22/4 يوم الوفاء للأســير العربي
بقلم/عبد الناصر عوني فروانة
رئيس وحدة الدراسات والتوثيق في هيئة الأسرى
22-4-2017
لم تكن القضية الفلسطينية، في يومٍ من الأيام، قضية تخص الفلسطينيين فقط، بل كانت ومازالت هي قضية العرب في كل مكان، ولأجلها ودفاعاً عنها قدّم العرب آلاف الشهداء، فضلا عن المئات من العرب الأسرى، إذ لم تخلُ دولة عربية من المشاركة في مقاومة الاحتلال الإسرائيلي أو التمثيل داخل سجونه ومعتقلاته منذ احتلاله لباقي الأراضي الفلسطينية عام 1967، فكان هناك أسرى مصريون ولبنانيون وأردنيون وسوريون وعراقيون ومغربيون وسودانيون وجزائريون وتونسيون وسعوديون وليبيون وغيرهم.
وهؤلاء جميعا يشكلون مفخرة للشعب الفلسطيني. فهم الذين سطروا سويا مع إخوانهم الفلسطينيين أروع صفحات الوحدة والتلاحم والنضال العربي المشترك في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي. وهم من سطروا كذلك صفحات مضيئة خلف قضبان سجونه. لذا ستبقى الذاكرة الفلسطينية تحفظ أسماءهم عن ظهر قلب. وكيف للذاكرة الفلسطينية أن تنساهم، وهم جزء من التاريخ الفلسطيني وجزء أصيل من تاريخ عريق سجلته الحركة الوطنية الأسيرة خلف قضبان سجون المحتل، وخطت حروفه بالألم والمعاناة ودماء الشهداء. فهم عانوا من السجن وقسوة السجان كما عانينا، وتعرضوا مثلما تعرضنا له من تعذيب وحرمان ومعاملة قاسية، ولربما معاناتهم تضاعفت بسبب حرمان الغالبية العظمى منهم من رؤية عائلاتهم طوال سنوات اعتقالهم الطويلة. الأمر الذي دفع أمهات فلسطينيات الى ابتداع ما يُعرف بـ "ظاهرة التبني" للتخفيف من معاناتهم وتقليل آثار الحرمان، ودعم صمودهم وتعزيز ارادتهم.
وفي هذا المقام لابد من التذكير بأن (22/4) الذي اعتمد يوما للأسير العربي، هو ذاك اليوم الذي أعتقل فيه "سمير القنطار" عام 1979، بعد اجتيازه الحدود وتخطيه الصعاب، ومواجهة شرسة مع قوات الاحتلال الإسرائيلي، دفاعا عن فلسطين ومقدساتها، ومن أجل حرية شعبها وترابها وسمائها. وباعتباره كان الأسير العربي الأقدم في السجون آنذاك، والأكثر مضي للسنوات في سجون الاحتلال الإسرائيلي. ومنذ ذلك التاريخ والشعب الفلسطيني يحييه -حتى يومنا هذا- بالشكل الذي يليق بهؤلاء الأسرى العرب، وفاء لهم وتقديرا لتضحياتهم وتكريما لعوائلهم. هؤلاء العرب الذين ناضلوا وضحوا واعتقلوا لأجل فلسطين وقضيتها العادلة.
ويحل يوم "الأسير العربي" هذا العام في ظل استمرار وجود قرابة ثلاثين اسيرا عربيا من سوريا ولبنان ومصر والأردن، أبرزهم الأسير العربي السوري "صدقي المقت" من هضبة الجولان السورية المحتلة وهو الأكثر قضاء للسنوات من بين الأسرى العرب القابعين اليوم في سجون الاحتلال، حيث سبق وأمضى سبعة وعشرين عاما، قبل أن يعاد اعتقاله قبل عامين تقريبا.
كما ويحل يوم "الأسير العربي" هذا العام في ظل غياب رمزه الأسير المحرر "سمير القنطار" الذي اغتالته طائرات الاحتلال في العشرين من كانون أول/ ديسمبر 2015.
وفي الختام نوجه التحية لكل الأسرى المحررين العرب، أينما كانوا، وكذلك الى أولئك القابعين في سجون الاحتلال، ونؤكد على تقديرنا لهم ووفاءنا لنضالاتهم وتضحياتهم. ونجدد التأكيد على أن يوم "الأسير العربي" سيبقى يوما ساطعا في التاريخ الفلسطيني المعاصر.