي اللبناني سمي ر القنط ار عام 1979، وكان حينها هو الأقدم من بين الأسرى العرب.كما وان جامعة الدول العربية كانت قد اعتمدت خلال قمة دمشق عام 2008, يوم السابع عشر من نيسان، يوما عربيا، على ان يتم احياءه في الدول العربية وفاءا للاسرى الفلسطينيين والعرب

ونحن كفلسطينيين نحتفي بهم سنويا في هذه الايام ومعنا كثير من الأشقاء العرب والأحرار في عواصم عربية وأوروبية، تقديرا لهؤلاء الأشقاء الذين قضوا من العمر سنوات وعقود خلف القضبان لاجل فلسطين وشعبها، وبما يليق بهم وفاء لنضالات وتضحياتهم، ونصرة لمن لازالوا يقبعون منهم وراء قضبان سجون الاحتلال.

ونحتفي بهم هذا العام في ظل استمرار وجود (22) اسيرا عربيا في سجون الاحتلال، وان من بينهم (21) أسيرا من الأردن، وآخر من قرية الغجر في الجولان السورية المحتلة؛ وأن (8) منهم يقضون أحكاما بالسجن المؤبد (مدى الحياة) لمرة واحدة أو لعدة مرات، و(9) آخرين من بين الاسرى العرب يقضون أحكاما تتراوح ما بين 10سنوات-36سنة، والباقي يقضون أحكاما تقل عن ذلك. هذا بالإضافة إلى (5) آخرين من بلدة مجدل شمس في الجولان المحتلة، ليسوا بمحتجزين في السجون، لكنهم ما زالوا موقوفين  ضمن اجراءات وقيود ومن الممكن اعادتهم للسجن في اي لحظة.

 ويُعتبر الأسير عبد الله أبو جابر المعتقل منذ 28ديسمبر2000 والمحكوم لمدة 20 سنة ونصف هو أقدم الأسرى العرب، في سجون الاحتلال ويقبع حاليا في سجن النقب الصحراوي. فيما يُعتبر الشه يد الاسير المحرر  "سمير القنط ار"  وهو لبناني الجنسية الأكثر قضاء للسنوات في السجون الإسرائيلية بشكل متواصل من بين الاسرى العرب على مدار التاريخ، حيث أمضى ما يزيد عن 29 سنة قبل أن يتحرر في صفقة التبادل عام 2008، ويستشهد في غارة اسرائيلية عام2015. فيما يُعتبر الأسير المحرر العربي السوري صدقي المقت، من هضبة الجولان السورية المحتلة، هو الأكثر قضاء للسنوات في سجون الاحتلال على فترتين، حيث أمضى ما مجموعه 32 سنة، قبل أن يتحرر من الاعتقال الثاني في يناير 2020.

 

تلك المعطيات والوقائع وغيرها تؤكد على ان القضية الفلسطينية لم تكن يومٍ من الأيام، قضية تخص الفلسطينيين وحدهم، بل هي قضية العرب وشعوبها الحية، لذا شارك العرب ذكورا واناثا ومن مختلف الجنسيات العربية إخوانهم الفلسطينيين في مقاومة المحتل الإسرائيلي، ولأجلها ودفاعاً عنها قدّم العرب آلاف الشهداء والأسرى، إذ لم تخلُ دولة عربية من المشاركة في مقاومة الاحتلال الإسرائيلي، فيما السجون الإسرائيلية كانت تضم دوما أسرى عرب ولم تخلُ يوما منهم، فكان هناك أسرى مصريون ولبنانيون وأردنيون وسوريون وعراقيون ومغربيون وسودانيون وجزائريون وتونسيون وسعوديون وليبيون وغيرهم. كما وأن قائمة شهداء الحركة الأسيرة لم تخلُ هي الأخرى من الأسرى العرب.

و لعل من فضائل السجن، أنه أتاح لنا فرصة الالتقاء بهم والتعرف على كثير من أولئك الأسرى من بلدان وجنسيات عربية مختلفة، داخل السجون وخارجها، ولولا السجن لما التقيناهم وتعرفنا عليهم، ولما نشأت فيما بيننا علاقات وصداقة نفخر بها ونعتز بوجودها كأسرى محررين وحركة أسيرة وشعب فلسطيني. وهؤلاء جميعا، ذكورا واناثا، يشكلون مفخرة للشعب الفلسطيني. فهم الذين سطروا بجانب إخوانهم الفلسطينيين أروع صفحات الوحدة والتلاحم والنضال العربي المشترك في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي. وهم من سطروا معهم صفحات مضيئة خلف القضبان. لذا ستبقى الذاكرة الفلسطينية تحفظ أسماءهم عن ظهر قلب. وكيف للذاكرة الفلسطينية أن تنساهم، وهم جزء من التاريخ الفلسطيني وجزء أصيل من تاريخ عريق سجلته الحركة الوطنية الأسيرة خلف قضبان سجون المحتل، وخطت حروفه بالألم والمعاناة ودماء الشهداء.

ان إدارة السجون لم تميز يوماً في تعاملها القاسي، وقمعها وبطشها بين أسير فلسطيني وآخر عربي. ولربما معاناة الاسرى العرب تفوق عن معاناة الأسرى الفلسطينيين بسبب حرمان الغالبية العظمى منهم من رؤية عائلاتهم على مدار سنوات طويلة، ومنهم من حرم من رؤية افراد عائلته طوال سنوات اعتقاله الطويلة. الأمر الذي دفع أمهات فلسطينيات الى ابتداع ما يُعرف بـ "ظاهرة التبني" للتخفيف من معاناتهم وتقليل آثار الحرمان. جراء منع الزيارات.

انني وفي هذه الايام وفي حضرة الوفاء للأسرى العرب، لا يسعني إلا أن اتوجه بخالص تحياتي وجل احترامي وتقديري الى كافة الأسرى العرب في سجون الاحتلال الإسرائيلي، ولكل الأسرى المحررين من الاصدقاء و الأشقاء العرب الذين مروا بتجربة الاعتقال وذاقوا مرارة السجان الاسرائيلي، على اختلاف جنسياتهم واينما تواجدوا. فالتاريخ يحفظ أسماءهم، والشعب الفلسطيني لن ينسى وقفتهم ومشاركاتهم ونحن سنظل نعتز بهم وسنبقى اوفياء لهم ولتضحياتهم.

 

الموقع الشخصي: فلسطين خلف القضبان